حذّر الدول العربية من أن الخطر التركي يؤثر في الأمن القومي العربي … المقداد: الطريق مفتوح أمام الاحتلال الأميركي الآن إذا أراد الانسحاب بشرف وكرامة
| الوطن
دعا وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد الإدارة الأميركية الجديدة إلى سحب قواتها المحتلة من سورية لأن وجودها غير شرعي، وقال: إذا أرادت الإدارة الأميركية أن تنسحب بشرف وكرامة من سورية، فالطريق مفتوح أمامها الآن، وعليها ألا تتأخر في ذلك، مؤكداً أن المقاومة الشعبية في شمال شرق البلاد ستتكفل بإبعاد الأوهام والأحلام الشيطانية الأميركية، ولافتاً إلى أن الخطر التركي واقع ويؤثر في الأمن القومي العربي.
وشدد المقداد على أن إسرائيل عليها أن تحسب ألف حساب بأنها غير قادرة على العيش في هذه المنطقة بأمان وسلام طالما لم تعد الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران إلى وطنه الأم سورية، وحتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية.
وأنهى المقداد زيارةً رسميةً إلى روسيا على رأس وفد رفيع المستوى،استمرت أربعة أيام، واعتبر في حديث مع قناة «روسيا اليوم» خلال برنامج «نيوز ميكر» أن من يعطي بعداً سياسياً لترتيب زيارته إلى طهران أولاً، وموسكو ثانياً، إنما يريد أن يسيء إلى العلاقات السورية-الإيرانية، والعلاقات السورية- الروسية.
وقال: «نحن حلفاء في سورية مع إيران، ومع الاتحاد الروسي، وكذلك نشعر أن الأصدقاء الإيرانيين يؤكدون دائماً أن العلاقة مع روسيا الاتحادية يجب أن تكون قوية، لذلك يجب ألا يقرأ أحد خارج السطور الصحيحة».
وأكد المقداد، أن التعاون الروسي- السوري يأخذ مداه فيما يتعلق بكل مرحلة وخصوصياتها، والآن هناك جهد كبير تم بذله خلال الأسابيع القليلة الماضية في هذا الاتجاه، وأن العلاقات السورية الروسية مستمرة وتتعامل مع كل مرحلة بخصوصياتها، وعلى هذا الأساس نحن نولي العلاقات السورية- الروسية الاهتمام الأكبر وخاصة أن بعض الدول تقوم بفرض إجراءات قسرية أحادية الجانب، أدت بشكل أساسي إلى تجويع الشعب السوري، وإلى حرمانه من المستلزمات الأساسية للحياة.
كما أكد، أن بعض هذه الدول عندما تدعي بأنها تساعد الشعب السوري فهي تكذب، لأن الشعب السوري لا يعاني إلا نتيجة هذه الإجراءات القسرية أحادية الجانب، التي تضر الشعب السوري ولا تضر أحداً غيره.
وأشار المقداد إلى أن المساعدات التي ترسلها روسيا وإيران إلى سورية لم تتوقف، على الرغم من كل الإجراءات القسرية التي اتخذتها الإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية لتجويع شعب سورية، ولإنكار الحياة عليه، وإيذاء الأطفال وإقفال المدارس ودفع الشعب السوري إلى مواقف لم يعتد عليها، مؤكداً أن الشعب السوري يفهم أن من يحاربه هي الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب.
ورداً على سؤال إن تم خلال زيارته بحث التنسيق العسكري الروسي- الأميركي حول سورية، قال المقداد: «أعتقد لا يوجد تنسيق عسكري روسي- أميركي، هناك بعض الخطوات التي تمت بهدف منع الاصطدام وهذا شيء طبيعي، لكن من المعروف أن القوات العسكرية الروسية تدعم الجمهورية العربية السورية، وهنالك تضحيات كبيرة يبذلها الجيش الروسي دفاعاً عن سورية، ودعماً لسيادتها وحريتها واستقلالها، لذلك لا يمكن أن نتحدث عن تعاون روسي- أميركي عسكري في هذا المجال.
وأضاف: ندعو إلى انسحاب القوات الأميركية من سورية، وليس إلى أي نوع من التعاون بين القوات العسكرية… وإذا أرادت الإدارة الأميركية أن تنسحب بشرف وكرامة من سورية، فالطريق مفتوح أمامها والآن، وعليها ألا تتأخر في ذلك، (لأن) المقاومة الشعبية في الشمال الشرقي موجودة وهي التي ستتكفل بإبعاد هذه الأوهام والأحلام الشيطانية الأميركية، سواء للقيادة الراحلة، أم أي أوهام للقيادة القادمة.
وتابع: المهم أن تنسحب الولايات المتحدة لأن قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية تحرمان عليها الوجود على الأرض السورية من دون دعوة من قيادة وحكومة الجمهورية العربية السورية».
وأوضح المقداد أنه من الأفضل للإدارة الأميركية الجديدة ولسمعة الولايات المتحدة أن تنسحب من الأراضي السورية، لأن وجودها غير شرعي، وأن ما يسمى «الربيع العربي» كان ربيعاً أسود، وليس أخضر، لا على المنطقة العربية ولا على العالم. كان كل هذا الربيع إرهاباً، ودعماً لفئات متدينة متطرفة، وقتلاً في كل أنحاء العالم، متسائلاً: ماذا ستعيد إدارة الرئيس جو بايدن من هذه الأشياء؟ ومعتبراً أنها أمام خيارين، إما أن تنسحب وتوقف أي دعم لهذه القوى الإرهابية المسلحة وتحترم سيادة الدول، وأن تحترم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بسورية من جهة والمتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية، أو أنها ستواجه مصيراً واجهته في مناطق أخرى من أنحاء العالم لا تقبل النيل من كرامتها واستقلالها وسيادتها.
وبين المقداد رداً على سؤال إن كان هناك اتصالات مع الإدارة الأميركية الجديدة سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة، أنه لا توجد أي اتصالات، مشددا على أنه يجب على الولايات المتحدة أن تجري جردة محاسبة ومراجعة سياساتها الخرقاء غير المقبولة في العالم، والتي تسيء أولاً للولايات المتحدة قبل أن تسيء إلى أي شعب آخر، وبعد ذلك لكل حادث حديث.
وحول تصريح المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري بشأن الوجود الإيراني في سورية قال المقداد: «إذا كان الوجود الإيراني على الأراضي الأميركية فيحق للولايات المتحدة أن تناقش ذلك، لكن أن تناقش الوجود الإيراني على الأراضي السورية، وهو وجود مشروع وبناء على طلب من الحكومة السورية، وهو وجود متواضع عبارة عن مستشارين، فلماذا تطرح الولايات المتحدة هذه المشاكل، وما الخطر الذي يشكله هذا الوجود على المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، نحن نأمل أن تعالج الولايات المتحدة هذه الجوانب المتعلقة بالسياسات الإقليمية بطريقة أكثر عقلانية، وبعيدة عن استفزاز الآخرين، بما في ذلك سورية ودول عربية أخرى، وليس الدفاع فقط عن المصالح الإسرائيلية، بهدف احتفاظ الاحتلال الإسرائيلي بالأراضي العربية ولدعم هذا الاحتلال كما قامت إدارة دونالد ترامب بذلك.
وأكد المقداد أن الولايات المتحدة تحتاج إلى جهد كبير لتحسين صورتها في المنطقة، وعليها أن تقوم بذلك اليوم قبل الغد.
وجدد المقداد التزام سورية بقرارات القمم العربية، وبالحل الذي طرحته الدول العربية لحل القضية الفلسطينية من خلال الانسحاب الإسرائيلي التام من الأراضي العربية المحتلة، وقال: «لن نسمح بأن تخلق أوضاع جديدة نتحارب فيها كعرب وبعد ذلك تكون إسرائيل هي المنتصر الوحيد في مثل هذه المواجهات، ويجب أن نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على أي تضامن عربي ممكن لمواجهة هذه الخطط، وأعتقد أن جميع الدول العربية ستكون متضررة إذا تمكنت إسرائيل من الاستفراد بها، وفرض شروطها عليها من خلال الدعم الأميركي الذي نراه.
وأضاف: يبدو أن إدارة ترامب كانت مهتمة بتطبيع علاقة إسرائيل مع بعض الدول العربية أكثر من اهتماماتها بالانتخابات الأميركية، لذلك نراها متورطة الآن في الانتخابات ونتائجها، أكثر من البعد الدولي للاتفاقيات التي تمت مع بعض الدول في المرحلة الأخيرة.
وأوضح المقداد، أن إسرائيل ومن يدعمها تتوهم بقدرتها على الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، لافتاً إلى انتفاضة أهلنا في الجولان السوري ووقوفهم ضد مشروع المراوح الهوائية الضخمة.
ولفت إلى أن أهلنا في الجولان تمكنوا من مواجهة المشروع الإسرائيلي وبتضامن كامل مع وطنهم الأم، وتضامن دولي، مشيراً إلى أن المجتمع الدول مازال يعترف بالقرار 497 الذي اعتمده مجلس الأمن عام 1981، ومازلنا في الأمم المتحدة والجمعية العامة نعتمده في كل عام، وكذلك الدعم العالمي لسورية في استعادة أرضها المحتلة مازال قويا، والدعم العالمي للقضية الفلسطينية مازال في أوجه.
وأضاف: «لذلك على إسرائيل أن تحسب ألف حساب بأنها غير قادرة على العيش في هذه المنطقة بأمان وسلام طالما لم تعد الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران إلى وطنها الأم سورية، وحتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية.
وأوضح المقداد، أنه ليس طبيعياً أن تمنع البضائع السورية من الوصول إلى أسواق الخليج، وليس طبيعياً أن تمنع البضائع الخليجية من الوصول إلى الأسواق السورية وغيرها، لكن الضغوط التي تمارسها أميركا وأدواتها في الاتحاد الأوروبي، والشروط التي تضعها على هذه الدول بمعاقبتها من خلال ما يسمى «قانون قيصر»، هي التي تمنع مثل هكذا أمور.
وشدد على أن المهم ألا نصغي إلى مثل هذه القوانين ويجب كسرها، فعندما ترى الولايات المتحدة أن قوانينها لا يمكن تطبيقها على دول مثل روسيا والصين والدول العربية والإفريقية والآسيوية فإن هذه القوانين تصبح بلا قيمة، والمهم أن تكون هناك مواجهة، لأنه في حال السماح باستمرار تلك القوانين فلن تنجو منها ولو دولة واحدة في العالم.
وأكد المقداد رفض سورية مثل هذه المحاولات والقوانين الأميركية وعدم الاعتراف بها حتى ولو كان ذلك في مصلحتها لأن سيادة سورية واستقلالها وحرية قرارها تملي عليها عدم مقاطعة أشقائها وأصدقائها والخضوع لإرادات ما وراء الأطلسي من أجل إراحة أميركا، وهذا شيء لا يقبل به القانون الدولي، ولا تقبل به دول العالم.
وشدد المقداد على أن الخطر التركي واضح وجلي، ويتمثل في دعم الحكومة القائمة في أنقرة للإخوان المسلمين والقوى المتطرفة وتنظيم داعش الإرهابي والقوى الانفصالية، والتطرف في البلدان العربية.
وأكد أن الخطر التركي يشكل تهديدا للأمن القومي العربي وعلى الدول العربية أن تكون منتبهة إلى هذا العدو الذي يحاول الانتشار، ويستفيد من علاقته ببعض الدول العربية لتقسيم وتجزئة الموقف العربي، لكي تستفيد تركيا من ضعف الموقف العربي ولتصل إلى كل قطر عربي وتغيير النظام فيه من خلال ما تريد إيجاده من بدائل تتعلق بشكل أساسي بالإخوان المسلمين، لذلك على كل بلد عربي أن يكون حذراً من ذلك، ومن مغبة الاستمرار بالتعامل مع الحكومة التركية الحالية، موضحاً أن علاقة سورية مع الشعب التركي كانت طيبة، غير أن الحكومة التركية تحولت إلى حكومة متطرفة متحالفة مع داعش والإخوان المسلمين، وتحتل جزءا من الأراضي السورية وتهدد الأمن الوطني والأمن القومي لكل الدول العربية ويجب أن ننتبه إلى ذلك قبل فوات الأوان.
وأشار المقداد إلى أن العلاقات بين النظام التركي وكل من إيران والاتحاد الروسي لن تكون على حساب ومصلحة الشعب السوري، وسورية تثق بأن الأصدقاء في موسكو وفي طهران يتحدثون إلى الدولة التركية لوقف انتهاكها للأراضي السورية، وتعاملها مع القوى المتطرفة، ودفعها للانسحاب من كل الأراضي السورية.
وأكد أن المماطلة التركية في الانسحاب من كل الأراضي السورية سينعكس سلباً على الدولة التركية بالذات، والمخاطر التي تواجهها سورية من الحركات الانفصالية يؤثر في كلا البلدين، مبدياً استغرابه من قيام الحكومة التركية بالاستمرار في متابعة مثل هذا النهج بالرغم من معرفتها للمخاطر التي قد تواجهها هي مستقبلاً على حساب مصالح الشعب التركي، وعلى حساب وحدة تركيا وسلامة أراضيها.