يرى كثيرون أن لا حياة للمسنين، وأن من بلغ الستين من العمر لا يحتاج إلى شيء، وأنه يعيش في الماضي، ويعدّ أن كل شيء حسن وجميل في حياته قد ولّى.
حتى سن التقاعد حدد بالستين من العمر، مع أن هذا العمر هو عام النضج والخبرة ومعرفة الحياة تماماً.
تقول الطبيبة الروسية (أولغا ميسنيكوفا) في كتابها (كيف تظلين امرأة لمئة عام): إن الحياة تبدأ بعد العقد الخامس من العمر، الآن لي من العمر 88 سنة، وأنا ممتلئة بالقوة والطاقة والرغبة في الحياة، وحياتي الآن مستمرة، أحب وأستمتع كثيراً فيها، ولا يزال لدي الكثير من الرغبات، وأنا الآن مستقلة بنفسي، ولا أشعر بأنني عجوز هرمة بل (أنا سيدة في عمر ما).
أولغا ميسنيكوفا طبيبة شيخوخة، وأم ربت ولداً، بات الجميع يعرفه الآن بصفة (الدكتور ميسنيكوف) وهي مرشحة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الطبية، إنها ببساطة إمرأة جميلة تعرف حق المعرفة ما الذي ينبغي فعله كي تظل امرأة لمئة عام.
ومن أولى نصائحها الحركة. فهي ما زالت تنظف منزلها بيديها! تقول: (نعم، حتى الآن! ليس لأنني لا أستطيع شراء ممسحة أو مكنسة كهربائية، بل لأنه من الضروري تطبيق جهد يومي على عضلات الظهر والساقين واليدين، وخصوصاً في العمر المتقدم، عندما تصبح الدورة الدموية أبطأ مما هي عليه عند الشبان.
الحركة هي الحياة، يعني لكي تظل حياً ونشطاً دائماً، عليك دوماً بالحركة، وعندما يدور الحديث عن الحركة يتبادر إلى الذهن عادة التمارين التقليدية، وهذا ليس بالضرورة على الإطلاق، فإن حركة الجسم في أثناء الحياة اليومية تمثل بحد ذاتها التمارين المرجوة، وعلى سبيل المثال: من الأفضل الذهاب إلى مكان ما سيراً على الأقدام، وليس بوساطة النقل، أو الصعود سيراً على الأدراج وليس بالمصعد، ويومياً يجب المسير والتنزه وممارسة النشاط الجسدي والفيزيائي في تنظيف وترتيب المنزل، لذلك أغسل ثيابي بيدي وليس بالغسالة، وكل ما يحتاجه البيت من اهتمام وعمل أنجزه بنفسي من دون أن أنتظر مساعدة من أحد، ولا أفوّت أي فرصة للقيام بعمل أو نشاط ما، وهذه عادة لدي من سن الشباب).
ما أهمية المشي والحركة؟
في أثناء المشي تتحرك وبشكل لطيف وجيد، العضلات التي تنشط عمل أعضاء وأجهزة الجسم جميعها، ففي الحركة تبدأ حرارة الجسم بالارتفاع، ما يحسن من جريان الدم والتروية الدموية لكل الأعضاء، وتجري عمليات الاستقلاب بشكلها الأمثل، وتزداد قوى المناعة، وبهذا الشكل، وبفضل الحركة، تحدث زيادة في المقدرة الحيوية للجسم. وفيما عدا ذلك، يحصل تحسن نوعي في تبادل الغازات في الرئتين والأنسجة، لذلك يمتلئ الجسم بالطاقة، ما يحسن من الشعور الذاتي بالراحة، وعبر مشاركة كثير من العضلات، في عملية المشي يزول التوتر والتشنج الموجود في تلك الأجزاء من الجسم، كالرقبة والظهر، والقطن، وبقية أجزاء العمود الفقري.
الغذاء بشكل صحيح
يقول المثل: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت.
إذا كنتم على مدار حياتكم من محبي الحلوى، شرهين أو ذواقين للطعام، فيجب عليكم الانتباه في الكبر لما تضعون في الفم وتأكلون، أعيدوا النظر بغذائكم، وليكن ذلك مثار اهتمامكم. يوجد خلل في التغذية عند 75 بالمئة تقريباً من الناس المعمرين حسب الإحصاءات، فنحو 20 بالمئة يأكلون أكثر من حاجتهم، و60 بالمئة يأكلون بشكل غير عقلاني، يعبر عنه بغلبة المواد الغذائية كاللحم والدقيق في وجباتهم، مع محتوى عال من الدسم الحيواني والسكريات والمعجنات، وتناول غير كاف لمواد الحليب، السمك، الخضر والفواكه.
فيجب التغذية عند المسنين أن تكون كاملة القيمة، ومتوازنة، تأخذ بالحسبان قبل كل شيء الخصائص العمرية للجسم.
تذكروا أن التغذية الصحيحة في الأعمار المتقدمة، تسمح بالحفاظ على الصحة، والنشاط الفيزيائي والعضلي، والتنعم بحياة كاملة المواصفات.
ماذا عن الحب في سن متقدمة؟
تحسن العلاقات الغرامية الذاكرة ونشاط الدماغ، وإلى هذه النتيجة وصل الباحثون الغربيون عندما أثبتوا التأثير المكافح للشيخوخة، وكان ذلك من خلال استجواب 1700 شخص في عمر 58 – 98 سنة، أجراه اختصاصيون في مركز ألتراخ للصحة النفسية.
تقول المؤلفة: طبعاً كنت سعيدة في حياتي، عندما وقعت بالحب، فليس بالضرورة أن يتسنى لكل امرأة في العمر المتقدم أن تحب وتعشق، لكن حياتي تثبت أن ذلك ممكن. على كل امرأة أن تتذكر أنها امرأة مخلوقة من أجل الحب بالدرجة الأولى، ومن ثم للعمل، برغم أنه في الواقع العملي يوجد أحياناً العكس. وفيما لو أصبحت في سن التقاعد، وإذا لم يكن من الضروري توزيع الذات بين القماطات والحوانيت، فلماذا لا نكرس النصف الثاني من الحياة لأنفسنا؟
كيف نحارب الاكتئاب؟
إن أسباب الكآبة لدى المسنين كثيرة نذكر منها:
– العزلة والوحدانية
– خروج الأولاد من الأسرة
– موت الأشخاص المقربين
– انعدام الأهلية والصلاحية في العمل
– الأمراض المزمنة
– الصعوبات المالية
لذلك ابحثوا عن العواطف الإيجابية في الأحلام، وقراءة الكتب، وحضور الأفلام والمسرحيات، والرقص، ولا تنسوا الضحك، إن الأشخاص المرحين يعيشون طويلاً، والضحك والابتسام يزيل التوتر ويؤخر الشيخوخة.
وفي الخاتمة هناك بعض النصائح المهمة لتحتفظ بشبابك وحيويتك لأطول مدة:
تذكروا دائماً الأحاديث التي جرت معكم عن الحب والفرح، وانسوا ما مر معكم في أثناء العمل من تفاصيل مزعجة، فكلما كانت الذكريات السلبية والأحقاد أقل في الروح والذاكرة، كان تنفس الإنسان أسهل، تذكروا الأصدقاء من الطفولة البعيدة، ولا تتذكروا الأعداء حديثي العهد بكم.
يقول ستيفان سفايغ: من فهم الإنسان الذي في داخله فهم الناس جميعاً، ولربما من أكثر الصعوبات أن تفهم ذاتك، والمبدأ الأساس لأفعالك، أن تتعلم امتلاك عواطفك واحترام رغباتك، على ألا تجعل نفسك عبداً لها.
ويقول الصينيون: انتصر على نفسك، ولن تكون هناك حاجة للانتصار على الآخرين، وهكذا فلنتعلم إذاً فن التحكم والسيطرة على النفس. ويؤكد علماء النفس الأميركيون أن الأشخاص ذوي الأمزجة الهادئة واللطيفة في علاقتهم مع الآخرين، يشعرون بالسعادة لأنهم:
أولا- قادرون على الاستفادة من الفرص العارضة، وحتى خلقها.
ثانيا- يتخذون قرارات ناجحة بسليقتهم وحدسهم النفسي الهادئ.
ثالثا- قادرون على التصرف بواقعية ذاتية، محتفظين بعلاقة التفاؤل مع الحياة.
ولهذا عيشوا طويلاً! كونوا أصحاء، طيبين، محبين، ناجحين.
لا تخافوا الصعاب.
اعملوا الخير وابتسموا للحياة.
وطبعاً، لا تنسوا أن تتغذوا جيداً وتعتنوا بأنفسكم.