شؤون محلية

أخت الرجال.. امتهنت جلي وتلميع البلاط … سيدة من ريف طرطوس لـ«الوطن»: حرموني من تعويض العمال المتضررين من كورونا

| طرطوس - سناء الأسعد

أجبرتها الحياة لأن تكون ضحية لظروفها الصعبة والقاسية ولتقضي ثمانية عشر عاماً من عمرها بتفاصيل العذاب المر والشقاء المتواصل. حالة استثنائية لم يتعود عليها مجتمعنا، مؤلمة ومحزنة لكن عظمتها تتفوق على ذلك الجانب المؤلم بل تدعونا للفخر بها لأنها حالة مناضلة ومكافحة لم تستسلم لشعور الهزيمة والوحدة لأن شعور الأمومة والواجب المقدس تجاه أولادها كان الأقوى من أي شعور.
هي امرأة من ريف طرطوس قرية الطواحين جار عليها الزمن فاختارت مواجهته بطريقتها الخاصة متحدية كل الصعاب مثبتة أن المرأة قادرة في كل زمان ومكان وأنها تستطيع صنع المستحيل في زمن العجائب والمفاجآت.. منال عبد الرحمن تعرض زوجها العسكري في عام 2002 لحادثة أصابته بعجز وشلل حركي في الجزء الأيسر من جسده كما أنه يعاني من خثرة في دماغه منعت الأطباء من إجراء عمل جراحي له خوفاً من أن يصاب بشلل كامل.
وفي تصريح خاص بينت فيه منال عبد الرحمن لـ«الوطن» أنها بعد هذه الحادثة وجدت نفسها وحيدة مع أربعة أولاد «ثلاث بنات وصبي» واضطرت للوقوف وراء مكنة ثقيلة تحتاج إلى جهد بدني مضاعف لا يلائم طبيعة جسد المرآة وقواها البدنية لتجلي وتلمع البلاط، مضيفة: إنها على هذه الحالة منذ سبع سنوات وتعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الرابعة عصراً مقابل أجر قدره 5000 ليرة سورية فقط لتعود إلى بيتها منهكة من التعب ومحرومة من أي وقت تخصصه لنفسها.
ولأن الوضع المعيشي صعب جداً فإن أولادها الأربعة لم يكملوا تعليمهم رأفة بحال أمهم العاجزة عن تحمل تلك الأعباء.
وتعتبر منال أن اللـه منحها هذه الطاقة والحيوية لتمارس هذه المهنة الشاقة تعويضاً عما خسرته في حياتها، مضيفة: إنها جربت مهناً كثيرة فقامت بجبل الطين وتقديمه لمعلمي الإكساء من الخارج، وعملت في فرن للمناقيش لكن الأجر لم يكن يكفيها حتى لشراء ليتر زيت واحد، فبدأت بمسح كمخة الجلي وبدأت بتعلم الصنعة تدريجياً، وتقول: بعد شهرين صرت أمسك الجلاية وصرت أستلمها لساعات وبعدها لأيام حتى صرت أستلم ورشة كاملة.
تتابع: في عام 2017 أجرى معي التلفزيون السوري في محافظة طرطوس لقاء للحديث عن تجربتي وبعدها دُعيت من الاتحاد العام لنقابات العمال للتكريم في دمشق بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لتأسيس الاتحاد العام لنقابات العمال واحتفاء بيوم المرأة العالمي وعيد الأم، وكرمتني حينها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وقدمت لي شهادة تكريم ومبلغاً مالياً قدره (50000) ألف ليرة، وعندما سألوني عن مطلبي طلبت أن يتم تأمين فرصة عمل لي في جهة حكومية بمنطقتنا ووعدوني لكن الوعود ذهبت أدراج الرياح ولم يسأل عني أحد بعدها وأصبحت قصتي طي النسيان.
مضيفة: كنت سعيدة جداً بقرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والقاضي بصرف منحة بدل تعطل لمرة واحدة للعمال المتضررين بفعل إجراءات مواجهة فيروس كورونا المستجد والبالغة قيمتها 100 ألف ليرة سورية لكل عامل من العمال المياومين والموسميين والتي تشمل العمال في قطاع البناء، ورغم الأوراق الثبوتية التي قدمتها والتي تثبت ممارستي للمهنة وتأكد لجنة الكشف التي أتت إلى مكان عملي من صحة ما أقول إلا أنهم حرموني من التعويض ولم أقبض منه شيئاً رغم حصول زملائي الباقين عليه، والحجة كانت أن المرأة مستثناة من أعمال البناء فتقدمت بشكوى خطية للمحافظ ولم أتلق الرد حتى الآن، كما إنني خاطبت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بكتاب رسمي من خلال صحيفة «الوطن» ومازلت أنتظر قرارها، وها أنا اليوم أعود لأشكو حالتي عبر منبركم وأنا كلي أمل أن أجد آذاناً صاغية تقدر تعبي وجهدي كل هذه السنوات والحالة المزرية التي أعيشها أنا وأولادي مع أبيهم العاجز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن