قضايا وآراء

ماذا قال كيسنجر عن دول الخليج؟ وماذا يريد أوباما منها؟

تحسين الحلبي :

يكشف البروفيسور غريغ غراندين أستاذ التاريخ في جامعة نيويورك صاحب كتاب (إمبراطورية الضرورة) ومعه البروفيسور نيل تيرس صاحب كتاب (ميدان معركة الغد حروب أميركا بالوكالة) أن أميركا باعت السعودية أسلحة بقيمة تزيد على تريليون دولار حتى الآن وأنها استغلت عام 1974 ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الحظر الذي فرضته الرياض أثناء حرب تشرين 1973 فبدأت تستخدم أموال النفط الخليجية لمصالحها الاقتصادية والإستراتيجية وخصوصاً تصدير الأسلحة لهذه الدول علماً أن السعودية اشترت أسلحة بقيمة 80 مليار دولار في العام الماضي بموجب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز ويستنتج الكاتبان الأميركيان أن إدارة أوباما لا تزال تسعى إلى استغلال كل دولار من عائدات النفط السعودية بشكل خاص وخصوصاً بعد أن أثبت سجل (هنري كيسنجر) في عام 1974 القدرة الأميركية على استلاب واشنطن لأموال النفط إلى حد جعله يتساءل أمام وزارة الدفاع الأميركية في تشرين الثاني عام 1973 قائلاً: «ألا نستطيع خلع شيخ واحد من شيوخ النفط لكي نرهب الآخرين؟» وكان قد نجح في ذلك الوقت بخلع الرئيس التشيلي المنتخب ديمقراطياً وتعيين الدكتاتور بينوشيه محله، هكذا تعاملت واشنطن مع قادة دول الخليج ولا تزال تتعامل معهم بالطريقة نفسها حين فرضت عليهم تعويم أسواق النفط بكميات كبيرة معظمها سعودية لكي تخفض أسعار برميل النفط فيخسرون مبالغ كبيرة بهدف فرض خسارة بمبالغ كبيرة على دولة روسيا المصدرة للنفط. فالولايات المتحدة تشن حروبها في المنطقة بقدرات مالية لدول الخليج وتبيع السلاح لهم بأكثر من تريليون دولار لاستخدامه في حرب (القرون الوسطى الطائفية والمذهبية) التي تمثل مجموعات داعش والقاعدة والنصرة أدوات القتل والتدمير فيها، وهذا ما يؤكده المؤرخان الأميركيان غراندين وتيرس في أبحاثهما وكتبهما حين يكشف الاثنان أن واشنطن تعمل الآن على زج السعودية بحرب مع طهران وليس في اليمن فقط وتسعى إلى إعادة إخراج حرب صدام مع طهران بطريقة سعودية خليجية جديدة تلحق الدمار بهذه الدول وبإيران والمنطقة بعد أن تسلب الجميع كل عائدات النفط ثمناً للأسلحة المستخدمة في هذه الحروب وثمناً لإعادة إعمار هذه الدول الخليجية، ولذلك حذر غراندين في أكثر من دراسة له دول الخليج من السير في هذا الطريق الذي سيدمر مصالح شعوب دول الخليج وبقية دول المنطقة ولا يستفيد منه سوى أصحاب مصانع السلاح الأميركي وشركات إعادة الإعمار والسيطرة الأميركية، فمن الملاحظ أن سجل حروب الولايات المتحدة لا تنتهي غالباً بانتصار حاسم عسكري أو سياسي أميركي وهذا ما يعرفه القادة الأميركيون من حربهم على فيتنام وأفغانستان والعراق 2003 وليبيا لكنهم يدركون أن معظم هذه الحروب لم تنفق فيها واشنطن دولاراً واحداً إلا وعملت على استيفائه من نفط ومصادر ثروة هذه الدول أو من نفط دول الخليج كما ذكر كيسنجر في عام 1974 ويقول تيرس إن دول الخليج والسعودية خسرت أموالاً هائلة حين دعمت صدام في حربه على إيران ودفعتها واشنطن إلى هذا الموقف الذي انتهى باحتلال الكويت عام 1990 ثم إعادة تحريره بقوات أميركية ودولية، لكن المستفيد الوحيد من كل هذه الأحداث في عام 1990 – 1993 كانت واشنطن التي تولت إعادة إعمار الكويت بعد أن دمرت قواتها وطائراتها الأميركية منصات النفط وبنيته التحتية، فهل ستسمح دول الخليج بأن يكرر التاريخ نفسه مرة أخرى بأيدٍ أميركية بعد أن أحبطت طهران ودمشق وموسكو حروبها؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن