المأكولات الشعبية بأسعار سياحية ورواد المطاعم من الأغنياء … العادات الاستهلاكية تغيرت جذرياً والنشرات التموينية «منفصلة عن الواقع»
| محمد راكان مصطفى - فادي بك الشريف
تغيرت العادات الاستهلاكية للمواطن بشكل جذري خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الارتفاعات الجنونية للأسعار الذي دفع المواطن إلى الاستغناء عن السلع والمواد، وبات اعتماده الأساسي على الخبز والنشويات.
وشهدت أسعار المأكولات الشعبية في العاصمة ارتفاعاً حاداً خلال الأشهر الثلاثة الماضية إذ ارتفعت أسعار المعجنات بنسب تتراوح بين 70 إلى 100 بالمئة حسب المحل ومكان وجوده.
فمثلا بلغ سعر قرص الصفيحة 250 ليرة بعد أن كان بـ150 ليرة وقرص الجبنة ارتفع إلى 200 ليرة بعد أن كان بـ100 ليرة.
ووصل سعر قرص الفلافل إلى 50 ليرة سورية بعد أن كان كل 4 أقراص بـ50 ليرة، وكيلو المسبحة تراوح بين 2800 و3000 ليرة.
ويعود ذلك بحسب أصحاب المحال ممن التقتهم «الوطن» إلى ارتفاع أسعار الطحين والطحينية، إذ وصل سعر شوال الطحين إلى نحو 70 ألف ليرة سورية بعد أن كان بـ30 ألفاً ثم ارتفع إلى 50 ألف ليرة سورية واليوم بـ70 ألف ليرة سورية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الزيوت والمحروقات والبقوليات والطحينة المستخدمة في صناعة الفلافل والمسبحة.
وبين العديد من أصحاب المحال أن الإقبال على منتجاتهم قد انخفض بشكل ملحوظ، لكن رغم ذلك فإن الكميات المبيعة لا تزال مقبولة نوعاً ما.
حتى إن أسعار المأكولات التي تلقى طلب عدد من المواطنين كـ«القبوات» وصلت لأسعار جنونية، حيث وصل سعر رأس الخاروف إلى 12 ألف ليرة، وكيلو (الفوارغ) بـ20 ألف ليرة، والوجبة لشخص واحد في أي مطعم تتراوح بين 15 و20 ألف وذلك حسب الطلب واسم المطعم ومكانه.
كما بلغت تكلفة زبدية «التسقية» للشخص الواحد، بين 2500 و3 آلاف ليرة، وقد تزيد حسب المحل والمنطقة.
وفي تصريح لـ«الوطن» قدر الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن المواطن يعيش حالياً فترة استثنائية، وسط ارتفاع جنوني للأسعار، مشيراً إلى أن المواطن أصبح غير قادر على تأمين مستلزماته حتى يومين، ما يولد إحساساً بالخوف من المستقبل، لتتولد حالة نفسية مع الحالة المادية والاجتماعية.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن المشكلة النفسية لا تقل أهمية عن الاقتصادية، وخاصة أنه سابقاً كان آخر تفكير المواطن هو «الطعام والشراب» الذي بات الهم الأساسي للمواطن.
مشيرا إلى انتشار أمراض ناجمة عن نقص (فيتامين d) نتيجة الاستغناء وعدم قدرة المواطن على شراء الكثير من السلع ذات القيمة الغذائية المهمة، وخاصة الأجبان والألبان.
واعتبر يوسف أن النسبة الكبيرة المرتادة للمطاعم ومحال المأكولات الجاهزة ومطاعم اللحوم هي من الطبقة الغنية، بالمقابل انخفض الطلب بشكل ملموس على مختلف المحال.
كما لفت إلى أن جزءاً من العائلات تؤمن احتياجاتها عن طريق الحوالات من أقارب لهم من الخارج، إضافة إلى العمل بأكثر من جهة ومهنة.
واعتبر يوسف أن النشرات التموينية منفصلة عن واقع السوق بشكل كامل، وأن الأمر بحاجة إلى معالجة شاملة وإعادة هيكلة من جديد.
وحول أثر ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية على زيادة نسبة الغش والتدليس من ضعاف النفوس، قال مدير مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية علي الخطيب لـ«الوطن»: إن بعض الذين يمارسون العمل التجاري أو الصناعي يلجؤون أحياناً إلى اتباع منافسة غير مشروعة من خلال غش المواد أو مخالفة المواصفات وبيع المواد على حساب الجودة مستغلين بذلك ضعف القوة الشرائية أحياناً أو من خلال التدليس بعرض المادة وإيهام المستهلك أنها ضمن المواصفات النظامية مثال (تخفيض الوزن أو التلاعب بالمواصفات بشكل عام).
وفيما يخص الآليات الوزارية لمكافحة هذا السلوك والحدّ منه، أكد الخطيب أن الوزارة تقوم من خلال دوريات حماية المستهلك بمتابعة هذه المخالفات بشكل يومي وضبطها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالف، إما من خلال سحب العينات وتحليلها بالمخابر المعتمدة وإما من خلال الضبط المباشر بالمشاهدة.
ونوه الخطيب بالتشدد بقمع المخالفات من خلال إغلاق الفعالية أو إحالة المخالف موجوداً حسب جسامة المخالفة إلى القضاء، كاشفاً عن تنظيم 2204 مخالفات خلال النصف الأول من الشهر الحالي.