كان بيرت ستيفينس أهم الإعلاميين في الحزب الجمهوري قد قال أمام الملأ في عام 2016 أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب «مرشح غير جدير بتولي الرئاسة» وتبين أنه كان محقاً، وفي مقابلة مع مراسل إسرائيلي لمجلة «ماكور ريشون» العبرية، في 14 كانون الثاني الجاري، أعاد ستيفنس للذاكرة ما أعلنه ترامب في حفل استلامه للرئاسة من باراك أوباما حين قال: «إن المذبحة التي وقعت لأميركا (وقصد من رئاسة الرئيس الأسبق باراك أوباما من دون أن يذكره علناً) سنوقفها الآن»، واستخدم هذه العبارة لكي يطلق سياسة تقوم بعكس ما كان يقوم به أوباما في شؤون السياسة الخارجية، وسار في طريقته هذه لتحقيق الأهداف الأميركية وكان الحزب الجمهوري يبدي إعجابه بهذه السياسة حين تنجح ولو مؤقتاً، ولذلك يؤكد ستيفينس أن «ما كان يقوم به ترامب ستختفي قيمته بعد ذهاب ترامب لأن الطريقة التي انتهجها في تحقيقه ليست من المنهج الذي اعتادته الإدارات الأميركية ونظام عملها».
الحقيقة أن ترامب سيغادر ويترك المشاكل المتزايدة التي ولدتها سياساته الخارجية والداخلية وخاصة في آخر أيام رئاسته، عبئاً على الحزب الديمقراطي والرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وهذا ما يعتقده اليهودي الأميركي الذي عمل في عهد الرئيس ريغان مساعداً كبيراً في وزارة الدفاع الأميركية دوف زيكايم، حين أجاب عن سؤال للمجلة الإسرائيلية قائلاً: «كان ترامب أسوأ رئيس أميركي وهو لم يكن جمهورياً ولا محافظاً»، وأشار إلى أنه كان مقامراً وليس محترف سياسة، وأضاف زيكايم: إن «ترامب اعتمد في سياسته على بقايا أنصار مجموعات كلوكسكلان العنصرية وعلى التعصب لسياسة البيض الأنغلو ساكسون الذين يكرهون الكاثوليكي فما بالك بالملونين»، وهذا ما يغضب الجمهور الأميركي ولا يعجبه ورأى أن ما قام به لإسرائيل عن طريق مجموعة مستشاره الخاص وزوج ابنته جاريد كوشنير وبمساعدة ديفيد فريدمان وهما من اليهودي الأميركيين المتشددين، سيخلف لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدين، متاعب مقبلة.
لقد أدخل كوشنير إلى البيت الأبيض هو وزوجته ايفانكا، طابعاً يهودياً لأول مرة بإحضار أبنائهما الثلاثة للاحتفال فيه بالأعياد اليهودية الدينية بمباركة الجد ترامب، ولذلك يرى زيكايم أن هناك من يسعى إلى استغلال ذلك لتأليب الجمهور الأميركي على اليهود ودفعهم إلى ترك البلاد.
ويبدو أن الأيام الأخيرة من عهد ترامب كشفت بعد اقتحام أنصاره المسلحين لمبنى الكونغرس والطقوس التي مارسوها والشعارات التي أعلنوا عنها من منصة قاعة اجتماعات مجلس الكونغرس أنهم من أشد العنصريين الذين لن يتحملوا وجود امرأة بمنصب نائب الرئيس الأميركي وهي من أصل غير أبيض بل ملونة والدها من أصل أفريقي من جامايكا في أميركا اللاتينية وأمها من سيرالانكا، وإذا توفي الرئيس بايدن فستحل نائبته كامالا هاريس محله وتصبح هي الرئيس الأميركي فيما يبقى من فترة ولايته. ويبدو أن ترامب أدرك طبيعة الميول العنصرية لأنصاره وقرر الاعتماد على هذا العامل لمنع تنصيب بايدن وكامالا، فقد اجتمعت أسباب عديدة لغضب العنصريين الأميركيين من فوز بايدن ومعه كامالا، منها ما يتعلق بلونها ومنشئها حين ستحتل هذا المنصب بل قد يدفعها هذا المنصب إلى محاولة ترشيح نفسها للرئاسة بعد انتهاء دورة جو بايدن عام 2024.
وعند الحديث عن إنجازات ترامب في السنوات الأربع الماضية تثبت الظروف الراهنة أنه لم يحقق أي إنجاز لهذه القوة الأميركية المتغطرسة في موضوع إيران وتهديداته لها ولا ضد سورية وتحريض إسرائيل على شن الغارات ضدها ولا ضد اليمن المقاوم ولا ضد كوريا الديمقراطية رغم قمته مرتين مع الزعيم الكوري كيم جونغ أون ولا ضد روسيا والصين ولا في صفقة القرن التي روج لها واستخدم من أجل تحقيقها كل نفوذ واشنطن وضغوطها على دول المنطقة من دون جدوى وأصبح كل ما أنجزه هو قرارات لضم القدس والجولان لمصلحة إسرائيل من دون أن توافق عليها أو تلتزم بها الدول الحليفة له ولإسرائيل، وبدا أن كل ما أنجزه ترامب هو سلب مبالغ مالية من دول الخليج كثمن للأسلحة وللاقتصاد الأميركي وهو يعد الرئيس الأميركي الذي كشف عن أزمات الولايات المتحدة الداخلية والخارجية المستعصية وعوامل الضعف المتزايدة في القدرة على حلها، إضافة إلى أنه الرئيس الذي ستجري محاكمته للمرة الثالثة بتهم أقلها التحريض على استخدام القوة لمنع الرئيس المنتخب بايدن من استلام منصبه.