ثقافة وفن

رحيل أشهر مطربي الثمانينيات والتسعينيات … علي حميدة صاحب أغنية «لولاكي» الأكثر مبيعاً في الوطن العربي

| وائل العدس

في الحادي عشر من شهر شباط الجاري، توفي الفنان المصري علي حميدة عن عمر ناهز 73 عاماً بعد صراع مع المرض، بعدما تدهورت حالته الصحية إثر إصابته بورم في الرئتين، وهو أشهر مطربي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
اشتهر بأغنية «لولاكي» التي أحدثت عند إصدارها عام 1988 ثورة كبيرة جداً في عالم الأغنية العربية وحققت نجاحاً تاريخاً دفع من خلاله 13 مليون جنيه مصري ضرائب عن أرباحه من أغنيته الشهيرة.
وتسابقت شركات الإنتاج على تقديم علي حميدة في ألبومات غنائية تالية، وفي فيلم يحمل اسم الأغنية نفسها، إلا أن هذا النجاح غير المسبوق لم يستمر طويلاً.
أنتج ثلاثة ألبومات، هي «كوني لي» و«ناديلي» و«احكيلي»، ولكنها لم تلق نجاح ألبوم «لولاكي» نفسه.
وشارك في بطولة فلمين سينمائيين، و4 مسلسلات ومسرحية،إضافة إلى مشاركته في العديد من الأعمال الغنائية الجماعية وخاصة الوطنية.

البداية

ولد علي حميدة في محافظة مطروح في 17 نيسان عام 1948، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الموسيقا البدوية وعلاقتها بالموسيقا الموريسكاوية الليبية.

أتم جميع مراحل تعليمه الأساسية في مطروح، ثم غادر إلى القاهرة ليلتحق بالمعهد العالي للموسيقا العربية، من دون علم أسرته بدراسته في معهد الموسيقا، إلى جانب دراسته في معهد إعداد المعلمين.
وكان شديد الولع بالموسيقا منذ طفولته، وخاصة العزف على العود، الذي تخصص فيه فيما بعد، وعُين معيداً ثم مدرساً مساعداً ثم مدرساً في معهد الموسيقا العربية.
كان يعمل أستاذاً لمادة العود بأكاديمية الفنون بالقاهرة وعضواً بهيئة التدريس بها، وكان أستاذاً لآلة العود وقام بتدريب مطربين كبار على العزف على آلة العود منهم المطربة وردة الجزائرية والمطرب محمد الحلو.
خطب الراحل مرتين، الأولى منها كانت لفتاة أردنية والثانية من فتاة من محافظة البحيرة من أصول ليبية وتزوجها عام 1997 ولم ينجب.
ولا يعرف الكثيرون أنه كان طباخاً ماهرا من الدرجة الأولى وخاصة الأكلات البدوية.

نجاح بعد الفشل

اعتمد حميدة في الإذاعة المصرية كمطرب، وفي بداية الثمانينيات أنتج أول ألبوم غنائي له، ولكن التجربة فشلت ولم يكتب لها النجاح.

في نهاية عام 1987، قرر المحاولة مرة أخرى، ولكن بشكل جديد مع موسيقا أطلق عليها «موسيقا الجيل»، واتفق على إنتاج البوم غنائي، من توزيع الفنان حميد الشاعري، وبمشاركة الملحن سامح الحفناوي، ووقع الاختيار في اللحظة الأخيرة على أغنية «لولاكي»، التي ألفها عزت الجندي، كأغنية وطنية في حب مصر.
كلمات أغنية « لولاكي» كانت في الأصل «لولاكي يا مصر ما غنيت وحبيت.. ولا دقيت على إيدي وشمات.. لولاكي يا مصر ما غنيت.. ولا هز الوتر كياني»، إلا أن فريق عمل الألبوم استقر على تغييرها إلى أغنية عاطفية، تكون ضمن أغاني الألبوم.
بعد تلحين «لولاكي» وتوزيعها وغنائها، قررت الشركة المنتجة تغيير اسم الألبوم من «بنت بلادي زينة» إلى «لولاكي»؛ نظراً لكونها تعبر بقوة عن موسيقا الجيل وقتها، وتتضمن شكلاً جديداً للأغنية الشرقية، ولاسيما البدوية الشعبية، وطرح الألبوم في الأسواق، في صباح يوم 11 تموز عام 1988.

انتشر الألبوم في ربوع مصر في ساعات معدودة، وفي اليوم نفسه أصبحت جميع المحال والسيارات تردد أغاني الألبوم، وأكد أن الألبوم حقق مبيعات في أول أسابيع 6 ملايين جنيه داخل مصر فقط.
وبلغ حجم النسخ التي بيعت من الألبوم في مصر والوطن العربي والعالم 80 مليون نسخة، وجعل هذا الانتشار الألبوم يحصد المركز الثالث عالمياً في الانتشار عام 1988، بعد كل من المطرب العالمي الأميركي مايكل جاكسون، الذي حصل على المركز الثاني والمطرب بون جورج في المركز الأول.

اللحظات الأخيرة

في الثالث من الشهر الجاري، أصر الفنان الراحل على مغادرة المستشفى الذي كان يتلقى فيه علاجه على نفقة الدولة، مفضلاً العودة إلى مسقط رأسه لاستكمال فترة علاجه وسط أسرته بعد تحسن ملحوظ في حالته، وبعد استئذان الفريق المعالج له.

وداخل بيت أخته قضى أيامه الأخيرة وسط أشقائه وأولادهم.

وحكى ابن شقيقة الفنان الراحل كواليس الأيام الأخيرة في حياة خاله فقال: «خالي توفي عقب صلاة العصر مباشرة، بعد أن تدهورت حالته بشكل مفاجئ، كان يقيم معنا في البيت منذ مغادرة المستشفى في بداية الشهر الجاري، وكنت أرافقه منذ بداية رحلة علاجه».

وأضاف: «في 24 ساعة الأخيرة لم تذق عيني النوم، كان يشعر بدنو أجله ولذلك طلب مني البقاء معه، وكلما هممت بالخلود إلى النوم كان يقول لي خليك جنبي، وكان لا يتحمل الصوت العالي بالليل أبداً لكن الغريب أنه أتى لزيارته عدد من الشيوخ للاطمئنان على صحته وتبادلوا معه الذكريات ورغم أن المجلس كان يعج بالصوت العالي إلا أنه لم يشعر بأى ضيق منه وكان مبتسماً طوال الوقت».

وعقب انفضاض المجلس، لاحظ بعض الضيق والتعب على وجه خاله، لذا فقد حاول الترويح عنه وطلب منه سماع أغنية له مسجلة بصوت أحد معجباته أرسلتها له لسماعها في فراش المرض، لكنه فوجئ به يرفض بشدة، حيث قال له «هذا ليس وقت الأغاني.. وطلب مني تشغيل قرآن مجود بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد».
وعن آخر ما طلبه المطرب الراحل قبل وفاته مباشرة قال ابن شقيقته: «طلب حضور أمي إليه، كان مرتبطاً بها للغاية وكانت أقرب شخص إليه وكان لا يرتاح إلا في بيتها، وطلب منها أن تسامحه كما طلب مني ذلك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن