سورية

رجح أن يكون هدف التحالف الدولي إضعاف الجيش السوري… لافروف: عمليتنا العسكرية لا تعني التخلي عن العملية السياسية.. ودخلنا مرحلة حرجة تتمثل في توحيد الجهود ضد الإرهابيين

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا أن إطلاق العملية العسكرية الروسية في سورية لا يعني التخلي عن العملية السياسية لتسوية الأزمة في هذا البلد، مؤكداً أن جهود الحل دخلت «مرحلة حرجة» بعد الاقتراب من التوافق حول تمثيل المعارضة السورية في المفاوضات مع الحكومة، حيث يتمثل الهدف في توحيد جهود جميع الفاعلين من أجل مكافحة تنظيم داعش و«جبهة النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وذلك في انتقاد حاد لمواقف الائتلاف المعارض الذي اشترط وقف التدخل الروسي للمشاركة في العملية التي يقودها دي ميستورا.
وبدا لافروف متأكداً بأن جزءاً كبيراً من الأسلحة التي توردها الولايات المتحدة للمعارضة السورية يقع في أيدي الإرهابيين، مرجحاً أن يكون هدف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن هو «إضعاف» الجيش العربي السوري، ولاحظ أن جماعات من تحالف «القوى السورية الديمقراطية» والذي تأسس قبل أيام، وألقت له واشنطن أسلحة، سبق وتعاونت مع داعش. وأعرب عن استعداد موسكو للتنسيق مع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في سورية.
وغادر دي ميستورا إلى واشنطن بعد لقائه في موسكو كلاً من لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف كلاً على حدة.
وقال لافروف خلال لقائه المبعوث الأممي: «لقد أكدنا أكثر من مرة أن حملتنا، التي جاءت رداً على طلب الحكومة السورية، لا تعني نسيان العملية السياسية. على العكس، إننا نلاحظ أن دعم جهودكم يصبح أمراً أكثر إلحاحاً»، في إشارة إلى ما يبدو إلى مساعي دي ميستورا لتشكيل أربع مجموعات عمل من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، تدعمها مجموعة اتصال دولية إقليمية، من أجل التوصل إلى حل سياسي للازمة بالتوازي مع مكافحة الإرهاب.
وأردف رئيس الدبلوماسية الروسية قائلاً: «في الوقت الراهن، حين أصبح هناك توافق (حول تمثيل المعارضة السورية في المفاوضات مع دمشق) يلوح في الأفق، من يقول إن عملية سلاح الجو الروسي تعرقل العمل السياسي»، في إشارة إلى ما يبدو إلى الائتلاف المعارض الذي رفض المشاركة في مجموعات العمل بذريعة «العدوان الروسي».
لكن الوزير الروسي أعرب عن ثقته في أن «المراقبين الموضوعيين يرون بوضوح أن مثل هذا الربط (بين العملية السياسية والجهود الروسية لمكافحة الإرهاب) يحمل طابعاً اصطناعياً»، وعبر عن قلقه من محاولات بعض الأطراف عرقلة تشكيل جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب.
وأكد أن جهود تسوية الأزمة السورية دخلت «مرحلة حرجة»، مشدداً على أن «الهدف الرئيس في الوقت الراهن يتمثل في توحيد الجهود من أجل مكافحة الإرهابيين، تنظيمي داعش و«جبهة النصرة» والآخرين»، ونبه إلى أن الأطراف التي تسعى لعرقلة جهود تشكيل جبهة مكافحة الإرهاب، تستغل في جهودها هذه بعثة دي ميستورا، لافتاً إلى وضع شروط مسبقة جديدة باستمرار في طريق العملية السياسية في سورية. بدوره وصف دي ميستورا لقاءاته مع المسؤولين الروس بـ«المفيدة»، وكشف أن محادثاته في وزارة الخارجية الروسية تركزت على سبل إعطاء دفعة جديدة للعملية السياسية على المسار السوري، لافتاً إلى أنه سيتوجه إلى واشنطن لحث الجانب الأميركي على الانضمام إلى هذه الجهود أيضاً.
وشدد على استحالة تسوية النزاع في سورية وإطلاق العملية السياسية عن طريق التدخل العسكري.
ووصل دي ميستورا إلى موسكو، وفي نيته «تجنب التصعيد العسكري حتى لا يؤدي إلى نتائج خطيرة خاصة بين روسيا والولايات المتحدة وأيضاً دول الجوار»، وأكد أن التدخل الروسي في الصراع السوري خلق «ديناميات جديدة» زادت من الأهمية الملحة لإيجاد حل دبلوماسي أكثر من أي وقت مضى. واعتبر أن «الانتصار، على الإرهاب لن يتحقق سوى من خلال عملية سياسية موازية، وجامعة وتحويلية في إطار عمل إعلان جنيف».
في سياق منفصل علق وزير الخارجية الروسي على إنزال الطائرات الأميركية أسلحة لمسلحين شمال سورية، قائلاً: إن «بلاده لا تشك في أن جزءاً كبيراً من الأسلحة التي توردها واشنطن للمعارضة السورية يقع في أيدي الإرهابيين».
وفي مقابلة تلفزيونية اعتبر لافروف أن الحرب التي يشنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن على الإرهاب في سورية «غير حازمة»، ورجح أن يكون الهدف الوحيد وراء عمليات التحالف هو «إضعاف» الجيش السوري.
وفي تصريحات أخرى له بمؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الرواندية لويز موشيكيوابو عقده في وزارة الخارجية الروسية، كشف لافروف أن لدى روسيا تساؤلات كبيرة حول البرنامج الأميركي الجديد لدعم المعارضة في سورية، بما في ذلك إسقاط الذخيرة والعتاد من الجو في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضين، وتساءل قائلاً: «إلى أين ستذهب كل هذه الذخيرة، ألن تلحق بسيارات الـ«جيب» التي وقعت في أيدي داعش؟».
كما أشار إلى «خيبة أمل» روسيا من عجز الأميركيين حتى الآن، عن توحيد جميع الأطراف السورية المعنية في مكافحة الإرهاب. ولفت إلى أن «روسيا تؤكد دائماً انفتاحها على التنسيق مع المعارضة السورية الوطنية في سياق مكافحة الإرهاب، لكنها لم تتمكن بعد من إيجاد قوى مهتمة بالحفاظ على سورية موحدة وعلمانية لكي تعيش فيها كافة مكونات المجتمع الطائفية والإثنية في أمان»، وأضاف: «ولذلك نطلب منذ أيام، من شركائنا الغربيين المساعدة في فتح قنوات الاتصال بالمعارضة السورية المعتدلة، لكننا لم نتلق حتى الآن أي معلومات دقيقة بهذا الشأن».
وأضاف: «وعدونا (الغربيون) بالمساعدة، وفي البداية تحدثوا عن «الجيش الحر» لكنهم لم يقولوا من يمثله. أما الآن، فيتحدثون عن تحالف «قوى سورية الديمقراطية»»، وأضاف «درسنا قائمة المشاركين في هذا التحالف، ولاحظنا فيه تنظيمات سبق لها أن تعاونت مع داعش».
من جهة أخرى أكد الوزير الروسي استعداد بلاده لفتح قنوات اتصال مع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والتنسيق معها حول الوضع الإنساني في سورية وفي المناطق التي تجري فيها العملية الروسية. وذكَّر أن روسيا منذ بداية الأزمة السورية كانت تشجع جميع الأطراف على إعلان هدن إنسانية من أجل إيصال المساعدات إلى المتضررين وتخفيف معاناة المدنيين.
وتابع: إن الجانب الروسي عندما وافق على طلب الحكومة السورية وبدأ عمليته العسكرية بسورية، عرض على جميع الأطراف التنسيق في مختلف المجالات، بما في ذلك تحديد المناطق التي لا يجوز إجراء عمليات عسكرية فيها لأسباب إنسانية، لكنه لم يتلق حتى الآن رداً من الشركاء الغربيين.
(روسيا اليوم – سانا – رويترز)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن