من دفتر الوطن

افتراء على الله

| حسن م. يوسف

من يكذب كثيراً يصدق أكذوبته أخيراً! وقد صدق الصهاينة أساطيرهم وأكاذيبهم التي نشروها من خلال تحكمهم بالإعلام العالمي بحيث باتوا يعتقدون أنه لم يعد في العالم من يجرؤ على مناقشة أكاذيبهم أو التشكيك بها. لكن العالم والمؤرخ البريطاني كيث وايتلام أثبت من خلال كتابه «اختلاق إسرائيل القديمة إسكات التاريخ الفلسطيني» المبني على نتائج التنقيبات الأثرية، أن «إسرائيل ليست سوى برهة في تاريخ فلسطين الطويل». رغم ذلك فقد ثارت ثائرة محرر جريدة «جيروزاليم بوست» الصهيونية، لأن روبرت بيكفورد عالم اللاهوت والأكاديمي البريطاني الباحث في مؤسسة كوينز، قال في برنامجه «القلب والروح»، الذي بث مؤخراً، إن «المسيح لم يكن أشقر أوروبياً بل كان فلسطينياً». وقد بلغت صفاقة محرر «جيروزالم بوست» حداً لا يصدق إذ زعم أن اسم فلسطين لم يكن له وجود إلا بعد صلب السيد المسيح عليه السلام بمئة عام!

ولد الباحث الدكتور روبرت بيكفورد عام 1965 لأبوين جامايكيين في نورثهامبتون، في شرق ميدلاندز في إنجلترا، وهو متخصص في علم الأديان، ويعلم اللاهوت الأسود في مؤسسة كوينز وعدد من الجامعات البريطانية، وقد أثارت أفلامه الوثائقية الإذاعية والتلفزيونية التي قدمها من خلال هيئة الإذاعة البريطانية والقناة الرابعة، جدلاً واسعاً في أوساط المجتمع الديني المسيحي في بريطانيا وخارجها. وإليكم عناوين بعض أفلامه التي تعطي انطباعاً واضحاً عن مدى جرأته: «الرب أسود»، «من ألَّف الكتاب المقدس؟» «الأفلام والإيمان والغضب»، «القصة الخفية ليسوع»، «أسرار الاثني عشر تلميذاً» و«تفكيك رموز الميلاد».
لست هنا بصدد الحديث عن برنامج الدكتور روبرت بيكفورد، بل سأكتفي بمناقشة الادعاء الفاجر الذي جاء على لسان محرر جيروزاليم بوست إذ قال بالحرف الواحد «إن اسم فلسطين قد ظهر بعد صلب السيد المسيح بمئة عام». وهذا زعم كاذب حد الفجور إذ إنه يتناقض مع ما جاء في الكتاب المقدس، فقد جاء في الآيات من 32 لـ 34 من الإصحاح 21 من سفر التكوين الذي هو أول أسفار موسى الخمسة ما يلي:

«فَقَطَعَا مِيثَاقاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ، ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إلى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.
وَغَرَسَ إِبْرَاهِيمُ أَثْلاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ، وَدَعَا هُنَاكَ باسم الرَّبِّ الإِلهِ السَّرْمَدِيِّ.
وَتَغَرَّبَ إِبْرَاهِيمُ فِي أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أياماً كَثِيرَةً».

وهذه الآيات تدل على أن اسم فلسطين كان متداولاً قبل هجرة إبراهيم جد العرب واليهود من أور، أي إن اسم فلسطين أقدم بكثير من اسم «إسرائيل»، فإسرائيل هو لقب يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم وهو يعني «مصارع الإله إيل». وأسفار موسى في الكتاب المقدس تثبت أن تلك البلاد بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن كان اسمها فلسطين عندما هاجر إليها إبراهيم الذي هو جد «إسرائيل»!

وقد فندت مزاعم الصهاينة في مسلسل «حارس القدس» الذي كتبت له السيناريو والحوار وأخرجه المبدع باسل الخطيب من خلال حوار بين قداسة المطران إيلاريون كبوجي وأحد المستشرقين الإنجليز. حيث يقول قداسة المطران كبوجي إن «الوعد الرباني قد وجه حصراً لنسل إبراهيم، لبذاره، لأبنائه المولودين من لحمه ودمه». ويصف ادعاء يهود العالم بأن اللـه قد وعدهم بأرض فلسطين «هو افتراء على اللـه لا وجود له في الكتاب المقدس».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن