من دفتر الوطن

نشر الغسيل!!

| عبد الفتاح العوض

ثمة وجهتا نظر حول الحديث عن المشاكل ومستوى النقد:
وجهة النظر الأولى… إن نشر المشكلات يشبه نشر اليأس.. والحديث عن الأزمات هو زراعة للإحباط، ثم إن طريقة الحديث عن المشكلات من دون أن تطرح حلاً أو تقترح مخرجاً لن يكون ذا فائدة إلا زيادة المشكلة نفسها.
أسوأ ما في الأمر حسب أنصار هذا الرأي أن الآخرين- أعداءً وفاسدين- سيستفيدون من هذا النقد وسيزيد الحنق والغضب على هذه الجهة أو تلك.
وفي هذا أيضاً إن البلاد تمر بحرب ولا تملك رفاهية نشر غسيلها على حبال متسخة بسوء النيات وبالكراهية ومستخدمة للتصيد.
ثم إن قضايا كثيرة نوقشت مرة بعد مرة ويعرفها القريب والبعيد فإن النفخ فيها يجعلها أكبر وأسوأ، ولو كان بالإمكان إيجاد حل لها لما تقاعست الحكومات بإيجاد حل لها، قد تغير وزراء وغيرهم والأزمات على حالها ما يعني أن هذه المشكلات أكبر من قدرة الحكومات على حلها. والواجب هنا -الواجب الوطني- يكون بتفهم الحالة العامة والتصبر.
ويقول أصحاب وجهة النظر هذه: إن المواطن يعتبر نفسه ليس مسؤولاً عن أي شيء، على حين هو يشارك بزيادة هذه المشكلات سواء بسلوكه أثناء الأزمات أم بالحديث الذي يضخمها.
ملخص أصحاب هذا الرأي أن نشر الغسيل الوسخ لن ينظفه بل سيزيده سوءاً وسيكون مدعاة لكلام «الجارات» ومسرة للأعداء.
وجهة النظر الأخرى تتحدث عن أن أي مشكلة تكبر وتزداد إن لم نعترف بها ونتحدث عنها وأن أول خطوة لحل أي مشكلة هو الحديث عنها وأن الصمت عن المرض وتجاهله يزيده.
إن كثيراً مما أوصلنا إلى ما نحن عليه هو السكوت عن الخطأ حتى تضخم لدرجة ما عدنا قادرين على إصلاحه.
أصحاب هذا الرأي يقولون: إن عدم النقد هو حماية للفاسدين والجاهلين والخطائين، وإن أفضل ما يمكن أن نساعد فيه الفساد هو السكوت عنه تحت أي عنوان.
ويرد هؤلاء على من يقول إننا في حالة حرب وأن الأعداء يستفيدون من الشكاوى من مشكلاتنا… إن البلاد لم تكن في يوم بلا أعداء وبالعكس إن الأعداء يستفيدون أكثر إن لم نتحدث عن أمراضنا وإن لم نعالجها.
أياً كان رأيك… فيجب ألا نصل إلى أن يكون الخلاف حول هذه النقطة مدعاة للإساءة.
وجهة نظري… إن عرض المشكلات أفضل من السكوت عنها، ومهما كانت الآثار الجانبية للنقد فهو أقل سوءاً من السكوت عنها والسماح بأن نضع الأوساخ تحت السجادة كي لا يراها الزوار!!.

أقوال:
– الناقد الجيد.. عامل سيئ.
– الإنسان الذي يرفض النقد لن يستطيع الترقي.
– النقد ليس خيانة.. الخيانة أن تزّين القبح وتصفق للأخطاء.
– أنا أفضل النقد الحاد من شخص واحد ذكي على التأييد الأعمى للجماهير.
– في لسان العرب «النقد» تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن