سياسة أردوغان الخارجية العثمانية العدوانية الداعمة للإرهاب في ليبيا وسورية والعراق وأذربيجان وتجنيده المرتزقة في حروبه العدوانية فضلاً عن التوتّرات مع دول في شرقي المتوسط،… وضعته في عزلة دولية وستعرض تركيا للمزيد من العقوبات بالإضافة لسياسته الاستبدادية التسلطية في الداخل وتردي الوضع الداخلي اقتصادياً وسياسياً والاشتباك السياسي بين السلطة والمعارضة، وداخل حزب «العدالة والتنمية» نفسه. كل ذلك جعل المحللين يرون أن السفينة قد جنحت ونهاية الطريق تلوح في الأفق.
الرحيل المفاجئ لوزير مالية أردوغان وزوج ابنته البيرق أحدث هزة في الاقتصاد التركي الضعيف اًصلاً. كثيرون اعتقدوا أن أردوغان كان يهيئ صهره، والمكروه على نطاق واسع، ليكون وريثه السياسي في حزب العدالة والتنمية.
صعود البيرق الصاروخي وسقوطه وصفه دارون عاصم أوغلو، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلف المشارك لكتاب «لماذا تفشل الأمم»: (هذا أمر معهود تماماً في أي دولة استبدادية، تعاني أيضاً دراما عائلية).
أردوغان خلافاً للتفكير الاقتصادي السائد، إن أسعار الفائدة العالية تسبب التضخم، ويصف أسعار الفائدة بأنها «أم وأب كل الشرور». في ظل هذه الخلفية، تم تعيين البيرق، مسؤولاً عن الاقتصاد في 2018، يفتقر إلى الخبرة اللازمة للمنصب، حتى داخل الحزب الحاكم، شعر كثيرون بالغضب من هذا الرجل الذي تربطه صلات عائلية بأردوغان فترة العامين اللتين قضاهما البيرق في وزارة المالية شابتها الأزمات خسرت الليرة التركية 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، مع ارتفاع الأسعار عبر الاستيراد بالعملة الصعبة.
ارتفع التضخم السنوي في تركيا مسجلاً 14.03 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أعلى مستوى له منذ آب 2019 بسبب انخفاض الليرة انخفضت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى تسعة آلاف دولار العام الماضي، مقابل 12500 دولار في 2013. أردوغان وحزبه دفعا ثمن التراجع الاقتصادي في الانتخابات المحلية، عندما فاز مرشح المعارضة بأغلبية ساحقة في إسطنبول.
في تشرين الثاني الماضي، أقال أردوغان محافظ البنك المركزي، واستبدل به أحد مسؤولي حزب العدالة والتنمية: هذا الأخير «أطلع الرئيس أردوغان على أن السفينة قد جنحت».
أردوغان هاجم العام الماضي صحيفة «فاينانشيال تايمز» لأنها كشفت كيف كان البنك المركزي التركي يخفي حجم الخسائر في احتياطياته، أخيراً أدرك أن الخزائن لم تكن فارغة فحسب، بل كانت سلبية من حيث القيمة الصافية – أي البنك مدين بالعملة الأجنبية أكثر مما يملك..
معاناة الليرة التركية وصلت خسائرها مقابل الدولار إلى نحو 30 منذ بداية العام حتى الآن. « مع سرعة هبوط الليرة ومعاناة المواطنين الأتراك من التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، كان الاستياء الداخلي يتصاعد.
يقول أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء الأسبق الذي أسس حزبه الخاص العام الماضي: «أعرف كثيراً من النواب المنزعجين جداً جداً بسبب الوضع الاقتصادي».
أردوغان دكتاتور يحكم تركيا منذ نحو 20 عاماً. يُركز السلطة بيده ولا يقبل مناقشات داخلية.
في 2013، خرج الملايين إلى الشوارع في تركيا يهتفون (استقل يا أردوغان) أردوغان، يخشى دائماً العسكر الأتراك، وصف الاحتجاجات بأنها «محاولة انقلاب» واقتنع بأنه محاصر من الأعداء ولا أحد يثق به سوى عائلته في الأعوام اللاحقة، تم تهميش، أو استقالة كثير من الحلفاء القدامى الذين شغلوا مناصب عليا عبد اللـه غل، علي باباجان، أحمد داود أوغلو.
أدت محاولة الانقلاب في 2016 إلى سلسلة من الأحداث سمحت لأردوغان بإنشاء نظام رئاسي بسلطات غير مسبوقة، وأجرى عملية تطهير أدت إلى سجن 95 ألف شخص وإقالة أو تعليق خدمة ما لا يقل عن 130 ألف شخص.
يقول أتيلا يسيلادا، وهو معلق تركي بارز: «إن وزير المالية البيرق عمل في الواقع على إبقاء أردوغان ضمن منطقة «مسورة»، حتى لا يصل الناس إليه. البيرق كان يحاول أن يخدع أردوغان».
يرى المحللون أن الانتخابات المستقبلية ستكون أقل عدلاً وأقل حرية، والرئيس «لا يتمتع بشعبية كافية للفوز في مشهد سياسي تنافسي».
يزعم أردوغان أنه سيقوم بإصلاحات قضائية لتحسين حقوق الإنسان، فمن غير المرجح أن يتم إقرار أي تغيير ذي مغزى من رجل يضغط على أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام من أجل الاحتفاظ بقبضته على السلطة، أردوغان يتحالف مع زعيم مافيا خارج من السجن هو علاء الدين كاكيتشي رجل أدين بالقتل والتورط في جريمة منظمة، حكم عليه في 2006 بالسجن لمدة 19 عاماً لإصداره أمراً بقتل زوجته السابقة، هو شخصية مافياوية من القوميين المتطرفين وقد أصدر أردوغان أمراً بالعفو عنه.
أردوغان يكره أيديولوجية حزب الحركة القومية الذي منحه أصواتاً. لكنه ملأ الفراغ الذي خلفه انهيار علاقته مع أتباع حركة جولن يعتقد معظم المحللين أن أردوغان يرغب في الاستمرار لأطول فترة ممكنة، مدفوعاً بالخوف من فقدان السلطة – واحتمال تعرضه للانتقام بعد ترك منصبه.
يقول سينم أدار، وهو باحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين: «شرعية أردوغان ونظامه تضعف وأصبحت مسألة الخلافة بارزة للغاية.
المزيد من الناس يتحدثون عن عالم ما بعد أردوغان. ترى أحزاب المعارضة أن الدراما الداخلية تشير إلى أن نظام أردوغان يتهاوى.
كتب مصطفى ينير أوغلو، وهو نائب سابق عن حزب العدالة والتنمية ترك الحزب 2019، إن «نهاية الطريق تلوح في الأفق».
يؤكد كمال كيليجدار أوغلو، زعيم أكبر حزب معارض في تركيا، أن أردوغان سيهزم في الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في 2023، ولن يكون أمامه خيار سوى التنحي. أعلن أوغلو الشهر الماضي… «سنقوم بإسقاط نظام استبدادي من خلال الوسائل الديمقراطية».
يقول سنان جيدي، وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة سلاح البحرية في الولايات المتحدة: «أردوغان لا يقبل بعملية انتخابية يخسر بها ثم يقول تفضلوا هذه مفاتيح الدولة». ويضيف: «من الصعب على أردوغان تحديد من سيعين مكان صهره البيرق.. وكيفية نقل السلطة وإلى من».
أردوغان، الذي نجا من أزمات عديدة.. يتظاهر بالشجاعة في أعقاب تأزم الوضع الداخلي. ويعتبر التمسك بالسلطة بالنسبة له أكثر أهمية من أي شيء آخر. المشهد يشير إلى توترات في الداخل وعزلة دولية وفشل سياسة أردوغان العدوانية في الداخل والخارج يبدو أن تركيا الأردوغانية كالسفينة التي جنحت.. وبداية العد العكسي لنهاية الطريق.