ثقافة وفن

معرض الخريف السنوي في خان أسعد باشا … أسماء شابة وتجارب جديدة وغياب للمشاهير في الفن التشكيلي

| سوسن صيداوي – تصوير طارق السعدوني

زاد ألق وجمالية خان أسعد باشا في دمشق، احتضانه لأعمال تشكيلية تعود لـ150 فناناً شاركوا بتجاربهم وإبداعهم في معرض الخريف السنوي المقام برعاية وزارة الثقافة.
صخب الألوان والأسلوبية المتباينة بحسب المدارس الفنية التي ينتمي إليها الفنانون، والواضحة بالأعمال المختلفة الأحجام، إضافة إلى المنحوتات المعروضة، وغابت- بصورة مدروسة- أسماء فنية كبيرة في الساحة التشكيلية اعتاد الجمهور أن يتابع أعمالها في مناسبة مماثلة، إذ تم عرض أعمال لمجموعة من الشباب الموهوبين في الساحة التشكيلية، وقد نُسبت أعمالهم- حسب آراء بعض النقاد- إلى تقليد التجارب التشكيلية العالمية والمعروفة.

الوزارة مرحّبة

المبادرة من وزارة الثقافة حسنة وغايتها التشجيع برغم كل الضغوطات المحيطة، ولكن الحركة التشكيلية السورية اليوم تحتاج دعماً أكبر مع ارتفاع أسعار المواد التي يحتاجها التشكيلي في إبداعه، وخصوصاً أن الترويج لبيع المنتج نحو العالم بلغ من الصعوبة أو الاستحالة في الكثير من الأماكن.
ولكن نعود للمبادرة ولنقل كلمة حق بأن فيها من التشجيع اللطيف لأهل التشكيل، كي يشعروا بعودة نبض الحياة من خلال عرض المنتج للجمهور، الذي يجب أن يوسع ذائقته بالمتابعة، وعلى الخصوص في معرض الخريف الحالي، الذي غيّب أسماء فنانين لهم باع طويل في التشكيل السوري، بل احتضن فئة من الشباب في دعوة كي يشتدّ عودهم بعرضهم للوحاتهم إلى جانب أساتذتهم، وهذا ما شددت عليه وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح في تصريحها للصحفيين قائلة: «آخر معرض للخريف كنت حضرته منذ خمس سنوات تقريباً، ولكنني في الحقيقة فوجئت بكثرة الأعمال وتنوعها، إضافة إلى تنوع الأعمار، فعادة معرض الخريف يضم فنانين أعمارهم تفوق الأربعين، على حين في معرض الخريف الحالي نحن أمام خريجين من الشباب يشاركون الكبار ولا يقلّون عنهم عطاء وجمالاً وإبداعاً. سررت جداً لما رأيت وأتمنى أن يزور هذا المعرض الكثيرون ليقتنوا من لوحاته، فالفنان التشكيلي اليوم بحاجة كي تقتنى لوحاته، فهو لا يستطيع أن يرسم فقط وأن يحتفظ بما يرسم لنفسه، فهو يرسم أيضاً ليعيش، وبالتالي أنا أشجع الجميع كي يأتوا أولاً لتذوق جمال الأعمال المعروضة، وثانياً لتشجيع المشاركين من الفنانين التشكيليين».

من أسماء الكبار

انطلاقاً من واجبه شارك الفنان التشكيلي جورج عشي بعرضه لعمل واحد، مشترطاً عدم البيع، لكونه يحضّر لمعرضه الفردي خلال الفترة القريبة القادمة، وفي البداية تحدث عن لوحته مشيراً إلى أن كل ما يرسمه يعود إلى ذكريات طفولته، وبتصويره للطربوش لفت إلى أنه يتذكر به والده، معبراً عن امتنانه له لكونه هو من رباه وسنده في خياراته الفنية في الموسيقا أو الرسم، وفي خياراته الأدبية في الشعر.
وعن المعرض أضاف التشكيلي جورج عشي: «معرض الخريف في دورته الحالية ليس على مستوى تمثيل الفن التشكيلي السوري المعاصر، وأن غياب بعض الفنانين السوريين المعاصرين أثّر على مستوى المعرض، فهو لم يقنعني. كما وأتمنى في السنوات القادمة وبرعاية وزارة الثقافة بأن تكون الأمور أفضل، من حيث العرض ومن حيث سعر اللوحات المعروضة، فللأسف لا يمكننا المقارنة بين تكلفة اللوحة وبين السعر المحدد من الوزارة، فالمبلغ زهيد جداً ولا يمكنه أن يغطي تكاليف سعر الألوان المطلوبة، وفي الختام أحب أن ألفت الانتباه إلى أمر مهم جداً وهو أن الأعمال النحتية هي أهم بكثير من الأعمال التشكيلية، وهذا أمر مفرح جداً».

القيمة الجمالية

تصورات وأفكار الفنان على منتجه العيني سواء أكان لوحة أم منحوتة يعكس القيمة الجمالية، التي تلخص مجموعة هواجسه وأفكاره وأحلامه… إلخ، ولكن عن القيمة الجمالية للأعمال التي شاركت بمعرض الخريف، حدثنا الناقد والفنان التشكيلي عمار حسن مؤكداً بأن القيمة الجمالية تنطلق من الوعي الجمالي: «بما أن كلاً من الوعي والقيمة الجمالية هما في مستويات، لهذا أرى أن القيمة الجمالية في الكثير من الأعمال لم تصلني، كقيمة جمالية أستطيع الارتباط معها، هذا من جهة ومن جهة أخرى أضيف بأن تصورات الفنان لم أتمكن من التواصل معها، وبالمحصلة قلّة من الأعمال التي استطعت تذوقها أو الاتصال معها، ولكن وبالمقابل يجدر القول بأن هناك بعضاً من الأعمال التي تمتعت بقيمة جمالية عالية سواء من جهة حداثة اللوحة أم لجهة المعنى أو الشكل اللذين طرحهما فنانون آخرون كقيمة جمالية، ولكن للأسف لم يوفقوا بالطرح.
في الختام ألخص ما رأيت، القيمة الجمالية للأعمال متفاوتة وهي لم تصل إلى الوعي والرؤية الجمالية للتشكيلي، والتي هي الغاية لوجود الفن بذاته».

اجتهادات مبشّرة

الأعمال التي اجتمعت في معرض الخريف السنوي، هي ليست وليدة اللحظة، بل هي استمرار لخبرات وإبداعات وتجارب لفنانين، وهذا ما أشار إليه الفنان التشكيلي والناقد أكسم طلّاع في حديثه لـ«الوطـن»، معبراً عن سعادته بوجود بعض التجارب من الجيل الشاب والتي فيها من الاجتهاد الإبداعي المبشّر، الإبداع الحاضر في معرض الخريف ما هو إلا استمرار للسنوات السابقة، رغم أن التحول بطيء مقارنة بإيقاع الحياة الأسرع، وهذا الأمر بطبيعته ينعكس على الفن التشكيلي ولكن مهما اجتهد رواده فقلما يواكبون ما هو على الأرض، وبالطبع كلامي هذا لا يعني بأنه من متطلبات اللوحة بأن تكون مرآة تعكس بأمانة ما يدور في الواقع، هذا من جهة ومن جهة أخرى لاحظت من قراءاتي للأعمال المعروضة، أن هناك ما هو مبشّر باجتهادات بعض الشباب، لكنها وللأسف الشديد لم تخرج عن دائرة تقليد الآخر، والذي ساعدهم في ذلك وأنا أعتبره من الذكاء، هو انفتاح العالم على الإنترنت والفيسبوك، الذي مكّن الفنانين من الاطلاع والتقاط تجارب الآخرين والقيام بنسخها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن