قضايا وآراء

إسرائيل وقادة اليهود الأميركيون

| تحسين الحلبي

أبراهام فوكسمان أحد زعماء المنظمة الصهيونية الأميركية واليهود الأميركيين وأهم رجل سياسة بينهم، قال في مقابلة مع مجلة «زمان يسرائيل» الإسرائيلية قبل يومين: إن ما سوف يخلفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لإسرائيل سيحمل مشاكل كبيرة عليها وعلى يهود الولايات المتحدة، ويقول ديفيد هوروفيتش الصحفي الإسرائيلي الذي أجرى هذه المقابلة معه: إن فوكسمان كان من المطلعين على معظم ما قام به ترامب ويقول: إنه يتمنى أن يتم عزله بتهمة الإساءة للدستور الأميركي لكيلا يرشح نفسه مرة أخرى في أي انتخابات جديدة، ويكشف فوكسمان أنه شاهد شريطاً مصوراً لأنصاره «كان مخيفاً فيما يعلنونه وما يؤمنون به»، وأضاف: إنه «في كل مرة قمنا فيها بإجراء استطلاع رأي حول تزايد المعادين للسامية في الولايات المتحدة كنا نجد أن النسبة تتراوح بين 10 إلى 12 بالمئة من الشعب الأميركي وهذا يعني وجود 30 مليوناً تقريباً وهناك 100 مليون ما زالوا يؤمنون بأننا مسؤولون عن موت المسيح أو أن 30 بالمئة يعتقدون أن اليهود غير مخلصين للولايات المتحدة، فهذا موجود وبشكل عميق»، ويجيب فوكسمان وهو رئيس «الرابطة الأميركية لمنع الإساءة لليهود» عن سؤال حول ما يجب أن تقوم به السلطات الأميركية لمواجهة هذه الظاهرة قائلاً: «لقد مررنا بحالات إحباط وغضب في فترات مختلفة لكن ما نشهده هذه المرة لا شبيه له بعد تحول المجتمع إلى العنصرية».
ويرى فوكسمان أن خطورة هذا الاتجاه العنصري الآن بدأت تتزايد لأنه اتجاه تسبب به رئيس أميركي هو دونالد ترامب في آخر أسابيع من ولايته وانتقل إلى قيادته، ففي الماضي لم يكن قادة هذا الاتجاه يستمرون طويلاً، ولم يكن لهم أنصار يمنحونهم 74 مليون صوت التي فاز بها ترامب، ويعول عليها أنصاره في هذه الأوقات. فما ولده ترامب لا يمكن أن يتلاشى برحيله وخسارته الرئاسة، بل هو نفسه ما زال يراهن على هذه العنصرية التي ستطول اليهود الأميركيين وليس الأميركيين من غير البيض فقط، ويعتقد فوكسمان أن المطلوب من ترامب أن يتوقف عن خطته بالعودة للترشح للرئاسة في عام 2024، فالإصرار الذي يعبر عنه على الترشح سيشجع أنصاره على البقاء في الساحة.
يبدو أن ما يصرح به أحد أهم الزعماء الأميركيين عن مساوئ ترامب لا يقبل به رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو وإسرائيل، لأن ما قدمه له ولإسرائيل فاق كل ما قدمه معظم الرؤساء الأميركيين، فهل هذا يعني أن نتوقع حدوث شرخ أو انقسام بين قادة الجالية اليهودية الأميركية وبين يهود إسرائيل أو قادتهم؟
يرى فوكسمان أنه «كان من واجب الإسرائيليين الوقوف إلى جانب ترامب رغم كل عيوبه في الساحة الأميركية، لكن الجالية الأميركية لها مواقفها أيضاً، فقد كانت قلقة على أميركا، وبالاستناد إلى المكان الموجودة فيه فقد وقفت إلى جانب الحزب الديمقراطي وضد ترامب، ولا أعتقد أن الحزب الديمقراطي سينتقم من إسرائيل لكننا سنواجه وجود أميركا جديدة في السنوات الأربع المقبلة».
وتوقع فوكسمان أن تواجه الجالية اليهودية الأميركية صعوبات مقبلة من الجمهور الأميركي وهذا من شأنه إضعاف دور ونفوذ مؤسساتها في ساحة العمل السياسي الأميركي لكن علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل ستتطلب المحافظة على تعزيزها.
وبرغم ما يقوله فوكسمان حول تزايد ما يطلق عليه «معاداة السامية» في الولايات المتحدة في السنوات المقبلة، إلا أن تجربة الحركة الصهيونية وإسرائيل في هذا الموضوع في أوروبا وغيرها، تدل على أن إسرائيل تستغل بنفسها التهويل من «معاداة السامية» بل تغذي هذا التهويل لكي تحرض أكبر عدد من أفراد الجاليات اليهودية في أميركا والعالم على الهجرة إلى فلسطين بموجب مبدأ يزعم أن اليهودي الآمن على نفسه وممتلكاته هو الذي ينتقل إلى العيش في إسرائيل وينضم إلى مشروعها الاستيطاني التوسعي.
يبدو أن من مصلحة إسرائيل في هذه الظروف التي تعرضت فيها حركة الهجرة للشلل والانحسار، استغلال الوضع الجديد الذي خلفه ترامب وعنصريته هو وأنصاره بعد عدم فوزه بالانتخابات، وبالمقابل، من المتوقع أن تظل إدارة بايدن تساند السياسة الإسرائيلية بكل الطرق الممكنة حتى لو اكتشفت أنها تستغل كل ما يخدم مصلحة الهجرة إليها من الولايات المتحدة التي يعيش فيها يهود يزيد على عدد اليهود الذين قامت الحركة الصهيونية بتهجيرهم خلال أكثر من ثمانين سنة إلى فلسطين المحتلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن