قضايا وآراء

مراوغة مبتكرة وتخبط مفتعل والهدف واحد

| رزوق الغاوي

ما إن وطأت قدما الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عتبة البيت الأبيض حتى شرعت إدارته بانتهاج أسلوب المراوغة وافتعال حالة التخبط في اتخاذ مواقف واضحة وصريحة بشأن المسألة السورية، يمكن البناء عليها واتخاذ المواقف الكفيلة بمواجهتها بما تقتضيه من إجراءات.
إن ما صدر عن بايدن وبعض مسؤوليه من تصريحات تتصل بالسياسة الجديدة التي تنوي الإدارة الأميركية انتهاجها حيال سورية في ضوء احتلالها لأجزاء مهمة من الأرض السورية، جعل الدوائر العربية والإقليمية والدولية المتابعة لتطورات الأوضاع الراهنة في سورية تعيش حالة ترقب وانتظار للوقوف نوعاً ما على ملامح السياسة الأميركية الخاصة بالتعاطي الجديد مع المسألة السورية.
لدى الأخذ بالحسبان وجود نحو ألف جندي أميركي يحتلون مناطق في شمال شرق سورية الغنية بالثروات الطبيعية، ويقيمون عشرات القواعد العسكرية ومراكز الرادار الجوي، ويمارسون مزيداً من الضغط والإجراءات القسرية ضد سورية، يمكن الجزم بأن المزاعم الأميركية بأن لا حل في سورية سوى الحل السياسي والتسوية السياسية، ليست سوى طروحات لم تعد تنطلي على أحد، إذ كيف يمكن تفسير التحركات العسكرية لقوات الاحتلال الأميركي المستمرة على الأرض السورية؟ وكيف يفسر الدعم العسكري الأميركي المتواصل لتنظيمات داعش ومغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية في مواجهة الجيش العربي السوري؟
إن التصريحات الأميركية المتناقضة في شكلها والمتناغمة في مضمونها لأجل هدف عدواني واحد، ليست سوى محاولة أميركية جديدة لذر الرماد في العيون، الهدف منها التغطية على مواصلة الولايات المتحدة عدوانها على سورية وإحباط كل جهد مخلص لإنجاز تسوية سياسية في سورية تتفق ومتطلبات السيادة الوطنية السورية.
في قراءة لواقع الحال الذي آلت إليه المسألة السورية في ضوء السياسة الأميركية التي تورّث من إدارة راحلة لأخرى جديدة، يمكن التأكيد مجدداً أن تلك المسألة محاطة الآن بجملة من التعقيدات المستحدثة والناجمة عما لدى إدارة جو بايدن من سيناريوهات تتفق في مضامينها مع السيناريوهات السابقة التي قامت بتنفيذها الإدارات الأميركية السابقة وخاصة إدارات بيل كلينتون وبوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب، المنبثقة جميعها من رحم الرباعي السيّئ الذكر الـ«سي آي إي» والـ«بنتاغون» و«إمبراطورية النفط» و«ملوك الصناعة الحربية»، وواهم كل من يعتقد أو يحلم برؤية سياسة أميركية تخدم البشرية وحقوق الإنسان، وعلى الواهمين والمقامرين بأوراق خاسرة قراءة التاريخ الحديث والمعاصر، علّهم يستيقظون.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن