ثقافة وفن

إضاءة على كلمة السيد الرئيس بشار الأسد … وزيرة الثقافة: سورية عدد من المكونات لكنها جميعها انصهرت في البوتقة الوطنية

سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

قدم السيد الرئيس بشار الأسد في الملتقى الدوري الموسع لوزارة الأوقاف (7/12/2020)، عدداً من الدروس والمقولات التي ترسم ملامح الخطاب العصري الجامع الذي ينبغي أن يتخذه كل بعثي وكل سوري وعربي أداة علمية في الإقناع والحوار.
وجمع الحديث بوجه عام في تركيب منسق مقولات وأفكاراً تبدو متناقضة في ظاهرها لكنها متكاملة في جوهرها عبر منطق التفكيك وإعادة التركيب الذي يتفق مع منطق الحياة، أي المسار الحيوي القائم على التركيب التكاملي. وبرعاية السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح أقيمت في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق الندوة الفكرية «إضاءة على كلمة السيد الرئيس بشار الأسد»، بمشاركة الدكتور عبد اللطيف عمران، ورئيس فرع (الفتح الإسلامي) في جامعة بلاد الشام الشيخ الدكتور حسام الدين فرفور، بإدارة الدكتور إسماعيل مروة.
وفي كلمة لها قالت وزيرة الثقافة: «أياً كان إيماننا فما دامت هويتنا وثقافتنا تقومان على الإيمان، فهذا يعني أن ما بيننا أياً كان ديننا ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ونرجو دائماً أن نركز على قواسمنا المشتركة بدلاً من التركيز على خلافاتنا».

إضاءة نبحث عنها

وفي محوره بين الدكتور عبد اللطيف عمران: «أن حديث السيد الرئيس حمل لنا الإضاءة التي نبحث عنها، فهو حديث أكثر من مهم لأنه أتى في ظرف يرخي بظلاله الكئيبة على الفرد وعلى المجتمع وعلى الدولة وعلى الوطن وعلى الأمة، وهو وإن كان محصوراً من حيث الظاهر بالمكان الذي قيل فيه ووجه في اللقاء الدوري للعلماء والعالمات في وزارة الأوقاف، فإنه في الوقت نفسه موجه إلى عموم الشعب بجميع قطاعاته الوطنية الثقافية المؤسساتية الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، ومن الصعب أن يحاضر أحدنا لمدة تزيد على الساعة شفاهية لنص كان من المفروض أن يكون كتابياً، فالجهد الواضح من خلال تحليل ظاهرة التلقي الذي سبق مشافهة الحديث، من قبل السيد الرئيس أصبح واضحاً، ولكن مشكلة النص الكبير تكمن في مكانة من يتناوله، نحن نتفهم هذا الجانب من المتلقي، لأن الحديث أتى في ظرف تحشيد مستدام ضد الرؤية الوطنية في القطر الصامد، كما أن مضامين الحديث متنوعة جداً لا يمكن إيفاؤها في هذه الندوة، وإذا أخذنا أي مصطلح من المصطلحات التي وردت في الحديث سواء كانت ليبرالية أم علمانية أو كانت علاقة المصالح بالعقائد، فمن المهم جداً النظر إلى الحديث ضمن المفهوم وليس ضمن المصطلح، لأننا إذا نظرنا إلى المصطلح الحديث نكون أخطأنا جداً، فهو يهدف إلى كيفية تلقي المصطلحات في زمن يعاني البلد فيه من أتون حرب رهيبة فانطلق من المصطلح إلى المفهوم، لأن المصطلح يتطور عبر الزمن، فالمقولات التي طرحها السيد الرئيس ليست معجمية حرفياً، لأن المصطلح توالدي ويختلف تداوله».
وأضاف عمران: إن «الحديث أتى في زمن فيه تصور جديد عن دور الدين في السياسة الدولية. وأدحض ظاهرة التصور عن الدين الإسلامي، ويجب ألا يبقى محصورا في عدسة غربية. وصحيح أن الخطاب موجه لمؤسسة دينية من حيث المكان ولكنه في الوقت ذاته موجه لجميع أبناء الوطن والعروبة والإسلام كافة، بأطيافهم الإقليمية والدينية، فالمؤسسة الدينية في سورية تندرج ضمن مؤسسة حكومية فيها نظام سياسي وطني يحكمه دستور وبرلمان وقوانين».

غني في الرؤى

ومن جهته أكد فضيلة الشيخ حسام الدين فرفور أنه: «من الصعب علينا أن نسبر أغوار هذا الخطاب العميق، لأنه غزير بالمعلومات، نوعي في أفكاره وغني في الرؤى، بعيد الأهداف والمآلات والمقاصد، والجميل أنه تكلم في خصوصية فقهية في علم أصول الفقه والاجتهاد ولا يتكلم فيها إلا من خبرها. ونحن في مجمع الفتح الإسلامي أحدثنا مركزاً دراسياً بحثياً وكان السبب المباشر لهذا هو خطاب السيد الرئيس وما فيه من وقفات وعمق وربط بين الشرائع والمقاصد وبين القواعد والمقاصد وقررنا تأسيس المركز وسنفتتحه برعاية السيد وزير الأوقاف».
وأفاد فرفور بأن: «القضايا الفكرية قضايا مزمنة أي دائمة وليست قضايا عابرة أو آنية أما تلك الظروف المادية والاقتصادية فهي حالة معكوسة تزول بزوال الأسباب، والسيد الرئيس والقيادة كلهم يعملون على تجاوز هذه المحنة وعلى تجاوز هذه المؤامرة، وهناك توجه يحاول الغرب تسويقه على أن الفرد هو الركيزة الأساسية في المجتمع في محاولة لتغييب النواة الركيزة في المجتمع إلا وهي الأسرة، بهدف تفكيك الفرد وتفكيك الأسرة، في محاولة لجعل الفرد هو وحده النواة والغاية، وذلك تجميد للفرد وجعله عبداً لرغباته وشهواته ومادياته وسلخه عن إنسانيته. واستخدام الدين لضرب المجتمعات ولتلبية أهداف سياسية. إنما نحن نمثل المنهج الإسلامي الذي أنزله اللـه، هناك وطن يجمعنا وهناك آمال وآلام وأهداف ومقاصد يجب أن ننظر إليها مع كل الأطياف والأديان».
وأوضح فرفور أن: «الإضاءات التي أخذناها من وحي خطابه أننا نؤمن بالدولة ولا نؤمن بالفوضى، نحن نؤمن بحرية التعبير والعقيدة والفكر فيما لا يؤدي إلى التدمير، ما يجري الآن على الساحة السياسية والفكرية من تجاوزات وعنف فكري يمس الأمن القومي، والسؤال الأشد إيلاماً من يستطيع إيقاف هذه المهزلة، من يمكنه وضع حد لهذا التردي والانحدار في المشهد الفكري والسياسي على مستوى الأفراد والجماعات والأحزاب؟
وأخيراً قال: الدين هو عين الحياة ومن يظن أن الدين هو معطف نلبسه يكن مخطئاً، فلنعبد اللـه كأننا نراه فإن لم نكن نراه فهو يرانا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن