اقتصادالأخبار البارزة

حوار شفاف حول الزراعة … عرنوس: القطاع الزراعي المحل الأوسع للمشاريع الصغيرة … وزير الزراعة: أمننا الغذائي أصبح في خطر نتيجة التغيرات المناخية والأزمات والحروب وعلينا تطوير القطاع

| هناء غانم - تصوير: طارق السعدوني

لاشك أن الحكومة أولت القطاع الزراعي عناية فائقة لما يتمتع به من أهمية اقتصادية وسياسية وإستراتيجية فالقطاع الزراعي بقي متماسكاً وقوياً وقادراً على تأمين مقومات الصمود الاقتصادي كما بقي الوسيلة الأكثر فعالية لمواجهة الحصار الاقتصادي الغربي الجائر على سورية، بهذه الكلمات افتتح رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس أمس ملتقى تطوير القطاع الزراعي التحديات والفرص وتحت شعار (نحو اقتصاد زراعي تنموي وتنافسي) مؤكداً أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ السياسات والتوجهات العامة التي وضعتها الجهات العليا والتي حدد من خلالها واقع وآفاق تنمية القطاع الزراعي مع الحرص على إيجاد الآليات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ.
عرنوس أشار إلى أن القطاع الزراعي عماد الاقتصاد الوطني بحكم دوره في مجتمعنا واقتصادنا داعياً إلى ضرورة وضع خطة عملية واضحة لتمكين أصحاب المشاريع من الوصول إلى أهدافهم. لافتا إلى أن القطاع الزراعي يعد المحل الأوسع لإقامة المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، ما يستوجب وضع خطة عملية واضحة لتمكين أصحاب هذه المشاريع من الوصول إلى مصادر التمويل التي تلبي متطلبات هذا النوع من الاستثمار مؤكداً دور المجالس المحلية في تطوير القطاع الزراعي باعتبارها تشكل خط التماس الأساسي بين المؤسسات المعنية من جهة وأدوات ومستلزمات هذا القطاع من جهة أخرى. وأعرب رئيس الحكومة عن ثقته بمراكز الأبحاث التي ستكون شريكاً في المرحلة المقبلة ليكون القطاع قادراً على تلبية احتياجات المستهلكين.
وأضاف عرنوس: إنه نظراً لأهمية هذا القطاع في ترابطاته الأمامية والخلفية، وفي تشابكاته الفاعلة مع بقية القطاعات الصناعي والتجاري والخدمي فإن أي تطور نوعيٍ في هذا القطاع سينعكس بشكل مباشر على صعيد تعزيز تنمية بقية القطاعات الاقتصادية.
وفي تصريح لـ«الوطن» ثمن وزير الزراعة محمد حسان قطنا الدعم الحكومي الكبير وغير الموصوف بالمطلق للقطاع الزراعي لتأمين مستلزمات الإنتاج، موضحاً أن الجهود كبيرة جداً ولم تتوانَ الحكومة عن «تفويت» أي فرصة لتأمين مستلزمات الإنتاج.. لافتاً إلى أن الهدف من الملتقى هو الحوار الشفاف والتكاملي مع كل الجهات ذات الصلة بالقطاع الزراعي سواء من السلطة التشريعية أو التنفيذية أو الفلاحين أو المستثمرين أو الاقتصاديين والتجار والمصدرين والمستوردين، موضحاً أن الغاية هي معرفة التحديات والمشكلات التي تعترض وتواجه الفلاح لتحسين واقع القطاع الزراعي ومعرفة رأي الأكاديميين وما رؤيتهم لتطوير القطاع الزراعي الذي كان ومازال يعاني من الكثير من التحديات التي إذا لم نعالجها بشكل تشاركي فلن نتمكن من تطوير هذا القطاع، مؤكداً أننا أمام تحد كبير وأمننا الغذائي أصبح في خطر نتيجة التغيرات المناخية والأزمات والحروب، وعلينا تطوير هذا القطاع على أسس علمية وفنية، مشدداً على أهمية أن نحول الريف إلى نقطة جذب للسكان وليس نقطة نفور بل أيضاً استثمار بشكل جيد لأن هناك آليات يجب تطويرها وعلينا إحداث مؤسسات تسويقية لتنظيم الإنتاج الزراعي ومؤسسات تصديرية لتحديد المواصفات القياسية التي يجب أن تتوافر بهذه المنتجات حتى نتبوأ مكانة في الأسواق العالمية.
وشدد الوزير على أهمية التعاون والتفاعل والتشاركية بين مختلف الوزارات والجهات المعنية بهذا القطاع لمواجهة التحديات ومعالجة المعوقات التي تعترض تطوير القطاع الزراعي، مؤكداً أنه لا بد من وضع رؤية شاملة والعمل على تطويرها بالتعاون والتشاركية والتكامل بين كل القطاعات للوصول لتحديد الأولويات والسياسات والأهداف بشكل فعال وحيوي، وأن الحكومة دعمت القطاع الزراعي وسعت جاهدة لتوفير البنى التحتية اللازمة لهذا القطاع بشقيه النباتي والحيواني.
ودعا الوزير خلال الملتقى إلى مضاعفة الجهود للنهوض بالواقع الزراعي وتجاوز الصعوبات التي تعوق تطويره وفي مقدمتها تقديم الدعم المادي والمعنوي واللوجستي للمزارع وتزويده بمستلزمات الإنتاج وتأمين الأدوية والمبيدات الزراعية والبيطرية والأسمدة بأسعار مناسبة تراعي أوضاع المزارعين. وأشار إلى أن الظروف الصعبة التي مرت بها سورية خلال سنوات الحرب من استهداف للبنى التحتية والمنشآت الإنتاجية كان لها انعكاس سلبي كبير على القطاع الزراعي والحيواني. الأمر الذي يتطلب تعديل الأنظمة والقوانين بما يتناسب مع حاجة المجتمع المحلي لأن هدفنا اليوم رصد نقاط الخلل ومعالجتها.
وأشار قطنا إلى أن الكثير من الأسر السورية تعتمد في أسلوب عيشها على الزراعة، مؤكداً أنه لتتحقق التنمية لا بد من وضع رؤية شاملة يتم تطويرها بالتعاون والتكامل والتشاركية بين كل القطاعات العامة والخاصة والتعاونية والمشتركة والمؤسسات والاتحادات والنقابات للوصول إلى تحديد الأولويات والسياسات بشكل فعال وحيوي، آملاً أن يكون هذا الملتقى نهجاً لإعادة بناء القوى والأهداف عبر حوار بناء وحيوي وتأهيل النهج التنموي والتنافسي للقطاع الزراعي.
رئيس الاتحاد العام للفلاحين أحمد صالح إبراهيم أكد لـ«الوطن» ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاح بالوقت المناسب وإلا فسوف نخسر من 30 إلى 50 % من المحاصيل علماً أنه إذا قارنا المنتجات الزراعية بين سورية وغيرها من الدول المجاورة نجد أن أسعار المنتجات في سورية أرخص من أي دولة في الوطن العربي علماً أنه لا نستطيع أن ننكر أن الظروف صعبة مقارنة مع دخل الفرد، لكن مستلزمات الإنتاج موجودة ولم ينقطع الإنتاج رغم سنوات الحرب وذلك نتيجة تمسك الفلاح بأرضه. لكن الفلاح بحاجة إلى دعم والحكومة مسؤولة عن تقديم الدعم ونحن كاتحاد سوف نؤازر الحكومة في تقديم الدعم لإيصال مستلزمات الإنتاج بشرط أن يكون هناك عدالة في التوزيع ومراقبة المواد حتى لا يكون هناك متاجرة بالمواد المدعومة.
وتحدث إبراهيم خلال الجلسة عن دور الجمعيات الفلاحية في تطوير الإنتاج الزراعي مشيراً إلى أنه من أجل تطوير القطاع لا بد من إيجاد برامج عامة في الزراعة للقطاعات الإستراتيجية أو برامج قطاعية في الزراعة مع ضرورة متابعة تطوير البرامج وفي الوقت نفسه تحديد من المقصر وسبب التقصير ومحاسبته.
بدوره رئيس اتحاد الغرف الزراعية محمد كشتو أشار إلى ضرورة دعم المشاريع المتناهية الصغر ودعم صغار المزارعين والذي يعتبر من مهام الاتحاد والغرف الزراعية وذلك بهدف تأمين مصدر دخل للأسر المتضررة جراء الإرهاب وإقامة عدد كبير من برامج بناء قدرات المزارعين والفنيين الزراعيين.
بدورها نقيب المهندسين الزراعيين الدكتورة راما عزيز تحدثت عن المشكلات والمعوقات التي تؤثر على نمو الإنتاج الزراعي. مؤكدة أن هناك مساعي وجهداً كبيراً لتنظيم مهنة الهندسة الزراعية وتقديم الدعم المستمر لرعاية مصالح أعضاء النقابة والدفاع عن حقوقهم وتحسين أوضاعهم المهنية والمادية من خلال صندوق الضمان الصحي والاجتماعي وصندوق الادخار والتسليف.
نقيب الأطباء البيطريين الدكتور إياد سويدان تحدث عن مهنة الطب البيطري في سورية ودور النقابة في دعم القطاع الصحي البيطري وتعزيز دوره بما يكفل تحقيق الخدمات الصحية البيطرية للثروة الحيوانية.
الدكتورة ثريا إدلبي من هيئة التخطيط والتعاون الدولي تحدثت عن دور المنظمات الدولية في دعم وتطوير القطاع الزراعي والتبدلات التي طرأت على الأطر الناظمة لعمل منظمات الأمم المتحدة ومجالات تركيزها في سورية وتحديد المنظمات الدولية الداعمة لقطاع الزراعة في سورية وواقع عملها مقدمة العديد من المقترحات لتعزيز الاستفادة من التعاون مع تلك المنظمات بما فيها الإطار الإستراتيجي وخطة الاستجابة الإنسانية.
عبد الكريم شباط مدير عام المؤسسة العامة للأعلاف أكد لـ«الوطن» أنه وبلغة الأرقام التي هي أقرب للواقع المؤسسة في عام 2020 وزعت 617 ألف طن من المواد العلفية بقيمة 94 مليار ليرة سورية موضحاً أن هذه الكمية تشكل نسبة كبيرة من حاجة الثروة الحيوانية وتم توزيع هذه المواد بالحد الأدنى أقل 50 بالمئة من أسعار السوق المحلية مادة الصويا 865 ألف ليرة للطن سعرها بالسوق المحلية 1.700 مليون ليرة مادة الذرة الصفراء سعرها 465 ألف ليرة للطن سعرها بين 800 إلى 900 ألف ليرة للطن بالسوق المحلية مادة النخالة 250 ألف ليرة للطن سعرها بالسوق المحلية 650 ألف ليرة للطن مادة الشعير 350 ألف ليرة سعرها بالسوق من 800 إلى 900 ألف ليرة للطن، لافتاً إلى أن قطاع الدواجن في الشهرين الآخرين وبتوجيه من وزير الزراعة تم رفع المقنن العلفي للطير الواحد من الدواجن من 200 غرام إلى 2000 غرام أي عشرة أضعاف ما يعني أن هذه الكمية الكبيرة تغطي تقريباً 70 بالمئة من حاجة قطاع الدواجن مبيناً أنه وخلال هذه الفترة تم التوزيع لـ27 مليون طير بكمية 34 ألف طن ذرة و4100 طن صويا و1350 طن شعير بأسعار أقل ومع ذلك لم نلمس انخفاضاً في الأسعار للمواطن علماً أنه تم دعم المربي والمنتج لكن ما نسعى إليه هو إيصال الدعم إلى المواطن علماً أن زيادة المقنن وحسب زعم المربين قد ساهم بالحد من ارتفاع الأسعار مؤكداً أن حلقات الوساطة هي المستفيد من فارق الأسعار.
وكشف مدير الأعلاف أن هناك عقوداً جديدة يتم العمل على تجهيزها اعتباراً من 1/4/ 2021 بكمية 90 ألف طن ذرة و90 ألف طن من الكسبة وسيكون لها انعكاس كبير جداً على قطاع الدواجن.
وحول الإشكالية الخاصة بالأعلاف في قطاع الدواجن أكد مدير دواجن صيدنايا وسيم خضر لـ«الوطن» أن أكثر من 70 بالمئة من تكلفتها هي أعلاف والتي هي للأسف مستوردة وبالتالي تخضع لتقلبات سعر الصرف، لافتاً إلى أن الوزارة وجهت بضرورة تأمين المؤسسة وتزويدها بالأعلاف من الذرة الصفراء الأمر الذي كان له انعكاس إيجابي إضافة إلى المحروقات، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية التي نعاني منها هي الأعلاف والمازوت ونتيجة انقطاع التيار الكهربائي نجد صعوبة في تأمين المحروقات.
وحول ارتفاع الأسعار أكد أن القوة الشرائية للمواطن معدومة إضافة إلى تهريب المادة، علماً أنه وبشكل عام التكلفة كبيرة لأن الحلقة كلها من مستلزمات الإنتاج وذرة وصويا ومتممات وأدوية ولقاحات ومحروقات كلها بحاجة إلى تكاليف، وعلى حساب المربين بخصوص أسعار المواد العلفية ومستلزماتها في الأسواق المحلية بأن سعر صندوق البيض يجب أن يباع بـ75 ألفاً، مشيراً إلى أن المواطن من حقه أن يحصل على المادة بسعر قليل والمربي حتى يستطيع الاستمرار لابد أن يغطي تكاليف الإنتاج مع هامش ربح لأن تكاليف الإنتاج مرتبطة بمستلزمات الإنتاج التي معظمها مستورد ولذلك اقترح خضر تحسين الوضع المعيشي لحل كل المشكلات.
ومن الجدير ذكره أن الملتقى تناول العديد من العناوين المهمة والتحديات التي يعاني منها القطاع الزراعي على مستوى السياسات الكلية والاقتصادات المحلية لكل منتج وتصنيف هذه التحديات وتحديد الأدوار المرتبطة بكل جهة لاستكمال سلسلة الإنتاج المستدام وإعادة هيكلة قطاع الزراعة باعتباره مكوناً رئيسياً من مكونات الاقتصاد الوطني إضافة إلى تحديد البدائل الملائمة وتحليل سلسلة الإنتاج والمراحل المرتبطة بها وتحديد المشكلات وتقديم مقترحات السياسات البديلة والهيكل التنظيمي المرن للقطاع الزراعي، إضافة إلى مناقشة الرؤى المستقبلية ودور الجمعيات الفلاحية في تطوير الإنتاج الزراعي ودور النقابات والاتحادات التخصصية والمنظمات الدولية بتطوير هذا القطاع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن