جرائم العالم الافتراضي.. 70 بالمئة منها تشهير و15 بالمئة معلومات كاذبة و9 بالمئة احتيال … رئيس فرع الجرائم المعلوماتية: القانون يحمي «الطيبين» ومقولة لا يحمي المغفلين خاطئة
| محمد راكان مصطفى
كشف رئيس فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية في إدارة الأمن الجنائي العقيد لؤي شاليش أن عدد الضبوط المسجلة لدى الفرع وفي أقسام مكافحة الجرائم المعلوماتية في فروع الأمن الجنائي 2334 ضبطاً خلال العام الفائت 2020.
شاليش بيّن أن الجرائم الأكثر وقوعاً في مجال الجرائم المعلوماتية هي جرائم السب والشتم عبر الشبكة وجرم التشهير الذي هو من قبيل الذم ووصلت نسبتها إلى 70 بالمئة من إجمالي الضبوط المنظمة خلال العام الفائت 2020 والبالغ عددها 2334 ضبطاً، يليها جرم نشر معلومات كاذبة عن أشخاص عبر الشبكة وبلغت نسبتها 15 بالمئة، ومن ثم جرم الاحتيال عبر الشبكة بكل أنواعه وبلغت نسبته 9 بالمئة.
وأشار إلى انه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن الضبط الواحد قد ينطبق عليه في نفس الوقت أكثر من وصف جرمي، كأن يترافق السب والشتم مع التهديد وهنا نكون امام اجتماع جرمي لجرمين، وقد يرافقها ابتزاز وهنا نصبح امام اجتماع ثلاث جرائم
شاليش بين في تصريح خاص لـ«الوطن» أن عدد المواقيف خلال هذه الفترة تجاوز 150 موقوفاً، في حين تجاوز عدد إذاعات البحث 300 إذاعة، كما أنه تجاوز عدد البلاغات الـ900 بلاغ.
وعن تفشي ظاهرة الإعلان والاتجار بالمواد المدعومة عبر صفحات «فيسبوك» بين شاليش أنه يتم تجريم عمل الاتجار بالمواد المدعومة بالحبس لمدة سنة والغرامة المالية وفقاً لقانون حماية المستهلك رقم 14، مضيفاً: وعندما تمارس الجريمة عبر الشبكة يضاعف الحد الأدنى للعقوبة وفقاً للمرسوم 17 لعام 2020.
وكشف العقيد شاليش عن ضبط عدة حالات للإتجار بالمواد المدعومة عبر الشبكة، وأنه تم إلقاء القبض عليها وإحالتها للقضاء المختص.
احتيال الكتروني
وبالنسبة لحالات الاحتيال عبر نشر مواصفات مخالفة لحقيقة السلعة المبيعة، أوضح أنه لا يمكن التحرك من دون شكوى تقدم بحق المتلاعب، مؤكداً ورود شكاوى لوقوع مثل هذه الحالات.
وأشار شاليش إلى أن حالات الاحتيال الالكتروني بجلها تقع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات تعرض منتجات أو خدمات، مؤكداً أنه على المواطن أن يعي بأن التعامل بالفضاء السيبراني (الانترنت عبر الشبكة) هو تعامل مع عالم افتراضي لا يمكن الوثوق بمن فيه، مشدداً على أنه يجب عدم دفع ثمن أي سلعة قبل التحقق منها وفحصها ومعاينتها في الواقع.
وأشار إلى ورود شكاوى عن قيام مواطنين بتحويل ثمن السعلة قبل استلامها، أو أن يتم التسليم ضد الدفع ليفاجأ المستلم أن السلعة لا تحمل المواصفات نفسها التي كانت معروضة عبر الصفحة، مبيناً أن معظم الحالات من نسبة 9 بالمئة الخاصة بالاحتيال عبر الشبكة هي من هذا النوع، مؤكداً ضبط الكثير من الحالات والقبض على أشخاص وإحالتهم إلى القضاء.
اختراق حسابات
وأكد العقيد شاليش أنه لم يتم ضبط أي حالة اختراق لحسابات مؤسسة مالية أو مصرف في سورية خلال العام 2020، مضيفاً: قد تحصل أحياناً سرقة مادية لبيانات مالية بسرقة كلمة مرور أو سرقة أقراص ليزرية (cd) أو ذواكر أو هاردات تحوي بيانات مالية، ولكن لم يتم ضبط سرقة لبيانات باستخدام الشبكة، موضحا بأن مثل هذه الجرائم قليلة نسبيا في سورية.
أسعار الصرف
وعن نشر أسعار الصرف بصورة غير نظامية، بين شاليش أن حرب الإشاعات أصبحت من العلوم الأمنية، وتلعب الثقافة المجتمعية دوراً كبيراً في تداولها ونشرها، مضيفاً: وقد يكون الكثير ممن يساهمون بنشر الإشاعات من ذوي النية الحسنة إذ يظنون أنهم يتبادلون معلومات صحيحة، معتبراً أن عملية التوثيق شخصية عن كيفية التعامل مع الخبر، مضيفاً: هناك أشخاص يصدقون الخبر وينشرونه، وهناك أشخاص يبحثون عن التوثيق وصحة الخبر، وآخرون يقومون بتحريف الخبر والزيادة عليه.
وأوضح شاليش أنه وفقاً لقانون العقوبات يجرم أي شخص ينقل معلومة أو خبر، وأي شخص ينشر ما يتم تداوله عبر الشبكة في حال كان يمس بالأمن العام أو المكانة النقدية للدولة، لافتاً إلى أن الإشاعات التي يتم تداولها عبر نشر سعر الصرف، فعل مجرم لكونه يتم تداول إشاعات تضر بالمكانة النقدية للدولة خاصة بعد صدور المرسومين 4 و5 لعام 2020 واللذين نصا بشكل صريح على اعتبار تداول أسعار الصرف عن طريق الشبكة يعتبر إعادة نشر لسعر وهمي للعملات الصعبة، يضر بالمكانة المالية وقد تصل عقوبته إلى السجن لسبع سنوات.
وبين شاليش أن تثقيف المستخدمين لخطورة الموضوع أخذ بعض الوقت وكانت هناك فترة زمنية، كاشفاً عن ملاحقة بعض الذين قاموا بنشر سعر وهمي، مبيناً أنه كان الكثير منهم يقومون بالنشر عن عدم وعي أو عن جهل، إذ إنهم كانوا يرون المنشور على «فيسبوك» ويقومون بمشاركته على صفحتهم من دون وعيهم أن هذا يعتبر إعادة نشر، مؤكداً أنه وبعد التأكد من حسن نيتهم كان يتم الاكتفاء بتنبيههم في حال التأكد من التزامهم.
وذكر شاليش جهود الفرع في تطبيق المرسوم 4 و5 لعام 2020، موضحاً بأنه تم العمل مع كل الوحدات الشرطية لتطبيق هذين المرسومين وخاصة مع قسم غسيل الأموال في إدارة الأمن الجنائي، مبيناً أنه تم تقديم الخبرات الفنية على أجهزة الموبايل والحواسب التي تمت مصادرتها من المتعاملين بغير الليرة السورية، وتم تثبيت الجرم عليهم بالدليل الرقمي، بأنهم متعاملون ويقومون بتصريف العملات الصعبة.
جرائم نادرة
واعتبر شاليش أن التعامل بالمراهنة عبر الشبكة والقمار عبر الانترنت هو من الحوادث التي لا ترقى لأن تكون ظاهرة في مجتمعنا، مشيراً إلى أن حالات القمار وتسهيل دور القمار في سورية تقتصر على الواقع الملموس، ومن الممكن أن تقع في مقاه أو أحد المنازل، وبالنسبة لممارستها عبر الشبكة وهي حالات نادرة جداً ولم يتم ضبط أي حالة خلال عام 2020 وكذلك الأمر بالنسبة للمضاربة بالبورصة العالمية (الفوركس).
ولفت شاليش إلى أن العملة الرقمية بيتكوين تعتبر حتى تاريخه غير متداولة في سورية، موضحاً أن التعامل معها له إجراءات معينة من خلال إنشاء محفظة مالية على الشبكة، مشيراً إلى أن معظم استخدامها يتم عبر الانترنت المظلم (الدارك ويب)، وهي حتى الآن لا تشكل ظاهرة في السوق السورية.
وعن استخدام الشبكة في تنفيذ جرائم كالاتجار وترويج المخدرات والإتجار بالأشخاص والاتجار بالأعضاء وغيرها من الجرائم، قال شاليش: هذه الأفعال مجرمة قبل صدور قانون الجرائم المعلوماتية ولكن الوسائل التقنية أتاحت استخدامها للاستفادة منها، ومن بين هذه الجرائم الإرهاب الذي استخدم الشبكة بشكل كبير في ارتكاب والتنفيذ عبر الشبكة.
وأشار شاليش إلى أن المشرّع السوري كان واعياً لخطورة استخدام الشبكة في تنفيذ الجريمة وقام في المرسوم 17 لعام 2012 الخاص بالجرائم المعلوماتية، بالتشدد بالعقوبة وذلك عن طريق رفع الحد الادنى للعقوبة للجرم المرتكب عبر الشبكة.
وتابع قائلاً: عندما يكون الجرم عبر الشبكة أساسه المخدرات يتم التنسيق مع إدارة المخدرات وفروعها ويتم تزويدها بالمعلومات، مضيفاً: وخلال العام الفائت تم ضبط حالات خلال التحقيقات في إحدى جرائم الاحتيال عبر الشبكة ومن خلال جمع الأدلة والمعطيات الخاصة بالجرم تم اكتشاف أن أحد أطراف الاحتيال يقوم بترويج المخدرات وتمت إحالة المتهم إلى القضاء بعد الانتهاء من التحقيقات معه في جرم الاحتيال الالكتروني عن طريق إدارة مكافحة المخدرات للتوسع بالتحقيقات بما يخص جرم ترويج المخدرات.
الدفع الالكتروني
وجواباً لسؤال «الوطن» عن إمكانيات الفرع لمواكبة التوجه الحكومي إلى تفعيل نظام الدفع الالكتروني، بين شاليش أن صاحب الاختصاص والصلاحية بالحديث عن هذه الموضوع هي الهيئة الناظمة للاتصالات، موضحاً أن دور الفرع كضابطة عدلية يأتي لاستقصاء المعلومات والتحقيق بعد وقوع الجرم والمخالفة، مؤكداً ضرورة وجود تنيسق دائم مع الجهات ذات الصحة وخاصة الهيئة وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالدور التوعوي والوقائي.
وأكد العقيد شاليش أنه لم يتم ضبط أي حالة جرم تتعلق في الدفع الالكتروني مؤكداً صعوبة ارتكاب مثل هذه الحالات وخاصة أن الشبكة محلية وأن الكوادر الوطنية التي تعمل على إدارتها ذات كفاءة عالية وتعمل بشكل مستمر على حمايتها ومراقبتها لمنع الاختراق أو التلاعب أو التزييف والتزوير فيها.
من ملفات الفرع
وروى رئيس الفرع قصة عن قضية عالجها الفرع خلال عام 2020 عن شخص تاجر خيول اشترى حصاناً (مهرة) حيث قام بعد تزويده بصور ومقاطع فيديو لها بإرسال رعبون، وبعد أن أرسلوا له المهرة تبين أنها مختلفة تماماً عما تم الاتفاق عليه، وتقدم بعدها بشكوى للفرع.
وأجاب شاليش على سؤال «الوطن» عن صحة مقولة القانون لا يحمي المغفلين بأنها مقولة خاطئة، مؤكداً أن القانون وجد لحماية الأشخاص الطيبين الذين لا يملكون الوعي والخبرة الكافية.