سورية

المنطقة تمر في لحظة خطرة ولا بد أن تنجح غرفة عمليات بغداد لأن البديل انهيار المنطقة برمتها … الدليل: الأزمة السورية في فصلها الأخير والغرب مصدوم من التحرك الروسي

نعيم إبراهيم :

أكد المحلل الإستراتيجي في صحيفة «الأهرام» المصرية أسامة الدليل، أن المنطقة تمر في لحظة خطرة جداً تنكشف فيها الغطاءات عن كثير من الأمور التي فاحت رائحتها لا يمكن قبولها، معتبراً أننا «بالفعل في الفصل الأخير» للأزمة في سورية.
ورأى الدليل أن «المسألة في النهاية هي أن هناك استخداماً سياسياً للإرهاب من تحقيق مكاسب على الأرض في سورية واحد منها هو تغيير النظام بالقوة وأن باقي الأهداف تتعلق بتقسيم الأرض وبتدمير البلاد»، مشدداً على ضرورة أن تنجح غرفة عمليات بغداد لأن البديل الآخر هو انهيار المنطقة برمتها.
وفي حوار مع «الوطن»، أعرب الدليل عن اعتقاده بأن التحليلات التي ذهبت إلى القول بأن روسيا وقعت في الفخ الأميركي في سورية ليست صحيحة، وقال «سورية بلد عظيم، ورغم أن هناك حرباً بالوكالة تدور على أراضيها لكن لا يعني هذا أبدا أن روسيا قد تم استدراجها إلى فخ، والذي حدث هو انكشاف المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.. ستة أشهر من انتهاك القانون الدولي لأن تحالف أميركا غير مفوض من مجلس الأمن ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وعربدة للطيران الفرنسي وغيره.. هذا كله انكشف، وانكشف أكثر منه أنه خلال أيام قليلة تم إضعاف البنية التحتية للإرهاب الذي تم جلبه إلى سورية وتسليحه بما في ذلك مراكز التحكم والقيادة والذخيرة والسلاح في حين هم يلقون بالتعزيزات لداعش طوال ستة أشهر وهذا كلام تم كشفه في العراق أكثر من مرة ولكن طبعا الإعلام الغربي غطى عليه».
وبعد أن تساءل الدليل: هل لدى أميركا إستراتيجية حقيقية لمكافحة الإرهاب؟، قال هم أنفسهم يقولون «لا توجد لدينا إستراتيجية». وهم أنفسهم يعترفون سراً وجهراً وفي مراكز الأبحاث والدراسات وفي الصحف أنه لا توجد أي إستراتيجية للتعامل مع ملف الأزمة في سورية». وأضاف: «إذاً المسألة في النهاية هي أن هناك استخداماً سياسياً للإرهاب من تحقيق مكاسب على الأرض في سورية واحد منها هو تغيير النظام بالقوة في الجمهورية العربية السورية، وباقي الأهداف تتعلق بتقسيم الأرض وبتدمير البلاد».
ورأى الدليل أنه «لا أرى ميزاناً سوى الميدان، الكلام الذي على الأرض والتحركات على الأرض وليس الكلام الإعلامي الذي في الفضاء ولا يفيد»، لافتاً إلى أن الجيش العربي السوري «حقق إنجازات ضخمة جداً في الفترة الماضية وزاد الآن الدعم الروسي على هذه المجهودات من أجل القضاء على ظاهرة الإرهاب ومن ثم نتحدث بوضوح عما تريده الإرادة السورية- السورية وليس إرادة الآخرين، والشعب السوري لا يقبل إطلاقاً بديلاً من إرادته على أرضه مهما كانت التحديات».
وأوضح، أن التحالف الرباعي الذي شكلته موسكو كان «تحالفاً مدروساً وعاقلاً لأن الحرب على الإرهاب بالضرورة هي حرب معلومات على الأرض ومن ثم تم خلال عدد من الأيام توفير بنية استخباراتية جيدة ما أدى إلى تقليص قدرة الإرهاب وبالتالي بدأ ينحسر هذا الإرهاب وبدأ الإرهابيون يهربون إلى تركيا ومنها إلى أوروبا وهناك من راح يسلم السلاح وهذه معلومات موثقة».
وأضاف: «لذلك نحن اليوم أمام حل لمشكلة الإرهاب غير أن الحلف الآخر بقيادة واشنطن وأطراف إقليمية وللأسف أطراف عربية أيضاً لا يريدون أن يحدث هذا الحل، لأن الإرهاب هو أداة بأيدي كل هؤلاء اللاعبين من أجل تحقيق مكاسب على الأرض في سورية والهدف النهائي لهذه المكاسب هو تقسيم وتدمير سورية».
وانتقد الدليل التصريحات الغربية الرافضة للدور الروسي في سورية، وقال «إن الكثير من تصريحات القادة الغربيين وحتى الأتراك وغيرهم في الآونة الأخيرة أظهرت أن لديهم معلومات دقيقة عن تنظيم داعش وسلوكه وعن سلوك الكثير من الجماعات المسلحة التي تدربها المخابرات المركزية الأميركية على الأرض السورية وتسلحها أيضاً». وأضاف: «لقد انكشفوا من حيث لا يدرون. هم يتكلمون وكأنهم موجودون على الأرض يعرفون الإحداثيات والخرائط. وهنا أسأل إذا كان هؤلاء يعرفون هذه الإحداثيات والخرائط فلماذا لا يقضون على داعش. ومع ذلك يطالبون روسيا بأن تفعل كذا وألا تفعل كذا».
وتابع «نحن أمام مشهد عبثي وأنبه السوريين ألا يأخذوا ما يأتيهم من الغرب على محمل الجد فكل ما في الأمر هو أن هناك حالة صدمة لدى العواصم الغربية من التحرك الروسي وهذه الصدمة تخفي وراءها رعباً شديداً من عودة روسيا بقوة إلى الشرق الأوسط كما كانت حتى عام 1973 وأن أميركا تنسحب من المشهد وستطرد منه ونحن نعلم أن الإرهاب هو أداة للغرب للسيطرة على هذه المنطقة وعلى مقدراتها بعدما أشاعوا الفوضى في كل مكان. ولكني أتصور أن هذه الفوضى ستنتهي بمجرد إحراز النصر. ولذلك لا بد أن تنجح غرفة عمليات بغداد لأن البديل الآخر هو انهيار المنطقة برمتها.
وأوضح الدليل، أن الروس يفهمون أن الإرهاب شيء والانتقال السياسي في سورية شيء آخر يخص الشعب العربي السوري فقط، أما بالنسبة للغرب فهو يريد تغيير النظام السوري بالقوة وبجماعات موالية تدربها أجهزة المخابرات، «أي إنهم يسعون لحصول انتقال بموجب جماعات عميلة ومسلحة تسليحا غربيا، والبديل بالنسبة لأميركا وللغرب في سورية هو أنهم يريدون عملاء وجواسيس وخونة يحكمون دمشق، وهذا غير مقبول بموجب القانون الدولي وبموجب ميثاق الأمم المتحدة وغير مقبول في أي مكان بالعالم». وأضاف: «نحن في لحظة خطرة جداً تنكشف فيها الغطاءات عن كثير من الأمور التي رائحتها لا يمكن قبولها وأتصور أنه قد تم وضع حد لكل ذلك وأننا بالفعل في الفصل الأخير للأزمة في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن