ثقافة وفن

لعنة الأغنية الضاربة إن أصبحت منفردة … أذينة العلي لـ«الوطـن»: لست مطرب أغنية منفردة… وإنما مجرّب وباحث عن التنوّع والتجدّد بإلحاح

| سوسن صيداوي

فقد المطرب أذينة العلي ووالدته الكاتبة أنيسة عبود رب الأسرة الأستاذ الدكتور محمد العلي قبل أيام، تتوجه أسرة «الوطن» بالعزاء من الكاتبة الروائية والفنان أذينة العلي على مصابهما إذ تنشر حديثاً أجري معه قبل وفاة والده.

ليس من هذا الوقت، بل منذ زمن سابق، كثيراً ما نسمع أغاني تنتشر بالأسواق وتحتل المراتب الأولى في سباق الأغاني عبر التلفزيونات والراديوات، وحتى اليوم تتنافس الأغاني المنفردة أو الـ (single) لتكتسح الإنترنت عبر المواقع محققة أعلى مشاهدة، لا بل لتضجّ بها ساحات الأفراح والمناسبات، لتُعاد وتُكرر أثناءها لمرات عدة، مسببة نهوض الجمهور بكل طاقاته فرحاً وسعادة ورقصاً بالأغنية التي اكتسحت كل سمع واحتلت القلوب دون أي استئذان. وهنا لابد من طرح العديد من الأسئلة، فماذا عن طبيعة هذه الأغاني؟ وما ماهية التوزيع الموسيقي فيها؟ أو ماذا عن طبيعة صوت المغني؟ هل هي على قدر من الروعة كي تنطلق بصاحبها بالشهرة كالصاروخ؟ وماذا عن أن لكل شيء في الحياة ضريبة؟ فهل من الممكن لهذا السحر الجاذب لكل سمع وأُذن، بأن يخبو بعد فترة ويختفي مغنيها الذي سعى بكل جهده بأن يقدم للجمهور أغنية مماثلة، أو ربما أغنية أجمل وأفضل، وفي ظل هذه الزوبعة تندثر جهوده المبذولة، لينطفئ نجمه وأخيراً ليصنّف بأنه نجم أغنية منفردة، لا أكثر ولا أقل. للحديث بتفاصيل أكثر حول موضوعنا، نزيدكم ببعض ما انتشر في الآونة الأخيرة من أمور بما يخصّ موضوعنا المطروق، الأغنية المنفردة. عبر حديثنا مع المغني أذينة العلي الذي راهن ونجح متجاوزاً كل ما يحارب المغني السوري والأغنية السورية من مطبات ومعوقات.

القائمة طويلة

على مدار سنين ماضية وبعيدة، ظاهرة الأغنية المنفردة الـ(single) كانت منتشرة، والقائمة طويلة، التي ضمت مطربين تزامنوا في فترات تلو أخرى، ووقعوا تحت تأثير هذا التصنيف منهم على سبيل المثال من مصر حمدي بتشان في أغنيته (إيه الحكاية) وعلي حميدة في (لولاكي). ومن سورية نذكر مصطفى يوزباشي (لما بسمع صوتك)، من لبنان باسمة (ويلي من الشوق)، لنصل في الوقت الحديث إلى المغني (أبو) في أغنيته (3 دقات)، وأخيراً أغنية مهرجان (بنت الجيران) لحسن شاكوش وعمر كمال، حيث تصدّرت المشاهدات بأعلى نسب وكانت الأكثر استماعا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن فريق بنت الجيران أصدر عدة أغنيات ولكنها وبحسب النقاد لم تلق الإعجاب الذي اقتنصته الأغنية الأولى، وبدأت المراهنة على المغنين هل أصبحوا نجوم الأغنية المنفردة ووقعوا بفخها؟
وهنا لابد لنا من الذكر بأن أسباباً كثيرة تحكم المغنين، منها احتكار المنتجين، وفشلهم في صدّ هجوم قراصنة الإنترنت الذين تسبّبوا في تسريب الألبومات، الأمر الذي ساهم في انهيار صناعة الأقراص المضغوطة (سي دي) والكاسيت، فتنبّه الفنانون –مع عدم قدرتهم على تحمل نفقات الألبوم-بالاتجاه نحو الأغنية المنفردة التي برأيهم نجاحها قد يكون كفيلاً بتلميع صورة المغني بين الحين والآخر في الساحة الغنائية.
بداية هل التركيز على الأغنية المنفردة أفضل للمطرب من تقديم حزمة أغانٍ تزيد على العشر في الألبوم؟
تختلف إستراتيجية ورسالة كل فنان عن الآخر فليست المشكلة بالأغنية المنفردة أو الألبوم، بل المشكلة هي أن يصرّ المطرب على غناء النمط نفسه في كل مرة لأن هدفه تسويقي بالدرجة الأولى، أما الفنان الذي يطرح ألبوماً فإنه مجبر على التنويع في ما يغني تجربته وأرشيفه.

ما رأيك بالمقولة التالية: «هذا الزمن… زمن الأغنية المنفردة»؟

بل أنا أقول: إن هذا الزمن، هو زمن الباحثين عن النجاح بالأغنية المنفردة، الذين لا يهمهم ترك أي علامة فنية فارقة.
في الآونة الأخيرة انتشرت أغنية مهرجان( بنت الجيران)التي حققت نجاحاً كبيراً.. هل هذه النوعية من الأغاني لا تسمو للمرتبة الفنية وغايتها دفع الناس للرقص والفرح، وصحيح أنها ستموت بعد فترة؟
لا بد أن هذا مؤشر إلى حاجة الجمهور للتغيير وكسر الأنماط التقليدية للأغنية في مصر وغيرها من البلدان، وبرأيي ليس مطلوباً من الأغنية بأن تعيش لفترة طويلة، لأنها ببساطة ليست أغنية وإنما نستطيع أن نسميها (قفشة) غنائية، وهذه الظاهرة ليست جديدة وتعتمد على إيقاع راقص وكلام بسيط بذيء أحياناً وسخيف بأحيان أخرى، ومشابه إلى حد بعيد نمط (الزوري) في الغناء السوري.

الأغنية المنفردة تجنّب الفنان المخاطرة… ما تعقيبك؟

الأغنية المنفردة تجنّب الفنان المخاطرة من حيث الإنتاج، لكون الفنان أصبح هو الذي ينتج لنفسه، وخصوصاً الفنان السوري.
أنت من الأصوات السورية التي أثبتت نفسها بجدارة وحققت الانتشار الواسع مع تكرار النجاحات عبر الأغنية المنفردة الضاربة… ألم تخش يوماً من أن يُحصر لقبك بنجم الأغنية المنفردة؟
لست موافقاً على أنني مطرب أغنية منفردة وإنما أنا مجرب وباحث عن التنوع والتجدد بإلحاح، وأنا أرى أن إصدار الألبوم المتضمن مجموعة أغانية، لتنزل كلّها بالوقت نفسه، أمر لم يعد ضرورياً الآن.

منذ القديم هناك نجوم انحصروا بأغنية واحدة ضربت ونجاحها الساحق لم يتكرر مثل علي حميدة (لولاكي)… فالمحاولات اللاحقة فشلت… لماذا برأيك وما الخطأ الذي وقع به الفنانون؟

الفنان الذي تضرب له أغنية بالمصادفة ولا يعلم كيف اجتمعت أسباب النجاح، هو فنان ليس بقادر على الاستمرار، وهذا حصل عدة مرات. وهنا تجدر الإشارة إلى أن نجاح الأغنية يمكن أن يعود للمؤسسة أو الشركة التي صنعتها، وهنا ينتهي الفنان بمجرد رفع الدعم عنه، لأنه لا يملك بشخصه مقومات التميّز.
من جانب شركات الإنتاج.. تكاليف الألبوم عالية والمبيعات قليلة وبالتالي أرباح الفنان تعود لانتشار أغنيته «السنجل» عبر المواقع كاليوتيوب أو الطلب من خلال الحفلات.. إذاً هنا التعامل بين الفنان والشركة أقل التزاماً وأفضل… ما تعقيبك؟

لم يعد للألبوم المطبوع سابقاً على كاسيتات ثم على سيديات، أي قيمة في عصر اليوتيوب والسوشل ميديا، لذلك اندثرت شركات الإنتاج، ولم يبق سوى شركات التسويق والتشغيل التي تقاسم المطرب أجره في الحفلة.
و أخيراً ماذا عن مشاريعك الجديدة؟

اليوم أنا أعمل على مجموعة من الأغنيات التي ستشكل ألبوماً صغيراً، ولكنني سأطرح الأغاني في أوقات مختلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن