وقف «الاستيراد الاستفزازي».. والتوجه نحو إلزامية التأمين الصحي … لجنة الموازنة والحسابات تحت قبة «الشعب» توصي بضرورة رفع الرواتب والأجور … التوسع بإصدار سندات الخزينة كبديل للتمويل بالعجز
| محمد منار حميجو
أوصت لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب بضرورة العمل على رفع الرواتب والأجور للعاملين في الدولة خصوصاً أنه ورد في مشروع الموازنة زيادة في بند الرواتب والأجور بما يعادل 45 بالمئة مع التأكيد على ضرورة الحد من ارتفاع الأسعار المتتالي بما يتناسب مع الدخول كمرحلة أولى ومن ثم العمل على تخفيض الأسعار والتركيز على تشجيع الإنتاج لتوفير الاحتياجات وتخفيض التكاليف.
وبدأ مجلس الشعب أمس مناقشة تقرير لجنة الموازنة والحسابات حول مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021 بحضور وزير المالية كنان ياغي، فعلّق رئيس المجلس حموده صباغ الجلسة إلى ظهر اليوم لاستكمال مناقشة المشروع بعدما استمع المجلس لتقرير لجنة الموازنة والحسابات ومداخلات عدد من الأعضاء.
ونص التقرير الذي تلاه رئيس اللجنة محمد ربيع قلعه جي على العديد من التوصيات بدأها بتوصيات موجهة إلى مجلس الوزراء فشدد على ضرورة إعادة النظر بالاستجرار المركزي كونه لم يؤدِ الغرض المطلوب منه في تأمين احتياجات الجهات العامة (خاصة المشافي)، إضافة إلى عدم الاستفادة من تكلفة الفرصة الضائعة والخسائر المتحققة نتيجة تقلبات سعر الصرف مما يؤدي إلى زيادة الهدر نتيجة زيادة الأسعار وحجب الخدمة الطبية عن المواطن، علماً أن الهيئات العامة (المشافي) مشكّلة بموجب قوانين ومراسيم منحتها موازنات مستقلة إضافة إلى جميع الصلاحيات في الإنفاق.
ولفت التقرير إلى ضرورة البحث على مطارح ضريبية جديدة عن طريق تسهيل عملية الاستثمار بدلاً من زيادة الضريبة على نفس المطارح الضريبية التي باتت ترهق المواطنين، وإيقاف استيراد السلع الكمالية (الاستيراد الاستفزازي) الذي يستهلك موارد الدولة من القطع الأجنبي ويضعف من سعر الصرف.
وشدد التقرير على ضرورة تعديل نظام العقود الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004 والمرسوم رقم 450 كونه معرقل لتنفيذ الموازنة الاستثمارية في عدد كبير من مواده وخاصة المتعلقة بطرق وأساليب تأمين احتياجات القطاع العام، أو إحداث ملحق لهذا القانون في حال عدم إمكانية التعديل بما يتناسب مع ظروف الأزمات والحروب.
ودعا إلى إعادة النظر بالدعم وإظهار الأرقام الحقيقية والواقعية لأن الرقم الظاهر في مشروع الموازنة تم قبل قرارات رفع أسعار بعض المواد المدعومة مثل الخبز والمحروقات (بنزين- مازوت).
التقرير اعتبر أن مشروع البيان المالي بحاجة إلى إصلاح في النظام الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية بحيث يتم التركيز على ضريبة الأرباح الحقيقية أكثر من التركيز على ضريبة الدخل على الرواتب والأجور كذلك التحقق من التكاليف الضريبية لأصحاب الدخل المقطوع كونها تحقق موارد مالية كبيرة.
وأشار التقرير إلى ضرورة تعديل المرسوم رقم 48 لعام 2015 القاضي باقتطاع نسبة 10 بالمئة من التعويضات الدورية بما يتوافق مع المراسيم الأخيرة المتعلقة بزيادة التعويضات لبعض فئات العاملين.
وطالب التقرير بضرورة عقد اجتماعات دورية وبشكل ربع سنوي بين لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب مع الوزارات لبيان نسب إنجازها بحيث تقدم الوزارات نتائج أعمالها متضمنة نسب التنفيذ والأعمال المادية سواء كان ذلك للاعتمادات الاستثمارية أم الجارية بحيث يتم تخفيض اعتماد الوزارات التي لم تنفّد خططها وتصرف اعتماداتها، وإضافة اعتمادات للجهات المنفذة وذلك من خلال إجراء مناقلات ضمن الاعتمادات.
وأكد التقرير ضرورة عدم اللجوء إلى التمويل بالعجز والمقدر بموازنة عام 2021 بـ(2484) مليار ليرة وبنسبة 29 بالمئة من إجمالي اعتمادات الموازنة البالغة (8500) مليار واستبدال هذا الأسلوب بالتوسع بإصدار سندات الخزينة.
وطالب التقرير بضرورة تحريك أسعار الفائدة والسماح للمودعين بالقطع الأجنبي بالحصول على فوائد على ودائعهم وذلك بهدف توطين الودائع واستثمارها وطنياً، والعمل على زيادة التعويضات والمكافآت والحوافز كونها تساهم في تحسين الوضع المعيشي للعاملين ولا تؤثر في الأسعار بشكل مباشر، إضافة إلى منح تسهيلات ائتمانية ولوجستية وفنية للمستثمرين تشجيعاً لهم على العودة إلى الوطن، والاستفادة من هذه المشاريع في تشغيل اليد العاملة وزيادة الإنتاج.
وأشار التقرير إلى الإسراع بتثبيت العاملين المؤقتين المعينين بموجب عقود سنوية، واعتماد مبدأ الثواب والعقاب ومحاسبة ومساءلة المقصرين القائمين على تنفيذ العمل في مختلف المفاصل التنفيذية، مشدداً على ضرورة توزيع الاعتمادات الاستثمارية المخصصة لإعادة الإعمار والبالغة 50 مليار ليرة على الوزارات المعنية وحسب إمكانية الوزارة على التنفيذ، لأن هذه المبالغ ترصد منذ عدة سنوات ولا يتم صرفها كونها لا تتبع وزارة بذاتها، ما يؤدي إلى عدم الاستفادة منها وفقدان قيمتها الشرائية.
توصيات تخص «الإدارة المحلية» و«العدل»
وأوصت اللجنة في تقريرها بدعم وزارة الإدارة المحلية والبيئة وخاصة موازنات المحافظات بالمبالغ التي تساعدها في أداء عملها مثل دمشق وحلب وحمص وزيادة اعتمادات الموازنة الاستثمارية للمدن العمالية من خلال المناقلات أثناء التنفيذ، إضافة إلى الإسراع بإصدار القانون المالي لأنه يساهم في تحسين تنفيذ الموازنة الاستثمارية.
وفيما يتعلق بوزارة العدل طالبت اللجنة في تقريرها بإحداث غرفة لمحكمة الإرهاب والنقض في مراكز المناطق الشمالية والوسطى، والإسراع بتجهيز قصور العدل في المحافظات، مشيراً إلى اعتماد وثيقة تثبيت للنقابة المختصة فيما يخص لجان الخبراء (مثلاً وثيقة انتساب لنقابة المهن المالية والمحاسبة لخبراء المحاسبة).
وأشار التقرير إلى ضرورة اعتماد تفعيل أتمتة العمل القضائي في الوزارة الذي توقف خلال الفترة الماضية لما له أهمية في تسريع العمل وتخفيف الهدر والفساد.
وفي مجال الصحة دعا التقرير إلى التوجه نحو إلزامية التأمين الصحي ما يؤدي إلى توفر الخدمة من دون تحمل المواطن أعباء الاستشفاء المرتفعة، لافتاً إلى ضرورة الإسراع بإصلاح محطات التوليد الكهربائية المتوقفة وخاصة محطة حلب الحرارية.
«التعليم العالي» و«التربية»
ودعت اللجنة إلى زيادة الاعتمادات الاستثمارية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي نظراً لأهمية دعم المشاريع الاستثمارية والحاجة إلى بناء كليات ومشاف ومدن جامعية في الجامعات المحدثة، ودعوة الحكومة مجتمعة إلى اجتماع مع المجلس من أجل مناقشة آلية التوريد للجهات العامة ومعوقات تنفيذ القانون رقم 51، إضافة إلى رصد التمويل اللازم لاستكمال أعمال التجهيز في المشفى الجامعي لجامعة البعث والبالغ 1,6 مليار ليرة كون الاعتماد مرصوداً ضمن الموازنة، وإضافة الاعتمادات اللازمة لوضعه في الخدمة، وإضافة الاعتمادات اللازمة لتعزيز الأجهزة الطبية في المشافي الجامعية مثل (أجهزة القسطرة- المسرع الخطي- أجهزة تصوير الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري).
وفيما يخص وزارة التربية طالب التقرير بزيادة اعتمادات وزارة التربية من الاعتمادات الاحتياطية كونها غير كافية لتأمين استقرار واستمرار العملية التربوية في مختلف المحافظات.
أما في مجال وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فشدد التقرير على ضرورة إعادة هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وإعادة ارتباط بعض المؤسسات بوزارة الاقتصاد مثل المصارف والمؤسسة العامة للتبغ والمؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان.
ودعا إلى وجود تعداد حقيقي للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر من قبل المكتب المركزي للإحصاء كون إحصاء هذه المشروعات يساعد على قوننة هذه المشاريع ووضع إجراءات سليمة لترخيصها ووضع آليات لتمويلها ومساعدتها في تسويق منتجاتها.
التقرير طالب بالإسراع بتنفيذ وإعادة تفعيل المنطقة الحرة في حلب وإحداث منطقة حرة في البوكمال كونها تشكل رديفاً أساسياً للإيرادات في الموازنة العامة للدولة وتحسن من الواقع الاقتصادي للمواطن، إضافة إلى ضرورة إعادة تفعيل الملحقين التجاريين في البعثات الدبلوماسية كون هذه الملحقيات تساهم في زيادة حجم الاتفاقيات التجارية، كما تساهم في التعريف والتسويق بالمنتجات السورية ومجالس رجال الأعمال.
وفيما يتعلق بالتوصيات الخاصة بوزارة الأشغال العامة والإسكان دعت اللجنة إلى ضرورة تعديل القانون رقم 15 لعام 2008 الخاص بالتطوير العقاري وإصدار القرارات اللازمة التي تسمح للجمعيات السكنية بالاقتراض من المصارف الخاصة لاستكمال مشاريعها كونها تساهم في تحقيق استقرار المواطنين واستثمار الأموال المودعة لدى المصارف بالطريقة الأمثل إضافة إلى توزيع الأراضي للجمعيات السكنية وبأسعار رمزية ما يسهم في خفض قيمة العقارات.
توصيات خاصة بـ«النفط»
وشدد التقرير على ضرورة تعديل قانون الحراج لعام 2018 بخصوص عدم الاستفادة من الثروات في مناطق الحراج بسبب وجود بعض المواد في القانون تمنع استثمار مناطق الحراج بحوالي 1000متر حول الشجرة، وبالتالي لا يمكن الاستفادة من هذه الثروات في هذه المناطق، وإلغاء لجان المحروقات في المحافظات لأنها معرقل لتنفيذ خطط الوزارة في توزيع المحروقات.
«الشؤون الاجتماعية والعمل»
ووضعت اللجنة في تقـريرها بعض التوصيات الخاصة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فدعا إلى إعادة النظـــر في عــدد وواقــع الجمعيــات الخيــرية نظراً لازديادها بشكل كبير جداً خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى ضرورة الإسراع بتحويــل حصــة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتمــاعيــة لدى الوزارات والمؤسسات والشركات والبالغة نسبتها 24,1 بالمئة، إضافة إلى تسديد هذه الجهات للديون المتراكمة عليها والتي تبلــغ 217 مليــار ليرة ما يــؤدي إلى فوات المنفعة على المؤسسة نتيجة عدم استثمار هذه الأموال.
وفيما يتعلق بوزارة المالية طالب التقرير برفع قيمة بوليصة التأمين الصحي للعاملين في القطاع العام الإداري من أجل الحفاظ على مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين وتحويل حصة التأمينات الاجتماعية من القطاع الإداري فوراً عن طريق وزارة المالية لأن رواتب العاملين تحول من قبلهم.
ورأت اللجنة في تقريرها أن هناك الكثير من المخالفات الخاصة بالإجراءات والبرامج التنفيذية في القطاعات المختلفة التي ذكرتها الحكومة في بيانها المالي الخاص بمعالجة الأضرار وتخفيف الآثار السلبية لقانون قيصر، موضحاً أن قانون قيصر بدأ تطبيقه في السابع عشر من الشهر السادس من العام الحالي أي في نهاية النصف الأول من هذا العام وبالتالي لا أثر سلبياً لهذا القانون على أعمال ونتائج النصف الأول كما ورد في البيان.
وأكد التقرير أن السلع الكمالية مازالت منتشرة في الأسواق بشكل كبير على حساب السلع الأساسية إضافة إلى توقف العديد من منشآت القطاع العام الصناعية نتيجة تعرضها للتخريب أو التدمير أو السرقة كما أنه يتناقض مع البند الثالث المتعلق بترشيد الاستيراد وتشجيع الإنتاج المحلي واستقرار الأسعار.
وأشار التقرير إلى ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بشكل كبير في الأسواق نتيجة عدم الاهتمام بهذه الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار الأعلاف خلال النصف الأول من العام الحالي وهذا يتناقض فيما يتعلق بتقديم الدعم اللازم لمربي الدواجن وتأمين مستلزمات الإنتاج.
وأشار التقرير إلى ورود خطأ في البيان المالي حول قيمة العجز فالبيان ذكر أن العجز هو 3484 مليار ليرة في حين هو في الواقع 2484 مليار ليرة، مؤكداً أن أهم مصادر تمويل العجز هو الإيرادات الضريبية والتوسع في إصدار سندات الخزينة.