قضايا وآراء

أميركا… الديمقراطية المزيفة

| ميسون يوسف

بعد أن تلقت الولايات المتحدة الأميركية إثر استقلالها، هدية كانت عبارة عن تمثال الحرية، وبعد أن وضعت التمثال على قاعدته مطلاً على المحيط الأطلسي، مر فيلسوف متابع للشأن الأميركي ونظر للتمثال وقال «غريب… كيف أن الأميركيين يقيمون التماثيل لموتاهم» في عبارة ذكية عميقة أراد منها القول وهو من عاش في الولايات المتحدة وعايش ما فيها وتيقن أن أميركا تدعي الحرية لنفسها ولغيرها وتدعي أنها تعمل من أجل نشرها ولكنها في الحقيقة تخنق الحرية وتقتلها ولا تترك للحرية في سلوكياتها أثراً أو مفعولاً.
اليوم مع متابعته لما جرى في 6 كانون الثاني 2021 في مبنى الكابيتول في واشنطن، أطلق أحد الخبراء قولاً مكملاً للأول حيث إنه وبعد أن شاهد الجماهير الغاضبة وغوغاء العصابات والميليشيات تقتحم مبنى الكابيتول لتمنع الكونغرس بمجلسيه من الانعقاد للتصديق على نتائج الانتخابات التي أفضت إلى خسارة ترامب وفوز بايدن بالرئاسة الأميركية، في منظر قل نظيره في جمهوريات الموز أو دول العالم الثالث التي تعيب عليها أميركا بعدها عن الديمقراطية، في ظل هذا المشهد وربطاً بالادعاءات الأميركية قال هذا الخبير «يبدو أن الديمقراطية الأميركية منتج معد للتصدير فقط وغير معد للاستهلاك الداخلي» وهو قول يعكس حقيقة الواقع الأميركي.
لقد أثبتت محاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات في أميركا أن الديمقراطية الأميركية هي ديمقراطية جوفاء خاوية مزيفة، بحيث إذا ما قيّض لأصحابها ظرف للخروج من قواعدها فإن العصابات والغوغاء الأميركية لا تتأخر في سلوك الطريق للتملص منها.
وعلى ضوء ذلك يتوقف المراقبون اليوم عند الخديعة الأميركية الكبرى للعالم، تلك الخديعة التي سمحت لأميركا أن تنشئ قاعدة في العلاقات الدولية بعنوان «التدخل الدولي الإنساني» ومنحت أميركا لنفسها بموجبها الحق بأن تتدخل في شؤون الدول الأخرى بحجة نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، على حين أن أميركا نفسها تعيش حالة البعد عن الديمقراطية وتهدر حقوق الإنسان وتعمل فعلياً بقواعد التمييز العنصري والديني والعرقي، نعم تهدر حقوق الإنسان الآخر كل آخر لا ينتمي لفئة البيض المستبدة المسيطرة على مقدرات الدولة والمتماسكة حول نسيج الدولة العميقة.
إن أحداث 6 كانون الثاني 2021 فضحت زيف الديمقراطية الأميركية وأسقطت القناع عن بشاعة الحياة السياسية الأميركية كما أنها عرت أميركا أمام العالم وأظهرت نفاقها وتزويرها الذي عانى منه العالم كله وكان لمنطقتنا خاصة العراق وسورية نصيب كبير من عدوانية أميركا بسبب هذا التزوير والتلفيق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن