سورية

شدد على ضرورة عدم الربط بين المساعدة الإنسانية والتقدم على المسار السياسي … سفير الهند في سورية لـ«الوطن»: علاقاتنا راسخة ونؤيد الحرب ضد الإرهاب

| سيلفا رزوق - تصوير: طارق السعدوني

أكد سفير الهند في سورية، حفظ الرحمن، أن الهند كانت وما زالت تؤكد احترامها لسيادة الجمهورية العربية السورية الصديقة، ووحدة أراضيها، وتؤيد حربها ضد الإرهاب بكافة أشكاله ومذاهبه، معتبراً أن سورية والهند تتمتعان بعلاقات ودية متينة وراسخة الجذور اتسع نطاقها عبر القرون.
وفي مقابلة مع «الوطن» عبّر سفير الهند عن أمله في أن يرى حلاً شاملاً وسلمياً في سورية، من خلال حوار بقيادة وملكية سورية، يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب السوري، مع الحفاظ على السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي والسلامة للجمهورية العربية السورية.

• نبدأ سعادة السفير بالسؤال عن تقييمكم لمستوى العلاقات الثنائية التي تجمع سورية والهند اليوم.. كيف نصف هذه العلاقات؟

العلاقات بين سورية والهند هي علاقات ودية متينة وراسخة الجذور، اتسع نطاقها عبر القرون إلى روابط اجتماعية وثقافية واقتصادية وعلمية وأكاديمية وما إلى ذلك، والهند ما زالت تؤكد احترامها لسيادة الجمهورية العربية السورية الصديقة، ووحدة أراضيها، وتؤيد حربها ضد الإرهاب بكافة أشكاله ومذاهبه، كما شهدت الدولتان تبادلات ثنائية على أعلى المستويات لعبت دوراً بارزاً في توثيق وتوسيع آفاق التعاون في مجالات مختلفة بين البلدين.
العلاقات بين الهند وسورية تاريخية، ونأمل أن نرى حلاً شاملاً وسلمياً للصراع المستمر منذ عقد من الزمن، من خلال حوار بقيادة وملكية سورية، يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب السوري، مع الحفاظ على السيادة والاستقلال ووحدة الأراضي والسلامة، للجمهورية العربية السورية.

• موقف الهند تجاه الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية كان واضحاً.. واليوم تتعرض سورية لحرب اقتصادية غربية تستهدف لقمة السوريين ومواردهم وحقهم حتى بالحصول على الدواء، كيف تنظرون لهذه الإجراءات القسرية وكيف يمكن للهند مساعدة سورية في تجاوز آثار هذا الحصار الظالم؟

أود أن ألفت انتباهكم إلى ما قاله مندوب الهند الدائم لدى الأمم المتحدة السفير تي إس تيرومورتي في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، بأنه من المؤسف حقاً أن نلاحظ أن الأزمة المستمرة في سورية لا تزال بلا نهاية في الأفق، ولقد أصبحت أكثر تعقيداً بمشاركة لاعبين إقليميين، والعملية السياسية لم تنطلق بعد، لقد أدى تسييس الصراع وعسكرته إلى نتائج كارثية، حيث استغلت الجماعات الإرهابية الموقف وحصنت نفسها، وفشل المجتمع الدولي في معالجة الأزمة، وبدأ هذا يؤثر بالفعل على المنطقة برمتها، حيث انتقل المقاتلون الأجانب المتورطون في الصراع السوري إلى أماكن أخرى كمرتزقة، وأدى وجود المقاتلين الإرهابيين الأجانب، إلى تفاقم الوضع على الأرض، ومن الضروري أن تلتزم جميع الأطراف بالتزاماتها الدولية لمكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية في سورية.

ونأمل في أن ينتهي الصراع في سورية بشكل كامل عاجلاً وليس آجلاً، وأن تبدأ إعادة إعمار سورية بحيث تستعيد مكانتها في المحافل الدولية ودورها التاريخي في العالم العربي، ولتحقيق هذا الهدف، فإن الهند مستعدة للقيام بدور بنَاء وهادف في مجلس الأمن.

كما دعا الممثل الدائم للهند المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة لسورية في إعادة بناء بنيتها التحتية وحماية سبل عيش الناس ومكافحة فيروس «كورونا»، وعبّر عن شعوره بالقلق إزاء كل هؤلاء السوريين الذين يعانون من أوضاع هشة، وأدان الاضطهاد على أسس عرقية أو دينية، وأكد على أهمية السماح بالمساعدات الإنسانية دون عوائق وفقاً للمبادئ الإنسانية للأمم المتحدة وإعادة إعمار سورية بعد الصراع، وهذا من شأنه أن يهيئ الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين والنازحين داخلياً إلى أماكن إقامتهم الدائمة، ما سيسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والأمن على المدى الطويل في سورية.

تدعم الهند الأمم المتحدة في استمرار عمليات الإغاثة الإنسانية عبر جميع القنوات الممكنة، وذلك بالتعاون مع الحكومة السورية، وبهذا الخصوص، فمن المهم فصل المساعدة الإنسانية عن التقدم على المسار السياسي، ونحن نعتقد بأن السبب النبيل والضروري للمساعدة الإنسانية يجب أن يكون دائماً مجرّداً من السياسة.

• في لقاء سابق كنا تحدثنا عن اجتماع لجنة العمل المشتركة الهندية السورية، أين أصبحت التحضيرات لعقد هذه اللجنة أعمالها؟

فيما يخص اجتماع لجنة العمل المشتركة بين الهند وسورية، فقد تأخر بسبب جائحة «كورونا»، ولكننا قمنا بعقد اجتماع افتراضي في أيلول 2020، حيث ترأس الجانب السوري معالي وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، وترأس الجانب الهندي معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية موراليدران، واتفق الجانبان على زيادة التعاون في مجال بناء القدرات والمساعدات التنموية وزيادة المنح التدريبية تحت برنامج التعاون الاقتصادي والتقني الهندي من 90 إلى 150 منحة سنوياً، واستمرار التدريب السنوي للدبلوماسيين السوريين، وسبق أن شارك 80 دبلوماسياً سورية في برنامج تدريبي في الهند خلال السنوات الثلاث المنصرمة.

• سبق للهند أن قدمت مجموعة من المساعدات كان آخرها شحنة المساعدات الطبية التي هدفت إلى مساعدة سورية على تجاوز آثار تفشي فيروس «كورونا»، هل من خطوات هندية منتظرة في هذا الإطار؟

الهند تلعب دورها في مساعدة أصدقائها السوريين، فمنذ اندلاع الصراع في عام 2011، قدمت الهند 12 مليون دولار أميركي كمساعدات إنسانية للحكومة السورية من خلال القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف، علاوة على ذلك، أنشأت الهند حديقةً للتكنولوجيا الحيوية ومركزاً لتكنولوجيا المعلومات، وقدمت 265 مليون دولار أميركي على شكل خطوط ائتمان لمشروعات في قطاعي الصلب والطاقة.

وفي تموز 2020، ومن أجل مساعدة سورية على محاربة جائحة «كورونا»، فقد أرسلنا 10 أطنان من الأدوية إلى دمشق، كما نظمنا مخيماً لتركيب الأطراف الاصطناعية في دمشق خلال الفترة من كانون الأول 2019 إلى كانون الثاني 2020، والذي استفاد منه أكثر من 500 سوري، وقدمنا 1000 منحة دراسية للطلاب السوريين للدراسة العليا في الجامعات الهندية، والهند، بصفتها صديقاً موثوقاً به ودائماً لسورية وهي مستعدة لمواصلة تقديم كل مساعدة ودعم ممكن للشعب السوري.
وأود أن أنقل عن طريق جريدة «الوطن» أن حكومة الهند قامت بشحن ألفي طن من الرز كمساعدة إنسانية للشعب السوري الصديق، والتي ستصل إلى سورية في منتصف شباط القادم.

كذلك يجري العمل حالياً على عقد دورة تدريبية مخصصة لكبار الموظفين والمديرين السوريين في مجال الإدارة العامة والحكومة الإلكترونية في الهند في شهري آذار ونيسان هذا العام، كما أننا اتفقنا على إقامة مركز متقدم لتقنية المعلومات في دمشق قريباً مع استئناف الرحلات التجارية، ونحن بصدد شحن وإرسال الأجهزة والأدوات الإلكترونية اللازمة للمركز، وإيفاد الخبراء الهنود إلى سورية لتعليم وتدريب الطلبة السوريين في مجال تقنية المعلومات.

كما أن هناك مشاريع أخرى سنقوم بتنفيذها خلال الأشهر القادمة، ومن بينها مشروع تركيب الأطراف الاصطناعية في سورية، وتدريب أخصائيين سوريين في الهند في مجال تركيب الأطراف والمعالجة الفيزيائية، وتقديم منح للدراسة الجامعية والماجستير والدكتوراه في الجامعات الهندية وسيتم إعلانها قريباً.

• تحتفل الهند بالذكرى الثانية والسبعين ليوم الجمهورية، أين تقف الهند اليوم بالنسبة لكل هذه المتغيرات التي تطرأ على مستوى العلاقات الدولية؟

أنتم تعرفون أن هذا هو اليوم الذي دخل فيه الدستور الهندي حيّز التنفيذ قبل سبعة عقود في السادس والعشرين من كانون الثاني 1950، وما زال الدستور الهندي إلى يومنا هذا وثيقةً حيةً استطاعت أن تتواءم مع التطورات والتغيرات المختلفة عبر العصور حيث يضمن الدستور لجميع مواطنيه العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحرية التفكير والتعبير والمعتقدات في المكانة والفرص.

والهند هي ديمقراطية برلمانية حيث يحظى مواطنوها بالحقوق والمبادئ الأساسية على السواء بصرف النظر عن المعتقدات التي يتبعونها واللغات التي يتكلمون بها.

وعلى المستوى الدولي ما زالت الهند تدعو إلى نظام ديمقراطي عالمي قائم على مبادئ وأسس تضمن المساواة لكافة الدول في العالم بصرف النظر عن مساحتها وعدد سكانها وقوتها العسكرية والاقتصادية.
أود أن أقول: إن الهند خلال العقود السبعة المنصرمة منذ تبني الدستور الهندي، أحرزت إنجازات هائلة في كافة مجالات الحياة فالاقتصاد في نمو والاندماج الإقليمي والدولي في ازدياد والتواصل الدبلوماسي في توسع.
البدء باللقاحات ضد مرض «كورونا»، جذب الانتباه إلى المعجزة الطبية الحديثة المتمثلة في التطعيم، لقد سلّطت جائحة «كورونا» الضوء على مكانة الهند كشريك موثوق به في مراحل توريد الرعاية الصحية العالمية مع نقاط قوة تكمن في التصنيع والبحث والتطوير والابتكار.

وتشارك نحو 30 مجموعة عبر الأوساط الأكاديمية والصناعية بنشاط في التطوير والتعاون والتطوير المشترك والتجارب للقاحات «كورونا» في الهند، وتوجد 6 لقاحات مرشحة، بما في ذلك 3 لقاحات مطوّرة محلياً، هي في مراحل التطوير السريرية و3 لقاحات مرشحة أخرى هي في مرحلة متقدمة من التطوير قبل السريري، والعديد من اللقاحات الأخرى هي في مراحل مبكرة ما قبل التطوير، وحصل لقاحان على تصريح للاستخدام في حالات الطوارئ في الثاني من كانون الثاني لعام 2021، ويتم حالياً توزيع أحدهما «أسترا زينيكا» (AstraZeneca-Oxford-Serum Institute) في أكبر برنامج لقاح «كورونا» في العالم.

تؤمن الهند برفاهية البشرية جمعاء، وقد طورت الهند لقاحها الخاص، فإن العالم ينظر إلى الهند بأمل وترقب، ومع تقدم حملة اللقاحات في الهند، وبسبب قوتها في مجالات الأدوية الحيوية واللقاحات، تعتبر الهند واحدة من المراكز الرئيسة في الجهود عبر الحدود، لمكافحة الوباء، وستستفيد العديد من بلدان العالم من تجاربنا، وكما قال رئيس وزراء الهند السيد ناريندرا مودي: «نحن ملتزمون بأن تخدم لقاحات الهند وقدرتنا الإنتاجية مصلحة البشرية جمعاء».

ومع انطلاق حملة التطعيم في الهند منذ منتصف الشهر الجاري، قامت الهند بتوفير ملايين اللقاحات للبلدان المجاورة والصديقة ومن بينها بوتان ومالديف وبنغلاديش ونيبال ماينمار وأيضاً إلى موريشوس والبرازيل والمغرب، كما أنها سترسلها إلى دول صديقة أخرى خلال الأيام والأسابيع القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن