ثقافة وفن

القائد الأسد… صفحات مشرقة من تاريخ الصمود … د. العطار: زعيم عربي كبير في إدراكه لسياق الأحداث ومجابهته لها والانتصار عليها

| سلام الفاضل

إن مواقف السيد الرئيس بشار الأسد الوطنية، والمبدئية، والقومية تؤكد أنه رجل القرار الصعب، والإرادة الصلبة، وأنه القائد الشجاع البعيد النظر. فسماته القيادية العظيمة، وتجربته المتميزة في الدولة ومؤسساتها، تعطينا الحق تماماً في الجزم أنه هو المجسد لشخصية البطل القومي، ورجل الدولة، والقادر وبجدارة ومسؤولية في الحاضر والمستقبل على قيادة السفينة إلى برّ الأمان، إذ تتمثّل فيه بالذات إرادة الشعب، وتتأكد به شخصية هذا الشعب وطموحاته للوصول إلى النصر الشامل المؤزر، وإعادة بناء سورية وإعمارها في المجالات جميعها، ونهوضها رغم الجراح والدمار، لتحقيق مجتمع أكثر رخاء وعدالة وتكاملاً وتناغماً وتقدماً في الميادين كافة.

(القائد الأسد… صفحات مشرقة من تاريخ الصمود) هو الكتاب الصادر مؤخراً عن وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب، بأقلام عدد من الكتّاب والباحثين العرب من لبنان، والأردن، وفلسطين، ومصر، والمغرب، وتونس، وسورية، وبإشراف السيدة الدكتورة نجاح العطّار نائب رئيس الجمهورية التي قدمت لهذا الكتاب، ورأت في مستهل مقدمتها أن التاريخ سيحفظ للسيد الرئيس بشار الأسد أنه واجه بجرأة نادرة، وفكر متّقد، ظروفاً بالغة التعقيد، وحالة حصار مستحكمة، وأعداءً متربصين، ومؤامرات تترصد، وأنه خرج من معاركه تلك منتصراً، يقود أمته في طريق الخلاص، ويواصل الكفاح في سبيل تحقيق أهداف هذه الأمة وتطلعاتها مهما اشتد هول العدوان.

وتتابع الدكتورة العطّار: «إن الدور الذي تلعبه قيادة الرئيس البشار، الأب والابن والأخ والصديق الصدوق لكل مواطن في هذا البلد، دورٌ بالغ الأهمية، بالغ الأثر في المرحلة الصعبة الراهنة، وبالنسبة إلى الأمة العربية كلها، مادام هو القائد الكبير المتمرس الذي أخذ موقعه القيادي في ساح المعارك، وظل يقبض بيديه الاثنتين على قضايانا، وينهض لنصرتها نهوض القادة العظام في تاريخنا العربي وتاريخ العالم…».
لترفع في ختام هذه المقدمة إلى السيد الرئيس بشار الأسد، باسمها وباسم المشاركين والمشاركات في إعداد هذا الكتاب، أسمى مشاعر التقدير والإكبار والمحبة، وأصدق الأمنيات في أن يأخذ اللـه بيده في طريق النجاح والتوفيق، ويحفظه لأمته قائداً مناضلاً ميموناً عليه ينضفر الأمل، وفيه ينعقد الرجاء، وبشجاعته وإقدامه يثق الواثقون، في هذا الزمن الصعب.

صديق لبنان

النائب اللبناني السابق إميل إميل لحود في مقالته (عن صديق لبنان أكتب) يستند على تجربة عايشها عن قرب سواء من موقعه النيابي اللبناني سابقاً، أو من موقعه الاستشاري مع الرئيس إميل لحود، وخاصة في مرحلة ما بعد عام ٢٠٠٥ وما شهدته من أحداث. ويبدأ هذه المقالة بالمرحلة الأدق في تاريخ سورية، وهي السنوات العشر الأخيرة، ليؤكد أن الرئيس الأسد أظهر في هذه الفترة رصانة وحكمة قلّ نظيرهما، في حين أظهر البعض في لبنان، في المقابل، قلة وفاء وتسرّع، فانجروا وراء المصالح على أنواعها. موضحاً أن الرئيس الأسد كان الأكثر يقظة إلى خطورة سياسة النأي بالنفس، التي نادى بها، للأسف، من كانوا أصدقاء سورية، لأنها ستحول لبنان إلى ساحة مواجهة إضافية ضد الدولة والجيش والشعب السوري، واتبع مع لبنان أسلوب الاستيعاب، وربما «العض على الجرح»، حيث ظل ملتزماً بتحالفاته اللبنانية وبأصدقائه اللبنانيين، ولم ينسَ من وقف إلى جانبه، وخصوصاً المقاومة.

نضال قائد وشعب

بدوره يفتتح الدكتور محمد زهير حمدي عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، وعضو أمانة التجمع العربي الإسلامي لدعم خيار المقاومة مقالته (سورية… نضال قائد وشعب) بالإشارة إلى أن الحديث عن سورية ليس حديثاً عن قطر الجمهورية العربية السورية بحدوده الجغرافية الرسمية، وإنما هو حديث عن أمة من المحيط إلى الخليج، تشكل سورية مركز الثقل الفكري والثقافي والسياسي والإستراتيجي فيها. لينتقل لاحقاً إلى تقديم موجز عن جغرافية سورية، ودورها التاريخي، وما حققته الدولة السورية في ظل القيادة الشابة للرئيس بشار الأسد من نجاحات إلى حد كبير في تأمين احتياجات شعبها بعيداً عن المديونية، والإملاءات الخارجية، وسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات. ليؤكد: «إن الجيش العربي السوري شكّل نموذجاً مثالياً للجيوش الوطنية القوية، وأكد استحالة الفصل الموضوعي بين السياسات الدفاعية والاقتصادية والاجتماعية والقرار السياسي المستقل».

أداء أنيق

وعرجت الأديبة الدكتورة ناديا خوست في مقالتها (إستراتيجية صحيحة وأداء أنيق) على ثوابت السيد الرئيس بشار الأسد إذ وجدت أن الرئيس الأسد، ومنذ بداية الحرب على سورية، تناول الأحداث بكلمات وجهها إلى المؤسسات والمنظمات، وقد خلت هذه الكلمات من الارتجال المتداول، واعتمدت مخاطبة العقل، وطلبت المشاركة في تأمل المسائل والمقترحات، وتفادت الحشو الإنشائي، وحرصت على فحص الحقائق، والتسلسل المستند إلى المنطق، وبناء الاستنتاج على رؤية إستراتيجية. لتصل خوست في النهاية إلى جملة من الثوابت التي بُنيت هذه الكلمات عليها، ومنها: أن سورية مهمة بذاتها، وهي قلب محيطها التاريخي، مسؤوليتها أن تحميه بسياسة صحيحة مستندة إلى خبرة أجيال في مواجهة المشروع الغربي. إلى جانب اعتماد الثوابت التقليدية السورية في الموقف من إسرائيل، والتأكيد على السيادة الوطنية، ومكانة الجيش العربي السوري في الوجدان السوري.

سرّ الصمود

ويستعرض المحامي، وعضو المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب الأستاذ سميح خريس في مقالته (الرئيس السوري ومواجهة العدوان) ما كان من شأن الرياح العاتية التي هبت على منطقتنا العربية، وابتدأت في تونس تحت مسمى «الربيع العربي»، ثم انتقلت إلى مصر بشكل أقوى مما ابتدأت، ليتكشف لاحقاً دوافع وغايات تلك الرياح وهو بداية تنفيذ مشروع «الشرق الأوسط الكبير» الذي كان من أهم تجلياته بروز حركة الإخوان المسلمين كقيادة للحركات الربيعية في تونس ومصر وليبيا وسورية وبدعامة تركيا الأردوغانية، وقطر. ثم يتساءل خريس فيما بعد عن سر صمود الدولة السورية، واستمراره، ليرى أن هذا السر يكمن في شجاعة الرئيس الأسد الذي اتسم بشجاعة خارقة عزّ نظيرها، وتميّز بالصمود والثبات في موقعه، إلى جانب حنكته حيث تجلّت فيه صفات القائد والزعيم المحنك، وامتاز بحكمة الشيوخ رغم حداثة السن، وأبدى كفاءة عالية في فن إدارة الصراع، ومواجهة عدوان كوني، وقد تكشّف ذلك في قدرته على استقطاب الحلفاء (حزب الله، وإيران، وروسيا)، وإقناعهم بضرورة دخول المعركة مع سورية ضد العدوان الصهيو – أميركي، إضافة إلى قوة حضوره داخل الجيش العربي السوري.

الانتماء والهوية

الأديبة أنيسة عبود في مقالتها (الرئيس بشار الأسد… الانتماء والهوية) تبيّن أن الرئيس الأسد على الرغم من تعريفه الزمن العربي بأنه زمن الانحطاط العربي، غير أنه لم يساوم على العروبة ولا على قضاياها أو تاريخها وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على عمق الرؤية الإستراتيجية، وبعد النظر إلى المستقبل البعيد الذي سيصبح قريباً ذات يوم. وتتابع عبود: «خطابات الرئيس بشار الأسد التي تدافع عن الانتماء للعروبة، فلا يخلو خطاب من ذكرها والحديث عنها، تأتي انطلاقاً من إيمانه الشديد بدورها وريادتها، معتبراً الانتماء للعروبة وإحياء دورها والحرص على هويتها بمثابة وجه من أوجه الدفاع عن الأرض والكرامة العربية، وتحدٍ صريح للغرب، ورفض هيمنته وغطرسته وسطوته التكنولوجية والرقمية».

قضية فلسطين

أما القضية الفلسطينية، وموقف السيد الرئيس بشار الأسد الثابت والمبدئي منها فقد تناولهما الأمين العام المساعد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور طلال ناجي في مقالته (بشار الأسد وفلسطين… صفحات فلسطينية مشرقة عشناها معاً) مشيراً إلى أن الرئيس الشاب سار بثبات على نهج والده الرئيس الخالد حافظ الأسد، وظل محافظاً وأميناً على الثوابت الوطنية، وقد ظهر ذلك بمواقفه الجريئة تجاه قضية فلسطين، ودعمه غير المحدود لانتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000، إذ طالب الدول العربية بدعمها، وقطع كل أشكال العلاقة مع الكيان الصهيوني، وتوفير الوسائل اللازمة لاستمرار كفاح الشعب الفلسطيني، حتى يصل إلى أهدافه في التحرر، وتقرير المصير، وبناء دولته الوطنية المستقلة، والتمسك بحق العودة.

سمات شخصية

وقدم من جانبه الكاتب والصحفي الدكتور خلف الجراد في مقالته (القائد بشار الأسد… دراسة في السمات الرئيسة لشخصيته السياسية – الإستراتيجية) رؤيته، بصورة مركّزة، لأبرز الصفات القيادية التي يتميز بها القائد الوطني والقومي بشار الأسد، والتي تجلت بأبهى وأعظم صورها ومعانيها في المحطات الكثيرة الاعتيادية منها والحساسة والاستثنائية التي شهدتها سورية في العقدين الأخيرين المليئين بالأحداث الكبيرة والمفصلية من تاريخها وتاريخ المنطقة العربية عامة.
وفي الختام بقي أن نشير إلى أن هذا الكتاب الذي يبلغ تعداد صفحاته 544 صفحة من القطع الكبير، يقع في ثلاثة أقسام يضم كلٌ منها عدداً من المقالات، نورد إلى جانب ما سبق ذكره: (قائد سورية وقدرها – د. عدنان منصور)، (كلمة في من تجاوز كل الكلمات – الأب إلياس زحلاوي)، (سورية والأسد وفلسطين – أ. غسان الشامي)، (هكذا قال الأسد – أ. بديع صقور)، (أسد سورية، الريادة والرؤية – أ. غسان مطر)… إلى جانب عناوين أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن