رياضة

الأخلاق أولاً وأخيراً

| محمود قرقورا

انتظر جمهور الكرة في بلدنا بشغف العقوبات الصادرة عن اتحاد كرة القدم على هامش الخروج عن النص في بعض مباريات دورينا بمختلف الدرجات.
حقيقة جاءت العقوبات رحيمةً بحق المسيئين، والخوف كل الخوف أن يأتي قرار أرحم لاحقاً من أعلى الهرم الرياضي بقرار الصفح والغفران عن الأشخاص الذين قضت محكمة الانضباط بحرمانهم فترة طويلة تزامناً مع الاحتفال بعيد الرياضة في شباط القادم أو احتفالات شعبنا بأعياد آذار ونيسان، كما حدث سابقاً تزامناً مع الاحتفاء بأعياد تشرين.
سيادة رئيس اتحاد الكرة العميد حاتم الغايب: أنت ابن اللعبة ولا ننكر عليك أنك كنت لاعباً متميزاً في صفوف نادي الشرطة وكل منتخباتنا الوطنية، ولكن رتبتك العسكرية لم تشفع لك عند أصحاب الزي الأسود في طردك غير مرة، ولم تعامل يوماً ما من اتحاد الكرة معاملة خاصة، فلماذا روحك مطاطة بحق لاعبي اليوم؟ ولماذا الضرب بيد من حديد بحق الدولي عمر خريبين دون غيره مع إقرارنا بأن جزاء عمر خريبين من جنس العمل؟
سيادة رئيس المنظمة فراس معلا: ما كان لتصل إلى ما وصلت إليه لولا أخلاقك التي يشهد لك بها الجميع.
وما كان لتكون بطلاً عالمياً لولا صبرك وجدك واجتهادك وإيمانك بأن المطالب لا تُنال بالتمني.
ولذلك نتمنى عليك الضرب بيد من حديد بحق كل المخالفين والمستهترين كي تكون العقوبات رادعة، علّ الود والوئام يعود إلى كل المباريات مهما كانت هوية الخصمين المتباريين لا الاعتقاد بأن الصفح والغفران آت من شخصك الكريم.
التساهل بحضور الجماهير نتمناه أن يكون محفزاً للاعبين، مساعداً على ارتقاء المستوى، منشطاً لارتفاع هرمون الإثارة، لا أن يكون نقمة في زحمة انحسار الأخلاق الرياضية عند بعض اللاعبين بأرض الملعب.
لا شك أن غياب الجمهور يحوّل الملاعب إلى مقابر وهذا آخر ما نتمناه، لكن إذا كان الجمهور وبالاً على اللعبة فلا أهلاً ولا سهلاً به.
وإذا كان المعنيون من إداريين وكادر فني ولاعبين وإعلاميين وروابط مشجعين وحكام هم من يشعلون فتيل الشغب، فلماذا لا تكون العقوبات مضاعفة بحقهم كي تنظف رياضتنا من الدخلاء عليها.
الأخلاق لا تجزأ، ومهما عظمت قيمة اللاعبين وارتفعت أسهمهم في سوق البورصة فإن الخروج عن النص يبقى وصمة عار بحقهم، ولنا في زين الدين زيدان الذي أهدى فرنسا كأس العالم 1998 وكأس أمم أوروبا 2000 مثال حي على انخفاض أسهمه وتعرضه لنقد لاذع على هامش طرده في نهائي مونديال 2006، وإلى الآن يعتبره الفرنسيون السبب في ضياع كأس العالم على الديوك ولا يغفرون له ذلك الذنب المقترف، فأين لاعبونا من زين الدين زيدان؟
وإنكلترا بأسرها لم تغفر التصرف الصبياني لديفيد بيكهام الذي طرد في مونديال 1998 أمام الأرجنتين والحال كذلك لواين روني الذي طّرد أمام البرتغال في مونديال 2006 رغم المكانة التي يتمتعان بها لأنهما تجاوزا الخطوط الحمراء أخلاقاً، وجعلا منتخب الأسود الثلاثة في المونديالين ينضم إلى مقاعد المتفرجين.
كتبنا في موضوع سابق أن العقوبات التي صدرت من جميع اتحادات الكرة السابقة منذ الأزل مهما ارتفع سقفها الذي وصل حدها شطب أندية بعينها لم تجد نفعاً، ولذلك لا بد من ارتفاع سقف العقوبات على الدوام، والحل الذي لم يُجرب أعتقد أنه نابع من إدارات الأندية ويتمثل بفرض عقوبات تجرد اللاعبين من حقوقهم عند توقيع العقود إذا تجاوزوا الحدود، لأن اللاعب حينها سيخاف على راتبه ومقدمات عقده، وهذا حلّ منبعه الإدارات الحازمة لا الفاسدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن