ثقافة وفن

علاء الدين كوكش.. أعماله عاشت في وجدان المشاهد … ساهم في إطلاق دراما البيئة الشامية وأهدى مكتبته لوزارة التربية

| وائل العدس

شكلت أعماله معلماً بارزاً من معالم الدراما السورية في نشأتها الأولى، وثمة العديد من الأعمال التي أخرجها أيام الأبيض والأسود وما تلاها، عاشت في وجدان المشاهد وباتت جزءاً من ذاكرته الفنية، كما أنها ساهمت في تغيير المفاهيم والرؤى الاجتماعية في زمنها، وبعضها أحدث صدمة في أسلوب التواصل الفني وفي الخطاب الفكري.
خسر الوسط الفني السوري مساء الأحد الماضي إحدى قاماته وأعمدته وواحداً من مؤسسي الدراما السورية.
يوم أمس، شيع جثمان المخرج الكبير علاء الدين كوكش إلى مثواه الأخير من مستشفى الرازي إلى مقبرة المزة، على أن تتقبل عائلته العزاء في صالة نقابة الأطباء في أبو رمانة من الساعة السابعة والنصف وحتى التاسعة والنصف من مساء اليوم للرجال والنساء.
الراحل غاب عن الأضواء كلياً منذ عام 2014 وتحديداً عندما أنجز مسلسل «القربان» مع المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، قبل أن يعود قبل عدة أشهر بمشاركة خاصة في مسلسل «شارع شيكاغو» بدور «المحقق شامل»، بعدما شارك في عدة تجارب تمثيلية أيضاً منها: مسلسلا «صلاح الدين الأيوبي» و«كليوباترا»، وفيلم «المتبقي» للمخرج الإيراني سيف اللـه داد حاز عليه شهادة تقدير من مهرجان دمشق السينمائي التاسع.
أسس علاء الدين كوكش عائلة فنية، حين ارتبط بالفنانة الراحلة ملك سكر، التي شكَّل معها ثنائياً فنياً في مسلسلات التلفزيون أيضاً.

مسيرة غنية

الراحل من مواليد حي القيمرية في دمشق عام 1942، درس في قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية في جامعة دمشق مطلع الستينيات، ولكن التلفزيون اجتذبه للعمل فيه منذ تأسيسه فعمل فيه منذ سنواته الأولى ثم أوفد إلى ألمانيا لاتباع دورة في الإخراج عام 1966، ليكون أول أعماله كمخرج «أرشيف أبو رشدي» عام 1967 ثم مسلسل «وجهاً لوجه» الذي قام بتأليفه وإخراجه عام 1968، لتتوالى أعماله بعد ذلك بين السينما والتلفزيون والمسرح.
حيث تتالت بعدها أعماله التي أخرجها في سورية وخارجها فبلغت أكثر من ثلاثين عملاً نذكر منها «حارة القصر» عام 1970 و«أسعد الوراق» عام 1975 و«راس غليص» عام 1976 و«وضاح اليمن» عام 1980 و«تجارب عائلية» عام 1981 و«أبو كامل» عام 1991 و«حي المزار» عام 1999 و«البيوت أسرار» عام 2002 و«ربيع بلا زهور» عام 2003 و«أهل الراية» عام 2008 و«رجال العز» عام 2011.

كتب الراحل المسرحية والقصة القصيرة منذ عام «1988» وقد نشرها في عدد من المجلات الثقافية السورية والعربية، ثم أصدر كتابه «السفر بعيداً» عن رحلته إلى تايلاند وماليزيا، ثم رواية «التخوم»
أصدر مجموعة من مسرحياته المنشورة في كتاب «مسرحيات ضاحكة» عام 2002، ثم أصدر مجموعة تضم بعضاً من قصصه القصيرة في كتاب «إنهم ينتظرون موتك».
اختير عضواً في لجنة تحكيم مهرجان القاهرة الدولي للإذاعة والتلفزيون للأعوام 1995-1996-1997-1998-1999-2000.
أخرج عدداً من الأعمال المسرحية التالية منها «الفيل يا ملك الزمان» عام 1969 و«حفلة سمر من أجل 5 حزيران» عام 1971 و«لا تسامحونا» عام 1972 و«الطريق إلى مأرب» عام 1976.
شارك الراحل في تأليف آخر مسرحيات الفنان دريد لحام «السقوط» عام 2011، كما ألف، وكتب السيناريو، والمعالجة الدرامية، لعدد من الأعمال التلفزيونية، والسينمائية السورية.

خير أنيس

خلال الشهر الأول من عام 2017، تبرع المخرج الراحل بمكتبته الخاصة إلى المكتبة التربوية الوطنية التابعة لوزارة التربية /فرع تربية دمشق.
وقد جمع في المكتبة عدداً من الكتب يصل إلى ثلاثين ألف كتاب تشمل كل أنواع الثقافات، والتي كان مواظباً على جمعها طوال حياته باعتباره يهوى القراءة ويفضلها، فالكتاب بالنسبة له خير أنيس في جلساته وأوقات فراغه.
وأوضح حينها عند زيارة وزير التربية هزوان الوز له في مقر إقامته أن وزارة التربية هي المؤتمنة على إرثه الثقافي، لأنها مؤتمنة على أجيال سورية، وقد أثبتت للقاصي والداني أن سورية خلال سنوات الأزمة كانت وما زالت صامدة بقوة جيشها وتصميم وإرادة أبنائها.

مع «الوطن»

قضى الراحل أيامه الأخيرة في دار السعادة لرعاية المسنين في دمشق، وفي حوار أجرته «الوطن» عام 2016 قال: «بسبب الظروف اضطررت للعيش هنا، بسبب انقطاع الكهرباء والماء والهاتف عن المنطقة التي بيتي فيها، فخرجت واستأجرت بيتاً في المزة كي أستطيع مواصلة أعمالي ومتابعة نشاطاتي، وبوقتها كان ابني «تيم» معي، وكان معه الحاضنة التي تساعدني برعايته، ولكن بعد أن سافر، الكل نصحني بأن أقيم هنا، وخاصة أن هذه الدار قريبة، وامتدت معي الإقامة فيها».
علاء الدين كوكش هو من ساهم في إطلاق البيئة الشامية في الدراما؟ سؤال أجاب عنه في الحوار نفسه: «نعم… فهذا شيء طبيعي أن أقدم مسلسلات بيئة شامية، واعتمدت بوقتها على حكمة محسن الذي كان أبو الدراما الإذاعية الشامية، وكان قد وضع نص «مذكرات حرامي»، إلا أنني قمت بتعديله كلياً، حيث قمت بإعداده من جديد وبقالب جديد. هذا الأمر شدّ الناس لدرجة أنه أصبح حديث الشارع، وكان المسلسل في هذا الوقت أسبوعياً حيث تعرض حلقة واحدة في الأسبوع، وهذا ما عزّز من مناقشة أحداث الحلقة طوال الأسبوع. هذا العمل كان انطلاقة شامية لي، وأحدث ضجة محلياً، وفي الدول المجاورة لنا كالأردن ولبنان، وهذا النجاح شجعنا على الاستمرار في هذه الطريقة، ثم قدمنا «حارة القصر» تأليف الكاتب عادل أبو شنب، وحتى في مرحلة التأليف كنت أنا معه خطوة خطوة، وبدأنا وقتها مباشرة بالتسجيل رغم عدم استكمال العمل كتابة، وما زاد الأمر صعوبة هو بدء عرضه، صحيح أن كل الظروف كانت صعبة، لكنها ساعدتنا على خلق إبداع حقيقي، فمثلاً في ذلك الوقت كنا نسجل كل الحلقة من البداية إلى النهاية، لعدم وجود المونتاج، وكنا نُضطر في كثير من الأحيان لإعادة كل الحلقة من جديد، كل تلك الظروف زادت الجميع حافزاً واندفاعاً لتقديم الأفضل، وبالعودة إلى مسلسل «حارة القصر» نال إعجاب الجمهور، لأنه كان فيه منحى بوليسي في الحارة الشامية، وأنا كنت حريصاً في أي عمل حتى لو نجح، أن أبتعد عنه ولا أكرره فكنت دائماً أسعى إلى الجديد».

وتحدث عن ذكرياته مع أعماله الدرامية فقال: «في ذكرياتي لتلك الأيام الجميلة، بوقتها كنا كلنا نعمل بجد واجتهاد كبيرين، والمميز في تلك الفترة أننا كلنا كنا معطائين ولا تهمنا المادة وكنا نكتفي براتبنا الوظيفي، فحتى المسلسلات السورية التي قدمتها والتي كان لها صدى وضجة كبيرة، كلها لم أتقاض عليها، وبالطبع كنت أشتغل هذه المسلسلات بحب كبير، وخاصة أننا كنا نساهم في تأسيس الدراما السورية، لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك دراما سورية، وحتى المسرح كان بسيطاً جداً، بالمقابل في مصر وعلى الرغم من أننا بدأنا في الوقت نفسه وفي سنة واحدة، إلا أن مصر كان عندها أسبقية بالسينما، بل تاريخ طويل، وكذلك بالنسبة للمسرح، وبالتالي كان لديهم أرضية للتلفزيون جاهزة، في حين نحن لم يكن لدينا وكان مطلوباً منا القيام بالتأسيس وكان همنا أن نخلق دراما سورية أو دراما بنكهة سورية وأرضية سورية، واستطعنا من خلال هذه المسلسلات أن نشد الجمهور في الوقت الذي كان فيه مشدوداً للدراما المصرية من خلال السينما، وهنا شعر الجمهور بالخصوصية التي تربطه بهذه الدراما، وشعر بالرضا عن المسلسلات التلفزيونية، وخاصة أنها تمثّل بيئتهم السورية، وهذا ما دفعنا للاجتهاد أكثر كي نغوص في أعماق المجتمع السوري للبحث عن مشاكله وقضاياه، والذي لابد من الإشارة إليه أن الناس كانت معتادة اللهجة المصرية وتم طرح اللهجة السورية، صحيح أن الأمر تطلب منا وقتاً كي يعتاد الجمهور لهجته، لكنه تعوّد عليها لأنه أخذ يتلقاها سواء في السينما أم المسرح أم الراديو وحتى في التلفزيون، بعدها أصبحت الدراما السورية مطلوبة في زمن إطلاق الفضائيات التي عرّفت العالم العربي على الدراما السورية، وشعر المنتجون بالنكهة الخاصة التي تتمتع بها الدراما السورية عن الدراما المصرية، إضافة إلى صدقها وتعاطيها الجدّي مع الواقع السوري، وهنا كانت الانطلاقة وأصبحت الدراما السورية مطلوبة في الوطن العربي».

رثاء إلكتروني

رثى معظم الفنانين السوريين من ممثلين وكتّاب ومخرجين زميلهم الراحل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بدأها شقيقه الكاتب أسامة كوكش بالقول: « أخي وأستاذي علاء الدين كوكش في ذمة الله»، وإليكم أهم ما كُتب أيضاً:

أيمن زيدان: «ها هي قامة فنية باسقة تترجل عن صهوة الحياة، المخرج والصديق علاء الدين كوكش وداعاً».

نادين خوري: «أحد أهم مؤسسي الدراما السورية، كان لي شرف المشاركة في بعض أعمالك وتحت إدارتك… خالص العزاء للعائلة والأقرباء».

سلاف فواخرجي: «الأستاذ الكبير علاء الدين كوكش، لفنك، لعلمك، لتضحيتك، لمحبتك، لأخلاقك، لروحك النبيلة.. كل التقدير والرحمة السلام».

تيم حسن: «رحم اللـه المخرج البارز علاء الدين كوكش صانع الكثير من الأعمال السورية الجميلة المتنوعة والراسخة في ذاكرتنا، تعازيّ لأسرته الكريمة وكل محبيه، إنا لله وإنا إليه راجعون».

أمل عرفة: المخرج الكبير علاء الدين كوكش، كم هو عدد المرات التي اتفقنا فيها أن أزورك ونلتقي ونتحدث.. ها قد رحلت ولم نلتق، عزائي الكبير لعائلتك وأولادك، اللـه معك».

سحر فوزي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، المخرج علاء الدين كوكش في ذمة اللـه لروحه الرحمة ولذويه الصبر والسلوان».

سلمى المصري: «وداعاً الأستاذ والمخرج الكبير علاء الدين كوكش، رحمه اللـه وغفر له وأسكنه فسيح جناته».

محمد خير الجراح: «الأستاذ الفنان الإنسان الأديب الفيلسوف علاء الدين كوكش لروحك السلام».

رشا شربتجي: «خبر حزين ومفجع، رحيل المخرج الكبير علاء الدين كوكش لا يعوض بعدما قدم للدراما السورية أهم الأعمال وأخلدها، رحمات اللـه عليه».

بسام حسن: «لروحك السلام صديقي الغالي المبدع علاء الدين كوكش.. وداعاً جسداً وستبقى في القلب والذاكرة يا صديقي النبيل».

وائل رمضان: «كبير من كبارنا يترجل عن صهوة الحياة، وداعاً علاء الدين كوكش الصديق والأخ والمعلم، كان شرفاً لي أن كنت مخرجاً بين يديك في مسلسل كليوباترا».

قصي خولي: «المخرج علاء الدين في ذمة الله… أسكنك الله فسيح جناته».

شكران مرتجى: «صرخة منيرة بأسعد الوراق اليوم، رحل علاء الدين كوكش، رحمه اللـه وألهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان».

فادي صبيح: «من جيل المؤسسين، تعب.. قدم.. غادر الحياة ولكنه لم يغادرها تاركاً الفراغ، بل ترك أجيالاً وإرثاً فنياً، ترك المحبة والتفاني، ترك فناً، الأستاذ والمخرج علاء الدين كوكش لروحك الرحمة والسلام».

كاريس بشار: «كان لي شرف العمل معك ولو لمرة واحدة في أهل الراية.. علاء الدين كوكش الرحمة والسلام لروحك، والعزاء الكبير لعائلتك ومحبيك».

مالك محمد: «لروحك كل الرحمة والسلام.. لك كل الفضل، أنت من أخذ بيدي في أولى خطواتي أمام الكاميرا، وأنت من

علمني أول حروف المهنة، بالتأكيد لم أنس فضلك يوماً ولن أنساه… فلترقد روحك العظيمة بسلام بعد كل هذا التعب والشتات».

عدنان أبو الشامات: «المخرج الدمث اللطيف الأستاذ علاء الدين كوكش إلى رحمة الله».

علاء قاسم: «الفقد يوجعنا مرة جديدة، يعز علينا فراقك، المحب والمحترم والمثقف، المخرج الكبير علاء الدين كوكش وداعاً».

تولاي هارون: «وداعاً يا كبير، تعلمت منك الكثير وكنت الداعم لي ببداية مشواري، الرحمة لروحك يا أستاذنا الكبير».

محمد وقاف: «الأنقياء يرحلون وتبقى ذكراهم العطرة بالوجدان والقلوب، رحمك اللـه يا أستاذي ومعلمي وصديقي، أستاذي علاء الدين كوكش لروحك الرحمة والسلام، سنفتقدك جميعاً وقد فقدك الوطن».

نور شيشكلي: «صانعو الفن لا يغادرون، يبقى أثرهم مدى الحياة، أحد أهم أعمدة الدراما السورية يرحل اليوم، لكن أثره لن يموت يوماً».

يامن الحجلي: «الرحمة لروح المبدع علاء الدين كوكش، عزاؤنا الوحيد برحيلك هو الأرشيف العريق من أعمال ستبقى طويلاً في وجداننا وضمير جمهورك الكبير، رحمة اللـه عليك والصبر والسلوان لأهلك ومحبيك».

محمد زهير رجب: «وداعاً شيخ المخرجين السوريين.. وداعاً علاء كوكش.. كل العزاء لأسرته وأخص الصديقين الكاتب أسامة كوكش والمخرج رشاد كوكش.. خالص المواساة لأسرتنا الفنية السورية جميعاً.. لروحك الرحمة أستاذ علاء».

ريم زينو: وداعاً «الأستاذ المخرج علاء الدين كوكش في ذمة الله… إنا لله وإنا إليه راجعون».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن