اقتصاد

وزير التموين: الحكومة ليست سعيدة برفع السعر … نواب: على اعتبار أن الخبز خط أحمر.. والوزير «الله يعينه» تصله القرارات جاهزة

انتقادات عديدة وجهها أعضاء مجلس الشعب إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باعتبارها الجهة المرتبطة مباشرة بهموم المواطن اليومية المعيشية والخدمية، وقد تطرق فيها الأعضاء إلى رفع الأسعار ومراقبتها في الأسواق وواقع توزيع مادة المازوت على المواطنين إضافة إلى حالات الفساد في محطات الوقود والأفران وغيرها من القضايا التي تتعلق بالواقع المعيشي والخدمي للمواطن وأداء عناصر الرقابة التموينية والتشدد في محاسبة الفاسدين منهم.
وكان خلال الجلسة إجماع على أن يكون هناك استجواب حكومي في موضوع رغيف الخبز ورفع سعره، الأمر الذي طرحه عضو المجلس جمال حساني متسائلاً «هل عقلنة الدعم أن تمد الحكومة يدها إلى لقمة الشعب».
ويضيف: وخلال عام واحد ارتفع سعر الخبز مرتين وهذا يؤكد أن الحكومة تلجأ إلى الحلقة الأضعف وتترك المطارح الضريبية التي تستطيع أن تجني منها المليارات.. الحكومة ذاتها وعلى لسان وزير المالية أكدت أن هناك تهرباً ضريبياً يصل إلى 50% فماذا فعلت الحكومة حيال ذلك؟ بالتأكيد لاشيء بل اتجهت إلى لقمة المواطن.
وأوضح أننا نسير في سحب تدريجي للدعم وليس عقلنة له، ولفت قائلاً «إننا كأعضاء مجلس الشعب نكون آخر من يعلم برفع سعر. فلماذا لا يكون هناك تشاركية في القرارات التي تمس المواطن؟ علماً بأن الحكومة كانت موجودة في المجلس منذ أسابيع وإذا كنا قد أوقفنا إعطاء السكر والرز للمواطن ورفعنا سعر الخبز والغاز فكيف نسمي ذلك عقلنة للدعم؟ هذه عملية شيطنة للدعم وسحب للدعم».
بدوره عضو مجلس الشعب شريف شحادة تحدث عن موضوع الغلاء الذي اعتبره كارثياً وقال: «إن الوزير اللـه يعينه لأن القرارات تأتيه جاهزة ومهمته فقط تصديرها تحت اسم الوزارة في الوقت الذي أصبح فيه المواطن عاجزاً عن تأمين احتياجاته الأساسية وللأسف الغلاء مستمر دون إيجاد حلول». داعياً وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى ابتكار الحلول وتقديم طروحات مختلفة للمشاكل التي يعاني منها المواطنون في مجال الرقابة على الأسواق وارتفاع الأسعار.
مشيراً إلى أن الحكومة تجتمع لتخفيض الأسعار وبعد الانتهاء من الاجتماع ترتفع الأسعار والمواطن يقرأ كل البيانات الحكومية التي ترددها ذاتها في كل اجتماع أو جلسة وتغير فقط التاريخ. آملاً من الحكومة أن تجتمع ليس لتقديم بياناتها وإنما لتقديم مقترحاتها للمستقبل لما فيه مصلحة المواطن وليس لتعبد الطرقات والشوارع.

نواب يسألون
وبالعودة إلى تساؤلات الأعضاء نجد أن هناك دعوة إلى ضرورة تكثيف دوريات حماية المستهلك داخل الأسواق التجارية والمحلات المتواجدة في الأحياء لمنع الغش ومحاربة احتكار المواد الغذائية الأساسية ووضع حد لتجار الأزمة الذين يستغلون الظروف الراهنة ومراقبة مدى صلاحية هذه المواد إضافة إلى تفعيل قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك وفرض غرامات وعقوبات رادعة بحق المخالفين، والاهم إعادة صالات الاستهلاكية والتجزئة إلى الوزارة لأنها خرجت عن المهمة التي أحدثت من أجلها بعد تأجيرها للمستثمرين والحد من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية مؤكدين على أنه من المفترض على الوزارة أن تعمل على استيراد المواد الغذائية من بلد المنشأ وليس من التجار.
ودعا أحد الأعضاء الوزارة إلى ضرورة اتخاذ خطوات وإجراءات حقيقية وجادة تؤكد حضورها في الأسواق وتطمئن المواطن بأنها تعمل على حمايته من جشع بعض التجار وليس بجولة للوزير تنزل فيها الأسعار لمدة 10 دقائق.
في حين انتقد العضو اسكندر جرادة أداء وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وغيابها عن الأسواق قائلا «إن الحكومة كانت تقول إن الخبز خط أحمر واليوم هناك الكثير من المواطنين أصبحوا تحت خط الفقر الأمر الذي زاد من تفشي حالات الفساد» مؤكداً أن الرقابة التموينية ضعيفة. داعيا إلى ضرورة مراقبة العدادات ضمن محطات الوقود ومنع التلاعب بها، مطالباً بالتدخل الإيجابي في الأسواق لمنع احتكار التجار وتوفير السلع والمواد الغذائية بأسعار منافسة.
في حين أكد بعض الأعضاء على أهمية تأمين سبل صمود المواطنين وأن يكون مجلس الشعب شريكا في القرارات الحكومية التي تمس المواطنين بشكل مباشر. كما دعا آخرون إلى ضرورة معاقبة المفسدين في بعض مفاصل الدولة ومحاسبة مستغلي الأزمة والظروف الراهنة التي تمر بها البلاد وإعادة النظر بالتشريعات ليس بإصدارها وإنما تطبيقها والتخفيف قدر الإمكان من الهدر داخل مؤسسات الدولة وتفعيل التشاركية بين مجلس الشعب والحكومة.
ولفت أحد الأعضاء إلى أهمية الحد من المصاريف التي يقوم بها المسؤولون بما يخص تغيير الفرش وتبديل المكاتب.. إضافة إلى وضع خطة واضحة ومقترحات لضبط الأفران التي تتلاعب وتسرق قوت الشعب خاصة «أن دخل المواطنين أصبح لا يساوي شيئاً اليوم أمام ارتفاع الأسعار الجنوني في الأسواق لاسيما في هذه المرحلة والتي من الواجب على الحكومة اليوم ضبط المافيات التي تقف وراء محطات الوقود والأفران». مؤكداً ضرورة زيادة الرواتب والأجور لتتناسب مع الأسعار وضبط الأسواق وان تأخذ مديريات التجارة الداخلية في المحافظات دورها الفاعل في الحد من ارتفاع الأسعار وإعادة النظر بسياسة مصرف سورية المركزي في مجال المحافظة على سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية.

المجلس يقرّ
من الجدير ذكره أن المجلس أقر في جلسته بالأمس التي عقدت برئاسة نائب رئيس المجلس فهمي حسن مشروع القانون المتضمن تعديل الفقرة /أ/ من المادة /36/ من القانون رقم /50/ لعام 2004 والمتعلق بنظام العاملين الأساسي في الدولة.
وتنص المادة الأولى من القانون على أنه يجوز بقرار من مجلس الوزراء تمديد مدة ندب العامل المحددة في الفقرة من المادة /36/ من القانون رقم /50/ لعام 2004 لمدة سنة واحدة.
وفي الأسباب الموجبة بين المشروع أن القانون يأتي نظرا لتعذر نقل العاملين المندبين أحياناً بسبب عدم توفر الشواغر اللازمة لذلك في ملاكات الجهة المندبين إليها وحفاظاً على استقرار أوضاعهم الحالية وأسرهم نتيجة لاستمرار الأوضاع والظروف الراهنة السائدة في سورية.

من فم الوزير :

بدوره بيّن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شاهين أن الحكومة لا تزال تدعم مادة الخبز بنحو 70 مليار ليرة على الرغم من الزيادة الأخيرة التي طرأت عليها، موضحاً أن الحرب الظالمة التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من أربع سنوات استهدفت جميع موارد الدولة لكن الحكومة لم تتخل عن كتلة الدعم كما أنها تعمل جاهدة لتحسين جودة رغيف الخبز بالتوازي مع ارتفاع السعر الذي طرأ مؤخراً على المادة من خلال التقليل من نسب استخراج النخالة. لافتاً إلى أن الوزارة قامت مؤخراً بإعفاء عدد من المديرين وإحالة البعض إلى الرقابة في إطار جهودها لمحاربة الفساد.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد شاهين أن الوزارة تعمل جادة لتأمين السكر المقنن وغيرها من المواد التموينية، مؤكداً وجود مخازين إستراتيجية لهذه المواد. وتابع قائلاً: «ونحن كوزارة أو كحكومة لا نسعد برفع الأسعار.. ولكن يجب الأخذ بالحسبان أنه لا دافع للحكومة بأي إجراء تتخذه سوى تطبيق وجدانها وفعل ما يمكن فعله لتحصيل نفقات الدولة». مشيراً إلى أن هناك أصولاً لموارد الدولة والإنفاق خاصة وان خزينة الدولة جيوب رعاياها ومواردها، متسائلا «هل للدولة أداة سحرية تستجلب بها المال؟»
وأضاف: «هل من المعقول أن يترك كيلو الخبر بـ12 ليرة والحكومة تنفق أكثر من 86 ملياراً دعما للحنطة فقط دون احتساب الخميرة والعمالة؟».
وتابع بالقول: «أنا لا أريد التصريح عن الأرقام ففي حسابات الحكومة كان سعر طن الدقيق 18 ألف ليرة سورية واليوم وبسبب انخفاض القوة الشرائية وانخفاض سعر الصرف يصل طن الدقيق إلى ما يزيد على 140 ألف ليرة سورية وكدولة نقدم طن الخميرة بـ50 ألف ليرة وطن الخميرة يزيد على 800 ألف ليرة كذلك ليتر المازوت نقدمه بـ7 ليرات وتسعيرة سعر المازوت 135 ليرة سورية وبناء عليه وبمسؤولية الدولة قامت الحكومة من خلال لجانها بإعادة دراسة تكاليف ما أمكن لسد الثغرات الواسعة الناتجة عن الحرب الاقتصادية».
وأوضح الوزير شاهين أن إخفاق الحرب على سورية أصبح أمراً محتماً على كافة المستويات وبناء علية قامت الحكومة بدراسة إمكانية تدوير الدعم وهي لم تتخل في أي حال عن كتلة الدعم والموازنة العامة للعام القادم تصل قيمة الدعم فيها إلى ترليون و54 مليوناً أي بزيادة عن العام الماضي.
مبينا أن الوزارة قامت مؤخراً باتخاذ العديد من الإجراءات وهناك عشرات القرارات تدرس بالتفصيل وإيجاد البدائل. وأوضح أنه تم زيادة عدد المراقبين التموينيين من مختلف الوزارات والجهات العامة على الرغم من أن مشكلة الرقابة على الأسواق ليس لها علاقة بقلة عدد المراقبين لأن الرقابة عمل جماعي ومجتمعي وليست فعلا زجرياً. مؤكداً أن موضوع صالات الاستهلاكية والخزن والتسويق المؤجرة للقطاع الخاص باهتمام الحكومة وهو ملف معقد بحاجة إلى إجراءات حقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن