قضايا وآراء

كورونا يعرقل الحوار الفلسطيني الشامل في موسكو

| نعيم إبراهيم

نكسة جديدة يتعرض لها الحوار الفلسطيني الشامل، هذه المرة نتيجة تمدد فيروس «كورونا» الذي أجبر المتحاورين الفلسطينيين في موسكو على تأجيل انعقاد حوارهم لأسابيع مقبلة.
النكسة السابقة التي تعرض لها هذا الحوار في العاصمة الروسية تمثلت بفشل الذين شاركوا فيها بالتوافق على الصياغة النهائية للوثيقة التي حملت اسم «إعلان موسكو» ما أدى إلى سحب البيان المشترك وتقديم اعتذار لروسيا بصفتها البلد المضيف للحوارات، وتبادلت الأطراف الفلسطينية اتهامات بالمسؤولية عن الإخفاق، لكنها أجمعت على السعي لمواصلة النقاشات.
وفي إطار الجولة الحالية ومنذ نهاية شباط من هذا العام، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومسؤولون روس آخرون لقاءات مع عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، كانت على التوالي كما يلي:
– في 27 شباط مشاورات مفصلة مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ.
-في 2 آذار مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
-في 5 آذار مع رئيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي.
-في 11 آذار مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة.
-في 18 آذار مع الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة.
حواتمة الذي كان آخر الواصلين إلى موسكو، أعلن أن «الحوار الفلسطيني الشامل، كان من الممكن أن ينعقد في الأيام القليلة القادمة في موسكو لولا تفشي وباء كورونا المستجد، على أن يعقد خلال أسابيع قليلة».
وتابع حواتمة: «اتفقنا على ضرورة التحضير للحوار الشامل حتى لا تقع الأخطاء التي وقعت في الحوار الأخير في شباط 2019، وبالتالي تجري عمليات تحضيرية بما فيها إصدار إعلان شامل عن الحوار الشامل، وأن يكون في هذا الحوار الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية وان يجري الحوار تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الائتلاف الفلسطيني الشامل والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».
لا شك أن موسكو تريد ممارسة دور جدي للدفع نحو إنهاء الانقسام الفلسطيني، غير أن الأطراف الفلسطينية لا تزال تراوح في المكان وتكيل الاتهامات لبعضها البعض بحجة أن الظرفين الذاتي والموضوعي لا يساعدان على إنجاز مصالحة حقيقية وأن السواد الأعظم من هذه الأطراف لا يقدم تسهيلات جدية من أجل إنهاء الانقسام والعمل بجهد ليكون التناقض الوحيد مع العدو الصهيوني فقط.
وعلى مدار ما يزيد عن 11 عاماً مضت، لم تتوقف محاولات الوسطاء لإنهاء الانقسام الفلسطيني دون أن تنجح أي منها في تحقيق تقدم حقيقي يخرج الفلسطينيين من أسوأ حقبة في تاريخ قضيتهم.
موسكو حاولت ثلاث مرات للمساعدة في إنتاج حلول تؤدي إلى تصحيح الأوضاع في الساحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية على قواعد تستند إلى «وثائق سبق أن تم التوصل إليها في إطار منظمة التحرير، وفي المقدمة منها قرارات المجلس المركزي في 2015 و2018 والمجلس الوطني في 2018»، بحسب حواتمة.
تسعى موسكو إلى «تجنب تكرار الوضع السابق عندما فشلت جهودها في إقناع الفلسطينيين في توقيع وثيقة مشتركة، وترغب في إنضاج التحرك عبر الاتصالات مع الأطراف الفلسطينية قبل إطلاق مبادرة جديدة».
في لقاءات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع عدد من القادة الفلسطينيين قبل عدة أيام تحدث عن « ضرورة الإسراع في إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على القاعدة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كشرط لا بد منه لإطلاق مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وأكدت موسكو بعد هذه اللقاءات تمسكها الثابت بحل الدولتين كمبدأ لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، «على أساس «القوانين الدولية المعترف بها، بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية».
الجميع يدرك أن قرار إنهاء الانقسام بيد الفلسطينيين فقط، والمصالح العليا للشعب الفلسطيني تتطلب بالضرورة مراجعة نقدية حقيقية للعمل الوطني الفلسطيني منذ العام 1965 وأن يجري الحوار تحت راية الشعب الفلسطيني وبندقيته التي أسقطتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عندما انخرطت في مفاوضات عبثية مع الاحتلال الصهيوني امتدت عشرات السنين ولم تفض إلا إلى مزيد من التنازلات والانكسارات والضياع للحقوق التاريخية لفلسطين الأرض والإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن