قضايا وآراء

هل إدارة بايدن «تشبه أميركا» فعلاً؟

| دينا دخل الله

قال الرئيس الأميركي جو بايدن واصفاً إدارته «إن إنشاء فريق متنوع من المساعدين سيساعد في حل المشاكل التي تواجه الأمة»، كما وعد في حملته أن فريقه «سيشبه أميركا» ما سيساعد على تحديث وتطوير المؤسسات التي يسيطر عليها الرجال البيض.
لا توجد في الولايات المتحدة حكومة ولا مجلس وزراء بالمعنى الأوروبي، هناك إدارة فقط، وبالرغم من أن الدستور الأميركي لم يذكر أي شيء له علاقة بالإدارة التي ستساعد الرئيس، إلا أن الرئيس الأول جورج واشنطن، رأى أنه من الضروري وجود مساعدين للرئيس يساعدونه في تنفيذ مهامه وإدارة البلاد، وبما أن النظام السياسي في الولايات المتحدة الأميركية هو نظام رئاسي، فالرئيس وحده يمثل السلطة التنفيذية بكاملها يساعده في ذلك عدد من المساعدين يطلق عليهم اسم إدارة.
الرئيس الأميركي يشكل «حكومته» بحرية كاملة، إنها حكومته الشخصية الخاصة، التي لا يمكن أن يسقطها البرلمان حسب وصف الباحث الفرنسي أوليفيه دوهاميل، لذلك لم يكن أعضاء الإدارة محط أنظار واهتمام، فهم تحصيل حاصل خاصة إذا كان الرئيس صاحب شخصية قوية وكاريزما.
يبدو أن الأمور تغيرت هذه المرة، فقد انشغلت الصحف الأميركية بالحديث عن إدارة الرئيس بايدن التي اعتمدت على الأقليات والنساء أكثر من غيرها من الإدارات، إذ قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن إدارة الرئيس بايدن فيها نساء وأشخاص ملونون أكثر من آخر أربع إدارات، ما يعتبر تطورا وتحديثا لما كان حكراً على الرجال البيض، فإدارة بايدن فيها 48 بالمئة نساء، منها أول امرأة نائب للرئيس كاميلا هاريس، وأول امرأة وزيرة للخزانة جانيت يلين، وأول امرأة مديرة للاستخبارات الوطنية آفريل هينز، في حين إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب كان فيها 21 بالمئة نساء فقط، أما باراك أوباما فقد اعتمد على 33 بالمئة من النساء في إدارته، و21 بالمئة في إدارة جورج بوش الابن و24 بالمئة في إدارة بيل كلينتون.
فيما يخص الأقليات فإن إدارة بايدن فيها 52 بالمئة من غير البيض، كأول مهاجر يدير قسم الأمن الوطني أليخانرو مايوركاس، وأول وزيرة للداخلية من سكان أميركا الأصليين ديب هالاند. أما إدارة ترامب كان فيها 17 بالمئة فقط من غير البيض واعتمد أوباما على 42 بالمئة من الأقليات في حين إدارة بوش كان فيها 25 بالمئة من غير البيض و32 بالمئة في إدارة كلينتون. لا يظهر التغيير في إدارة الرئيس بايدن في عدد النساء والأقليات فحسب بل في المناصب التي يشغلونها، فالإدارة الأميركية تنقسم إلى دائرتين، الدائرة الداخلية تتألف من خمسة مراكز وهم وزراء الخارجية والخزانة والدفاع والأمن الوطني، المنصب الذي استحدث بعد هجمات 11 أيلول 2001، والمدعي العام. بالإضافة إلى منصب نائب الرئيس الذي أصبح ذا تأثير قوي في الفترة الأخيرة. أما الدائرة الخارجية فهي الأقل تأثيرا كالتعليم والزراعة. هذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها وجود نساء في الدائرة الداخلية للإدارة الأميركية، مادلين اولبريت وهاليري كلينتون وكونداليزا رايس كانوا ضمن الدائرة الداخلية. إلا أن وجود وزيرة الخزانة بالإضافة إلى نائبة الرئيس جعل من هذه الإدارة سابقة.
لكن أليس من الغريب أن تنتظر أميركا وهي التي تعتبر نفسها «رائدة في حقوق الإنسان والمساواة» إلى الآن لتعطي النساء والأقليات حقوقهم وخاصة أن نسبة الأميركيين الملونين تصل إلى 40 بالمئة من تعداد السكان حسب إحصائيات 2019! فهل هذا اعتراف ضمني من رجال السياسة الأميركيين أن الاستابلشمت الأميركي كان منذ تأسيسه إلى اليوم حكرا على فئة واحدة من الأميركيين؟ أم إن هذه الإدارة هي مجرد رد فعل على دونالد ترامب وأنصاره من اليمين المتطرف؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن