سورية

الرئيس الأسد: عندما تحصل إساءة لمعتقداتنا ولرموزنا نحن نغضب لكننا لا نتصدى وهناك فرق كبير بين الغضب وبين التصدي … جوهر الفكر في مجتمعنا هو الدين لذلك يكفي أن نخرب هذا الفكر لنخرب المجتمعات

الوطن - وكالات

إيماناً منه بضرورة الحوار في كل ما تتعرض له المجتمعات وتحديداً العربية منها، وما يصبنا في سورية نتيجة الهجمات الغربي غير المسبوقة على ديننا ومجتمعنا وثقافتنا وهويتنا وخلط المفاهيم والأوراق واستخدام الدين لتعزيز هذه الهجمات، وإيماناً من سيادته بأهمية الحوار لتحصين المجتمع من تلك الهجمات، ومصارحته، وشرح سياسات الغرب وأهدافها، شارك السيد الرئيس بشار الأسد يوم أمس في الاجتماع الدوري الموسع الذي تعقده وزارة الأوقاف في جامع العثمان. وبدأ سيادته الحوار متسائلاً إن كان هذا هو الوقت المناسب لكي يقوم مسؤول بالحديث عن قضايا ذات طابع عقائدي وفكري، في الوقت الذي يواجهنا فيه الكثير من التحديات وخاصة في الجانب المعيشي؟

وأجاب: أقول نعم، هذا بكل تأكيد هو وقت مناسب وهو حوار ضروري لسبب بسيط، لأن القضايا الأمنية والمعيشية وأي تحديات أخرى هي قضايا عكوسة تزول بزوال الأسباب، أما القضايا الفكرية فهي تتصف بالإزمان وكل مزمن يصعب علاجه وبالتالي في القضايا الفكرية ما قد نكسبه أو ما قد يصل إلينا، قد يكون من الصعب التخلص منه، وما قد نخسره قد يكون من الصعب استعادته، وعندما نتحدث عن الفكر في منطقتنا أنا لا أتحدث الآن عن سورية في هذا الشرق الكبير قد لا يكون هناك تعريف قد يكون الشرق يمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ومناطق أخرى هو شرق عقائدي، شرق ديني، عندما نتحدث عن الفكر فاليوم هذا الفكر هو الدين لأنه يدخل في كل جوانب الحياة، يدخل في العقل، يدخل في العاطفة يدخل في السلوك، قي الماضي وفي الحاضر، وسيكون كذلك في المستقبل. فإذا يكفي أن نخرب هذا الفكر لكي نخرب المجتمعات. وهذا الشيء يحصل منذ قرن تقريباً أو أكثر بقليل، وبالمحصلة بعد مئة عام فقد حقّق أعداء تلك المجتمعات نجاحات كبيرة في هذا الشيء، وبدلاً من أن يكون الدين الذي أنزل أداة للمجتمعات لكي تتطور، استخدم هذا الدين لكي يكون أداة لتخريب تلك المجتمعات.

الرئيس الأسد شبّه المحيط الذي نعيش فيه، بالمحيط الهائج، أمواجه عاتية تضرب في كل الاتجاهات، تضرب بالاتجاه الأمني عبر الإرهاب وتضرب بالاتجاه الاقتصادي عبر الحصار والتجويع وتضرب بالاتجاه الفكري عبر الدفع بالمجتمعات إلى الدرك الأسفل، وفي هذا المحيط نرى سفن و«نرى مراكب» تعلو وتهبط، البعض منها يهتز بهدوء والبعض يترنح والبعض غرق وما يحدد الفارق وما يحدد قدرة هذه المراكب على مواجهة هذه الأمواج، هي عوامل الأمان والاستقرار التي تمتلكها هذه المراكب وهذا هو حالنا كمجتمع.

وشدد الرئيس الأسد أنه لو لم نكن نمتلك هذه العوامل لكنا غرقنا منذ الأسابيع الأولى، وبنفس الوقت لو كنا قد قمنا بصيانة هذه العوامل والحفاظ عليها بشكل جيد لما كنا دفعنا هذا الثمن الغالي اليوم، لافتاً إلى أن هذه الأمواج مستمرة لاتتوقف تضرب بمجتمعاتنا بشكل مستمر تضرب بنية المجتمع عقائد المجتمع وتضرب رموز المجتمع وهي ليست عفوية لأن هذا المحيط الهائج ليس هائجاً بفعل عوامل الطبيعة وإنما بفعل المصالح الدولية وهناك تعارض بين تلك المصالح وبينة مجتمعاتنا لأننا لا يمكن أن نفصل بينة مجتمعاتنا عن ديننا وبالمحصلة نحن نخسر وأعداؤنا يتقدمون للأمام.

وتساءل الرئيس الأسد ما الذي يجب أن ننطلق منه بالبداية من هو المسؤول، نحن أم هم، «طبعاً نحن لا نتحدث الآن عن سورية، أنا أتحدث عن العالم الإسلامي ككل، وسورية اعتبرها في هذا المجال متقدمة جداً وحققت نقلات نوعية جداً، ولكننا جزء من هذا العالم الكبير لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عما يحصل في العالم الإسلامي، وأنتم تعانون، تخطون خطوة إلى الأمام، تلاحظون بعد فترة أن هناك دائماً انتكاسات سببها التفاعل والتأثر بما يحصل في مناطق أخرى من العالم الإسلامي وخاصة مع تطور أو انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وقال الرئيس الأسد: « لذلك نحن العالم الإسلامي ولكن هم… لنبدأ بتحديد هذه الهوية وسأصل إليها لاحقاً ولكن أنا أريد أن أشبه الوضع باللص الفالت في حي من الأحياء والذي يقوم بسرقة البيوت بشكل مستمر على مدى سنوات وأهالي الحي يعلمون بهذا الشيء، وتتم سرقة المنزل ويقوم صاحب المنزل بالشكوى لمخفر الشرطة، بالتحقيقات يكتشفون أن صاحب المنزل لم يقم بأي إجراءات، الباب مفتوح والشبابيك مفتوحة، من يتحمل المسؤولية؟ أولاً صاحب المنزل، ثانياً الشرطة التي لم تقم بإلقاء القبض على هذا اللص، ثالثاً اللص لأن اللص يقوم بعمله، يعني ماذا يفعل لص؟ يقوم بالسرقة.

وأضاف الرئيس الأسد: «بالطريقة نفسها يجب أن نفكر، ما هو موقعنا لو أردنا أن نسقط هذه الحالة على وضعنا في العالم الإسلامي بشكل عام نستطيع أن نقول أنه لا يوجد مخفر شرطة لأنه لا يوجد قانون دولي، ولا توجد مؤسسات تضبط، فإذاً نبقى نحن وهم، ونحن أصحاب البيت هل أغلقنا الأبواب، وإذاً كيف نردع اللص، بحالتين إما بالردع من خلال القوة والآن لا يوجد ردع دولي والمؤسسات الدولية غير موجودة والقانون الدولي والأخلاق الدولية كلها غير موجودة، وهناك تحصين المنزل فكيف نحصن هذا المنزل؟ هذا بيدنا، الموضوع ليس بيد أحد وهذا أساس الحماية، التحصين أهم من الردع والتحصين أهم من الشرطي بغياب كل العوامل الأخرى نستطيع أن نحصن منزلنا».

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه علينا أن نبدأ بمسؤولياتنا، فمن الطبيعي عندما تحصل هجمات كالهجمة الأخيرة وهي الإساءة لمعتقداتنا ولرموزنا وحصلت سابقاً، من الطبيعي في مثل هذه الأحوال أن يكون الرد الأول هو بالإدانة، والإدانة الحاسمة والموقف الحازم، وهذا الشيء حصل من خلال موقف علماء بلاد الشام ومن خلال موقف وزارة الأوقاف، الموقف الأول يعبّر عن المؤسسة الدينية بشكل عام، والموقف الثاني يعبّر من خلال كلام وزير الأوقاف عن موقف الدولة السورية، وأضاف:» بالمحصلة هل تغير شيء، لا، لماذا بعد كل هذه الإدانات والردود والغضب، طبعاً لو لم نصدر بياناً فهذا يعني قبولا ضمنيا ولكن نتحدث عن المجتمع بشكل عام، لماذا لم يتغير شيء ولماذا تستمر هذه الإساءات؟ لأننا نغضب، فقط نغضب، نحن نغضب لكننا لا نتصدى وهناك فرق كبير بين الغضب وبين التصدي، كل ما يحصل، كل ما نقوم به يدور حول مشاعرنا لا يدور حول مصالحنا وعندما نتحدث عن مصالحنا فهي لا تنفصل عن عقائدنا لأن العقائد أنزلت من أجل المصالح. وبين الهجمة والهجمة والإدانة والغضب يتحول الدين إلى كرة يتقاذفها الانتهازيون من السياسيين».

وأشار الرئيس الأسد إلى أن الانتهازي الأول هو في فرنسا، والذي لديه انتخابات العام القادم، وهو يريد أن يستقطب المصابين برهاب الإسلام، أما الثاني لديه انتخابات في عام 2023 في تركيا وهو أردوغان والذي لم يعد لديه من الأكاذيب ما يقنع بها شعبه وبدأ يخسر شعبيته فقرر أن ينصب نفسه حامياً للإسلام، وأضاف الرئيس الأسد: « لكن في الواقع كل ما يحصل هو عبارة عن رد فعل، يعني الغضب هو تنفيس، تنفيس للاحتقان ولكنه ليس فعلاً، هم يحاربوننا بالفعل ونحن نرد برد الفعل، ودائماً من يعمل دائماً برد الفعل يخسر، غضبنا كرد فعل ولكن هذا الغضب لم يتحول إلى فكر، لم يتحول إلى خطة عمل، وعندما لا يضبط العقل الغضب يتحول كالعاطفة، العاطفة شيء جميل وإنساني ولكن عندما لا تضبط العاطفة بالعقل تصبح ضارة».

وبيّن الرئيس الأسد أن الشيء نفسه الغضب هو رد فعل طبيعي، ولكن عندما لا يضبط بالعقل يتحول إلى مجرد تنفيس، وبالتالي يعرف الأعداء أن هذه المجتمعات لا تستطيع أن تقوم بشيء أكثر من الغضب، فإذاً نحن في حالة حرب، هذه الحرب قد تكون اقتصادية، قد تكون عسكرية وقد تكون فكرية تتوجه باتجاه العقائد، ولكن كل أنواع الحروب إذا أردنا أن نتصدى طالما وضعنا الغضب جانباً، ونتحدث عن التصدي لا بد أن يكون موقعنا كالعسكري، العسكري لكي ينجح في الحرب لا بد من أن يأخذ الموقع الصحيح والاتجاه الصحيح والطريقة الصحيحة كي لا يخسر المعركة، والحرب فيها كل المصطلحات، فيها هجوم وفيها دفاع وفيها هجوم تضليلي وفيها رصد وكمائن وغيرها، وأضاف الرئيس الأسد:» الشيء نفسه في هذه الحالة لو أردنا أن نقوم بعملية الإسقاط العسكري يأخذ الموقع الصحيح، أنتم كعاملين في الوسط الديني وكمجتمع مسلم ما هو الموقع الصحيح الذي يجب أن نضع أنفسنا فيه، بكل بساطة هو استخدام المصطلحات الصحيحة وهو السلوك الصحيح وكلاهما ينطلق من تعاليم الدين وينطلق من مقاصد الدين، فقط أربع كلمات إذا عرفنا الربط بينها عرفنا ما هي الطريقة التي يمكن أن نخوض من خلالها معركة شرسة قديمة ولكنها في حالة تصاعد ولن تتوقف. فإذا غضبنا ونفسّنا ولم نحول هذا الغضب إلى طاقة منتجة، فسيأتي البعض ويقول نحن بشر يهاجمون الرموز ولا ننفعل، نقول لا بالعكس انفعل، الغضب هو حالة إنسانية ولكن أبقِ الغضب في الداخل وحوله إلى إنتاج، حول هذا الغضب إلى نقاش وحوار وأفكار وخطط لأننا لو تناقشنا لقلنا ألا تتوقعون أن سيكون هناك هجوم وهجوم بعده وإلى آخره، أعتقد أن الجواب نعم، إذاً ماذا نحضر للهجوم التالي؟ خطة غضب»، مشدداً على ضرورة أن نحضر خطة عمل.

وأشار الرئيس الأسد إلى أن النقطة الثانية هو أن نغضب ونقاطع البضائع يومين، ثلاثة أيام، أسبوعاً وبعدها تعود الأمور كما كانت، البائع الذي وضع لافتة «نحن لا نبيع البضائع مرة فرنسية ومرة دانماركية»، بعد أسبوع تخرج البضائع نفسها والغاضب نفسه الذي كان في الطريق يعود في الأسبوع الذي يليه لكي يشتري البضاعة نفسها، متسائلاً: ما هي الرسالة التي نرسلها للخارج بأن علاقتنا بالدين هي علاقة متذبذبة غير ثابتة وبالتالي ليست مبدئية لأن المبادئ ثابتة.

وتساءل الرئيس الأسد ما هي الصورة التي نقدمها عن الدين وعمن نقتدي به؟ وقال: «الذي يمثل هذا الدين على الأرض هو الرسول عملياً والقرآن هو كلام الله، والله فوق البشر، ولكن الشيء الملموس بالنسبة لنا هو الرسول، هو قدّم لنا نماذج في الغضب، أم قدّم نماذج في الهدوء ورباطة الجأش، مع أنه في ذلك الوقت كان يعيش في زمن الكرامة كانت أخطر شيء وكانت تندلع الحروب من أجل الكرامة وتسيل الدماء لأجيال، ومع ذلك هو تعامل دون أدنى اهتماماً مع الذين حاولوا الإساءة له، وإلقاء القاذورات عليه، وكان هناك شعراء جاهليون تفننوا وأبدعوا في هجاء الرسول ولم يذكرهم ولا نعرف شيئاً إلا القليل عن تلك المرحلة»، وأضاف الرئيس الأسد: «السؤال، هل يجوز للمسلمين أن يتبعوا الرسول في العقيدة ويخالفوه في السلوك، هذه مجرد نماذج، الأهم من ذلك هو ما يرتبط بالمسلمات، لدينا مسلّمات تعلمناها منذ كنا في المدرسة والمفروض أن أي مسلم لديه الحد الأدنى من الإيمان هذه المسلمات موجودة في عقله المصطلحات التي استخدمت في تلك المراحل السابقة، عندما يقوم بها المسلمون بهذا الغضب هو نصرة الدين، ولكن الدين هو الذي أتى لكي ينصر الإنسان، الدين إلهي هو الذي ينصر البشري، ولا يمكن للبشري أن ينصر الإلهي وهذه مسلّمة».

وأوضح الرئيس الأسد بأننا ندافع عن الدين، ولكن لنفترض بأننا سلمنا بهذا المصطلح وأردنا جدلاً أو افتراضياً أن نستخدمه، وأضاف: «أنا أقول أن الدين ينتصر ليس بالغضب، ينتصر بالتطبيق وعملياً عندما نطبق الدين بشكله الصحيح في المجتمع من خلال تطبيق المقاصد أو الوصول إلى مقاصد الدين فعندها سيكون هذا المجتمع معافى وسليماً، عندها ينتصر الدين، فالدين إذا افترضنا أنه ينتصر فلا ينتصر إلا إذا انتصر المجتمع، والمجتمع لا ينتصر إلا إذا كان سلوكه بشكل عام سليماً».

وقال الرئيس الأسد: «فإذاً من خلال الحماس أحياناً نضرب بالمسلّمات من دون أن نشعر بحسن النوايا، وهذا لأن جزءاً كبيراً من مفاهيم الدين هو مفاهيم غير واضحة، في الإطار نفسه عندما كانوا يتحدثون في الإعلام وغيره كانوا يقولون إلا رسول الله، نحن لانقبل بأن يهان الرسول، إذا، من يهان… يهان الإنسان الضعيف. أيضاً واحدة من المسلّمات والمفاهيم التي نعرفها بأن الأنبياء أكبر من أن يهانوا والأنبياء أقوى من أن يستضعفوا فلا يجوز أن نقبل أن الرسول قد أهين أو مُسّ»، وأضاف الرئيس الأسد: «بالعودة إلى الغضب هناك تعاليم واضحة في القرآن الكريم والحديث، «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس»، و«الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً» والشخص الذي أتى للرسول وقال له أوصني فقال له لا تغضب وكرر وكان يكرر له لا تغضب وليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب هذا موضوع واضح.
وشدد الرئيس الأسد على أننا نسير بالمحصلة باتجاه قد يخالف بعض المسلمات، وهذه الأشياء يجب أن نعمل عليها لأن المسلّمات هي أساس أي شيء يفكر به الإنسان سواء كانت مسلّمات عقائدية أو مسلّمات دينية، وقال: «دائماً أنا أسأل نفسي سؤالاً عندما نقول إلا الرسول، فالرسول، ونفترض بأنه يهان، الرسول عومل كشخص عادي في حين هو رمز مقدس ويجب أن نفرق بين الرموز العادية وبين الرموز المقدسة، الرموز العادية أي شيء قد يكون بالنسبة لنا كبشر رمزاً عادياً لكن الرمز المقدس بيننا وبينه التزام، فالرسول رمز مقدس ليس فقط لكي نحب وإنما لكي نقتدي به، القرآن رمز مقدس ليس فقط لكي نحفظ ونفهم بل لكي نطبق ما ورد به والله رمز مقدس ليس فقط لكي نعبده وإنما أيضاً لكي نطيعه فبهذه الأشياء عندما نسأل أنفسنا هل تعاملنا من خلال هذه المسلمات مع هذه الرموز؟ أنا أسأل نفسي سؤالاً، دائماً أسأله، لو عاد الأنبياء وتحديداً النبي الكريم محمد إلى هذا العالم ما هي الأشياء التي ربما تؤلمه انطلاقاً من أحاديثه وانطلاقاً من تعاليم القرآن؟ أشياء كثيرة لا شك، ولكن هذا السؤال سألته مؤخراً، قلت هل يؤلمه أكثر كلام بعض السفهاء الذي نسمعه من وقت لآخر أم يؤلمه أكثر ارتكاب الكبائر، سؤال بديهي».

وتساءل الرئيس الأسد في كلمته: هل ترتكب الكبائر، قتل الأبرياء أليس واحداً من الكبائر، في أحد الأحاديث كان القتل ترتيبه الثالث، والأولى كانت الشرك بالله، وعندما يقتل الأبرياء نبدأ فقط في حصار العراق في التسعينيات ولاحقاً غزوه في 2003 وصولاً إلى اليمن وليبيا وسورية هل هذا من الكبائر؟ كيف للمسلم أن يغضب على كلام سفهاء لا يعني الرسول لو كان موجوداً ولم يهتم به عندما كان حياً، ولا يغضب من كبيرة من الكبائر، أين هي المظاهرات، وأين هو الغض؟ وأين هي الأفعال للدفاع عن هؤلاء الأبرياء ولمنع هذه الكبائر؟ هل نستطيع أن نميز بين تحريف القرآن والشرك بالله وأنتم علماء أخبروني، هل يمكن التمييز؟ من الصعب، من يحرف القرآن لا بد أنه مشرك».

وأضاف الرئيس الأسد: «تحريف القرآن بدأ منذ عدة سنوات والآن تعرفون أن هناك الكثير من الآيات بدؤوا بتحريفها أو إخفائها وصولاً لاحقاً إلى تغيير مضمون القرآن من أجل أسباب سياسية ولم نسمع غضباً، حتى علماء الدين في العالم الإسلامي لم نسمع منهم إلا ما سمعناه من بعض علمائنا في خطب الجمعة منذ نحو شهر أو شهرين أو ما بينهما، إذا هل من الممكن أن نجتزأ الدين غير ممكن هل من الممكن أن نتعامل بازدواجية».
وتابع الرئيس الأسد: «هل يمكن أن نفترض أن هذه الأشياء التي تسيء إلى الرسول لا تستحق منا ردة فعل على مستوى الشارع الإسلامي، أشياء كثيرة تحصل، أنا أعتقد بأنها تمس هذه الرموز بشكل مباشر، وأنا أقول بأنه عندما نبجل هذه الرموز بالكلام ولكن نأتي إلى التطبيق ونفعل عكس ما هي موجودة من أجله، فنحن من يمسها ونحن من يشجع الآخرين على قلة احترام هذه الرموز والتي تمثل جوهر العقائد».

وأضاف الرئيس الأسد: «أنا فقط بهذا الكلام وبهذه المقدمة أحاول أن أضع تشخيصاً للمشكلة، لا نستطيع أن ندخل بعلاج من دون أن نشخص فلذلك أنا أحاول أن أجمع بعض العناوين، العناوين كثيرة لو أردنا نغرق فيها لأننا نتحدث عن تراكمات، لا نتحدث عن أشياء طارئة، بالمحصلة الفهم المشوه للدين بالمصطلحات الخاطئة بالممارسة والسلوك العشوائي غير المدروس بالعواطف والمشاعر العابرة على الرغم من استمرار الإساءة واستمرار وجود السبب، فنحن من يقوم بتشجيع الآخرين على الاعتداء علينا وعلى الإساءة إلى مشاعرنا، إذا شخّصنا ولو بشكل مبدئي، وقلنا الغضب لن يحقق شيئا، لا بد من التصدي، كيف نتصدى؟ أين يبدأ التصدي؟ التصدي يبدأ أولاً بمعرفة العدو الحقيقي وأين يتواجد، الحقيقة أول عدو لأي عقيدة لا يأتي من الخارج، يعني مهما أساؤوا ومهما تكلموا ومهما خططوا لا يستطيعون».

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه عبر التاريخ لم يحصل أن هناك عقيدة انهارت بهجوم خارجي، بالعكس تماماً، دائماً كان الأبناء يتمسكون بها وتصمد وهذا هو سياق الحياة، وهذه هي القواعد الإلهية لحياتنا البشرية، فالخوف على الدين من الخارج غير مبرر ولا مكان له، ولن أضيع وقتي بالحديث عنه، دائماً الخطر يأتي من الداخل، الخطر من أبناء الدين ومن اتباع الديانات ومن اتباع العقيدة، ويبدأ هذا الخطر بالتخلف والتطرف وبالتعصب وبعدم قدرة أبناء أو اتباع تلك العقيدة على التفكير السليم، أما الإرهاب فأنا لم أتحدث عنه ولم أقل بأن الإرهاب يشكل خطراً لأن الإرهاب هو مجرد نتيجة وليس سبباً.

الرئيس الأسد شدد على أننا لسنا في صدد الانبطاح كما يفعل البعض كلما حصلت مشكلة في الغرب يبدأ بالتبرؤ ويصل إلى مرحلة التبرؤ من الإسلام، وبلغة أكثر لطفاً الإسلام بريء من كل هذه الجرائم، لأن هذه بديهيات لا نبحث عن شهادة حسن سلوك من الغرب كمسلمين، معتبراً أنهم هم أكثر من يتحملون المسؤولية، فالإرهاب ليس منتجاً إسلامياً وهذا بديهي، هو منتج لثغرات لها علاقة في المجتمع، ولكن من يستغل هذه الثغرات هو المجتمع الغربي، هو من حرض الإرهاب في هذه المنطقة، والأهم من ذلك أن جزءاً من الإرهاب الذي يضرب عندهم في أوروبا لا علاقة له بالإرهاب الموجود لدينا، هم أدخلوا الفكر الوهابي فقط مقابل البترودولار، مقابل أموال والآن يدفعون الثمن، ولكنهم يلقون بالمسؤولية على المسلمين وعلى تطرف المسلمين وإلى آخره وصولاً إلى رموزنا. فإذاً التصدي يبدأ من معرفة الخطر ويبدأ أيضاً من معرفة نقاط الضعف.
وبيّن الرئيس الأسد أن هذه النقطة لا نتحدث بها، لأن المؤسسة الدينية في سورية قطعت خطوات مهمة جداً، وعقدنا الكثير من النقاشات بجلسات مختلفة وتحدثنا عن نقاط الضعف، وقال:» أعتقد بأنكم أنتم من يقوم بمعالجة هذه النقاط، نقاط الضعف، لكن النقطة التي لم تكن ظاهرة للكثيرين وما زالت هي تحديد هوية العدو الحقيقي، وهنا تكمن المشكلة، يعني عندما يحصل شيء بطبعنا نشخصن الأمور ونهاجم الأشخاص، الشخص الذي قام بالهجوم لكن أشخاصاً عابرون يعني أن الأشخاص لا يمثلون أنفسهم هم يمثلون تياراً».

وأوضح الرئيس الأسد أن أصحاب هذا التيار والذين يقومون بهذه الهجمات على المجتمعات الإسلامية أو أنهم أحياناً نتيجة لأسباب مصلحية يقومون بهذا العمل، هذا التيار الذي لم يكن واضحاً للكثيرين هو تيار الليبرالية الحديثة والقلة من الناس تعرف عنهم، وهؤلاء يختلفون عن الليبرالية، فالليبرالية هي تيار سياسي اجتماعي لا يوجد فيه مشكلة، يقال هناك ليبرالي وهناك محافظ لا توجد مشكلة، الليبرالية الحديثة هي تشبه الآن الحديث عن تسويق الديمقراطية بالنسبة لأميركا، يستخدمون الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب ويستخدمون حقوق الإنسان من أجل شن الحروب.

واعتبر الرئيس الأسد أنه جرى استخدام الليبرالية لشيء جديد اسمه الليبرالية الحديثة، التي بدأت تتطور منذ نحو الخمسة عقود بشكل تدريجي وخبيث على مبدأ السرطان، وقال:» لماذا يسمى السرطان ورماً خبيثاً، لأن الإنسان لا يشعر به، يتطور تدريجياً وببطء، أساس منهجيتها هو تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل وفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول لأهدافها، وكأمثلة عملية هذه الليبرالية الحديثة هي من سوق الزواج المثلي، من خلال التسويق الذي ابتدأ في السبعينيات تدريجياً، إلى أن وصلوا منذ نحو عشرة أعوام إلى أن أصبح هذا قانوناً، والآن بدأ يكون لديهم أبناء، وأعتقد بأنها تختلف عن صيغة تبني ابن، مع أنه ليس ابناً يعني كيف يكون هناك ابن؟».

وأوضح الرئيس الأسد أن الليبرالية الحديثة هي التي سوقت فكرة أن الطفل لا يختار دينه بنفسه، وأن هذا تعد على حرية هذا الشخص، وأنه يولد من دون دين، ولكن لاحقاً عندما يكبر يختار الدين الذي ينتمي إليه، مع أن هذا مناقض لطبيعة الإنسان، لأن الإنسان منذ أن كان يخترع أدياناً ويخترع آلهة ويخترع أصناماً، كان بشكل غريزي الابن ينتمي لدين العائلة التي ولد فيها فهم يناقضون إنسانية الإنسان، لافتاً إلى الليبرالية الحديثة سوقت أيضاً المخدرات على اعتبار أنها ليست ضارة، وأصبحت تباع بشكل قانوني وعلني في المتاجر، وهم يروجون الآن أن هذا المخدر لا يعتبر مخدراً، وبعدها يصلون لأنواع أعلى من المخدرات، والآن تستطيعون في بعض الأماكن أن تطلبوا أنواعاً من الخبز بنكهة هذا المخدر، مشدداً على أن هذه الليبرالية الحديثة هي نفسها التي سوقت الآن البدعة الجديدة أن الطفل يولد لا ذكراً ولا أنثى، هو يختار لاحقاً إن كان ذكراً أو أنثى، وأضاف سيادته: «شيء عجيب، ماذا تفهمون من هذا الكلام؟ المطلوب من هذه الليبرالية ضرب إنسانية الإنسان وهنا تتناقض مع الدين، لأن الأديان أنزلت من أجل تكريس الإنسانية فتأتي الليبرالية لتفصل الإنسان عن إنسانيته، إذاً، عندما يفصل عن إنسانيته ويفصل عن قيمه وعقائده ما الذي يقود هذا الإنسان، شيئان: المال والغريزة، وعندها تسهل قيادته بالاتجاه المطلوب».

وتابع الرئيس الأسد: «منهجية هذه العقيدة وهي طبعاً عقيدة ترفض العقائد لأنها تطلب من الإنسان ألا ينتمي للعقائد، منهجيتها هي أن تحول مرجعية الفرد من المرجعية الجماعية، كما هو الحال الطبيعي بالنسبة للبشر، إلى مرجعية الفرد، وبالتالي مرجعية الفرد المقصود فيها رغباته فكل ما يرغب به هذا الفرد هو صحيح بغض النظر عن المجتمع، فإذاً رغبات الفرد هي الأساس لا الأسرة ولا المجتمع الأكبر، انسلاخ الفرد عن هذه القيم هو منهجية ثانية، الانسلاخ عن الأسرة والانسلاخ عن الوطن، فإذاً هو لا ينتمي إلى أي شيء، ينتمي لنفسه في الداخل، وينتمي لهذه العقيدة الليبرالية، وهم يسوقون أن هذه العقيدة هي ليست عقيدة، هي ترفض العقائد لكن في الحقيقة هي عقيدة.

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه عندما نقول بأن الليبرالية تسحب أو تلغي إنسانية الإنسان ماذا يعني؟ سيعني تحوله إلى حيوان، متسائلاً: ما هو الفرق بين الإنسان والحيوان؟ «الأشياء المشتركة، الإنسان لديه عواطف والحيوان لديه عواطف ويكره ويحب، الإنسان ينطق والببغاء ينطق، قد يقول البعض وهذا متداول بأن الفرق بينهما هو العقل، لا غير صحيح، لأن الحيوان لديه عقل ويتعلم، ويتعلم من التجربة والخبرة، الفرق بين الإنسان والحيوان هو شيء وحيد يتميز به الإنسان، هو العقيدة لذلك ضرب العقائد هو ليس شيئاً جديداً وأنا سأذكركم عندما سقط الاتحاد السوفييتي وبدأ التفكك ما هو أول مصطلح طرح في أميركا، بأن زمن العقائد قد ولى يعني لا توجد عقائد، يعني هذه هي بداية أو كانت مرحلة مهمة من مرحلة الليبرالية الحديثة».

وقال الرئيس الأسد: «فإذاً بالمحصلة هي إيديولوجيا ذات هدف سياسي لكنها لا تستطيع أن تصل إلى هذا الهدف من دون الأدوات الاجتماعية، لا يمكن لها، إذاً، إذا كان الهدف سياسياً فما هي المشكلة بينهم وبين الدين، هل هناك مشكلة؟ بالمظهر لا توجد مشكلة، لا مانع لديهم من أن نصوم ونصلي ونزكي ونحج وكل شيء، لكن يجب أن نتخلى عن المبادئ والقيم، يعني مقبول الدين الفارغ من المضمون مسموح به، الدين المتطرف مسموح به، أما الدين الصحيح فلا، غير مسموح على الإطلاق».

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه خلال مرحلة التسعينيات عندما بدأت الفضائيات تنطلق، كنا أمام حالتين إما فضائيات تفرغ العقل وتدفع الجيل الشاب نحو التغرب أي باتجاه الفكر الغربي والخروج عن القيم، ومقابلها تماماً الفضائيات التي بدأت تكرس التطرف، فكنا أمام حالتين إما الأولى أو الثانية، وأضاف:» سيقول البعض هذا طبيعي فالمجتمع كان منقسماً، والتطرف الأول يخلق التطرف الثاني، والتطرف الثاني يخلق التطرف الأول، هذا كلام صحيح لو كان تمويل هذه القنوات يأتي من مصادر متطرفة أو مصادر متغربة، ولكن تمويل هذه القنوات كان من مصدر واحد، نفس الدول تدعم الأولى وتمول الثانية، فإذاً كلاهما يصب باتجاه المضمون نفسه، مشكلتهم معنا هي عندما نكرس الدين الصحيح، لأن هذا الدين الصحيح هو الذي يمنع الأهداف السياسية عبر خلق حاجز يمنعهم من تحقيق الأهداف، ويمنعهم من تحويلنا إلى قطعان من المواشي تقاد إلى المذبح».
ونبّه الرئيس الأسد إلى أنه انطلاقاً من هذه الفكرة يمكن فهم لماذا نرى هذا الهجوم الشرس على المؤسسة الدينية، فالسبب لا يرتبط تماماً بالحرب على سورية، الموضوع أكبر، الموضوع أوسع، وأضاف سيادته:» بكل هذه المؤسسات المختلفة الموجودة على الساحة الإسلامية من هي المؤسسة التي تقوم بالقتال، وليس بالعمل، بالقتال من أجل تكريس الدين الصحيح، ومن هي المؤسسة التي تدفع الشهداء من أجل تكريس الدين الصحيح على كل الساحة الإسلامية؟، هي هذه المؤسسة فمن الطبيعي أن تكون هذه المؤسسة هي العدو الأول، هاجموكم كأشخاص وهاجموكم كمؤسسة، لأن الدين الصحيح الذي نتحدث عنه هو الذي يؤسس لبنية اجتماعية مناقضة تماماً للبنية الاجتماعية المطلوبة لتسويق الليبرالية، لذلك فجزءٌ كبير من الهجوم على المؤسسة الدينية يأتي من الخارج» مشدداً على أنه صحيح أن الحرب على سورية، لكن المؤسسة الدينية جزء من هذه الحرب، وأضاف:» هذا وطن وهذا شيء طبيعي، ولكن يجب أن نرى الحرب على سورية والحرب على المؤسسة الدينية في سياق أبعد وأعمق، هي ليست حرباً منفصلة، هي ليست وليدة العشر سنوات الماضية، إن لم نر أين ابتدأت لا يمكن أن نعرف كيف ننهيها، وهذا ما علينا أن نفهمه جميعاً، هذه هي المشكلة بينكم كمؤسسة وبين الليبرالية الحديثة، وهنا أريد أن أؤكد على أن الخلط الذي كان يحصل في الجدل الحاصل على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا كنت أسمعه من قبل العديد منكم هو خلط بين الليبرالية والعلمانية».

ولفت الرئيس الأسد إلى أن الهجوم الذي يحصل والطروحات الشاذة التي نسمعها هي طروحات ليبرالية لا علاقة لها بالعلمانية، العلمانية شيء مختلف تماماً، وهي حرية أديان مشدداً بأنه علينا أن نميز ونعرف من هو العدو الحقيقي الذي نواجهه، ونحن شخصنا العدو فماذا نفعل؟.

وأشار الرئيس الأسد إلى أنه اليوم لا يوجد قانون دولي ولا توجد حماية، واليوم كل ابن موجود على الهاتف وعلى الحاسوب، هو على احتكاك مع هذا الفكر، وأضاف:» قبل ثلاثة عقود نستطيع أن نتقوقع على أنفسنا ونعيش مع عاداتنا وتقاليدنا ومفاهيمنا، اليوم هذا الكلام غير ممكن لا خيار سوى التحصين، تحصين المنزل، متسائلاً: «ما هو أهم عامل في التحصين؟ طالما أنا تحدثنا عن علاقة هذه الليبرالية بالدين فلا بد أن تكون البداية من الدين، والدين عندما نقول الدين يعني الدين الصحيح، أي دين لا يبدأ سوى من الفقه، ونحن بالنسبة لنا عندما نتحدث عن الفقه نربطه بالفقهاء وبالتالي العلماء وبالتالي هو أعلى مستوى من العلم في الدين» وأضاف سيادته:» أنا لا أتحدث عن هذا المستوى أنا أتحدث عن الفقه المطلوب لكل مسلم، وهنا تكمن مشكلة أخرى وهي مشكلة كبيرة أن جزءاً كبيراً من المسلمين يمارسون الشعائر من دون أن يعرفوا لماذا؟ فهناك حد أدنى من الفقه وهو العلم والمعرفة، ولا يجوز لمسلم أن يمارس الشعائر من دون أن يعرف أين هي المقاصد؟ كل شعيرة من الشعائر التي نقوم بها يجب أن يعرف ما هو الهدف، إلى أين يصل؟ يجب أن يعرف أنه لا يمكن أن تمارس أي شعيرة من دون أن تنتهي إلى مقصد، أن البداية هنا والنهاية هناك، ويجب أن يعرف أن ممارسة الشعائر لا يمكن أن تكتمل إن لم يصل هو إلى المقاصد، هذه مشكلة كبيرة موجودة لا بد أن نعمل عليها ألا يبقى الفقه، طبعاً العلم هو مستويات والفقه مستويات ولكن عندما نتحدث عن القاعدة العريضة التي لا تعرف أساسيات فهي نقطة ضعف كبيرة وهي أساس التحصين للمجتمع المسلم».

واعتبر الرئيس الأسد أن أهمية المقاصد هي أن كل قطاع من قطاعات العالم والمجتمع بحاجة لقياس، يعني عندما نقول نحن نقوم بخطة معينة ونطبق إجراءات محددة للوصول إلى هدف كيف نعرف أين وصلنا، بالاقتصاد هناك أرقام النمو والتضخم، وبكل مجال من المجالات هناك قدرة على القياس ولكن في المجال الديني كيف نقيس؟.

ولفت الرئيس الأسد إلى أنه لا يمكن أن نقيس من خلال عدد المصلين، لأن هذا لا يعني شيئاً، وقال:» أنتم تعرفون أن عدداً من الذين خرجوا من المساجد في بداية الحرب هم من الملحدين الذين كانوا يهتفون اللـه أكبر، وهناك عدد من الناس الذين يمارسون الشعائر لمسايرة المجتمع من جانب، ولكي يقال بأن الأموال هي أموال حلال، وإلى آخره من التفاصيل، فإذاً هي ليست طريقة قياس ولكن نستطيع أن نقيس أخلاق المجتمع وسلوك المجتمع والمصطلحات الصحيحة التي تستخدم من قبل عامة المسلمين، نستطيع أن نقيس عندما نرى أن التدين هو الذي يواجه التعصب وليس الربط بين التدين والتعصب، وهذه النقطة بالذات هي نقطة مضيئة بالنسبة للمجتمع السوري، لأن الذي تحدث بالتعصب وبالطائفية في بداية الحرب هم بمعظمهم من غير المؤمنين، وإذا كان البعض منهم من التيار الديني فهم غالباً بالميول الإخونجية، والذين تركوا البلد والحمد لله تخلصت البلد من كل هؤلاء».

وبيّن الرئيس الأسد أنه عندما نتحدث عن الإيمان الحقيقي وعن المسلم الحقيقي، فالحقيقة أن هذه كانت نقطة مضيئة، لا بد أن تذكر كوثيقة وللتاريخ بأن المؤمن الحقيقي هو الذي واجه التعصب والتطرف، وأضاف: « من خلال بعض الأمثلة أنا لا أستطيع أن أقيس كم واحداً يستطيع أن يفهم أو يقرأ أو يحفظ الآية الكريمة «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة»، ولكن أعرف أن هذا الشخص وهذا المجتمع لا يخضع للإشاعات، كما لا أعرف هو كيف يتعامل مع مواعيد الصلاة، ولكن أعرف أنه يحترم المواعيد في العائلة وفي المجتمع وفي العمل، وأيضاً لا أعرف عن وضوئه ولكن أعرف أنه نظيف، أعرف أنه غيري غير أناني، أعرف أنه لا يحب النميمة أعرف أنه لا يرشي ولا يرتشي ولا يبرر الرشوة، وأن أمورنا لا تمشي إلا إذا رشونا، وهو يجتزئ من الدين، أنا أعرف أنه لا يتهرب من الضريبة لأنها سرقة للمال العام، فإذاً بالعودة أنا أتحدث بكل هذه الفقرة، عن شيء أساسي هو المقاصد لن نصل إلى التطبيق الصحيح من دون المقاصد».

الرئيس الأسد بيّن أن اللغة العربية هي حامل الفكر والثقافة بشكل عام، قبل أن تكون لغة القرآن، وهي الحامل الطبيعي، عندما تندثر هذه اللغة أو تتراجع أو تضعف، وهذا الشيء كلنا نراه في المجتمع بشكل واضح وبشكل خطير ومخيف، فيجب أن نعرف أن هناك حاجزاً وهناك غربة بين الإنسان وثقافته، وهذا الشيء نفسه بالنسبة للقرآن، وهناك هجمة حتى على لغة القرآن، متسائلاً: «كيف تتصورون القرآن من غير لغة، ولو جربتم أن تقرؤوا لغة مترجمة للقرآن يعني كتاباً مترجماً، ولكن ترجم أيضاً من الإنكليزية عاد إلى العربية فسترون أنه هناك حاجز كبير بينكم وبين هذا الكتاب، ولو تمكنوا من اللعب بهذه اللغة، فسيكون هناك أيضاً حاجز بين المسلم وبين القرآن، ما هي مشكلتهم مع القرآن؟».

واعتبر الرئيس الأسد: أن الربط بين اللغة والعقيدة واحد ولا يمكن الفك، ولكن يمكن ضربه، وذلك عندما نضرب لغة المجتمع، فسوف نطوق هذا القرآن بلغات غريبة وبميول غريبة يبقى المسلم وتبقى الصلاة، ولكن تصبح كاللغات القديمة هي لغة صلاة وهنا يحصل الفصل بين ثقافة القرآن وثقافة المجتمع. وأضاف: «اللعبة واضحة، فلذلك لا نستطيع أن نفك اللغة عن العقيدة واللغة عن المجتمع والمجتمع عن العقيدة، هي مثلثات أو مربعات لا يهم ولكن كلها مترابطة كالكرسي، إذا الآن ضربنا قدم هذه الطاولة تسقط الطاولة كلها بقدم واحدة هكذا يتم الموضوع فاللغة مهمة جداً».

وتابع الرئيس الأسد: «الأسرة هي الوحدة الأصغر في مجتمعاتنا الشرقية وليس الفرد كما تحاول الليبرالية الحديثة تسويقه، الأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة وكل ما يمثل الهوية نراه في الأسرة، والفرد هو عضو فيها، والأسرة لا يمكن أن تؤسس إلا على الغيرية لا يمكن للأنانية أن تبني أسرة، لأن هذه الوحدة هي أساس سلامة المجتمع عندما تكون سليمة، فالأسرة الأكبر مع الأقرباء تصبح سليمة والحي والمدينة والمجتمع كله يصبح سليماً، لذلك ركّز الدين على هذه الأسرة ولذلك من أهم الخطوات لضرب هذه البنية الاجتماعية هي ضرب الأسرة والنزول باتجاه الفرد، فإذاً في عملنا الديني يجب أن نركز على موضوع الأسرة في عملنا الديني والاجتماعي وأيضاً نتحدث عن هذا الموضوع، لأن الأسرة بدأت تتفكك بفعل عوامل مختلفة، بفعل تطور الحياة، العوامل التقنية، وبفعل الهجمة التي تحصل على الثقافة».

وقال الرئيس الأسد: «المسلّمات وأنا بدأت بالحديث عن المسلّمات ولكن المسلّمات هنا عامة، هناك كثير من المسلّمات التي تمثل القيم والعادات والتقاليد والمفاهيم التي يبنى عليها المجتمع، لا بد من تمتين هذه المسلّمات أيضاً، مجتمعاتنا تفقد هذه المسلمات، العقائد مسلّمات، الرموز والانتماءات الوطنية مسلّمات، والقومية مسلمات، العادات والتقاليد، الأسرة كما قلت قبل قليل، احترام الكبار، هناك عناوين كبيرة وهناك عناوين صغيرة ولكن كلها مهمة، احترام الكبار سواء كانوا كباراً بالعمر أو كباراً بالقيمة هو من المسلّمات».

واعتبر الرئيس الأسد أن ضرب هذه المسلّمات يلغي ثنائيات طبيعية تخلق التوازن في المجتمع، وأضاف:. «يقال إن الدنيا بنيت على الأبيض والأسود والليل والنهار والخير والشر وهذه الثنائيات هي موجودة، عندما نلغي هذه المسلّمات يصبح الكبير كالصغير والطالب كالمعلم والأبناء يحلون محل الوالدين، يأخذون دورهم وتلغى الحدود بينهم، وفي هذه النقطة بر الوالدين هو أحد أهم المفاهيم التي يجب أن نركز عليها في بناء الأسرة ويصبح الفاسد كالشريف ويصبح الظالم كالمظلوم، إذاً إلى أين نصل عند ضرب هذه المسلمات؟ نصل إلى أن يكون المعتدي كالمعتدى عليه. وبالتالي بدلاً من أن تكون هذه أرضاً مغتصبة من قبل العدو ونحن المالكون الحقيقيون تصبح هذه الأرض محل نزاع لأن الطرفين بالموقع نفسه وقد يكون كلا الطرفين صاحب حق فكيف سيتم الحل في هذه الحالة؟ الطرف الثاني المعتدي المغتصب للأرض سوف يقوم أو أن الطرف الأول بالبداية سأقدم تنازلاً له وأعطيه جزءاً من الأرض، تنازلاً مني له، وهو سيقوم أيضاً بالتنازل عن جزء من الأرض أنا أملكها، سيتنازل لي عن حقي وبالتالي نصل للتسوية السياسية التي يسعون إليها، فنرى أيضاً أن المسلمات لا تنفصل عن المخطط السياسي لليبرالية الحديثة. فإذا أردنا أن نصل إلى الانهيار السياسي، أو إذا أرادوا أن يصلوا إلى الانهيار السياسي فلا بد من الانهيار الاجتماعي، وفي هذا الانهيار الاجتماعي تعرفون أقواس تدمر «أحجار، أحجار ويوجد حجرة في المنتصف تسمى حجرة العقد لأن كل الأحجار تستند عليها» هنا يقع موقع الدين، فإذا انفكت هذه الحجرة تسقط كل الأحجار ولكن بالوقت نفسه كل الأحجار الأخرى إذا سقطت تسقط حجرة العقد، فالدين، من دون مجتمع سليم لن يكون هناك دين بالمعنى الحقيقي الذي تسعون إليه، من دون أسرة من دون مسلمات من دون أخلاق من دون فقه من دون كل هذه التفاصيل التي ذكرتها فكل هذه الأحجار سوف تسقط مع بعضها البعض».

وشدد الرئيس الأسد: بأنه لا يوجد خيار إلا أن نربح هذه المعركة، وإذا أردنا أن نربحها لا بد أن نعرف ما هي هوية العدو الحقيقية؟ ما هي طبيعته؟ وأين يتموضع؟ وما هي أساليبه؟ ولا بد أن نربح لأننا أن ربحنا فعندها سنكسب احترام الآخرين، وسنفرض احترامهم أو سنفرض احترام عقائدنا ورموزنا عليهم، وقال:» إذا نظرنا إلى كل هذه الأشياء نراها مترابطة وهي كتلة واحدة ولكن عندما تأتينا تأتينا بشكل متفرق فنتعامل معها بشكل مجتزأ ونتعامل مع الأسماء وننسى التيارات، فلذلك ننتقل من خسارة إلى خسارة ومن نكسة إلى نكسة ومن إخفاق إلى فشل».

وأضاف الرئيس الأسد: «أنا أريد أن أمر على بعض النقاط التي قد تبدو لكم مرتبطة بما سبق وقد تبدو غير مرتبطة ولكن أنا أرى الحالة كلها حالة واحدة، سأبدأ ببعض العناوين ولا يجوز أن نتجاوز كل هذه المواضيع التي تطرح بينكم وبيننا وأحياناً معي لحسم الرؤية لأن هذه المواضيع تكون أحياناً للمجتمع تشكل أساسات وبنفس الوقت بالنسبة لنا كدولة تشكل سياسات بمعنى الربط بين السياسات والأساسات لأن الدولة لا تنفصل عن المجتمع».

وتابع الرئيس الأسد:. «في البداية أريد أن أمرّ على موضوع التفسير لأنني أعتبر أنه هو أساس العمل الديني وأريد أن أهنئ كل فرد فيكم بهذا الإنجاز التاريخي وأقصد كلمة تاريخي بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى لأننا إذا عدنا إلى كل التفاسير الموجودة وهي بالعشرات وأنا لست خبيراً ولست مختصاً بالتفسير ولكن عندما نرى الأسماء فنرى أن كل تفسير مرتبط باسم عالم من العلماء، ولكن هذا التفسير بغض النظر أنه تم من قبل وزير الأوقاف وهو من قام من خلال اختصاصه بطرحه كان ضمن عمل جماعي وهذه هي نقطة قوة هذا التفسير، وتوسع لدرجة أن يكون هناك حوار أيضاً مع الطوائف المسيحية»، معتبراً أن الدين الذي يتحاور مع الداخل، مع أبنائه، ومع أبناء الشرائع الأخرى هو دين قوي، والإنسان الذي يخشى من رأي الآخرين ومن مراعاة خصوصياتهم ومن الأخذ بالاعتبار رغباتهم ومصالحهم هو دين ضعيف.

واعتبر الرئيس الأسد أن المؤسسة الدينية أثبتت بأن هذا الدين دين واثق من نفسه، وأبناء هذا الدين وأتباعه والمؤسسة القائمة عليه، وقال: «أنتم عمادها طبعا هي مؤسسة قوية وواثقة من نفسها انطلاقاً من ثقتها بدينها، هذا جانب، والجانب الآخر جسد هذا التفسير في هذا الوقت بالذات معنى أن القرآن هو لكل العصور، فالقرآن لم ينزل ككتاب بحبر وورق هو نزل كوحي والقرآن ليس الكتاب الذي نضعه في مكتباتنا أو على طاولاتنا وإنما هو ما يرسخ في عقولنا، فالمؤمن المتطرف والمؤمن القويم كلاهما يمتلك نفس الكتاب ويقرأ نفس الآيات ولكن ما يرسخ في العقل هو متناقض تماماً، فهذا التجسيد هو تجسيد لموضوع أن القرآن لكل العصور، في نفس الوقت لا يمكن أن نتحدث عن تطبيق صحيح للدين من دون تفسير صحيح يعبّر عن تحديات هذه المرحلة هو بداية الطريق لفهم الدين الصحيح وأيضاً لمكافحة التطرف من خلال التطبيق الصحيح للدين، الفهم والتطبيق ومكافحة التطرف، النقطة المهمة في هذا الموضوع أن هذا التفسير ككل التفسيرات السابقة هو لا يلغي ما سبقه ولا يقلل من احترام ما سبقه وأقول هذا الكلام بسبب الهجمة التي حصلت مؤخراً تحديداً على تفسير ابن كثير».
ولفت الرئيس الأسد إلى أنه من حق أي إنسان أن يختلف مع أي مفسر، كلنا بشر نصيب ونخطئ ومن حق أي إنسان أن يختلف مع فكرة لكن الهجوم غير مقبول لأن هؤلاء الأشخاص قدّموا ما يستطيعون وما يتناسب مع التحديات التي كانت موجودة في ذلك العصر والاجتهاد في الحد الأدنى له أجر.

واعتبر الرئيس الأسد أن الهجوم على اجتهادات حصلت قبل قرون غير منطقي، وقال: «لسبب بسيط لو أردت أن أتحدث اليوم بالسياسة، فأنا لا استطيع بمعطيات اليوم أن أقيّم القرارات السياسية منذ ستين أو سبعين عاماً لأن المعطيات اختلفت، وأنا لم أكن وجوداً فكيف نقيّم تفسيراً صدر قبل سبعة قرون، التفاسير تتناسب مع العصر وما تقوم به اليوم هذه المؤسسة المهمة وزارة الأوقاف بالنسبة للتفسير، ربما بعد قرن من الزمن سيقولون ما هذا التفسير، لا يرتبط بعصرنا فتكون التحديات مختلفة وهذا هو الطبيعي، القرآن موجود لكي نغرف منه، في كل مرحلة ما يناسبنا، نحن نحدد كم نأخذ، هو عميق كما قلنا، عميق بعمق الحياة وبعمق فلسفة الحياة ولكن ما نأخذه هو ما نستطيع نحن كبشر أن نستوعبه ونتعمق به هذا هو دور التفاسير».

وأضاف الرئيس الأسد: «من النقاط الأخرى التي طرحت أيضاً فصل الدين عن الدولة، الحقيقة لم يأتني أي شخص وقال لي نريد هذا الشيء لأكون أميناً في الطرح ولا أفترض بأن هذه هي قضية كبيرة، ولكنها متداولة من وقت لآخر، وبالنهاية عندما يكون هنالك موضوع يتم تداوله لفترات طويلة، ولا يحسم لا بد من أن يكون هناك رأي رسمي في هذه النقطة، وقد سئلت من ضمن الأسئلة كيف يمكن فصل الدين عن الدولة، قلت لهم ممكن ولكن في حالة واحدة عندما نفصل الدين عن المجتمع، لأن الدولة تتجذر حيث يتجذر المجتمع، لا تتجذر حيث تريد أن تتجذر هي، وعندما ينفصل المجتمع عن جذور محددة فلا بد للدولة أن تنفصل عن هذه الجذور فهي مرآة لهذا المجتمع، وكما نرى بأن مجتمعاتنا عقائدية وستبقى عقائدية لقرون إلى ما شاء الله، ففصل الدين عن الدولة بالشكل الذي يطرح يعني فصل الدولة عن المجتمع»، متسائلاً: «هل هذا يخلق استقراراً أم عدم استقرار، بكل تأكيد الجواب واضح، ولكن يجب أن ننظر أيضاً في نفس الإطار لأن جزءاً من هذا الطرح هو الطرح الخبيث الذي يسوق إلينا من الخارج، والبعض بجهل يأخذه ويتداوله، وجزء من هذا الطرح عن سذاجة، لأنهم يعتقدون بأن فصل الدين عن الدولة، هو خطوة في مكافحة الإرهاب أو التطرف مع أنه لا يوجد علاقة على الإطلاق بينهما.

وتابع الرئيس الأسد:. «أنا أقول دائماً بأن هؤلاء الأشخاص الذين لا يمتلكون المعرفة لا بد من محاورتهم والشرح لهم، ولكن الجواب أعتقد واضح بالنسبة لهذا الموضوع، وأريد أن أمرّ مرة أخرى على موضوع العلمانية أيضاً هناك خلط بأن البعض يعتقد بأنه من متطلبات العلمانية أو جوهر العلمانية فصل الدين عن الدولة، أيضاً هذا الكلام خاطئ، لا يوجد أي علاقة بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة لأن العلمانية هي حرية الأديان وهي احترام الأديان وهذا في صلب ديننا، وهذا في صلب ممارسات الرسول الكريم احترام الآخرين وحرية الأديان، فلذلك العلمانية في مكان آخر لا علاقة لها بالليبرالية ولا بفصل الدين عن الدولة ولا كل هذه الأشياء».

ولفت الرئيس الأسد إلى أن جزءاً من الجدل هو إمكانية فصل أو ليس فصل، بل استبدال الديانة في المدارس بمادة التربية الأخلاقية، وكان هناك رأيان الرأي الأول بأنه يمكن أن يكون هناك أخلاق فلا داعي للدين، والرأي المقابل أنه لا يمكن أن يكون هناك أخلاق من دون دين، وأضاف: «أنا أقول لكم بأن كلا الطرفين في نقاشه يسير عكس الدين وستستغربون هذا الكلام، تقول هذا الكلام غير منطقي، أما مع الأول أو مع الثاني، ما هو الرأي الثالث، أقول ليست قضية رأي ثالث، لا بد أن نأخذ الأمور بشكل منطقي، الطرف الأول يقول يوجد أخلاق بلا دين، والثاني يقول لا ويجيبه الطرف الأول يقول: «ولكن الرسول عندما كان نبياً كان معروفاً بأخلاقه قبل الإسلام وأزواجه ومن حوله والصحابة والأنبياء الآخرين، فإذاً هناك أخلاق، وبنفس الوقت الفطرة التي يفطر عليها الإنسان والتي وردت في القرآن، هي فطرة الخير، وبالتالي هذه الفطرة لا بد أن تلتقي مع الأخلاق في مكان ما، والأهم منها هو الكلام الواضح هو كلام الرسول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، هو قال أتمم ولم يقل أؤسس، فالرسول يقول لنا بأن هناك أخلاقاً ولكن بحاجة لإتمام، وهنا أقول بأن كلا الرأيين عندما يتحدثان بالشكل المطلق يخطئان لأن الرسول تحدث بشكل نسبي، ولم يتحدث بشكل مطلق، قال هناك أخلاق ولكنها لا تكتمل».

وتابع الرئيس الأسد: «ما هو دور الدين في إكمال هذه الأخلاق، وأي شيء فردي هو شيء قاصر لذلك أمر المسلمين بالشورى، وأي شيء جماعي هو المكتمل، الأخلاق الفردية توجد ولكن وجود الأخلاق الفردية لا يعني أن المجتمع سيكون أخلاقياً، هنا يأتي دور الدين الذي يقوم أولاً بضبط العلاقات الأخلاقية بين الناس، ويحول لأخلاقيات الفردية إلى أخلاقيات جماعية، هذا جانب والجانب الآخر إذا كان الإنسان أخلاقياً لا يعني بأنه لن ينحرف، ممكن للإنسان الأخلاقي أن ينحرف بفعل المؤثرات وبالتالي الدين يشكل رادعاً عن الانحراف والجانب الآخر وهو يرتبط بالجانب الأول، عندما نقول بأن هناك مجتمعاً أخلاقياً لا يعني أن نلغي القانون لأن الأخلاق لا يعني أنها تنظم، الدين هو من ينظم العلاقات الأخلاقية، فإذا كان الأول والثاني والثالث والعاشر وكل الموجود في هذه القاعة هم أخلاقيون بالمعنى الفردي فهم بحاجة لدين، لكي يضبط هذه العلاقة الأخلاقية بينهم، فالدين ضروري للأخلاق ولكن بهذا المعنى، وأنا أوضح أن هذا الموضوع ضروري في المدارس بشرط أن نعود لنص المصدر، وأن يكون الدين هو الدين الصحيح، والدين المرتبط بجوهره وبمقاصده»، مشدداً على أنه إذا كان هناك مجتمع أخلاقي، فكل الناس جيدون فلا أحد يعتدي على الآخر، ولكن إذا كانوا كلهم أخلاقيين فلا يعني أنهم لا يختلفون، عندما يكون هناك خلاف وخلاف وخلاف، وتابع:» الخلاف ماذا سيفعل؟ سيخلق فوضى من جانب وسيظهر السلبيات والمساوئ الموجودة، كل إنسان فيه جانب خير ولكن فيه جانب شر، مع الوقت، عدم وجود ضوابط سيكون هناك ظهور للمساوئ التي ستطغى في هذه الحالة، سيصبح وضعنا مثل وضع العالم الآن يوجد قانون دولي ولكن لا يوجد من يطبقه، فالعلاقة هي علاقة فوضى، وما يدير السياسة الدولية هو عدم وجود الأخلاق على الرغم من وجود قانون دولي، فإذاً أنا شبهت الدين هنا بالقانون لكن أتيت به كمثال، ولكن الدين هو القانون الذي يضبط المجتمع، القانون يضبط العلاقات بين الناس بالمعنى المؤسساتي أما الدين فهو يضبطها بالمعنى الذاتي والعقائدي هذا هو الربط بين الأولى والثانية، إذاً فالجواب واضح».

ولفت الرئيس الأسد على موضوع خطير يثار وأيضاً يرتبط بموضوع الليبرالية الحديثة، ولكنه يمس صلب المجتمع، وهو يأتينا على شكل ثلاثة مواضيع منفصلة: الأول يمس أو يشكك بعروبة سورية وبلاد الشام والعالم العربي بشكل عام، والثاني يشكك بعروبة القرآن من خلال القول بأن القرآن كتاب سرياني، والثالث يشك بعروبة الرسول من خلال القول بأن الرسول مستعرب وليس عربياً، معتبراً أن الهدف من هذه الطروحات الوصول لعدة أهداف الأول هو ضرب العروبة والإسلام، على الرغم من أنها ضربت منذ أكثر من مئة عام وساهم الإخونجيون في التفكيك بينهما، وقال: «نحن نعيش كمجتمعات أزمة هوية منذ عقود ومنذ قرن من الزمن أو أكثر بقليل، أو ربما منذ بدأ التتريك في العهد العثماني، بدأنا نعيش أزمة هوية، وبدأ البعض يسأل نفسه أنا مسلم أكثر أم عربي أكثر، هل أنا أنتمي لدمشق أو حلب أو دير الزور أو اللاذقية أكثر أم أنتمي لسورية أكثر، ما هو التعارض؟ أنت تنتمي لعائلتك ولحيك ولقبيلتك ولطائفتك ولمدينتك وتنتمي للوطن وتنتمي للدين، وهذه الأشياء لا تتعارض، ولكن خلق التناقض بينها»، معتبراً أن هذه النقاشات تهدف لخلق التناقض نفسه، وهي متداولة الآن بشكل واسع وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع كل أسف نرى أن هناك من يتقبلها ويسوقها عن قناعة السذج وفي بعض الحالات بسوء النية، وأضاف:»أنا أفترض أن السذاجة هي العامل الأكبر في هذه الحالة، يريدون أن يفرقوا بين العروبة والإسلام ويفرقوا بين القرآن ولغته، ويفرقوا بين المسلم والمسيحي ويضربوا جوهر انتماء هذا المجتمع وهو الانتماء العربي الذي تكرس عبر السياق التاريخي».

وأضاف الرئيس الأسد: «النقطة الأولى حول سورية أن سورية هي بلد كان قبل الإسلام مسيحياً يتحدث السريانية، ويكتب بالسريانية وأتت الغزوات من الجنوب غزوات إسلامية عربية وأتت اللغة العربية لتلغي اللغة السريانية، الحقيقة الرد على هذا الكلام بسيط وسهل جداً، لأن الحقائق التاريخية تنسفه هم خلطوا بين ثلاثة أشياء ليست مرتبطة بالزمن مع بعضها البعض، العرب كعرق واللغة العربية والإسلام كدين، فالعرب موجودون في هذه المنطقة في بلاد الشام عشرة قرون قبل الميلاد، طبعاً أقول عشرة قرون لأنه أول مرة ذكر العربي بالوثائق أو بالمخطوطات الآشورية كان في القرن العاشر قبل الميلاد، أعتقد في عام 950 ق. م حسب ما هو مؤرخ، فالقبائل العربية أتت إلى تدمر في الألف الأول قبل الميلاد، وبالمناسبة العرب في ذلك الوقت عشرة قرون قبل الميلاد كانوا عرباً، ولكنهم كانوا يتحدثون اللغة الآرامية لأنها كانت اللغة السائدة، اللغة العالمية في تلك المنطقة، الشيء نفسه في تدمر كانت لديهم لغة قريبة من الآرامية ولديهم كتابة قريبة من الآرامية ولكنهم كانوا عرباً، الأنباط أتوا في بضع مئات.. بضعة قرون.. قبل الميلاد وهم قبائل عربية وسكنوا في جنوب بلاد الشام وكانوا يتحدثون العربية وعرقهم عربي ولكنهم يكتبون بالآرامية.. وبعدهم أتى الغساسنة.. كانوا مسيحيين عرباً سكنوا في جنوب بلاد الشام. وأيضاً كانوا يكتبون بالآرامية ويتحدثون اللغة العربية.. فاللغة شيء والعرق شيء كما نلاحظ والكتابة شيء آخر مختلف لا يمكن الربط بينهما.. وطبعاً كان هناك تفاعل بين اللغات أما عندما وصلت قريش إلى سورية فلا يمكن لقريش أن تقوم بغزو كل هذه المنطقة وتبني لأفرادها دولة من المحيط الأطلسي إلى مناطق في أواسط آسي، فهذا غير ممكن بحكم الحسابات البسيطة».

وشدّد الرئيس الأسد على أن هذه الدولة بنيت بأبناء هذه المنطقة، وهذا شيء محسوم، أما بالنسبة للغة فلن تأتي اللغة لكي تلغي لغة أخرى، فاللغة السريانية كانت اللغة المحكية ولم تكن لغة الكتابة، لغة الكتابة والدواوين واللغة الرسمية ولغة السياسة ولغة التجارة، كانت هي اللغة الإغريقية أي اليونانية وبقيت متداولة لسبعة قرون، وبعد إنشاء الدولة الأموية استمرت هذه اللغة رسمية حتى العام الخامس والستين للهجرة، أما اللغة السريانية فقد بقيت هي اللغة المحكية حتى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، وهذا يعني تقريباً سبعة قرون بعد مجيء الإسلام فلم يأت أحد ليلغي أحداً، «لا أتت قبيلة لكي تلغي أقواماً أصليين يعيشون في هذه المنطقة.. ولم تأت لغة لتلغي لغات.. لو منعت لألغيت بأقل من قرن من الزمان واستمرت كما تعرفون في مناطق في القلمون ومعلولا وغيرها يتحدثون هذه اللغة حتى هذا العصر».

وأشار الرئيس الأسد إلى أنه بالنسبة للغة العربية، فعندما نقول إنها استمرت فهذا من الطبيعي، لأنه عندما تأتي لغة مع دين ويسود هذا الدين، فمن الطبيعي أنه خلال فترة قصيرة ستصبح هذه اللغة هي اللغة السائدة، وهذا شيء بديهي، وهذه هي السياقات الطبيعية للأحداث عبر التاريخ، فسواد اللغة العربية لم يتم عبر الاحتلال ولم يتم عبر القمع ولا عبر الإقصاء بل كان سياقاً طبيعياً، أما القرآن السرياني فالبعض من المنظرين قال والمقالات التي نقرؤها تقول إن هناك مصطلحات سريانية في القرآن، وهذا يدل على أن القرآن هو أن النبي محمد قام باقتباس القرآن من روايات سريانية قديمة، وهذا الكلام أقل ما يقال عنه أنه كلام غبي جداً لسبب بسيط، لأن لغة أهل قريش وهي اللغة العربية الشمالية في شبه الجزيرة كانت أساساً على احتكاك، وكانت اللغات كلها تتفاعل مع بعضها، تتفاعل جغرافياً عندما يكونون في الزمن نفسه، أو تتوارث المصطلحات عندما تنقرض لغة وتبقى لغة، فكانت لغة أهل قريش اللغة الشمالية في ذلك الوقت، اللغة العدنانية فيها مزيج من السرياني، فيها مزيج من الكنعاني، والفينيقية في الساحل السوري، وكان فيها كلمات أكادية، وهي من أقدم الحضارات الموجودة في جنوب العراق ما بين النهرين، وأضاف:» القرآن أنزل بلغة هؤلاء القوم ومن الطبيعي أن تكون فيه مصطلحات سريانية وأكادية وحتى اللغة المحكية التي نتحدث بها اليوم سواء كانت الفصحى أو العامية فيها مصطلحات من إيبلا، فاللغات تتوارث ولو أنزل اليوم كتاب سماوي فسوف ينزل بهذه المصطلحات المتداولة التي عمرها قرون من الزمن فهذا الكلام أقل من أن يرد عليه».
ولفت الرئيس الأسد إلى أن عروبة الرسول لا داعي للرد عليها، لأن الرسول ينتمي لقريش فهو مضري وهو عربي قح، عرب عدنانيون، هذا الموضوع محسوم ولكن لا نستطيع أن نفصل الحديث عن عروبة الرسول عن الحديث عن عروبة القرآن عن الحديث عن عروبة سورة لأن هذه الأشياء تصل إلى نقطة واحدة أن المستهدف من كل هذه الطروحات هي فكرة العروبة، لماذا؟ لأن العروبة الآن هي العنصر الجامع بين كل هذه المكونات، القرآن عربي والرسول عربي وثقافة الدين عربية والمجتمع هو مجتمع عربي فلا بد أن نضرب العروبة لكي نفكك هذه العناصر وعندها يحل محل هذا العنصر الجامع العناصر التفريقية المختلفة.

وقال الرئيس الأسد: «تحدثت كثيراً عن القرآن وعن الدين والعروبة، هذا لا يعني أن يكون الدين هو دين عنصري هذا كلام محسوم لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولكن الدور مقصود، دور العروبة كدور مركزي في صلب هذه الثقافة، يعني لا يمكن أن نتخيل الدين الإسلامي من دون الدور المركزي للعرب، وهذا الكلام لم أسمعه من علماء عرب سمعته من علماء أتونا من شرق آسيا في مراحل مختلفة، وكانوا يقولون هذا الكلام بأننا لا نستطيع أن نتخيل الدين الإسلامي من دون المجتمع العربي وهذا هو الشيء الطبيعي لتأثير اللغة وتأثير الثقافة لذلك عندما نتحدث عن العروبة فنحن نتحدث عنها بالمعنى الحضاري وليس بالمعنى العرقي ولو كانت بالمعنى العرقي لما دافع عنها أحد، لا نعرف كم شخص في هذه القاعة هو ليس من عرق عربي ولكنه يدافع عن العروبة لأنها مرتبطة بالدين».

وأضاف الرئيس الأسد: «نحن نتحدث عن المعنى الحضاري بمعنى التنوع ونحن نقبل ليس بكل رحابة صدر بل بكل حماس أن نقول: إن هذا المعنى الحضاري فيه ثقافات متعددة وفيه أعراق متعددة وهذا دليل قوة ودليل غنى لكن أن نقبل هذا التنوع الثقافي والعرقي لا يعني أن نقبل التنوع الحضاري فهي حضارة واحدة لن نقبل بأن يأتي ويقول أحدهم بأن هذه المنطقة متنوعة فيها عدة حضارات، ليس فيها عدة حضارات فيها عدة ثقافات لذلك فالذي يجب أن يحسم موضوع العروبة، سورية وبلاد الشام والعالم العربي هو منطقة عربية بالهوية وستبقى ولكن إذا كان هناك من يعتقد أنه ببعض الخواطر على الإنترنت أو ببعض المقالات أو ببعض الدراسات أو ببعض الكتيبات أو ببعض المجلدات يستطيع أن يغير هوية شعب فهو خاطئ وهو واهم وهو ضال».

ونوّه الرئيس الأسد بدور المؤسسة الدينية العريقة، مؤسسة الأوقاف، في هذه الحرب تحديداً، وقال: «أستطيع أن أقول كما عادتي بعيداً عن المبالغات بأنكم كنتم رديفاً للجيش، وكلنا يعرف بأن الحرب التي استخدمت المصطلحات الدينية في سورية بدأت قبل الحرب العسكرية، وكان أملهم بأن الحالة الطائفية هي التي ستدفع الناس إلى حمل السلاح والقتال، ولكن عندما فشلوا قرروا أن يذهبوا باتجاه الإرهاب، فلذلك عندما أقول رديف للجيش فهذا الكلام دقيق، لأنه لو تخاذل الجيش لانتصر الإرهاب، ولو تخاذلت المؤسسة الدينية لانتصرت الفتنة، لذلك كانت الحرب عليكم كأشخاص وعليكم كمؤسسة حرباً شرسة جداً من قبل الطائفيين، ومن قبل المتعصبين ومن قبل الخونة، ولكن هذا شيء طبيعي، وهذا شهادة على الموقع الوطني والديني الصحيح لهذه المؤسسة، وأنا أعتقد أنه مع استمرار هذه الظروف إذا توقّف هذا الهجوم عليكم من قبل نفس هذه المجموعات عندها عليكم أن تقفوا أمام المرآة وتقولوا أين أخطأنا فلذلك يجب أن لا تنزعجوا فهذا دليل على صحة النهج الذي تسيرون فيه».

واعتبر الرئيس الأسد أن من يهاجم هذه المؤسسة انطلاقاً من الشك وليس من سوء النوايا، بأنه لا يعرف عن دور هذه المؤسسة في منع الفتنة والتقسيم، وهو لا يعرف عن دور هذه المؤسسة في منع الطائفية وفي منع التطرف، وفي تطهير المناطق التي تحررت من بقايا الفكر التكفيري المتخلف، لا يعرف عن الأشياء التي تقومون بها الآن بشكل مستمر، هو لا يعرف ماذا يعني أن تتمكن هذه المؤسسة في هذه الظروف القاسية وهي تحت ضغوط من كل الاتجاهات من أن تنجز تفسيراً عصرياً يتناسب مع تحديات العصر، ويشكل مرجعية جامعة لمختلف الطوائف الإسلامية ويشكل نقطة التقاء مع إخوتنا المسيحيين، هذا انجاز كبير جداً.

وختم الرئيس الأسد حديثه بالقول: «لا يعرف ماذا يعني ألا تتمكن دولة من تغيير قانون الأحوال الشخصية لأكثر من ستة عقود وتقوم هذه المؤسسة بتغييره في العام الماضي، طبعاً معروف أن قانون الأحوال الشخصية مرتبط بشكل وثيق بالدين، ولا يعرف ماذا يعني أن تنجز هذه المؤسسة قانون الأوقاف الذي تعرّض للهجوم في العام الماضي وهو كقانون مهم جداً من أجل مأسسة العمل الديني ومنع الحالات الفردية الشاذة من تعميم شذوذها على الوسط الديني، ولا يعرف في النهاية ما هو الفرق أو ماذا فعلت هذه المؤسسة أو ماذا يعني أن تتمكن هذه المؤسسة من منع الربط بين الدين وبين الخيانة الوطنية وتكريس أو تثبيت أنه لا يمكن للإنسان أن يكون مؤمناً حقيقياً وخائناً لوطنه بالوقت نفسه لكن قدركم أن تحملوا بالإضافة إلى المسؤولية الشرعية الكبيرة والجسيمة مسؤولية معالجة التراكمات التي تراكمت عبر القرون الماضية، من واجبكم أيضاً الحفاظ على بلاد الشام عامود الكتاب والأرض المباركة التي أحبها الرسول الكريم محمد صلى اللـه عليه وسلم، أتمنى لكم وللجميع كل التوفيق في خدمة وطننا والسلام عليكم وشكراً لكم للاستماع».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن