قضايا وآراء

المشهد الأخير

| دینا دخل اللـه

تابع معظم العالم بدهشة لا تخلو من الاستغراب هجوم مناصري الرئيس الأميركي المنتهة ولايته دونالد ترامب على الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي للاعتراض على نتيجة الانتخابات الرئاسية التي خسر فيها رئيسهم أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، مشهد لم نألفه من قبل في واشنطن بل هو أشبه بالمشاهد التي تحصل عادة في دول العالم الثالث التي تقوم الإدارة الأميركية بانتقادها وتطالبها باحترام إرادة الشعب والعملية الديمقراطية.
لم تشهد الولايات المتحدة الأميركية منذ استقلالها عام 1776 انتخابات مثيرة للجدل كانتخابات هذه السنة، ولم يتعرض مقر السلطة التشريعية الأميركية لاعتداء مماثل منذ حرق الجيش البريطاني العاصمة واشنطن عام 1814، فهل تخطى الرئيس ترامب جميع الخطوط الحمر؟ وهل يشكل ترامب خطراً على الدستور والديمقراطية الأميركية؟
لعل هذا ما يؤمن به النواب والسياسيون الديمقراطيون وعدد لا بأس به من الجمهوريين، إذ طالبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي نائب الرئيس الأميركي مايك بينس بتفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي أو سيقوم مجلس النواب برفع طلب لعزل الرئيس بتهمة «التحريض على العنف». وهنا يجدر التذكير أن الرئيس ترامب تعرض لمحاولة عزل بأيدي الديمقراطيين في العام 2019 لكن مجلس الشيوخ برأه من التهمة.
ما التعديل الخامس والعشرون؟
أقر هذا القانون في الكونغرس عام 1965 على خلفية اغتيال الرئيس جون كنيدي. وبموجب هذا التعديل يستطيع نائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة أو لجنة معتمدة من الكونغرس، بتقديم إعلان مكتوب للكونغرس يقولون فيه:إن الرئيس (أي ترامب) غير مؤهل للقيادة ما سيجعل نائب الرئيس (أي بينس) رئيسا بالنيابة، لكن القانون يعطي الحق أيضا للرئيس (ترامب) لمناقشة هذه المزاعم، ثم يقوم الكونغرس بمجلسيه بالتصويت على الادعاء المقدم، ويحتاج مقدمو الطلب إلى موافقة ثلثي الأعضاء وإذا تعذر حصولهم على ذلك يتابع الرئيس مهامه، لم يستخدم هذا القانون في تاريخ الولايات المتحدة من دون موافقة الرئيس من قبل، إذ استخدمه الرئيس رونالد ريغان عام 1985 عند خضوعه لعملية جراحية، كما استخدم في عهد الرئيس جورج بوش الابن مرتين عام 2002 والعام 2007 للسبب نفسه.
لم يبق للرئيس الأميركي ترامب سوى بضعة أيام في البيت الأبيض، فما الفائدة من محاولات عزله في الأيام الأخيرة؟
في حال عزل الديمقراطيون ترامب سيضمن الديمقراطيون عدم عودته إلى ممارسة أي عمل سياسي مهما كانت طبيعته، خاصة أن العزل سيكون وفق التعديل 14 للدستور الأميركي الذي أقر بعد الحرب الأهلية الأميركية1861-1865 والذي ينص على أن من تورط في التحريض على العنف ضد أي مؤسسة من مؤسسات الحكومة الأميركية لا يجوز له المشاركة في العمل السياسي مدى الحياة.
ما بين عزل ترامب بموجب التعديل الخامس والعشرين وعزله بتهمة التحريض على العنف، يرى محللون أن محاولة الديمقراطيين عزل ترامب بدت كعملية ثأر ضد ترامب نفسه أكثر منها محاولة لإنقاذ الديمقراطية الأميركية، فهل على الديمقراطيين التفكير ملياً قبل التورط مع قاعدة ترامب الشعبية التي كبرت بـ11 مليون صوت منذ انتخابات 2016؟ وربما عليهم الأخذ بالحسبان فكرة ترك ترامب يموت سياسياً بأفعاله دون تدخل من أحد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن