الصفحة الأخيرة

ثنائيات تمثيليّة تبقى محفورة في الوجدان … دريد ونهاد من أعمدة المسرح السوري وانطلاقات تأسيسية لن تتكرر

| سوسن صيداوي

في الجزئية الأخيرة للحديث عن ثنائية غوار الطوشة وحسني البورظان، لا يمكننا أن نطوي الصفحة من دون أن نتوقف بالحديث الذي جمع هذه الثنائية في محطتها على خشبة أبو الفنون المسرح، وكانت بمشاركتها مع الفرق المسرحية الأخرى عند اتحادها بالمسرح القومي أو بالعروض التي قدمها مسرح الشوك، تكريساً حقيقياً للمسرح السوري في انطلاقات متميزة وضعت بصمتها الراسخة إلى أوقات قادمة وبعيدة في توالي المتابعة لعروض لاقت حماسة شديدة في الإقبال سواء في المدن السورية أم في الدول العربية، لجرأتها في الطرح ولشفافيتها في الحديث عن آلامنا المريرة في الواقع العربي، وما تعانيه مجتمعاتنا من فساد مازال محافظاً على وجهه كما هو ولم يغيّره حتى أيامنا هذه.

من أصل البداية

في عام 1953 كان الفنان نهاد قلعي لا يزال موظفاً في إحدى مؤسسات الدولة، ولكن شغفه بالتمثيل لم يمنعه من ممارسة هوايته بدايةً في عدة مسرحيات عربية وعالمية قدمتها فرق هواة المسرح والتي كانت تدعى «الفرقة الشرقية للتمثيل والموسيقا»، ثم أصبح اسمها «النادي الشرقي»، إلى جانب محمود جبر بالتمثيل الكوميدي والمخرج خلدون المالح. بعدها بستة أعوام أخرج قلعي للفرقة مسرحية «ثمن الحرية» للمؤلف الفرنسي إيمانويل روبلس وقد عرضت هذه المسرحية في القاهرة زمن الوحدة مع مصر. كما وتجدر الإشارة إلى أنه في العام نفسه تأسست وزارة الثقافة في سورية، وفي تلك الأثناء سعى مدير المسارح والموسيقا نجاة قصاب حسن إلى إنشاء «المسرح القومي»، الذي احتوى كل الفرق المسرحية الصغيرة، منها فرقة «المسرح الحر» التي تأسست سنة 1956 على يد عبد اللطيف فتحي ورفيق السبيعي. وفرقة «النادي الفتي» التي تأسست في العام نفسه على يد محمود جبر، وسواها من فرق الهواة، وفيه تولى نهاد قلعي الإدارة الفنية بالمشاركة مع رفيق الصبان.
في عام 1960 افتتح المسرح القومي بمسرحية «براكسا جورا» بإخراج رفيق الصبان، لتأتي بعدها مسرحية «المزيفون» من تأليف الأديب المصري محمود تيمور وإخراج قلعي، الذي أخرج بعد ذلك مسرحية موليير «البورجوازي النبيل»، ثم أعاد إخراج «ثمن الحرية» وشارك في التمثيل نجوم المسرح القومي ثراء وسناء دبسي، سليم صبري…. إلخ.

الثنائية على المسرح

كما ذكرنا في الجزأين السابقين بأن لقاء نهاد قلعي ودريد لحام تزامن مع تأسيس التلفزيون السوري، ومن السكيتشات المتلفزة التي قدمها العملاقان، صعد الاثنان وباقتراح من المدير العام للتلفزيون السوري صباح قباني، على الخشبة عبر سهرة كوميدية استعراضية بمشاركة محمود جبر والمخرج خلدون المالح، لتأتي بعدها المسرحية الكوميدية الاستعراضية «عقد اللولو» التي أخرجها قلعي، والتي كانت باكورة انطلاقة الثنائية في المشوار السينمائي والذي تحدثنا عنه مطولاً في جزئية سابقة.
في 1969 برز العرض المسرحي الكوميدي الناقد الذي قدمته فرقة «مسرح الشوك» وكان من تأليف عمر حجو وإخراج دريد لحام، ومن تمثيل: دريد لحام، نهاد قلعي، رفيق السبيعي، زياد مولوي، أحمد قنوع وغيرهم.
والمشوار بدأ يشتدّ حماسه في عام 1974 حينها تأسست في دمشق فرقة «أسرة تشرين» المسرحية، وكانت المسرحية الكوميدية السياسية «ضيعة تشرين» باكورة إنتاجها، وهي من تأليف محمد الماغوط، ودريد لحام، وإخراج دريد لحام وبطولته ومعه نهاد قلعي، عمر حجو، ملك سكر، أسامة الروماني، ياسر العظمة، صباح الجزائري، شاكر بريخان، وحسام تحسين بك. ولأن هذه المسرحية من صميم الواقع العربي لاقت نجاحاً فنياً واسعاً لشفافيتها ليس في المدن السورية فقط، بل أيضاً بعروضها التي لاقت إقبالاً واسعاً في الدول العربية. وبعد سنتين قدمت الفرقة مسرحية بعنوان «غربة» والتي تسلط الضوء على أهم الأحداث المتعلقة بالوطن العربي وفيها الطاقم الفني نفسه في التأليف والإخراج والتمثيل، سوى أن سامية الجزائري حلّت محل ملك سكر. وقد حققت هذه المسرحية شهرة واسعة خلال وقت قصير فقط من عرضها محلياً وعربياً، وأخيراً كانت آخر ظهور مسرحي لنهاد قلعي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن