ثقافة وفن

بعد فوزه بجائزة الدولة ميساك باغبودريان لـ«الوطن»: نحن بحاجة إلى إستراتيجية حكومية تنصف الموسيقيين

| سوسن صيداوي

بناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2012 القاضي بإحداث جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية، في مجالات الآداب والفنون للمبدعين والمفكرين والفنانين، وتقديراً للعطاء الإبداعي والفكري والفني، منحت وزارة الثقافة جائزة الدولة التشجيعية للعام 2020 للسادة: الشاعر منير محمد خلف في مجال الأدب، المايسترو ميساك نوبار باغبودريان في مجال الفنون، الدكتور عادل محمد داود في مجال النقد والدراسات والترجمة.

هذا ويمنح كل فائز من الفائزين الثلاثة المحددة أسماؤهم مبلغاً وقدره خمسمئة ألف ليرة سورية وميدالية تذكارية مع براءتها، وسيتم الاحتفال بالفائزين وتسليمهم الجوائز في موعد يحدد لاحقاً.
اليوم وفي حوار «الوطـن» مع المايسترو ميساك باغبودريان، عبّر عن سعادته لحصوله على الجائزة لكونه الموسيقي الأول الفائز بها، مشدداً على أهمية هكذا تكريمات للموسيقيين لكونهم جنود الظل، وقلة من الجمهور المهتم بالتعرف عليهم أو يقدّر أعمالهم، بالمقابل رغم الاهتمام الكبير بمجالات الفنون الأخرى كالتمثيل والدراما والغناء، وخصوصاً أن تضحيات الموسيقيين كبيرة لإيصال الإبداع الراقي للجمهور كي يتلذذ به مترقياً بشخصه وأفكاره وأحلامه كإنسان، هذا وأثار المايسترو خلال الحوار نقاطاً أخرى سنتوقف عندها تباعاً.

بداية ما الذي دفعكم لتقديم الطلب للترشح للجائزة؟

في شهر تشرين الثاني كنت في اجتماع مجلس المعهد العالي للموسيقا وضمن الأحاديث الجانبية كان هناك حديث حول الجائزة التقديرية وأثناء النقاش ذكر أحد الزملاء الجائزة التشجيعية وأنه لم يسبق أن تقدم إليها أي موسيقي أكاديمي فقمت بعملية بحث على صفحة وزارة الثقافة واطلعت على شروط تقديم طلب الترشيح وبدأتُ بتحضير الملفات اللازمة حيث جهزت تسجيلات فيديو من عدة حفلات سواء في سورية أو خارجها إضافة إلى السيرة الذاتية المفصلة وأودعت الطلب في آخر يوم من الوقت المتاح لتقديم الطلبات. والهدف الأساسي من تقديم طلبي هو تسليط الضوء على الموسيقا والموسيقيين وخاصة ضمن الظروف الصعبة التي عشناها وما زلنا نعيشها إضافة إلى رغبتي في تشجيع الموسيقيين في التقدم لهذه الجائزة والتي أعتبرها دليلاً على أن الدولة السورية مهتمة بالثقافة والعاملين في مجال الثقافة.

كيف تلقيتم نبأ الفوز بالجائزة؟

أثناء التحضير للحفل الموسيقي الذي تم تقديمه في دار الأوبرا بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس المعهد العالي للموسيقا وأثناء قيامي بتدريب كورال المعهد العالي للموسيقا، تلقيت عدة اتصالات من أصدقاء في وزارة الثقافة إضافة إلى العديد من الرسائل وعند الانتهاء من التدريب، عرفت سبب الاتصالات والرسائل وكنت سعيد جداً.

ماذا يعني لكم منح هذه الجائزة التشجيعية في مجال الموسيقا؟

لسنوات طويلة عمل الموسيقيون الأكاديميون السوريون في الظل وبالرغم من الاهتمام الكبير بقطاعات فنية أخرى مثل الدراما والممثلين السوريين إلا أن الموسيقيين الأكاديميين لم يحصلوا على الاهتمام الذي يستحقونه على الرغم من إنجازاتهم العديدة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. وكان وسام الاستحقاق الذي حصل عليه أستاذنا الراحل صلحي الوادي، من التكريمات النادرة للموسيقيين الأكاديميين في سورية، وبالتالي أرى أن هذه الجائزة خطوة مهمة في عودة الاهتمام بالموسيقا والموسيقيين في بلدنا خاصة مع التضحيات الكبيرة التي يقدمها هؤلاء للحفاظ على المستوى الموسيقي العالي الذي عهدناه وفي تنشئة جيل جديد يحمل رسالة الموسيقا والثقافة.

من التسمية، الجائزة تشجيعية ولا يتماشى المبلغ مع الظرف الضاغط، ولكن بالمقابل حسن التقدير بالاختيار إلى أين سيدفعكم في التطوير بمجالكم؟

أقول نيابة عن زملائي الموسيقيين الأكاديميين، لو كنا نبحث عن المردود المادي لكنا اخترنا حتماً مجالاً مهنياً مختلفاً. لقد تعلمنا أن الموسيقا رسالة إنسانية اجتماعية ثقافية وتتطلب تضحيات كبيرة واخترنا العمل في هذا المجال إيماناً منا بهذه الرسالة وبالتالي أود أن أتوجه بالشكر أولاً للجنة التقييم التي اختارت ملفي، ولوزارة الثقافة التي قررت منحي الجائزة فهي رسالة مهمة لنا لنستمر في الطريق الذي اخترناه، فهذه الرسالة تجعلنا نعلم أننا لسنا وحيدين في هذا الطريق. كما أنني أتوجه بالامتنان والتقدير لكل زملائي الموسيقيين الأكاديميين في سورية والذين يقدمون التضحيات الكبيرة في سبيل نشر الثقافة الموسيقية في المجتمع وتهيئة أجيال موسيقية جديدة تحمل هذه الرسالة للمستقبل.

وأخيراً، برأيكم الواقع الثقافي السوري كيف سيكون حاله بمواجهة الضغوطات العالمية والمحلية وما رسالتكم للمحافظة على هويتنا الثقافية السورية؟

إن الواقع الموسيقي الحالي في سورية هو نتيجة عمل جيل بذل كل الجهود لتأسيس المعاهد الموسيقية والحياة الموسيقية الأكاديمية على الرغم من كل الصعوبات والظروف الصعبة التي عاشوها خاصة الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فالمسؤولية أصبحت أكبر مع الظروف الصعبة التي عشناها أثناء الحرب وما تبعها من حصار دولي إضافة إلى جائحة كورونا وبالتالي ما نعيشه اليوم هو صراع صعب ومتعب خاصة بعد أن توضح أن أحد أسباب الحرب هو القضاء على الهوية الثقافية والحضارية لسورية وبالتالي خيارنا الوحيد هو الاستمرار في العطاء والتضحية ونشر الثقافة الموسيقية لتبقى حضارتنا مستمرة ولتبقى ثقافة الحياة أقوى من ثقافة الموت والتدمير. وبالتالي، نحن بحاجة إلى إستراتيجية حكومية تنصف الموسيقيين لنتمكن من الحفاظ على الحياة الموسيقية الثقافية بالمستوى اللائق لحضارتنا وهويتنا الثقافية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن