ثقافة وفن

«كورونا».. تلغي احتفالات عيد الميلاد؟!

| سارة سلامة

المتجول في شوارع دمشق القديمة سيلحظ دون شك حالة الهدوء والحذر التي يعيشها أبناء تلك المنطقة التي كانت تتلون بيوتها وشوارعها وكنائسها بلون الفرح وأجراس العيد قبل نهاية كل عام وتحديداً في يوم ميلاد السيد المسيح، فنرى البابا نويل يتجول بين الحارات ونشاهد نصب أشجار الميلاد المبهرجة وحالة اكتظاظ سكاني من كل الأطياف تهليلاً واحتفالاً بقدوم العيد.. إلا أن اليوم حالة من الحذر ينشرها فيروس «كورونا» يجعل الناس تسير مترقبة منصرفة إلى قضاء حوائجها دون الكثير من العبث.
في سطوة يمارسها على الأشخاص والمكان فلم يعد كل شيء كما كان سابقاً، خاصة أن هذه المنطقة لم تلغ طيلة سنوات الحرب الدائرة على جنباتها وبالرغم من ضربات القذائف الموجعة وأصوات الرصاص النافذة الاحتفاء بالعيد حيث بقيت العوائل مستمرة في تحويل منازلها إلى جنات من الألوان والأجراس والأضواء والزينة..

العيد في المنازل

وفي جولتنا هناك ترقبنا المارة مسرعين تحدثنا إلى البعض منهم مستفسرين، فعبروا لنا عن حذرهم بسبب انتشار الفيروس واقتصار الاحتفال بالبيوت وتجمع العائلة حول موائدها وستقتصر صلواتهم لرفع الوباء وإنقاذ الضعف وتخفيف العذاب، حيث لم يمنع تفشي كورونا من تحضير شجرة عيد الميلاد في المنازل وإعداد الحلوى، إلا أن ذلك اقتصر على أفراد الأسرة الواحدة، دون مشاركة خارجية كما جرت العادة.

غلاء الزينة

ومنهم من ترك الحالة «الكورنية» وراح يحكي لنا عن الوضع الاقتصادي والغلاء الباهظ الذي جعل الشجرة حلماً والزينة ترفاً، حيث اضطر الكثيرون لإعادة زينة الأعوام السابقة لعدم قدرتهم على شراء أشياء جديدة. وردد الكثيرون أنه بسبب الظروف ستقتصر الاحتفالات بالمنازل بعيداً عن المطاعم والصالات، امتثالاً لأوامر وقرارات كنسية وحكومية، ضمن تدابير وقائية، في خطوة تجمعهم بالعائلة وتقربهم من بعضهم بعيداً عن الصخب مؤمنين برحمة الخالق وقدرة المخلص أن ينجينا من المحنة التي لفت ببرد وظلام هذه المدينة التعيسة..

ميلاد على ضوء «الليدات»

وبينما نسير في إحدى الحارات التي يلفها ظلام دامس ستشاهد شباناً يهمون بتعليق حبل ضوئي يزنر الشارع، ولكن مع انقطاع التغذية الكهربائية لاندري كيف سيكون الحال، فالكهرباء أصبحت ضيفة مدللة ثقيلة تغيب غير آبهة بساعات الشوق لها.. هذا العرض يلخص جولتنا في المكان ويحكي عن حالنا، وربما لسنا الوحيدين فهناك العديد من الدول العربية والغربية قامت بتشديد إجراءات الوقاية من فيروس كورونا مع اقتراب أعياد الميلاد، بعد أن شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات الجديدة.

الكورونا يتنقل ودخلت هولندا حالة إغلاق تستمر خمسة أسابيع، حيث أغلقت المتاجر غير الأساسية والمسارح والصالات الرياضية، في هذه الأثناء ستدخل ألمانيا حالة إغلاق صارم ابتداء من الأربعاء بعد أن وصلت حالات الإصابة أرقاماً قياسية.
أما فرنسا فقد رفعت الإغلاق مع الإبقاء على الكثير من الإجراءات، حيث ما زالت معدلات الإصابة مرتفعة. وكانت إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة بين الدول التي سجلت أعلى أرقام إصابة خلال الوباء. وسيخضع الإيطاليون لعزل عام في جميع أنحاء البلاد خلال أغلب فترة الاحتفالات بعيد الميلاد وعطلات العام الجديد، وبعد أن كانت كنيسة المهد في بيت لحم تستقبل أكثر من مليوني سائح في فترة الأعياد، تبدو اليوم خالية في ظل إجراءات الإغلاق التي فرضتها السلطات الفلسطينية للتصدي لانتشار فيروس كورونا.

أخيراً

لعل هذا الميلاد يحمل لنا الخلاص الحقيقي ويضفي بظلال الحب وينعم على الجميع براحة وأمان، لأننا نستحق في سورية أن نستريح ونأخذ قسطاً من الفرح بعيداً عن عذابات الحروب والأزمات، وميلاد يسوع المسيح يُحتفل به في ثلاث مناسبات هي عيد الميلاد وتذكار الميلاد الجسدي وعيد رأس السنة وهو عيد الميلاد وأساس التقويم الميلادي؛ وعيد الغطاس وهو الميلاد الروحي، ويدعى الزمن الفاصل بين المناسبة الأولى في 25 كانون الأول (7 كانون الثاني) والثالثة في 6 كانون الثاني (19 كانون الثاني حسب التقويم اليولياني) زمن الميلاد، ويسبقه عادة صوم في الكنائس الأرثوذكسية وصلوات خاصة في الكنيسة الكاثوليكية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن