تجار حلب والجمارك.. العلاقة متوترة جداً.. والتجار يستعينون بالغرفة وبمجلس الشعب … حموي: لاندافع عن المهربين واصطحاب التجار بهذه الطريقة غير لائق
| حلب- خالد زنكلو
ضرب عناصر مكتب مكافحة التهريب ضربتهم مرتين في مدينة حلب، وفي غضون شهر ونصف الشهر، آخرها كان في ليلة رأس السنة الميلادية، صادروا بضائع على أنها مهربة تقدر قيمتها بمئات الملايين من الليرات السورية، واقتادوا أصحابها جماعات إلى العاصمة دمشق للتأكد من إجازات استيرادها النظامية وإجراء مصالحات معهم، ولم يعترفوا بالمواد العائدة أجازاتها إلى العام ٢٠١٨ من دون مراعاة الظروف الموضوعية لعاصمة الاقتصاد السوري.
واستاء تجار الشهباء من الحادثتين المتتاليتين، على اعتبار أن «ضربتين على الرأس بتوجع»، وفق وصف أحدهم لـ«الوطن»، وذلك لجهة طريقة التعامل «غير اللائقة» معهم ومجافاة واقع حال الأسواق والكساد الذي يعصف بها عدا عدم إخطار غرفة تجارتهم والتنسيق معها في مثل إجراءات صارمة كهذه وغير منصفة تخيم بظلالها السوداء على حركة الأسواق المتباطئة أصلاً بفعل عوامل عديدة.
غرفة تجارة حلب، انتصرت لتجارها في الحادثتين، ودعت في الأول من أمس الفعاليات التجارية والاقتصادية إلى عقد اجتماع في مقرها مع أعضاء مجلس الشعب عن محافظة حلب ظهر اليوم الإثنين لبحث التداعيات الاقتصادية العامة والجمركية للحادثة الأخيرة التي تزامنت مع موسم رأس السنة الميلادية.
وأوضح كتاب دعوة الغرفة لأصحاب الفعاليات التجارية والاقتصادية أن تداعيات ما حدث شلّ بشكل شبه كامل الحركة التجارية، وأشار إلى أن الهدف من الاجتماع الوصول إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات لرفعها إلى الجهات الحكومية «ومناقشة هذا الموضوع تحت قبة مجلس الشعب لاتخاذ القرارات المناسبة والضرورية بهذا الشأن».
وبينما صرح رئيس غرفة تجارة حلب محمد عامر حموي لـ«الوطن» أن الغرفة ستدافع عن التجار وليس المهربين وأنها «ضد الإساءة من أي طرف»، تفاءل تجار المدينة خيراً بإيصال أصواتهم إلى الجهات المعنية وعدم تكرار ما حصل وفق الآلية ذاتها.
وأكد عضو مجلس إدارة الغرفة ورئيس الاتحاد العربي للصناعات الجلدية محمد كزارة لـ«الوطن» أن نهج الغرفة ثابت، وقال: «نحن ضد أي محل تجاري فيه بضاعة مهربة وضد التهريب من تركيا أو غيرها، ولكن هناك بضائع قديمة طلبنا التعامل برحمة مع التجار الذين صودرت بضائعهم فلم تتجاوب الجمارك، وبذلنا جهوداً لمنع اصطحاب الجمارك لأي مخالف في باص إلى دمشق لإجراء المصالحات وكأنه مجرم، فلماذا لا يجرون ذلك في حلب؟ أليست إدارة الجمارك واحدة في دمشق وحلب»؟
وبيّن كزارة أن ما فعله أعضاء مكتب مكافحة التهريب، الذين حضروا صباح الأربعاء الماضي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة إلى حلب وقبل يوم من حلول رأس السنة الميلادية ومزاولتهم عملهم حتى منتصف الليل «دفع بالكثير من أصحاب المحال التجارية لتصفية بضائعهم فيها، ومنها ما جرى إغلاقها، من دون أن تراعي الجمارك بحملتها ضعف القوة الشرائية للمستهلك وأعباء الإنتاج وفرصة البيع في موسم هذا العيد».
وأضاف: «نحن كغرفة، دعونا أعضاء مجلس الشعب إلى اجتماع مع التجار في مقر الغرفة لينقلوا معاناتهم وما جرى معهم إلى وزير المالية لتخفيف الأعباء في هذه المرحلة عن التجار والفعاليات الاقتصادية، لأن الأسواق ضعيفة في ظل شح الكهرباء وضعف مدخلات الإنتاج والعقوبات الخارجية المفروضة على البلاد، وخصوصا قانون قيصر الذي يرفع قيمة تكاليف البضائع المستوردة، حيث ارتفع سعر نقل الحاوية الواحدة من الصين إلى سورية من ٢ إلى ١١ ألف دولار بسبب القانون الجائر بتبعاته على الشعب السوري».
وأشار إلى أن عناصر مكتب مكافحة التهريب من الجمارك، الذين قدموا إلى حلب بأعداد كبيرة، ركزوا مداهماتهم في أسواق العزيزية والموكامبو وكل الأسواق التجارية الحيوية «ودققوا في كل تفاصيل البضائع، التي منها بضائع سورية ليس عليها «لصاقة» تعريف فاعتبرت مخالفة، كذلك البضائع المستوردة من الصين في عام ٢٠١٨ وفق بيان نظامي لم يقبلوه وجرى مصادرتها من دون مراعاة ظرف حلب التي كانت تغلق محالها التجارية في بعض الأسواق مثل الموكامبو ولم تتمكن من بيع بضائعها، إضافة إلى ضعف القوة الشرائية وإجراءات جائحة كورونا الاحترازية وتأثيرها السلبي على الأسواق».
ولفت صاحب محل لبيع المجوهرات التقليدية والفضية والأحجار الكريمة في ساحة العزيزية جوزيف فنون إلى أنه سيقاضي عناصر مكتب مكافحة التهريب الذين حضروا إلى محله في غيابه، ورفضوا الرد على مكالماته أو إعطائه مهلة وصادروا١٧٠ حقيبة «٢٠ منها محملة بالأكمار والنظارات الشمسية والساعات، وفيها بيانات جمركية نظامية لبضائع مخلّصة في دمشق وحلب»، وقال: «بيني وبينهم المحاكم»، وأردف: «أنا أدفع ضرائب للمالية وأشغّل عمال وورشاً في حلب ودمشق»!
يذكر أن عناصر مكتب مكافحة التهريب داهموا عشرات المحال التجارية في ١١ تشرين الثاني الماضي في حي الموكامبو ومحلة العبارة بمركز مدينة حلب وأغلقوا نحو ٥٠ محلاً لبيع الأدوات الكهربائية في الأخيرة، ما اضطر أصحابها إلى اللجوء إلى غرفة التجارة لحل المشكلة، التي بدورها تواصلت مع الجهات المعنية المختصة لإطلاق سراح الموقوفين منهم وإتاحة الفرصة أمامها لتبيان وضعهم القانوني فيما يخص إجازات استيراد بضائعهم.
وتوسطت الغرفة، وخلال الحملة ذاتها، لإطلاق سراح ٦ من أصحاب المحال التجارية ممن لديهم إجازات استيراد بعد إغلاق عناصر مكتب مكافحة التهريب نحو ٥٠ محلاً متخصصاً ببيع الألبسة في حي الموكامبو بتهمة اقتنائها بضائع مهربة تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الليرات السورية، الأمر الذي أثار حفيظة الوسط التجاري في حلب.
وكان صناعيو حلب طالبوا قبل ذلك بيوم واحد، خلال اجتماعهم مع مدير الجمارك ياسين جواد ورئيس الضابطة الجمركية العقيد خالد الفارس، مديرية الجمارك بإيقاف الدوريات الجمركية داخل المدينة وفي المناطق الصناعية بحلب من دون تنسيق مسبق مع غرفة صناعة حلب، وعدم التعرض للمواد الأولية للصناعة وتقديم تسهيلات اللازمة لهم «مع إيقاف التحريات ضمن المدينة وإبقائها خارجها، ومراعاة المناطق التي حررها الجيش العربي السوري» نهاية شباط ومطلع آذار الفائتين.