سورية وروسيا تؤكدان مضيّهما معاً في مكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار … سوسان لـ«الوطن»: إجراءات تدرس على الطاولة ستسهم بتسهيل عودة اللاجئين السوريين
| سيلفا رزوق
أكدت سورية وروسيا، أمس، المضي قدماً في تكريس التعاون والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار والعمل على تهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك عقد في دمشق، شارك فيه وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان وممثل وزير الدفاع مدير الإدارة السياسية اللواء حسن سليمان، ورئيس مركز المصالحة الروسي في سورية اللواء صيتنيك فياتشيسلاف بوريسوفيتش، بيّن مخلوف أنه منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية، بادر الجيش العربي السوري الذي يحتضنه الشعب إلى الدفاع عن الوطن، ومكافحة الإرهاب، كما أصدر الرئيس بشار الأسد، مراسيم للعفو بلغ عددها 16 مرسوماً، وآخرها المرسوم التشريعي رقم 6 للعام 2020، كما بادرت الدولة السورية على التوازي إلى تنظيم العمل لتخديم المواطنين السوريين بمختلف المجالات الإغاثية والإنسانية والاجتماعية والخدمية، وفي كل المراحل والظروف لتمكينهم من الصمود.
مخلوف قدم عرضاً لما أنجزته لجنة «إعادة إعمار وتأهيل البنى التحتية المتضررة والتعويض عن الأضرار»، في قطاعات التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والنقل الداخلي والإطفاء وكذلك في قطاعي المدن الصناعية والمناطق الصناعية والحرفية، مشيراً إلى تشكيل «هيئة تنسيق عودة المهجرين السوريين» والتي عملت بالتعاون مع هيئة التنسيق الروسية على تبسيط الإجراءات ومساعدة اللاجئين وتأمين كل متطلبات عودتهم، حيث عاد مئات الآلاف من المهجرين في الخارج على حين فاقت حصيلة المهجرين العائدين داخلياً أربعة ملايين سوري، عادوا ليستقروا في منازلهم.
وأكد مخلوف، أن الحصار الجائر والإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تطبقها الدول الداعمة للإرهاب على سورية، مازالت تعوق عودة المهجرين واللاجئين والاستقرار في سورية، وتؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وخاصة على الوضع الصحي في ظل انتشار جائحة «كورونا».
مخلوف شدد على أنه للوصول إلى الغاية المرجوة بعودة الاستقرار في سورية وعودة الاقتصاد بما ينعكس على خدمة المواطن، لابد من زوال الاحتلال بكل أشكاله ورفع الحصار الجائر ورفع العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب.
بدوره معاون وزير الخارجية والمغتربين، أشاد خلال المؤتمر الصحفي بالتطور المطرد في العلاقات السورية – الروسية، وتعزيز التنسيق والشراكة بما يخدم المصالح المشتركة، مبيناً أن زيارة وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد الأخيرة إلى روسيا كرست التفاهم الكامل والتطابق الكامل في وجهات النظر على مختلف القضايا.
واعتبر سوسان، أن السياسات التركية وعدم التزام الحكومة التركية بالتفاهمات مع الأصدقاء الروس بخصوص منطقة «خفض التصعيد» في إدلب، أظهرت مجدداً الشراكة الكاملة بين الحكومة التركية والمجموعات الإرهابية والتي ترمي إلى تحقيق الأوهام العثمانية لدى حكومة حزب «العدالة والتنمية» والأطماع التوسعية بالأراضي السورية، الأمر الذي سيقابل بالرفض القاطع من السوريين.
ولفت سوسان إلى أن الوجود الأميركي غير المشروع على الأراضي السورية يبقى السبب الأساس في تصعيد الأوضاع والحيلولة دون عودة الأمن والاستقرار، ويتجلى ذلك في دعم أميركا لميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» العميلة، لضرب وحدة سورية أرضاً وشعباً، وسرقة الثروات الوطنية في انتهاك فاضح للقانون الدولي، واعتداء سافر على سيادة سورية على أراضيها وثرواتها الوطنية.
وشدد سوسان على أن الحصار الاقتصادي والعقوبات أحادية الجانب اللا مشروعة تمثل أحد أوجه الحرب الأميركية على سورية والتي تعتبر السبب الأساس في معاناة السوريين في حياتهم، ولقمة عيشهم، وبالتالي فهي تعتبر جريمة موصوفة بكل معنى الكلمة، وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني وأبسط مبادئ حقوق الإنسان.
واعتبر سوسان، أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية تأتي في إطار وحدة الموقف الأميركي الإسرائيلي، مبيناً أن الهدف منها التعويض عن هزيمة أدواتهم من المجموعات الإرهابية ومحاولة إنفاذ المشروع العدواني المترنح في سورية.
سوسان، أكد أن الحكومة السورية لا تألو جهداً من أجل عودة الأوضاع في سورية إلى طبيعتها بعد دحر الإرهاب وذلك من خلال بذل كل الجهود، مؤكداً أنها ستستمر في بذل الجهود لعودة الحياة إلى طبيعتها، ومشدداً على أن تقرير مستقبل سورية هو حق حصري لأبنائها ولن يسمح لأي كان بالتدخل في هذا الموضوع.
وأضاف: «نمتلك العزيمة والثقة والإرادة لتحقيق ذلك بالقدر نفسه الذي هزمنا به الإرهاب وداعميه».
ممثل وزارة الدفاع مدير الإدارة السياسية، من جانبه قال خلال المؤتمر: بعد عشر سنوات من الحرب الإرهابية المفروضة على سورية نستطيع القول بكل ثقة إننا تجاوزنا المرحلة الأصعب من هذه الحرب، بالرغم من وجود بعض البؤر الإرهابية التي تتلقى فيها التنظيمات المسلحة دعماً صريحاً ومباشراً من الاحتلال الأميركي ونظام أردوغان، عدا خلايا تنظيم داعش الإرهابي التي تتحرك في مناطق البادية بدعم وتغطية أميركية، والتي يتم ضربها والتصدي لها بشكل مستمر من قبل وحداتنا الباسلة المنتشرة في تلك المناطق.
وأكد اللواء سليمان أنه بالإمكان اعتبار الوضع العام بالمجمل مبشراً، نظراً لسياق الأحداث الميدانية التي تصب في مصلحة الجيش العربي السوري، حيث تم توطيد الأمن والاستقرار في العديد من المناطق وإعادة الأهالي إلى منازلهم وفتح المدارس والمراكز الصحية والخدمية المرتبطة بشكل مباشر بحياة المواطنين، وبالتالي نستطيع القول إن عجلة الحياة عادت إلى جميع المناطق المحررة بفضل ما قدمه الجيش العربي السوري من تضحيات وبطولات بمساعدة الأصدقاء والحلفاء الروس.
وأضاف:» صحيح أن هنالك مناطق مازالت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية لكننا نؤكد أن كل شبر من سورية على امتداد أراضيها سيتم تحريره من رجس الإرهاب وإعادة الأهالي الذين لجؤوا واضطروا إلى النزوح من منازلهم وأراضيهم بفعل الممارسات الإجرامية الإرهابية لتلك التنظيمات”، موضحا أن هذا الأمر منوط بواجبات الجيش العربي السوري الدستورية الوطنية والأخلاقية وهو مسألة وقت لا أكثر.. وذلك بالرغم من جميع العوامل والتحديات المفروضة أمامنا التي لن تثنينا عن تنفيذ مهامنا وأداء واجباتنا وصون الأمانة التي أودعنا إياها أبناء وطننا الحبيب».
ولفت مدير الإدارة السياسية إلى أنه في ظل ما تشهده سورية اليوم من حصار اقتصادي شديد يهدف إلى منعها من استكمال تحرير أراضيها، «فإننا ننحو باتجاه الاعتماد على قدراتنا الذاتية وإمكانياتنا الوطنية للقيام بما يمليه علينا الواجب الوطني والأخلاقي تجاه الوطن وأبنائه».
وقال: «مثلما أن الجيش للحرب فهو للإعمار أيضاً، ولذا فإن مؤسساتنا الإنتاجية والخدمية ومعاملنا تعمل بكل طاقاتها وإمكاناتها لحمل المسؤولية في مواجهة التحديات الاقتصادية المفروضة علينا، ويثبت جيشنا الباسل من جديد أنه جيش الشعب والوطن المستعد دائماً للنهوض بالعبء والتصدي للتحديات، حيث تتجاوز مهامنا الجانب العسكري وصولاً إلى الجانب الاقتصادي الذي يخدم مهمة إعادة إعمار ما دمّره الإرهاب ودعم الجانب المعيشي لأبناء الوطن عبر ما تقدمه مؤسساتنا الاجتماعية والإنتاجية».
وشدد اللواء سليمان على أن الجيش على أتم الاستعداد لمواصلة تنفيذ مهامه الوطنية، واستكمال تحرير الأراضي السورية من الإرهاب وداعميه، تحضيراً لعودة أبنائنا اللاجئين في خارج سورية، وتأمين مستلزمات حياتهم الأساسية، وترسيخ عوامل الاستقرار والأمان في تلك المناطق، أسوة بكل منطقة تم تحريرها من قبل، وعادت إليها الحياة الطبيعية، مشيراً إلى أنه يتم التنسيق على أعلى المستويات مع أصدقائنا المخلصين في القوات المسلحة الروسية، الذين يمدون يد العون ويقدمون الدعم الكبير للجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب، وكذلك في تأمين المناطق المحررة وإزالة آثار العدوان ومخلفاته وتهيئة الظروف المواتية لعودة المواطنين إلى منازلهم.
رئيس مركز المصالحة الروسي، من جهته كشف خلال المؤتمر الصحفي أن الجانب الروسي سجل 2573 خرقاً لنظام وقف إطلاق النار في إدلب، في الفترة ما بين أيلول وتشرين الأول من العام الحالي، معتبراً أن هذه الخروقات تتم بسبب عدم قدرة الجانب التركي على ضبط «المسلحين» ضمن الأراضي التي تقع تحت سيطرته.
اللواء بوريسوفيتش، كشف أنه بدأ في الأول من كانون الأول الجاري عمل لجنة تسوية الأوضاع في درعا، التي ينظر سكان درعا والمحافظات المجاورة بإيجابية إليها، مبيناً أنه من المتوقع أن تبدأ لجنة مشابهة العمل قريباً في السويداء.
ولفت اللواء بوريسوفيتش إلى أنه لايزال من غير الممكن حتى اليوم في الجزء الجنوبي من محافظة إدلب إعادة إعمار البنية التحتية، والمرافق العامة في بلدة معرة النعمان وكفرسجنة وخان شيخون، وذلك بسبب وجود التنظيمات غير الشرعية المدعومة من تركيا.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» على هامش المؤتمر، أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين، أن الحكومة السورية اتخذت خطوات لإعادة اللاجئين وستستمر، وأن هناك عدة إجراءات تدرس على الطاولة، والقاعدة العامة بالنسبة للحكومة السورية هي أنه لن يتم ادخار أي جهد ولن يتم التقصير في اتخاذ أي إجراء يساهم بتسهيل عودة المواطنين السوريين إلى بلدهم، حيث ستقدم كل التسهيلات وكل المساعدات بما يمكنهم من العيش بشكل لائق في بيوتهم ومدنهم وقراهم.
وفي رده على سؤال آخر لـ«الوطن»، لفت سوسان إلى اجتماع اللجنة السورية- الروسية المشتركة والذي سينعقد في الربيع القادم، حيث سيكون جدول أعمالها غني جداً، ويجري حالياً العمل عليه بشكل حثيث لدى الجهات المعنية بين الطرفين، من أجل أن «نكون جاهزين عند انعقادها، للمضي بالمشاريع التي تلبي المصلحة السورية، وتنعكس بشكل مباشر على المواطن السوري».