قضايا وآراء

إسرائيل وحروب المنطقة

| تحسين الحلبي

زامير يسرائييف حاخام بالأربعين من العمر من المنتمين للتيار الديني اليهودي الصهيوني قال في مقابلة مع المجلة العبرية «زمان يسرائيل» في 25 كانون الثاني الجاري حول دوره في مشاركة جنود يهود أذربيجانيين في القتال ضد الجيش الأرميني في الحرب التي دارت حول ناغورني كاراباخ في نهاية العام الماضي: «إسرائيل هي دولتي كيهودي وأذربيجان هي دولتي كأذربيجاني» ويكشف في المقابلة أنه يعيش في إسرائيل، وقد خدم في الجيش الإسرائيلي، وهو يتابع دوره في باكو التي ولد فيها قبل مجيئه إلى إسرائيل للإشراف على 8000 من أفراد الجالية اليهودية في أذربيجان، وكان قد ذكر أن عدداً من شباب هذه الجالية كانوا قد انضموا للجيش الأذري للقتال ضد الجيش الأرميني لاستعادة ناغورني كاراباخ منه في الحرب الأخيرة، وذكر أن الجيش الأذري قتل له 2000 من الجنود ولم يذكر عدد من قتل من أفراد الجالية اليهودية الذين قاتلوا في هذا الجيش، لكنه قال إنه يحتفظ في الكنيس في مدينة باكو بصور للأذريين اليهود الذين قتلوا في حرب 2008 التي جرت لمشكلة ناغورني كاراباخ نفسها.
وروجت وسائل الإعلام الإسرائيلية ما تحدث به الحاخام يسرائييف ونقلته على يوتيوب ووزعته على وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تستغل هذا الدور في زيادة العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان، وكانت حكومة اسحق رابين عام 1993 أول من استغلت انهيار الاتحاد السوفييتي وسارعت إلى عقد علاقات مع عدد من دول آسيا الوسطى التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي، ومن بينها أذربيجان.
فقد اقترح إفرايم سنيه أحد قادة حزب العمل على رئيس الحكومة رابين عام 1993 أن يبعث وفداً إسرائيلياً لبناء علاقات عسكرية وإستراتيجية مع هذه الدولة، بل إن سنيه نفسه قام بزيارة في ذلك الوقت لباكو وعدد من دول آسيا الوسطى وأصدر كتاباً بالعبرية يسلط الضوء فيه على أهمية هذه الدول لإسرائيل ودورها في محاصرة إيران على المدى الطويل وبخاصة أذربيجان التي تشترك بحدود واسعة مع إيران القوة الصاعدة والمستقلة، وما تشكله من خطورة على إسرائيل. واستفادت إسرائيل من نفط أذربيجان في تلك السنوات وكانت تحصل على 40 بالمئة من حاجتها من نفط أذربيجان، وحافظ الطرفان على سرية العلاقات العسكرية بينهما منذ عام 1994 إلى أن قام وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون في عام 2014 بزيارة علنية كشف عنها تقرير خاص لمجلة «إسرائيل ديفينس» الصادرة بالعبرية وتبين أن إسرائيل بتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة كانت تقوم بتزويد أذربيجان وجورجيا بأسلحة ومنظومات متطورة استخدمت ضد الجيش الروسي في النزاع مع جورجيا واستخدمت في حرب عام 2008 ضد الجيش الأرميني حول ناغورني كاراباخ، ثم تكرر استخدامها بدعم استخباراتي إسرائيلي لأذربيجان ضد أرمينيا في عام 2020.
هذا كله يدل على أن إسرائيل تضع لنفسها خططاً تتدخل بموجبها في النزاعات الداخلية بل تعمل على توليدها بين دول منطقة الشرق الأوسط، فقد كان لكل من أذربيجان وأرمينيا علاقات دبلوماسية مع تل أبيب في عام 2020 ولكل دولة منهما سفير فيها، ومع ذلك لم تتورع إسرائيل عن الكشف عن دورها في الحرب ضد أرمينيا ووقفت بهذه الطريقة إلى الجانب التركي ودور رجب طيب أردوغان المباشر في تلك الحرب بين باكو ويريفان، ويبدو أن أردوغان كان مسرورا من الدور الإسرائيلي في دعم أذربيجان.
السؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه الحقيقة: هل سيقاتل ابن الجالية اليهودية في جيش أذربيجان اليهودي الآخر في جيش لدولة أخرى يضم يهوداً من هذه الدولة؟
إن الحاخام اليهودي الصهيوني الإسرائيلي الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأذرية لن يكون ولاؤه إلا لكل عمل يخدم المشروع الصهيوني التوسعي الهادف إلى تمزيق الأمم والشعوب بنزاعات تؤدي إلى ضعف الجميع، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط والأدلة على هذا أكثرها وضوحا الجاسوس جوناثان بولارد المواطن اليهودي الأميركي الضابط في سلاح البحرية الأميركي الذي طلب منه الموساد (جهاز التجسس والعمليات الخاصة السرية الإسرائيلي) إرسال ما يطلع عليه من معلومات إلى رئيس محطة الموساد في واشنطن رافي إيتان، وقبض عليه متلبساً ثم حكم بالحبس المؤبد قضى منه أكثر من ثلاثين عاماً، ومنع من مغادرة الولايات المتحدة إلى أن اصدر الرئيس ترامب قبل أسبوعين العفو عنه من هذا المنع فانتقل إلى إسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن