رياضة

أرقام مخيفة..

| مالك حمود

العاطفة من أهم أمراض رياضتنا ورياضييها وعشاقها، فالإغراق في المشاعر أهم مصادر مشاكلنا خصوصاً المبالغة فيها، بدءاً من الفرح بتسجيل هدف والِإصرار على خلع القميص رغم المعرفة الأكيدة بأن هذه الحركة ستكلفه إنذاراً، وقد تكون سبباً في حرمانة من لعب مباراة بأكملها..! انتقالاً إلى الفوز وإعلان مراسم الفرح التي قد تتجاوز الساعات والأيام! وبنفس المقاييس تكون طقوس الحزن على الخسارة، وكم من ردات فعل ناجمة عن الخسارة تسبب في خسارات أكبر من النتيجة.
الحكاية هي مسألة ثقافة ووعي، وتربية نفسية منقوصة على هامش التربية الرياضية، وتتأزم أكثر عندما تنتقل إلى الجمهور حيث التعامل بعاطفة مفرطة وبعيدة عن الأسس والمقاييس العلمية أو المنطقية.
فالجمهور في كرة السلة، أو غالبيته مازال على قناعة بأن اللاعب الذي يسجل أكثر هو النجم الذي يستحق التغني باسمه والتغزل بفنياته ومهاراته، لو كان ذلك على حساب مشاعر بقية زملائه، في لعبة جماعية قوامها خمسة لاعبين في أرض الملعب وسبعة على التبديل، فأين التوازن في لعبة القراءة الرقمية هي أساس مقياس التقييم فيها؟ وجملة الأرقام التي يحققها اللاعب في المباراة تترجم مجموعة مهاراته وقدراته وجهده في أرض الملعب خلال الفترة الزمنية التي شارك فيها بالمباراة، وضمن معادلة رياضية متكاملة، تجمع ما فعله اللاعب في التسجيل من داخل القوس، وبالثلاثيات، ومتابعاته الهجومية والدفاعية تحت السلة وتمريراته الحاسمة، وقطعه للكرة من الفريق المقابل، وصد الكرة، إضافة للتسجيل العام للنقاط، لتكون مخرجاتها العلامة النهائية التي نالها اللاعب نتيجة أدائه.
القراءة الرقمية لها أهميتها لدى المعنيين خصوصاً المدربين، ولها دورها في تقييم مستوى اللاعبين لانتقائهم للمنتخبات أم حيال التعاقدات معهم.
الإحصائيات الرقمية للمباريات صارت أساسية في كل المباريات الرسمية، واتحاد السلة يعطيها حقها، بعدما شكل لها الكوادر المختصة والمرخصة للعمل في العملية الإحصائية، وتقديمها لمن يرغب من مدربين ولاعبين ومعنيين وحتى جمهور من باب الثقافة العامة والمعرفة.
ويبقى السؤال: هل يتم البحث في النتائج العامة لهذه الإحصائيات، لاسيما أن مدرب منتخبنا ساليرنو يتابع مباريات الدوري عبر الإنترنيت، ويقرأ إحصائيات المباريات، وهل شاهد ولاحظ هبوط نسبة التسديد من خارج القوس في مباراة الكرامة والوحدة، حيث تراجعت لأقل من الربع في مباراة تعج باللاعبين الدوليين، فأين نحن من المستوى الدولي، وهل سنواجه المنتخبات الأخرى بهذه النسبة وهل السبب فني أم نفسي؟!
إذا كان فنياً فالعمل عليه يجب أن يبدأ بطريقة أخرى، ولفئات أخرى، وإذا كان نفسياً فالعلاج يجب أن يكون بأساليب مختلفة، بدءاً من الأعمار المختلفة، ولن تتعافى سلتنا بين يوم وليلة، ومن يظن ذلك فسيقرأ كثيراً تلك الأرقام المخيفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن