اقتصاد

99 بالمئة من المشاريع في سورية هي صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر … محمد لـ«الوطن»: هذا القطاع يستقطب نصف اليد العاملة

| علي محمود سليمان

بينّ مدير هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب إسمندر أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر يشكل نحو 99 بالمئة من الاقتصاد السوري وهو موزع إلى 4 بالمئة مشاريع متوسطة و30 بالمئة مشاريع صغيرة وما يتجاوز 64 بالمئة مشاريع متناهية الصغر.
موضحاً في حديثه لـ«الوطن» أن مشاكل هذا القطاع كثيرة سواء مشاكل إدارية أم تسويقية أو إنتاجية وخدمية بالإضافة للمشاكل التمويلية وبالتالي فإن صدور القانون رقم /8/ لعام 2021 هو خطوة مهمة ومقدمة لحل مشكلة مهمة متعلقة بالتمويل، والتمويل لا يقصد به الإقراض فقط وإنما الإيداع أيضاً والتحويلات بين المصارف والتأمين وإعادة التأمين والاستشارات المالية وبذلك يقدم المرسوم حلولاً متعددة لهذا القطاع المهم.
مضيفاً: إن المرسوم مهم جداً لكونه القاعدة التشريعية التي ينطلق منها العمل في هذا القطاع ونأمل أن نرى مستقبلاً مؤسسات تمويلية تضاهي الموجودة لدى الدول الأخرى، ولذلك وحتى يؤدي المرسوم الغاية المرجوة منه فيجب أن يتكامل مع التعليمات التنفيذية والتي تحدد آلية تطبيق المرسوم ولكنه خطوة مهمة وضرورية وإيجابية لتحسين بيئة الأعمال لهذا القطاع المهم والذي سينعكس على الاقتصاد ككل، حيث أصدر السيد الرئيس بشار الأسد القانون رقم /8/ لعام 2021 الذي يسمح بتأسيس «مصارف التمويل الأصغر» بهدف تأمين التمويل اللازم لمشاريع شريحة صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل عبر منحهم قروضاً تشغيلية وذلك من أجل تأمين دخل إضافي لهذه الشريحة وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.
وهنا يشير إسمندر إلى أن الاقتصاد السوري يقوم على هذا النوع من المشاريع ولذلك فحل معظم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية تبدأ من هذا القطاع سواء كانت مشكلات البطالة ونقص الإنتاج وتأمين سلع ومواد مناسبة للتصدير وتحسين الدخل للفئات العاملة بهذا القطاع وتحسين عدالة توزيع الدخل وتخفيض مستوى الفقر وغيرها لكونه قطاعاً اقتصادياً رئيسياً لا يمكن بأي شكل من الأشكال استبعاده من أي حل تنموي.
لافتاً إلى أن هذا القطاع يعاني من مشكلة رئيسية تتعلق بالتنظيم والتي يجب حلها من خلال تبسيط الإجراءات وإطلاق آليات الترخيص المؤقت وإقامة أماكن مناسبة كمجمعات حرفية وصناعية ومراكز مهنية لتنفيذ هذه المشروعات، مع التنويه إلى أن نحو 70 بالمئة من هذا القطاع يعتبر اقتصاد ظل أي إنه يشمل المشاريع غير المرخصة أو من يملك تراخيص غير مكتملة أو أن هناك قسماً كبيراً من الدخل غير مصرح به.
مشيراً إلى أن الهيئة تعمل على إيجاد المشاريع المناسبة للباحثين عنها واستكمال المشاريع التي بحاجة للمساعدة في التخطيط والتجهيز وإحالتها للجهات التمويلية التي قد تنشأ بعد صدور المرسوم أو الموجودة حالياً مثل بنك إيداع لاستكمال الجانب التمويلي وإطلاق المشروع على أرض الواقع.
أما فيما يتعلق بصندوق التمويل الخاص بالهيئة يوضح إسمندر بأنه ما يزال مطروحاً كمقترح للدراسة وهو يختلف عن مؤسسات التمويل التي شملها المرسوم والتي تعمل وفق أسس مصرفية أو على أساس تمويلي أما الصندوق فيغطي أموراً مختلفة مثل تأمين رأس المال العامل أو خدمات تأهيل وتدريب بما يخدم استكمال بيئة الأعمال للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
وذكر إسمندر بأن عدد مؤسسات التمويل الصغير لدينا لا تتجاوز ثلاث مؤسسات بالإضافة لعمل بعض الجمعيات التي تمارس هذا النشاط ولكنها لا تغطي الحاجة وعدد المستفيدين من التمويل في هذا القطاع لا يتجاوز 6 بالمئة ولذلك لدينا فجوة تمويلية كبيرة جداً وبالتالي فهذا المرسوم سيشجع على إقامة مؤسسات وبنوك تمويل صغير تغطي القسم الأكبر من الحاجة لهذا القطاع حيث إن الطريق ما يزال طويلاً أمامنا إذا ما قورنا مع دول أخرى مثل الإمارات التي لديها نحو 86 مؤسسة تمويل صغير منها 60 مصرفاً و26 مؤسسة تعمل في هذا المجال بشكل غير مصرفي.
وفي ذات السياق تحدث الباحث الاقتصادي الدكتور علي محمد لـ«الوطن» بأن صدور هذا المرسوم كان ضرورة ملحة منذ سنوات سابقة وخاصة مع بداية العام 2010 نظراً لكون المشروعات المتوسطة والصغيرة كانت بعدد ضخم جداً، حيث صنفت بعض الجهات الأخرى قيمة إنتاج هذه المشروعات بحوالي نصف الناتج الإجمالي أو 40 بالمئة منه وبكل الأحوال هي تستقطب نصف اليد العاملة في السوق السورية.
لافتاً إلى أن أحدث إحصائية للمكتب المركزي للإحصاء قدرت نحو 450 ألف مشروع في المحافظات منها العاملة ومنها المتوقفة نتيجة الأزمة وهي شاملة لجميع القطاعات سواء كانت زراعة أم صناعة أو خدمات وغيرها.
والجدير ذكره أن الاتحاد الأوروبي أو الثورة الصناعية في أوروبا وبالذات في فرنسا وانكلترا وألمانيا خلال القرن الثامن عشر قامت على المشاريع المتوسطة والصغيرة وقد بلغ مجموع المشاريع في الاتحاد الأوروبي نسبة 98 بالمئة وهي التي توظف أقل من 10 عمال أي نحو 20 مليون مشروع صغير ومتوسط في الاتحاد الأوروبي وهي تشغل نصف اليد العاملة في أوروبا.
بالتالي هذا المرسوم يعتبر جيداً جداً بغض النظر إن كان متأخراً ولكنه جاء مناسباً للوضع الاقتصادي المتراجع وفق المعدلات والناتج المحلي وما تعرضت له المعامل من تدمير وانخفاض في الإنتاج وزيادة المستوردات.
لافتاً إلى ضرورة تشجيع هذه القاعدة العريضة من المشاريع لكونها الأسرع بالإنتاج وتكاليفها أقل سواء كانت تكاليف مادية أو لوجستية ونظراً لانتشارها الجغرافي الكبير في سورية ولصعوبة البدء بإعادة إعمار المصانع والمعامل الكبرى، بالتزامن مع التضخم الكبير وانخفاض القوة الشرائية والتوجه الحكومي لإحلال المستوردات، ولذلك فإن التركيز على هذه المشروعات يفترض أن يتجه بالأحوال الاقتصادية نحو الأفضل ولكن بعد فترة زمنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن