ثقافة وفن

في ذكرى وفاته.. رحل غاندي وبقيت مواقفه … أسس سياسة اللاعنف معتبراً أنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعه الإنسان

| سارة سلامة

في 30 من شهر كانون الثاني، من كل عام يتذكر الهنود غاندي، ودوره في استقلال بلادهم، ودعوته للتسامح، والمحبة. من البداية كان غاندي مؤمناً بأن الاختلافات العقائدية والعرقية، في الهند هي أحد مصادر قوته، ولا يجوز أن تكون باباً لتفتيت البلد الذي ناضل لسنوات من أجل الحصول على استقلاله.
اسمه في الأوراق الثبوتية، موهانداس كرمشاند غاندي، لكن العالم كله عرفه باسم المهاتما غاندي، و«المهاتما» تعني «الروح العظيمة»، وبالفعل ظل غاندي روحاً أبدية، يحتفي بها دعاة المحبة والسلام في العالم حتى بعد 70 عاماً على اغتياله.
في 30 كانون الثاني، من كل عام يتذكر الهنود غاندي، ودوره في استقلال بلادهم، ودعوته للتسامح، والمحبة.
ناضل للحصول على الاستقلال.
منذ البداية كان غاندي مؤمناً بأن الاختلافات العقائدية والعرقية، في الهند هي أحد مصادر قوته، ولا يجوز أن تكون باباً لتفتيت البلد الذي ناضل لسنوات من أجل الحصول على استقلاله.
كان غاندي المولود في بداية شهر تشرين الثاني 1869، يدافع عن الهنود من دون النظر إلى هويتهم الدينية أو العرقية، ولا حتى مكانهم، فخاض معركة لوقف التمييز، وبدأ نضاله ودفاعه عن الهنود في جنوب إفريقيا، عندما انتقل للإقامة في ولاية الناتال، على المحيط الهندي، وعمره لم يكن يتجاوز وقتها 24 عاماً، وبعد فترة قصيرة من الإقامة هناك اكتشف ما يتعرض له الهنود، وأجناس أخرى تعيش في جنوب إفريقيا أغلبهم من الآسيويين، ويعانون جميعاً التمييز العنصري، والاضطهاد.
فخاض معركة طويلة لوقف هذا التمييز، عن طريق تحرير آلاف العرائض وتوجيهها إلى السلطة «البيضاء» في جنوب إفريقيا، وقام بتنظيم حزب «المؤتمر الهندي» في الناتال، وأسس صحيفة «الرأي الهندي» التي صدرت باللغة الإنجليزية وبثلاث لغات هندية أخرى.
خاض معركة كبيرة ضد قانون كان يحرم الهنود من حق التصويت، وكذلك نجح غاندي ومن معه في تغيير ما كان يعرف وقتها باسم «المرسوم الآسيوي» الذي يفرض على الهنود تسجيل أنفسهم في سجلات خاصة، ونجح كذلك في ثني الحكومة البريطانية عن عزمها تحديد الهجرة الهندية إلى جنوب إفريقيا.

نهج «اللاعنف»

وعندما عاد إلى الهند عام 1915 وبعد سنوات قليلة من الانخراط في المجال العام، أصبح أبرز شخصية سياسية في الهند، بل تحول إلى زعيم شعبي يقود الملايين في فعاليات احتجاجية ضد الاحتلال البريطاني، والقوانين التي كانت تفرض مزيداً من الضرائب على الهنود، وكذلك تقوض حقهم في الحصول على الاستقلال.
وظلت الفكرة الأساسية لدى غاندي هي الإنسانية، حتى في نضاله ضد الاحتلال البريطاني، وقتها، فكان نهجه «اللاعنف»، وهو أول من استخدم هذه الوسيلة في الاحتجاج، وكان يؤكد دائماً أن «اللاعنف هو أعظم قوة متوافرة للبشرية.. وأنها أقوى من أقوى سلاح دمار صنعته براعة الإنسان».
ومع بداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال، لكنها كانت في الوقت ذاته تقترب من التهلكة، مع تزايد النبرة الطائفية في البلاد، وتعالي الدعوات الانفصالية، التي تطالب بتقسيم الهند إلى دولتين (باكستان للمسلمين والهند للهندوس).

دعا إلى الوحدة الوطنية

وهو ما رفضه غاندي بشده، وأعلن ذلك في أكثر من مناسبة، وحاول إقناع زعيم الانفصاليين المسلمين وقتها، محمد علي جناح، (محام ومؤسس دولة باكستان) لكن غاندي فشل، وأعلن جناح في 1947 استقلال إقليم باكستان، وإقامة دولة على الحدود التركية، وأصبح جناح حاكماً عاماً لباكستان منذ استقلالها وحتى وفاته 1948.
ومع هذا الإعلان سادت الاضطرابات في الهند، وبدأت حرب طائفية راح ضحيتها الآلاف، واعتبر غاندي هذه الحرب كارثة وطنية، ونادى بوقف الحرب التي نشبت بين الهند وباكستان على إقليم كشمير الحدودي.
واعترف غاندي باضطهاد الأقلية المسلمة في الهند، وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهندوس والمسلمين طالباً بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة، ولم ترض الجماعات الهندوسية المتعصبة بمقترح غاندي، واعتبروا دعوته خيانة عظمى.

النهاية

وبالفعل اختار شخص هندوسي يدعى ناثورم جوتسى يوم 30 كانون الثاني 1948 وأطلق ثلاث رصاصات قاتلة استقرت في صدر المهاتما غاندي.
لتكون هذه المحاولة الخامسة لاغتيال غاندي، لكنها أصابته هذه المرة، وطويت صفحة واحد من أشهر السياسيين في العصر الحديث عن عمر يناهز الـ78 عاماً، ونشر الخبر في كبريات الصحف حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن