رحيل الدبلوماسي والوزير السابق عبد الجبار الضحّاك … من العلم وإليه قضى حياته وقدّم مهامه الوطنية النبيلة
| إسماعيل مروة
من سلمية جاء، وسلمية المدينة المكتظة بالمبدعين والإشراقات، وهي لم تكتفِ بتصدير المبدعين والشعراء والقصاصين كالماغوط الذي ملأ الدنيا شعراً وضجيجاً وحركة دائبة، بل أنجبت سلمية قامات من الباحثين الجادين الذين تركوا أثراً كبيراً، والدكتور عبد الجبار الضحاك في مقدمة هؤلاء الباحثين الذين شهدت لهم الميادين التي اقتحموها، وشهدت لهم الحياة بمواقف دالة على الوطنية والقومية والترفع عن الصغائر.
قضى حياته بين أروقة الجامعات والمهام السياسية والإدارية التي كلف بها فقام بها على خير وجه وبقي نمووذجاً للرنسان المنتمي إلى وطنه في ذاته وعلمه وأسرته حتى أخر حياته.
الضحاك أستاذاً
في مطلع ستينيات القرن العشرين تخرج الشاب عبد الجبار الضحاك في جامعة دمشق باختصاص علمي دقيق هو علم الأحياء، واختياره للتخصص يدل على رغبته في البحث الجاد الذي يحتاج دأباً ومتابعة، وبسبب رغبته الشديدة في العلم لم يقتنع بما حصل عليه، وها هو يتابع دراسة علمية شاقة في مدينة غرينوبل الفرنسية، وفي مركز الدراسات النووية ليحصل على الدكتوراه بعد خمس سنوات من البحث المتواصل عام 1972 ليعود إلى دمشق وإلى عشقه العلمي في التدريس بجامعة دمشق، والذي بقي يقوم به حتى رحيله بكل إخلاص وتفانٍ.
الضحاك والمسؤولية
إن تخصص الضحاك ومواصفاته جعلاه قادراً على خدمة سورية في مواقع عديدة، ومن أهمها توليه وزارة النفط والثروة المعدنية 1980- 1984، فقام بمهامه على الوجه المطلوب الذي أبقاه في ذاكرة من عاصره في هذه المهمة.
وحين انتهت مهمته الوزارية عاد الضحاك إلى عشقه العلمي وتخصصه، فعاد إلى أروقة كلية العلوم في جامعة دمشق ليكون عميداً للكلية التي تخرج فيها 1989- 1990، ولكن انتدابه لمهمة وطنية مجدداً حال بينه وبين متابعة المهام العلمية.
الضحاك سفيراً
اختير الأستاذ الدكتور عبد الجبار الضحاك ليكون سفيراً لسورية في الجزائر، واستمر في أداء مهامه مدة تسع سنوات من 1990 إلى 1999، وشهد له السوريون الذين كانوا في الجزائر، وعمله كذلك على تفانيه في خدمة المصالح الوطنية، وعلى جعل العلاقات السورية الجزائرية في مستوى لائق من الأخوة الناجحة.
وبانتهاء مهامه عاد الدكتور الضحاك مجدداً إلى اختصاصه الذي أحبه، وإلى المكان الذي خرج منه، وهو الجامعة، وبقي يقوم بمهام التدريس في كلية العلوم بجامعة دمشق حتى أيامه الأخيرة ما يدلّ على تعلقه بالعلم والبحث.
الضحاك عضواً مراسلاً للمجمع
مجمع اللغة العربية في دمشق، مجمع الخالدين، الذي يضم خلاصة الخبرات، وخاصة في الاختصاصات العلمية، ومن الاختصاصات العلمية يختار العلماء، اختار المجمع الأستاذ الدكتور عبد الجبار الضحاك، وهو أستاذ العلوم عضواً مراسلاً في المجمع عام 2016 تمهيداً ليكون عضواً عاملاً، وهذا لا يكون لغير العلماء المتعمقين في ميادينهم، وسبق إلى المجمع الدكتور واثق شهيد من الكلية نفسها.. وقد قام الدكتور الضحاك رحمه الله بأنشطة عديدة في مجمع اللغة العربية، وألقى محاضرات عديدة.
قامت «الوطن» في حينها بمتابعتها، وكانت هذه المشاركات خلاصة تجارب الدكتور الضحاك العلمية والتعليمية والإدارية.
من أنشطته العلمية
مشاركات للدكتور الضحاك
– كتب جامعية مقررة في كلية العلوم بجامعة دمشق.
– الإشراف على عدد من رسائل الماجستير.
– الإشراف على عدد من رسائل الدكتوراه.
– بحوث علمية محكمة في دوريات علمية.
الضحاك وأسرته
انتمى الدكتور عبد الجبار الضحاك إلى أسرة علمية فهو باحث وأكاديمي وشقيقه الأديب عبد الرحمن الضحاك الذي عرف بالأدب والصحافة، وقدّم عدداً من الأعمال الدرامية في الإذاعة والتلفزيون، وكوّن أسرة علمية حصّلت أعلى المراتب في الطب والهندسة، وأعطى الجانب الدبلوماسي لابنه الوزير المستشار قصي الضحاك صاحب الجهود في وفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
ورحل الدكتور عبد الجبار الضحاك فجأة تاركاً حسرة ولوعة في قلوب أهله وأحبابه وزملائه وطلابه وكل من عرفه بسمو أخلاقه، «الوطن» تتوجه لسورية وأسرته بأخلص العزاء.