ثقافة وفن

الحب.. وعزف منفرد يضمه قلب المحبين … لا يعطي نتيجته ولا ثماره في أرض استباحها الأغراب واللصوص

| إسماعيل مروة

وحده الحب القادر على التجدد كل لحظة وحين
وحده الحب غده أجمل من حاضره
الحب حاضره أكثر اختماراً من ماضيه
وحده الحب لا ينقلب إلى الضدّ
فمن عرف الحب حقاً لا ادعاءً لا يعرف الكره
وحده الحب يظهر بحرف مقروء
برمشة قادمة
بخفقة نشوى
ببيت شعر.. بهمسة
لكن ما خفي من سرّه في القادم أكثر عذوبة
نتمنى ألا تنتهي لحظة الحب
ولا ندري أن انتهاءها أجمل
أمَا قال سيد الحب
يا شام إن كنت أخفي ما أكابده
فأجمل الحب حب بعد ما قيلا
الحب الذي لم نعرفه أجمل
الحب الذي لم نقله أعذب
فما قيل قيل وصار واقعاً
وما تلفَّظه المحبون صار متداولاً
والكون يتأهب لحب قادم، وقول لم يقله أحد من قبل!
لا يقدر أحد على اتخاذ قرار فيه
فالحب دهشة.. لحظة.. إيماءة
القاسي يصبح كتلة من عاطفة أمامه
والقبيح يصبح جميلاً بين يدي الحب
ها هو المتنبي
كان عملاقاً مترفعاً يريد نفسه وشعره
يريد سلطة وإمارة
تجاهل أمه وأباه
لم يقبل أن يعشق، لأن العشق ضعف
لم يبح لامرأة.. لا لخولة ولا لسواها
وذات لحظة من حب ارتعش فؤاده..
وما كنتُ ممن يعرف العشق قلبه
ولكن من يبصر جفونك يعشق
ذاب جليده أمام العشق
تماهى أمام الحب
بنى معبداً من قوله يردده العالم
أبقى من السيف.. من الأقلام
الحب حالة من تصوف وعبادة
يعرفها الصوفي
يتوصل إلى خالقه بالحب..
قلبي يحدثني بأنك متلفي
روحي فداك عرفت أم لم تعرف
وسما ابن الفارض
وحده الحب الموصل إلى الخالق
وما من عبث قال ابن عربي:
(معبودكم تحت قدمي)
المال والجاه تحت قدمي ابن عربي
وكل عارف للحب والخالق
وحده الحب يسمو
نعيش لأجله.. يحيا في ضمائرنا
لا نحيط به.. لا نعرف سوى علاماته
نعجز عن تفسيره
يطير بنا إلى سماء لا ندركها
وينزل بنا في مطارح لم نألفها
لأنه كون وأكوان
يحيط بنا ونحياه، ولا نصل إلى جوهره
في جوهر الحب تكتمل الحياة
ولن نصل إلى الجوهر لأنها نهاية الحياة
كان الرضي سيداً وشريفاً
كان تقياً وبليغاً
عاش في نهج البلاغة دهراً
وقضى حياته سيداً
ولم يقدر أن ينحّي الحب
وحين دهمه أسلم قياده له!
هل رآه نهجاً؟
هل رآه موصلاً؟
اعتمر عمامته وتقدم إليه:
عندي رسائل حب لست أكتمها
لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
وبعدها صار إماماً معمماً بالحب
دون رسائل الحب لن يكون سيداً
استحق بالحب أن يعيش مع الإمام ونهجه
وكان الحب نهجاً
وحده الحب لا قِبَلَ لنا به
لا نقدر على ردّه أو صدّه
ولا نقدر حتى على مجابهته
يهزمنا برقته
برقة الدانتيل يهزم القساة
بلمسة حرير يذبح الجبابرة
ها هو نابليون
هزم الكون
انتصر على كل من عرف
وفي (واترلو) كانت الخاتمة
أكانت الخاتمة لأنه هزم؟
أكانت الخاتمة لأنه أحب؟
هزمته جوزفين
وضاعت صورة كل جيوش نابليون
لم يعد من شيء له في مصر
في روسيا
في أي مكان
وبقيت جوزفين حكاية حب أذلّه وهزمه
كم ودّ نابليون لو تساوى مع جوزفين
هزمته
هزمه جنديه، لأنه عرف الحب وقام به
وهزم نابليون لأنه عجز عن الحب
وانشغل بالجيوش
يا للحب ما فعل..!
في أقبية الفوهرر عاش وانتهى
لكنه انتهى مع من أحب
قالوا قتلها قبله
قالوا ماتا معاً
لكن الخاتمة لم تكن لولا الحب..
ومن قبله ابن رغبان ديك الجن
هام بـ(ورد)
قالوا عشقها
قالوا قتلها غيرة
استند إلى حجر من دمها مجبول أم لم يستند
بقيت الحكاية مصبوغة بالعشق
بالدم
ذهب ديك الجن..
نسي الناس أشعاره
لم تعنهم عقيديته
وبقيت حكاية ورد والسؤال:
قتلها؟
لم يقتلها؟
أليس حرياً أن نسأل:
أما خلدهما الحب، وعاشا في الحكاية؟
من لاحبيبة له لا وطن له!
ليس غريباً ما قاله..
دون حب ماذا يستدعي البقاء؟
دون امرأة لماذا يدفع دمه؟
في كل ذرة من تراب حكاية عشق لامرأة
لامرأة أم
لامرأة نحب
لامرأة نخاف عليها
لامرأة استبقتنا من أجل بسمتها
وحين ينهمر الدم على التراب
يذكر صاحب الدم أمراً واحداً
يوصي وصية واحدة:
قولوا لها: مت لأجلها
أريدها أن تكون مصانة
لتكن بعدي راضية
لتكن في هناء وسرور
أمام صخرة
وراء ساتر
على تراب
في خندق
سال دم الافتداء، صار نجماً في السماء
لا لطهره بذاته
بل لنبل الحب الذي من أجله ذهب راضياً
ويصبح معلوماً
قد يغدو مجهولاً!
لكنه من أجل الحب، والحب وحده رحل..
(إن يهزموكم أدخلوا فينا الغلف)
قالت العربية لجندها
سجّل التاريخ وياقوت قولها
وحتى لا تدركهن بيوت السيوف
انتصر الحب
انتصر الجند
انتصر الوطن
وعاد الروم من حيث أتوا
لم يحققوا شيئاً سوى الهزيمة
هزمهم الحب..
يا سيدي الحب كم أنت نبيل
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أي جانبيك تميل
وحده الحب حقق النصر
لم يكترث الجند للظلمة
لم يعر أحدهم اهتماماً للصوص
وآه من اللصوص
يا أيها الحب العظيم أفق
اقتل اللصوص كما هزمت الأعداء
اعمر أرضنا بالحب..
الحب قديس وأي قديس هو؟!
هو الذي يعمر الأرض ببذرة نادرة الوجود
الحب لا يعطي طرحه في أرض استباحها اللصوص
أمن عبث احتجب الحب؟
عاد إلى نفسه وذاته
لم يعد قادراً على فرد جناحيه كل وقت
اختار يوماً
هبه عيداً للحب
هبه عيداً للفالنتين
لأي شيء، فإنه الحب يستحق الاحتفاء به
هو صلتنا مع الخالق
هو نور حياتنا القادمة
حين تغمرك أمومتها لتسبح في ملكوتها
تقول لك أنا أمومتك والحب
فانهل من خيري، وخذ من حبي وعواطفي
خذ، فأنا انتظرتك عمراً لتظهر
حين تفعل آمن بأنك تحب..
الحب دهشتها
من أول لقاء يستبيح الطهر
لم يكن أول لقاء مع من تحب
لقاء سبقته لقاءات
تأخذ كتاباً يحمل أنفاسك
قد تكون عزفاً منفرداً مفرداته
وأنت بعيد بعيد
تحتضنه، وتنتظر حتى انبلاج الفجر
لتقول لك: أنا عشقك
أنا حبك..
مهلاً بعض هذا التدلل
قال امرؤ القيس لفاطمة
وشغف العاشق بحب الديار
ونافح المقاتل عن وطن لأجل امرأة
الحب أبقى الأوطان محصنة
الحب جعله شاهداً وشهيداً
جاء إليها ليكون دهراً من حب
ويدور الصوفي في مولويته عشقاً
لا يسقط.. لا يتعب.. تبرق عيناه عشقاً
وترتفع تنورته صوب السماء
هناك عند قبة السماء
يتماهى مع من يحب
يرقص وجداً
لا أحد يقدر على الحب
أقبل على الحب لتحيا..
الله محبة وحب
نغني للحب.. وننشد الأشعار فيه
هو يسكننا، وننكر وجوده!
الحب ليس وردة بيضاء أو حمراء
الحب حياة وانهمار
الحب عقيدة حياة عند المتصوفة الخارقين
الحب سبيل لبناء وطن نعشقه
الحب ارتقاء للوصول إلى قمة قاسيون
هناك تحت قبة الجندي المجهول
ينطمر وطن
ويخرج عرفان
من كل ذرة تراب شربت دماً عرفت صاحبه
لكنها أخفته عن العالم
واحتضنته إلى أبد الحب.
حين ينهمر الحب تشتعل الدنيا وتزهر
يصبح القدر أكثر جمالاً أمام عيني من نحب
تصبح قصائد نزار أجمل
وترتفع الصبية على أطراف أصابعها
صبية الأبد أنا
من لا تشيخ أنا
لأجلك أيها الحب أختار عطري ونفسي
لا تسأل.. لا تسألي عند عيد للحب
لتكن كل الأيام أعياداً للحب لا تنتهي
لتتحطم كل الأرقام القياسية في النبض
وحده الحب لا يجعلنا نشيح وجوهنا
يمر بنا من نعرف وننكره لأنه بخل بالحب
وما شربت لذيذ الماء من ظمأ
إلا لمحت خيالاً منك في الكأس
ولا جلست إلى قوم أحادثهم
إلا وكنت حديثي بين جلاّسي
ومن يفعل ذلك سوى الحب؟
سوى الاهتمام؟
سوى ارتعاشة قلب صادقة؟
الوردة لا تفعل شيئاً دون يد
العطر لا يصل دون رائحة
الحياة لا تكتمل بغير حب
وللحب وحده نحيا ونرقب
ومنه نستمد وجودنا الأبدي
لإنسان ارتعد خوفاً من غدٍ لا ينقذه سوى الحب
ولوطن أحاطه الغادرون
ونبت فيه الشوك
ولا نجاة بغير الحب
كل عام وأنت بخير أيها المعشوق
يا من تعطي المحب قدرة على حياة لا تدرك
لا تفسر
ويبقى الحب لغزاً
وأجمل الحب حب بعد ما قيلا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن