ثقافة وفن

رحيل مبدع الدراما والسينما المصرية وحيد حامد … شكّل مع عادل إمام ثنائياً سينمائياً.. وأبرز الوجه الآخر له

سارة سلامة

فقدت مصر علماً وراية، قيمة وقامة فنية، وأحد أهم أعمدة الفن العربي، الكاتب والسيناريست الكبير، وحيد حامد، عن عُمر يناهز 77 عاماً، بعد أن وافته المنية، في أحد المستشفيات المصرية، إثر أزمة صحية اضطرته قبل أيام لدخول المستشفى.
حيث كان يعاني منذ فترة مشاكل في الرئة مع ضعف في عضلة القلب، وذكرت مواقع مصرية أن التدهور في صحته ظهر بشكل كبير عقب المجهود الضخم الذي قام به أثناء تكريمه بالدورة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي، الذي اختتم فعالياته منتصف الشهر الماضي.
ونعت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم الكاتب الكبير وقالت: إن «الراحل كان خير سند للمبدعين والمثقفين والفنانين، وصاحب مواقف تكتب بحروف من نور في سجلات تاريخ الوطن كما أنه الأستاذ والأب والمعلم، وأضافت: إنه نجح في إبداع أعمال خالدة عبرت عن أحلام المجتمع، وملامسة طموحات جيل كامل، وخلق بقلمه شخصيات ستبقى خالدة في ذاكرة السينما المصرية والعربية. وتوجهت بالعزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه.

اللعب مع الكبار

ويعتبر حامد واحداً من أشهر كتاب السيناريو في مصر، حاصل على ليسانس آداب قسم اجتماع عام 1965. بدأ في كتابة الأعمال الدرامية منذُ أواخر الستينيات، ولكن بداية انتشاره جاءت من خلال مسلسل «أحلام الفتى الطائر» عام 1978 مع النجم عادل إمام، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً دفع بالزعيم لأن يعتمد عليه سينمائياً، ليكوّنا شراكة سينمائية طويلة الأمد بدأت بفيلم «انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط» و«الإنسان يعيش مرة واحدة» عام 1981، واستمرت في «الغول» و«الهلفوت» خلال الثمانينيات.
وفي الثمانينيات أيضاً كتب للمخرج الكبير عاطف الطيب أفلام «التخشيبة، والبريء، والدنيا على جناح يمامة، وكشف المستور».

وعند بداية التسعينيات ارتبط بشراكة مع المخرج شريف عرفة والنجم عادل إمام نتج عنها خمسة من أهم أفلامهم: اللعب مع الكبار (1991)، المنسي (1993)، الإرهاب والكباب (1994)، طيور الظلام (1995)، النوم في العسل (1996).
وكتب عام 2006 فيلم «عمارة يعقوبيان» عن رواية الدكتور علاء الأسواني، وشارك في بطولته نخبة كبيرة من نجوم السينما في مقدمهم عادل أمام ونور الشريف، وقدم من خلاله ابنه مروان حامد كمخرج ﻷول مرة.
وكان من أعماله السينمائية «احكي يا شهرزاد» مع المخرج الكبير يسري نصر الله، وآخر أعماله التلفزيونية مسلسل «الجماعة» الذي عرض في رمضان 2010، عن سيرة الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
عُرف بموقفه الرافض للأصولية الدينية، ويعتبر واحداً من أهم المعارضين لجماعة الإخوان.

مشوار حافل

وقدم حامد على مدى مشواره العديد من المسلسلات التلفزيونية، وكتب عدداً قليلاً من المسرحيات. وتعاون مع نجمات أمثال سعاد حسني وميرفت أمين ومديحة كامل. وشكل ثنائياً سينمائياً مع النجم عادل إمام، استطاع من خلاله إبراز الوجه الآخر للممثل المشهور بأدواره الكوميدية.

وكان حامد قد بدأ مسيرته الإبداعية بكتابة القصة القصيرة والمسرحية، ثم اتجه إلى الكتابة للإذاعة المصرية فقدم العديد من الأعمال الدرامية والمسلسلات، ومن الإذاعة إلى التليفزيون والسينما ليقدم عشرات الأفلام والمسلسلات.
وقدم في الدراما الإذاعية أعمالاً عديدة منها: «شياطين الليل، الرجل الذي عاد، الفتى الذي عاد، طائر الليل الحزين، قانون ساكسونيا، كل هذا الحب»

ومن الدراما التلفزيونية: «شياطين الليل، البشاير، العائلة، الدم والنار، كل هذا الحب، الرجل الذي عاد، أنا وأنت وساعات السفر».
وفي الأعمال المسرحية: «آه يا بلد قدمت منذ عام 1971، سهرة في بار الأحلام عام 1975، جحا يحكم المدينة».
ومن المطبوعات: «القمر يقتل عاشقه، استيقظوا أو موتوا، حديث الدخان، جمهورية عساكر».

أبرز الإنجازات

واعتاد الكاتب الراحل على نشر مقالات سياسية واجتماعية في العديد من الصحف المصرية والعربية الشهيرة، كذلك أشرف على ورشة السيناريو بالمعهد العالي للسينما لمدة أربع سنوات، متتالية أخرج منها عدداً من أفضل كتاب السيناريو الحاليين.
ومن أهم أعماله مع النجم المصري، عادل إمام، أفلام «الإرهاب والكباب» و«المنسي» و«مسجل خطر» و«طيور الظلام» و«النوم في العسل» و«عمارة يعقوبيان، و«الهلفوت».

من أعماله

وكذلك قدم مع النجم المصري الراحل أحمد زكي رائعته: «اضحك علشان الصورة تطلع حلوة» وفيلم «البريء» الذي أثار الكثير من الجدل والنقاش.
ومن مسلسلاته التي نالت الكثير من الشهرة، مسلسل «الجماعة» والذي طرح فيه قصة نشوء جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، إضافة إلى العديد من الأعمال التي لاقت نجاحاً كبيراً مثل «دون ذكر أسماء» و«الدم والنار»
يُذكر أن وحيد حامد من مواليد عام 1944 في مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، وأقام بالقاهرة منذ العام 1963، لتبدأ رحلته الفنية التي أضافت عشرات الأعمال المهمة إلى سجلات السينما والدراما، أبرزها أفلام: طائر الليل الحزين، وغريب في بيتي، والبريء، والراقصة والسياسي، والغول، والهلفوت، والإرهاب والكباب، واللعب مع الكبار، واضحك الصورة تطلع حلوة، وسوق المتعة. ومسلسلات: البشاير، والعائلة، والدم والنار، وأوان الورد، والجماعة.
وتجلت بصمته في عالم المسلسلات: البشاير، والعائلة، والدم والنار، وأوان الورد، والجماعة.
وكرم الراحل في الدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي انقضت فعالياتها مؤخراً، وحصل على جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر، وهو التكريم الذي أسعده، وأهداه لكل من ساعده ودعمه في بداية مشواره.

منصات عزاء

وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى سرادق عزاء، وفاضت بكلمات مؤثرة في حق الفقيد الراحل الذي أثرى الدراما والسينما العربية بمئات الأعمال الخالدة، ونعاه فنانون عرب وإعلاميون، وكتبت سلاف فواخرجي: «وداعاً أيّها المُعلّم.. وستبقى إبداعاتك ونحن معها، نحارب طيور الظلام، وكتب حسن م يوسف: « وحيد حامد كاتب كبير غزير لامع ترك لنا إرثاً عظيماً من أشجع وأروع الأعمال الدرامية في تاريخ الفن العربي المعاصر، له الذكر العطر المؤبد، ولذويه ومحبيه أحر العزاء». على حين كتب سليمان عبد العزيز: « البقاء لله.. العظيم وحيد حامد في ذمة الله».
وكتب سامر محمد إسماعيل: « الكاتب والسيناريست المصري وحيد حامد غيابك الآن سيجعل العالم أكثر وحشةً».
وبدوره كتب عادل إمام: «اليوم فقدت صديقي وأخي وحبيبي ورفيقي وحيد حامد.. خسارة كبيرة للفن المصري والعربي». وغردت يسرى: «فقدنا اليوم أهم رموز السينما المصرية، الكاتب العظيم جداً، تركت بصمة أساسية وكبيرة في مشواري».
أحمد حلمي قال: «فقدنا إنساناً غالياً جداً على قلوبنا وفقد الفن المصري كاتباً لن يتكرر». وكتبت ليلى علوي: « رحلت جسداً لكن المواقف والمبادئ والأعمال لا تنسى ولا تمحى».
وغرد الفنان الكبير نبيل الحلفاوي عبر حسابه على تويتر، قائلاً: «ويتواصل رحيل الرفاق إلى حيث الرفاق، سبحان من له الدوام، ستبقى خالداً بأعمالك كحال كل المبدعين الحقيقيين»،
أما التونسية هند صبري فنشرت عبر تويتر: «واحد من أهم مؤلفي السينما العربية عبر 50 عاماً، عبّرت أعماله عن كل قضايا الإنسان العربي، وهو واحد ممن جعلونا نحب السينما، شرفت بالعمل معه في فيلم «عمارة يعقوبيان» وقبلها كنت من عشاق أعماله.

نسرين أمين كتبت: « فقدت مصر كاتباً ومؤلفاً ومبدعاً وصاحب فكر عظيم».
أحمد صلاح السعدني شارك في دفتر عزاء وحيد حامد عبر تويتر، قائلاً: «أدعو لك بالسعادة بقدر ما أسعدتنا رحمة اللـه عليك، وأنار لك قبرك بقدر ما أنرت عقولنا».
أما نشوى الرويني فكتبت: « كاتب السيناريو الذي ترك بصمة لن تُنسى في السينما والتلفزيون والمسرح، من سينسى البريء، والإرهاب والكباب، واللعب مع الكبار، والبشاير، وأوراق الورد، والرجل الذي عاد».
وكان آخر ما قاله في التكريم الأخير في مهرجان القاهرة السينمائي: «أحببت السينما بقدر كبير من الإخلاص والتفاني وأحببت أيامي، وأؤكد لكم أنني لم أتبن يوماً قضية إلا وكنت مقتنعا بها سواء كنت على صواب أم خطأ».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن