من دفتر الوطن

التواطؤ مع النفاق!!

| عبد الفتاح العوض

كثيرون يكتبون قصائد بحب الوطن.. ويكتبون أيضاً معلقات بالرغبة بالهجرة عنه.
كثيرون الذين يكتبون مواعظ وأحاديث عن الأخلاق فيما يعج المجتمع بجرائم صغيرها من الخطايا الكبرى.
لا توجد دراسات حول موضوع النفاق كسلوك مجتمعي عام.
هل المسألة لها علاقة بتاريخ يجعل الناس تتعامل مع النفاق كأسلوب حياة؟!
هل الفارق بين ما نقوله ونفعله هو الحالة الطبيعية أو بحدود المعدل العام للنفاق أم إن المسألة في هذه السنوات تجاوزت الحدود المعقولة ومع تنامي الأزمات التي يعيشها الناس وصلنا إلى هذا الحد الأعلى من النفاق؟
قبل محاولة الإجابة ربما علينا أن نميّز بين معرفة الإنسان لتناقضاته الشخصية وبين ما يعتقد أنه الصحيح وبين ما يرتكبه من خطأ ويعلم أنه خطأ لكنه يفعله لضعف أو هوى أو شقوة أو حتى حاجة.
هذه الحال التي تكاد تكون موجودة عند الكثيرين دون أن يعترفوا بها، على حين ثمة أشخاص كان لديهم الإمكانية لقراءة ذواتهم بشكل صحيح وعرفوا الألوان المتناقضة في داخلهم، تعايشوا معها أو تصالحوا معها أو يقبلونها تارةً ويحاربون أنفسهم تارة أخرى.
هذا يختلف كلياً عما أتحدث عنه من هذا الفارق الشاسع في عالم التناقض الصارخ والذي يتجلى بكل بشاعته في القضايا الكبرى.
إليكم مثال طازج..
مجموعة من سوريين ولبنانيين تحت عنوان: صداقة الشعب السوري، يحرّضون على العقوبات على الشعب السوري.
دعك من شخص كتب حكمة على الفيسبوك، الابتسامة في وجه أخيك صدقة، وهو لم يجرب أن يبتسم لنفسه.
دعك من هذا وتحدث عن أولئك الذين يرفعون شعارات ويكونون أول من يسقطها ويسقطون معها.
بعض الأسماء في هذه القوائم النتنة كان لها في هذا البلد صولة وجولة، وكانت لها معلقات في المدائح.
وللأمانة المسألة ليست مجرد أسماء هنا وهناك بل نتحدث عن تواطؤ مجتمعي مع النفاق، لدرجة أنها أصبحت أسلوباً مقبولاً، ومثل كل القضايا الاجتماعية ليس من السهولة معالجتها فهي أكثر تعقيداً لأنها متراكمة عبر أجيال وأجيال.
لكن النفاق في أشياء قريبة من المجاملات يصبح خيانة موصوفة عندما يتعلق بقضايا مستوى حياة الناس وإيذائهم في لقمة عيشهم.
في علم النفس يقولون إن النفاق يقوم به «الذات الوسطى في الإنسان» بقصد حماية الشخص من الشعور بالقلق.
في «القرآن» «النفاق مرض» إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض!!.. بالمحصلة.. نحن مرضى!!
لكن أخطر ما في الأمر أن المجتمع وقّع اتفاقية تطبيع مع النفاق والمنافقين.

أقوال:
نفاق المرء من ذلّ يجده في نفسه.
بعض يعتمد النفاق سياسة والاحتيال كياسة والدناءة لطفاً والنذالة دماثة
إذا كان النفاق وقحاً فلتكن الصراحة باسلة
السياسة اقتياد قلوب العامة بالإنصاف

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن