ثقافة وفن

من المقصر الناقد أم الأديب؟

| د. رحيم هادي الشمخي

إن الأدباء يقصرون فيعلقون قصورهم على «شماعة» النقاد ويعجزون عن تقديم «تجارب كبيرة» فيهجونهم، أما الأدباء فيكتفون بالحديث عن «أزمة النقد الأدبي» وينعون على النقاد كسلهم وتعاليهم، وحتى عجزهم في بعض الأحيان، فأين هي الحقيقة؟
أنا أزعم أن الأدباء هم المحقون، ذلك لأن حديثهم عن «أزمة النقد» حديث بالحيثيات، في حين حديث النقاد عن «قصور» الأدباء و«نضوب الإبداع» لا حيثيات له ولا مقدمات، فليس ثمة ناقد واحد زعم زعماً واحداً في هذا المجال وأيده بدليل واضح، كلهم يقول كلاماً عاماً، وكلهم يتنصل أو يصمت ساعة المطالبة بالتحديد، وإذا أنت ألحقت في طلب الحجة ردوا عليك بغلظة وأنفة: وهل فيكم من هو مثل السياب؟ حتى باتوا من فرط تعللهم بالسياب يبالغون في قيمته ومكانته.
لا يا سادة ليس في شعرائنا من هو مثل السياب، لأن السياب واحد وإذا ما تكرر في غيره فإن الثاني لن يكون شيئاً مذكوراً، ولكن تعالوا إلى كلمة سواء بينكم وبين الأدباء، وأوضحوا لهم لم توقف الإبداع عند السياب ورهطه وكيف لم يقدم «ورثته» إلا تجارب ساذجة وعادية وصغيرة وملتوية، وإلا فأنتم تطلقون محض دخان.
والأدباء يا سادة لا يشترون نقداً بأدب، لأنهم لا يبيعون أدباً بنقد، أو بغيره، وإذا فعلوا فما هم بأدباء، الأدباء يكتبون ويبدعون فحسب، إذ لا مجد لهم إلا مجد الكتابة والإبداع وها هم يكتبون ويبدعون، كل حسب طاقته، فماذا أنتم فاعلون؟
تعالوا نتصارح فيما أنتم فيه، فأنتم لا تجدون في أدبائنا من يستحق أن تكتبوا عنه، ولم تكتبوا، فهل كتبتم شيئاً آخر ذا بال؟ هل كتبتم في النظرية الشعرية، في الخيال ونظرياته، في موسيقا الشعر، في لغته، في الصورة الشعرية، في الأسطورة والرمز، في معنى الحداثة، أقول هل كتبتم في هذا أو غيره؟ أليس غريباً ألا تجد في مكتبتنا النقدية مصدراً واحداً لكم في أي موضوع من موضوعات الشعر الأساسية مثلاً؟ وعلام يدل ذلك؟
لندع هذا، ولنسأل سؤالاً آخر، ما حجم مساهمتكم في المكتبة النقدية العربية؟ ماذا قدمتم لهذه المكتبة من بحوث ودراسات تسهم في إثرائها وتطويرها؟ إننا نسألكم عن مبادرة واحدة مثل مبادرات النقاد العرب الآخرين على ضعفها وقلتها، دلونا على ما لديكم مما يشار إليه بالبنان في الوطن العربي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن