سورية

دمشق تؤبّن عميد دبلوماسيتها في أربعين رحيله.. والمشاركون: كان دبلوماسياً ورجل حكومة ومدافعاً عن سورية وقضايا أمته وحقوقها … الرئيس الأسد يمنح الراحل وليد المعلم وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة

| منذر عيد

منح الرئيس بشار الأسد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين السابق الراحل وليد المعلم، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، وذلك في حفل تأبين أقيم للراحل بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته.
ومثل الرئيس بشار الأسد في حفل التأبين الذي أقيم مساء أمس، في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، وسط حضور رسمي ودبلوماسي وشعبي، وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، الذي قدم الوسام في ختام حفل التأبين لعائلة الراحل.
كما حضر الحفل عدد من أعضاء القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي ونائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية وأعضاء الجبهة وعدد من الوزراء، إضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشعب والعلماء ورجال الدين والفكر والثقافة والفن والصحافة السوريين والعرب وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بدمشق.
وأشادت الكلمات التي ألقيت في الحفل، بمناقب الفقيد، وحسّه الوطني العالي، مؤكدة أنه كان إنساناً مفاوضاً وكاتباً وصاحب عصف ذهني لا يتوقف.. حاد الذكاء والذاكرة إلى جانب دماثته وقدرته على زرع الابتسامة على وجه كل من عرفه.
وبينت الكلمات أن المعلم كان رجلاً وحدوياً وعروبياً بامتياز، مدافعاً عن سورية وقضايا أمته وحقوقها في جميع المحافل الدولية، إضافة إلى تمتعه بالحنكة والمسؤولية العالية والثبات والحزم في المواقف، وكان دبلوماسياً ورجل حكومة، وحريصاً على وحدة سورية أرضاً وشعباً، حيث استطاع أن يفشل ما حضّر المتآمرون على سورية وما خططوه لسلكها الدبلوماسي فخابت آمالهم.
وتخلل حفل التأبين عرض فيلم وثائقي عن سيرة حياة الراحل المعلم ومواقفه الوطنية في المحافل الدولية وشهادات الزملاء في وزارة الخارجية والمغتربين وعدد من السفراء العاملين في دمشق، كما عمدت الصفحات الرسمية لوزارة الخارجية والمغتربين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى نقل بث حي ومباشر عن وقائع حفل التأبين.

المقداد في حفل تأبين الراحل وليد المعلم: أديت الأمانة وأوصلت الرسالة وبقيت صامداً قولاً وفعلاً

قال وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، في كلمة ألقاها خلال حفل تأبين أقامته الوزارة بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم: «لا أقف اليوم كعادتي لإلقاء بيان سياسي أو للحديث بمسائل تتعلق بعمل وزارة الخارجية والمغتربين والأوضاع العامة في سورية كما تعودنا سابقاً، أرى أنني في وضع لا أحسد عليه، فأنا أمامكم أقف حزيناً تخرج كلماتي بتأثر عميق».
وأضاف: «اسمحوا لي أن أقول إن ما فقدناه في وزارة الخارجية، وفي بلدنا الغالي كان واحداً ممن أحببناهم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني، وكل ما تحمله أرضنا الخيرة من خيرات وجمال، وكل ما تحمله المشاعر الطيبة من صدق وإخلاص».
وأوضح المقداد، أنه «لم تكن اللحظات الفاصلة بين لقائي مع فقيدنا الراحل وليد المعلم ووداعه طويلة، بل كانت في سياق العمل والمواظبة على تقديم الأفضل لبلدنا وصوناً للرسالة التي سعينا جميعاً لحمل شعلتها على مختلف الصعد والمستويات».
وأضاف: «لقد كان الراحل المعلم قدوة في الإيمان بقضايا أمته وواعياً لمجمل التحديات التي يواجهها الوطن، ويذكر كل الذين عملوا في وزارة الخارجية والمغتربين منذ ستينيات القرن الماضي أن نسمة ناعمة وجميلة قد مرت على هذه الوزارة، وحدّثني كل من عمل مع الراحل عن ساعات العمل الطويلة التي قضوها معا في مكاتب السفارات في إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة دفاعا عن مصالح الوطن وقضاياه العادلة وفي أحلك الظروف»، مشيراً إلى أن السفراء لم يسمعوا في مكاتبهم صوتاً زاجراً ناهياً بل كلاما تعطره أزهار الأدب والاحترام والتقدير والمحبة وهي كانت الأجواء الطبيعية التي عمل بها الراحل، حيث كان إنساناً يحترم زملاءه ويقدره صغيرهم قبل كبيرهم وكانوا يبادلونه ذات المحبة والتقدير.
وأوضح المقداد، أن الراحل المعلم كان الإنسان المفاوض والكاتب ومولد الأفكار وصاحب العصف الذهني الذي لا يتوقف وكان حاد الذكاء وصاحب الذاكرة التي لا تخونه وصاحب النكتة التي كانت تزرع الابتسامة على وجه كل من عرفه.
وقال: «أود الحديث عن صاحبه الدائم، وكنت أسأله عن هذا الصاحب، فكان يشير إلى «سيكارته» وعندما كنت أستغرب عن هذا الصاحب، كان يأتيني الجواب مع ضحكة بريئة ناعمة: لقد تصاحبت مع هذه «السيكارة» قبل خمسين عاماً فكيف لا أكون وفياً مع هذا الصاحب».
وأضاف: «اليوم يأتي إليك أصدقاؤك من كل صوب ليعبروا عن محبتهم ويقولوا بصوت عال لك: إنك أديت الأمانة وأوصلت الرسالة وإنك بقيت صامداً قولاً وفعلاً مدافعاً إلى جانب زملائك في وزارة الخارجية والمغتربين وخلف قيادة سيد الوطن الرئيس بشار الأسد في أحلك اللحظات وأكثرها تجهماً، ومما يعزينا أنك شهدت لحظة تحرير وطننا من الإرهابيين والقتلة، فبعد تحرير حلب التي نشهد ذكراها الرابعة اليوم لم تعد سورية كما كانت وهذا ما قاله الرئيس بشار الأسد، بل عادت سورية التي تريدها ونريدها جميعاً، سورية المزهوة بما أنجزه جيشها العظيم في غوطة دمشق وفي البادية وفي تدمر ودير الزور وحمص واللاذقية وحماة ودرعا والقنيطرة والسويداء وفي كل قرية حررها هذا الجيش وحلفاؤه الذين صمدوا معنا وقاتلوا بدمائهم الزكية فوق كل ذرة تراب من تراب الوطن المقدس».
وتابع: «لن أنسى يا فقيدنا الغالي حلمك الكبير عندما كنت تحدثنا عن معاركنا القادمة لتحقيق النصر النهائي على الإرهاب وإزالة الاحتلال التركي عن إدلب الحبيبة، ولن ننسى أحلامنا المشتركة عندما كنا نتحدث عن تحرير الحسكة والرقة ومخيم الركبان من الأميركي المحتل لأرضنا ومعه العميل الصغير المتحالف معه الذي يقطع المياه لأيام وأسابيع عن أهلنا في الحسكة، ولن ننسى أحلامنا المشتركة لتحرير الجولان الحبيب من دنس الاحتلال الإسرائيلي».
وأردف المقداد قائلاً: «نحن أبناء هذا الوطن الغالي لن تغفل لنا عين طالما بقيت أجزاء غالية من الوطن لا تخضع لقدم الضابط والجندي العربي السوري».
ولفت المقداد إلى أنه كثيراً ما يتحدث البعض عن الدور الكبير لوزراء الخارجية في الجهد الوطني الشامل لاستعادة سورية لسيادتها وعزتها، لكننا نؤكد دائماً أن ما يحقق هذه العزة والكرامة ويدفع الثمن هو ذلك الجيش جيشنا العظيم الذي سطر أروع البطولات وأنه لولا هذا الجيش وقائده لما أحسسنا بعزتنا وتاريخنا غداً وأملنا المتجدد.
وقال: «إذا كانت قوى البغي والعدوان في الغرب تعتقد أن دعمها للإرهاب وابتداعها لأكثر أساليب الشر والخبث لتدمير سورية ودورها وحضارتها وانجازات شعبها وتجويع شعبها سيكون أمراً سهلاً فإنها مخطئة».
وتساءل المقداد: ألا يكفي هذه الدول التي تآمرت على سورية وقدمت للإرهابيين كل أشكال الدعم بما في ذلك مئات المليارات من الدولارات، لتكمل نهجها العدواني من خلال فرض ذلك بإجراءات قسرية أحادية لتجويع شعبنا؟
ورأى أنه إذا كانت تلك الدول تعتقد أنها قادرة على حرف انتباه شعبنا وقائده عن هدفهم فإنهم يركضون خلف سراب ومن يركض خلف السراب هو في الحقيقة واهم ولن يجد بين يديه في نهاية المطاف سوى الأوهام والسراب.
وقال: «نحن سائرون بكل ثقة وحزم ودعم لا يتراجع من قبل أصدقائنا في الاتحاد الروسي وفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأشقائنا في حزب اللـه وكل الدول والقوى السياسية المحبة للسلام في هذا العالم، وهم من المؤمنين بالرسالة الطاهرة التي تحملها سورية عل عاتقها وتدفع ثمنها غالياً نحو الانتصار، وهذا هو ما أسس له قائدنا الرئيس بشار الأسد ونفذه عملياً المرحوم وليد المعلم».
وأضاف: «ليفهم أعداء سورية أنه لا مجال أمام السوريين وأقول كل السوريين لأن الأدوات الرخيصة والعميلة لم تكن من عداد الشعوب ولا من عداد السوريين، إلا الصمود والانتصار».
وختم المقداد كلمته قائلاً: «أقول لروحك الطاهرة يا أبا طارق إننا نتابع المسيرة ولا مجال للعودة للخلف والتراجع لخطوة واحدة وإننا بقيادة الرئيس بشار الأسد لا خيار لنا ولا أماناً سوى الانتصار أو الانتصار أو الانتصار».

سوسان: كان مؤمناً بانتصار سورية الحتمي

أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان في تصريح صحفي على هامش حفل التأبين أن الحزن كبير، وسورية ولّادة وباقية، والمعلم ترك جيشاً بهذا الحس الوطني، والمواقف الشجاعة، وسيستمر على نفس النهج حتى انتصار سورية، لأن هذه كانت قناعات وليد المعلم بأن سورية منتصرة لا محالة لإيمانه بعدالة قضية بلاده، وعدم مشروعية الحرب الظالمة التي فرضت عليها.
وبيّن سوسان أن حفل التأبين هو للتعبير عن التقدير لهذا الإنسان العظيم من أجل سورية، ولاستذكار هذا الإرث الوطني، ولنقل جميعاً كعهد منا إننا باقون على هذا الدرب وهذا النهج بقيادة الرئيس بشار الأسد.
وأشار سوسان إلى أن فقدان المعلم ليس فقداناً للوزير فقط، وإنما هو فقدان للأخ والأب والصديق والزميل، كاشفاً أن الراحل طلب القيام بجولة صباح يوم رحيله إلى قاسيون حيث كانت وداعاً له لدمشق.

شعبان: خسارة كبيرة فقدان المعلم لكنه ترك دبلوماسيين مهيأين وقادرين على حمل راية سورية

قالت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان لـ«الوطن»: إن الراحل المرحوم المعلم حمل قضية بلاده إلى معظم أنحاء العالم، وكان مواطناً وابناً باراً لسورية، بذل كل ما في وسعه ليدافع عن قضاياها، وليحمل رايتها سواء في الأمم المتحدة أو في عملية السلام، أو في أمكنة أخرى كثيرة.
وشددت شعبان على أن فقدان المعلم خسارة لسورية، لكنه ترك وراءه وزارة خارجية مملوءة بالدبلوماسيين المهيأين، القادرين على الاستمرار في هذه المسيرة، وعلى حمل راية البلاد، إلى الانتصار.

سفير الفاتيكان: المعلم كان دبلوماسياً ورجل حكومة

قال سفير الفاتيكان عميد السلك الدبلوماسي بدمشق الكاردينال ماريو زيناري في كلمة له خلال الحفل: إن الوزير المعلم كان دبلوماسياً ورجل حكومة قادراً على الدفاع عن قضية وطنه وخاصة خلال سنوات الحرب التي تعرضت لها سورية مستذكراً موقفه خلال مؤتمر جنيف حول مباحثات السلام عام 2014 عندما قاطعه رئيس الجلسة من أجل الوقت المخصص فأجابه المعلم. أنا حضرت إلى هنا من بعيد لأدعم بلدي وأكمل كلمته حتى النهاية.
وأضاف الكاردينال زيناري: «إن الوزير الراحل كان مثالاً للدبلوماسيين المخلصين لبلدهم معرباً عن أمله بأن تستعيد سورية دورها المهم إقليمياً ودولياً وتتابع عملية إعادة الإعمار داعياً كل المهجرين للعودة إلى بلدهم ومضاعفة الجهود من قبل المجتمع الدولي للمساعدة في إحلال السلام في سورية عبر الدبلوماسية ومن خلال الحوار.

دخل الله: المعلم استنبط مدرسة دبلوماسية نالت شهرة وتميّزاً عند الأصدقاء

قال عضو القيادة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام مهدي دخل اللـه في كلمة الحزب إن كلمة الراحل المعلم لوزير خارجية أميركا جون كيري في كلمته أمام المؤتمر الدولي حول سورية المنعقد في سويسرا عام 2014: «لا أحد في العالم.. سيد كيري.. له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريين أنفسهم»، يجب أن نعلمها لأولادنا في المدارس، لأنها ليست مجرد كلمات، إنها مقولة، والمقولة في المنطق هي معنى الجوهر، وسورية تبني على الجوهر موقفاً ثابتاً ندفع ثمنه غالياً بكل فخر، لأنه أقل من ثمن الذل والعار المنتشر حولنا، وما يعطي هذه المقولة أهمية استثنائية، هو المقام الذي قيلت فيه، مقام فريد من نوعه، في وجه الممثل الأول للقطب الأوحد، وفي أصعب الظروف الدولية.
وأضاف دخل الله: هي صرخة بعثية، وطنية، وعروبية تغرف شجاعتها من معين الأمين العام للحزب القائد المنتصر في أعظم حروب التاريخ على الإطلاق سيادة الرئيس بشار الأسد.
وقال دخل الله: «امتلك المعلم أدوات متميزة للتعبير عن نهج القائد الأسد، المتشبع بالشجاعة الحكيمة، والحكمة المقدامة، ومن لدن المدرسة الفكرية والسياسية لهذا القائد، استنبط المعلم مدرسة دبلوماسية نالت شهرة وتميزاً عند الأصدقاء والأعداء، إنها الدبلوماسية الصلبة– المرنة، الجادة- الساخرة، الصعبة- السهلة، المحُتَرمة- المُحتَرِمة، المبدئية- الواقعية، الواثقة– الحوارية، الساخنة- الباردة، العنيدة– المتفاهمة وليست المتفهة، والأهم أنها دبلوماسية وطنية وعروبية وإنسانية».
وبين دخل اللـه أن عزاء آل الفقيد، أن الوطن كله يقاسمهم العزاء، وأن قيادة حزب البعث، وقواعده في أرجاء الوطن كافة يشاركونهم العزاء، موضحاً أن المعلم كان كادراً بعثياً متميزاً، وهو فقيد الجميع، مشدداً على أن سورية الأم ولادة.

أصدقاء الفقيد: كان واثقاً أن سورية ستنتصر وأن العدوان سيندحر عاجلاً أو آجلاً

قال وزير الخارجية اللبناني الأسبق عدنان منصور في كلمة له باسم أصدقاء الفقيد: «فارس الدبلوماسية العربية والسورية ترجل ورحل بعيداً عنا، هو وليد المعلم الذي كنت أتابع مسيرته الدبلوماسية قبل أن ألتقيه، وأتعرف عليه عن قرب، وأتعرف عن كثب حقيقة جوهره، ومعدنه الأصيل وخلقه الرفيع، أثناء اجتماعاتنا واتصالاتنا، حيث وجدت فيه أخاً عزيزاً، ورجلاً وطنياً صادقاً عروبياً قومياً وحدوياً بامتياز مدافعاً بكل قوة دون هوادة في المحافل العربية والدولية عن سورية ورسالتها وقائدها وشعبها، وعن قضايا أمته وحقوقها».

وأضاف منصور لقد عاشت سورية في قلب المعلم، وأدار سياستها الخارجية في أحلك الأوقات، وأقسى الظروف بحنكة ومسؤولية عالية وهي تواجه وتتصدى لقوى الإرهاب في الداخل ومؤامرات قوى الهيمنة والاستبداد من الخارج، واعتداءات العدو الصهيوني وحلفائه وعملائه في المنطقة.

وبيّن منصور أنه وأمام هذه التحديات الكبيرة كان المعلم بدبلوماسيته اللافتة وخبرته الواسعة ثابتاً على المبدأ لا يلين ولا يضعف ولا يهادن، في المؤتمرات الدولية كان جرئياً بحق يقول كلمته بمسؤولية عالية، وهدوء قل نظيره، وبأسلوب وأداء راق، لا يعرف غضباً أو توتراً أو انفعالاً أو تهوراً، وهو يجسد فيها ثوابت ومواقف سورية، وصمود شعبها وصلابة قائدها، وعزيمة جيشها وتضحياته.

وقال منصور لقد عكس المعلم الوجه الدبلواسي لبلده، يدافع عن مبادئه حتى الرمق الأخير من حياته، لا يتزحزح عن خطه الوطني، ولا يكترث لمبتز، رغم كل المغريات التي لجأ إليها قراصنة العالم، قتلة الشعوب من أجل حمل أبناء السلك الدبلوماسي في الداخل والخارج كي ينحرفوا عن مساره وينشقوا عن دولتهم ورئيسها، متابعاً: كان أعداء سورية كثر يتابعون يراقبون يسجلون باهتمام كبير المسيرة الدبلوماسية السورية وهي تشهد تطورات الأوضاع فيها، حيث كانوا يتوقعون وينتظرون واهمين، ويراهنون على تفكك الجسم الدبلوماسي السوري، فكان وليد المعلم حريصاً كل الحرص على وحدته وهو الذي يعرف مسبقاً إيمان أعضاء السلك الدبلوماسي بوطنهم ورسوخ عقيدتهم وصلابة انتمائهم للأرض والبلد الذي يمثلونه.
وبيّن منصور أن المعلم استطاع بخبرته ودرايته وتوجيهاته وحثه الكبير أن يُفشل ما حضّر له المتآمرون على سورية، وما خططوه لسلكها الدبلوماسي، فخابت آمالهم ما جعل السلك الدبلوماسي السوري يثير دهشة المراقبين له ويفرض احترامه على العدو قبل الصديق، حيث بقيت الدبلوماسية السورية علامة فارقة تشد الأنظار إليها رغم كل ما واجهها من مصاعب وتحديات وضغوط لتبقى متماسكة، موحدة الهدف والصف تتكلم بلغة وطنية واحدة تعبّر عن موقف غير قادر على المساومة وهو الانتماء الوطني والقومي، الذي لا ينفصل عن قدر سورية الذي جعلها أن تكون قلب العروبة ونبضه، وقلعة المشرق لا تنحني ولا ترضخ لأي عقوبة أو ابتزاز أو تهويل.

وشدد منصور على أن المعلم كان واثقاً من أن سورية ستنتصر وإن طال الوقت وأن العدوان عليها سندحر عاجلاً أو آجلاً، هذه الثقة بالنفس كانت تستمد قوتها من صمود سورية وقائدها وشعبها وجيشها الباسل.
وختم منصور بالقول: «حسبك وليد المعلم بأنك تركت في السلك الدبلوماسي السوري رجالاً أكفاء من طراز رفيع يسيرون على خطاك ونهجك بكل جدارة وإخلاص، وهم الذين انتموا إلى مدرسة دبلوماسية فاعلة راقية نهلوا منها الكثير، مدرسة كان على رأسها يوماً معلم كبير أدارها ببراعة وحرفية ومسؤولية عالية».

آل الفقيد: زرع فينا بذور حب الوطن والتواضع والأدب في معاملة الآخرين

أشارت شذى وليد المعلم في كلمة لها باسم آل الفقيد، إلى أن والدها لم يبخل يوماً عليهم بعطفه وحنانه، حيث كان يسترق اللحظات لمتابعة أحوال عائلته، لانشغاله الدائم بمسؤولياته ومهامه الوطنية، وأنه كان رغم همومه الوطنية وجسامة المسؤولية يسعى ليكون الأب في المنزل، كي لا يحمّل أفراد أسرته متاعب الهموم، حيث لم تفارق الابتسامة وجهه في الأوقات العصيبة السابقة التي مرت بها سورية.
وبيّنت شذى المعلم إلى أنه ورغم صعوبة الدور الذي كان يحاول الراحل تمثيله إلا أنه، كان أباً رحيماً عطوفاً، يهتم بأفراد أسرته وأحفاده، ويتعامل مع أفراد أسرته كأصدقاء له، قائلة: «لقد زرع فينا بذور حب الوطن، والتواضع والأدب في معاملة الآخرين، ومشاركتهم همومهم، وملامسة معاناتهم، وأن نكون قدوة في سلوك الحياة العامة والخاصة».
وأوضحت سعي الراحل لأن يكون ملماً بأدق التفاصيل حول الأوضاع العامة بمختلف جوانبها، وإدراكاً من إحساسه بالمسؤولية في ملامسة كل الصعوبات التي تواجه الآخرين، ونقلها إلى مراجعها لمعالجتها، والتخفيف من المعاناة في وطننا.
وأكدت شذى المعلم، أن المسؤوليات الوطنية للراحل، كانت تستحوذ على معظم وقته، حتى أثناء وجوده في المنزل، وهذا كان مصدر فخر لأسرته، ودافعاً لهم لأن يكونوا عوناً له في تحمل مسؤولياتهم الوطنية.
وأضافت: لقد كانت سورية تحتل المساحة في قلب وعقل ووجدان الراحل المعلم، وكان يرى الخلاص والسعادة في استقرار سورية، وسلامتها وازدهارها، معربة عن افتقادها لوالدها الأب الحنون العطوف، كما افتقدت سورية ابناً باراً لها، كرّس حياته لخدمتها، وكان على الدوام صوتاً مدوياً في الدفاع عنها.
وبيّنت شذى المعلم أن والدها الراحل باق من خلال القيم التي غرسها بأفراد أسرته، والإرث الوطني الذي تركه لهم.
وفي ختام كلمتها توجهت ابنة الراحل بالشكر والعرفان إلى الرئيس الأسد وعائلته على مواساتهم الصادقة، الشيء الذي كان له الأثر الأكبر في تخفيف مصابهم، وإلى جميع المسؤولين في الحزب والدولة وأعضاء السلك الدبلوماسي، معربة عن شكرها الخاص لزملاء والدها في وزارة الخارجية والمغتربين، الذين عبّروا عن حجم الفاجعة لديهم، وصدق المشاعر والإخلاص والمحبة وألم الفراق، حيث كانوا أسرة واحدة، وأنهم برحيل المعلم لم يفقدوا الوزير فحسب، وإنما الأب والأخ والزميل والصديق، كما عبرت عن الشكر والامتنان الأكبر للملايين من العائلة السورية الأكبر، حيث كان يجد نفسه في هذه العائلة العريقة، أباً وأخاً وصديقاً لكل فرد منها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن