قضايا وآراء

قراءة لتطور العلاقات السورية الروسية

| رزوق الغاوي

معطياتٌ جديدة موثقة باتفاقيات متعددة الجوانب تؤكد تنامي العمل الثنائي الروسي السوري الرامي لاستعادة قدرات الاقتصاد السوري، من خلال اتخاذ قرارات جادة تزيد بشكل كبير من القدرات الكفيلة بتنظيم العمل الثنائي بطريقة ممنهجة في إطار برنامج واسع الطيف وطويل الأمد للتعاون الإستراتيجي بين البلدين.
معطياتٌ عملية تحمل في طياتها دلالاتٍ كبيرة ومتعددة الجوانب، تعني أن موسكو ودمشق ذاهبتان باتجاه بلورة ملامح مرحلة جديدة في تعامل الجانب الروسي مع الملف السوري، وبالتالي نحو مرحلة جديدة بالغة الأهمية والدقة والتجدد من التعاون الإستراتيجي وخاصة في المجال الاقتصادي، ما من شأنه رفع مستوى القدرات السورية على مواجهة الآثار السلبية التي أنتجتها المؤامرة الكبرى التي تعرضت لها بلادنا منذ عشرة أعوام، ثم النهوض مجدداً والمضي نحو استعادة ثرواتها الطبيعية وخاصة في مجال الطاقة بفروعها المتعددة، وفي مجالي الزراعة والصناعة الغذائية، الأمر الذي من شأنه تمكينها من إزالة آثار ما دمره العدوان الامبريالي وبناء مستقبل جديد للشعب السوري وأجياله القادمة.
لابد هنا من تأكيد أن كون واقع الحال يثبت بالدلائل القاطعة أن روسيا الاتحادية باتت الحليفة الرئيسة لسورية باعتبارها الضامنة لإحلال الأمن والاستقرار فيها والداعمة لها في مواجهتها للإرهاب الدولي، والمساندة لها في مواجهة كل من الاحتلال الأميركي والاحتلال التركي، والتوصل معها إلى معاهدات سياسية تسهم في ضمان حياة كريمة للشعب السوري.
يمكن القول بثقة وقناعة كبيرتين: إن الوجود الروسي في سورية يتسم بالشرعية المطلقة، ويعتبر نتيجة منطقية لتطور العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ما يضمن وحدة سورية واستقرارها وازدهار الشعب السوري، وخاصة من خلال الدور الروسي الفاعل لتوظيف انتصارات الجيش السوري في عملية خلق الأجواء والمناخات المساعدة لتطوير القاعدة الاقتصادية السورية، عبر إقامة استثمارات فيها من الدول الصديقة لها تساعد في إعادة ما دمرته الحرب، والتعاون في مجالات الطاقة والنفط وإنتاج المواد الغذائية، من خلال علاقات موضوعية صادقة، تخدم في مراميها وأهدافها مستقبل الصداقة والتعاون الإستراتيجي السوري الروسي.
وتبدو مفيدة الإشارة هنا، إلى الزيارة التي سبق أن قام بها إلى دمشق عند مطلع عام 2012 وفد روسي رفيع المستوى ضم إلى جانب وزير الخارجية سيرغي لافروف، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية وقتذاك ميخائيل فرادكوف، حيث شكلت تلك الزيارة نقطة تحول أساسية في الدخول الروسي الواسع على خط الأزمة السورية وتبني موقف القيادة السورية والدفاع عنه أمام مجلس الأمن والمحافل الدولية الأخرى، فضلاً عن توسيع إمداد سورية بالمعدات العسكرية والخبراء العسكريين.
أما المرحلة الثانية فقد بدأت في نهاية أيلول 2015 من خلال المساهمة العسكرية الروسية المباشرة بالتنسيق مع الجيش العربي السوري، في إدارة العمليات القتالية التي أسفرت عن استعادة القوات المسلحة السورية وحلفائها زمام المبادرة ودحر العصابات الإرهابية وطردها من معظم المناطق التي تمكنت من السيطرة عليها بدعم مالي وعسكري خليجي وتركي وأميركي.
لابد من القول إن إضفاء الشرعية على المشاركة الروسية في مواجهة الفصائل الإرهابية هو أمر بالغ الأهمية، باعتباره يستند لوثائق قانونية تم إبرامها بين روسيا وسورية وبما يندرج في إطار المصالح المشتركة للبلدين، وبشكل خاص المصلحة الوطنية السورية ويحقق لها توازناً استراتيجياً على المدى الطويل ويحصنها ضد ما يحيط بها من أخطار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن