ثقافة وفن

ياسين بقوش.. اكتشفه حكمت محسن وبدأ مع عبد اللطيف فتحي وصنع مجده مع دريد ونهاد

| الوطن

قبل ثمانية أعوام، استشهد الممثل السوري من أصل ليبي ياسين بقوش جراء قذيفة هاون أطلقتها مجموعة مسلحة على سيارته أمام منزله في مخيم اليرموك بدمشق عن عمر 75 عاماً.
وينتمي الراحل إلى جيل مؤسسي الكوميديا السورية، الذي انطلق في بداية ستينيات القرن الماضي مع أقطاب الكوميديا السورية دريد لحام ورفيق سبيعي وناجي جبر ونهاد قلعي بدور «ياسين» صاحب شخصية الإنسان البسيط والساذج.
هو واحد من أولئك العمالقة الذين أرسوا الكوميديا السورية سينمائياً ومسرحياً وتلفزيونياً، وأحد الأركان المهمة في الدراما السورية حيث تخصص بشخصية مستقلة تماماً استطاعت أن تدخل قلوب الجماهير العربية والجماهير السورية.
«ياسينو» صاحب المسيرة الإبداعية المتميزة ترك فراغاً لا يستطيع أحد ملأه لأن التميز والخصوصية كانتا أهم سماته خلال هذه المسيرة التي لا يستطيع أحد ملامستها.

مجد وشهرة

بعدما شبّ ياسين بقوش نمت ميوله الفنية، وراح يحتاج إلى فضاء يعبر فيه عن ذاته ومكنوناته، فاندفع باحثاً عن فرصة يثبت فيها موهبة يقدمها ويحكي فيها هموماً يومية.

اكتشفه القصاص الشعبي حكمت محسن وأشركه معه في سلسلة إذاعية كانت بعنوان «متعب أفندي» حيث كانت المحطة الإذاعية الأولى له وبعد هذه الفترة انتقل إلى المسرح القومي.

ورغم أن مجده صنع برفقة مؤسسي الكوميديا السورية دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي وناجي جبر وسامية الجزائري ونجاح حفيظ، إلا أن البداية كانت على يدي عبد اللطيف فتحي الذي أسس فرقة «المسرح الحر». عمل ياسين معه منذ عام 1956، ثم انتقل إلى «مسرح العرائس»، وكان واحداً من ممثلي المسرح القومي، وعمل في مسرحية سعد اللـه ونوس «سهرة مع أبي خليل القباني» للمخرج أسعد فضة، إضافة إلى عمله أواخر الستينيات مع عمر حجو في «مسرح الشوك».
وفي عام 1974، أسس شراكة فنية مع يوسف حرب وشكلا فرقة أطلقا عليها «التجمع النقابي»، الفرقة الدرامية التي قدمت مسرحيات كثيرة تجاوز عددها الثلاثين، منها «الليلة عرسي» و«حبي ومستقبل غيري» و«زوجتي مليونيرة».
بداياته المسرحية مهدت له الانتقال إلى الدراما التلفزيونية بعدما انتشر التلفزيون وصار له جمهور واسع ينتظر المسلسلات والتمثيليات التي يبثها، وقد كانت مشاركة ياسين الأولى في مسلسل «رابعة العدوية» عام 1961 ثم مسلسل «مساكين» عام 1969. كما قدم مع المخرج الراحل شكيب غنام مسلسل «زقاق المايلة» عام 1972.
لكن كل ذلك كان نقطة في بحر الشهرة التي حصدها الكاراكتر الذي صنعه نهاد قلعي، فرسخ «ياسينو» في ذاكرة الجمهور ولم تتمكن سنوات غيابه الطويلة من محو أثره.
من «صح النوم» إلى «مقالب غوار» و«ملح وسكر» و«وادي المسك» و«عريس الهنا» و«تلفزيون المرح»، ظل بقوش أسير شخصية تولف الطيبة والفرح الذي يولد من رحم السذاجة.
ورغم بساطته في أدواره الفنية إلا أنه كان فناناً مثقفاً يقرأ كثيراً.
قدم عشرات الأعمال التلفزيونية والسينمائية الكوميدية، ومنها ما اعتمد عليه كممثل رئيسي مثل «ياسين تورز» و«ياسين في المطبخ».

وفي عام 2003 استطاع الخروج من قالب الشخصية التي أمسكت به عشرات السنين عندما جسد دور حاخام يهودي في المسلسل التاريخي «سيف بن ذي يزن»، وشخصية تاريخية في «بهلول أعقل المجانين» الجزء الثاني عام 2008، وكان آخر مسلسل له «صايعين ضايعين» عام 2011.

في السينما

سار ياسين بقوش في العمل السينمائي إلى جانب أعماله الدرامية مع دريد ونهاد، فاشترك في أفلام عديدة يجسد الشخصية ذاتها بطيبتها وبساطتها، مُركزاً تنميطه في إطارها في تلك الأفلام، مثل «غزلان» (1969) و«الثعلب» (1971) و«مقلب حب» و«شقة ومليون مفتاح» و«رحلة حب» (1972) و«عروس من دمشق» (1973) و«عنترة فارس الصحراء» و«غوار جيمس بوند» و«الغجرية العاشقة» و«النصابين الخمسة» و«غراميات خاصة» (1974).
وفي العام الذي يليه (1975) شارك في «المزيفون» و«الاستعراض الكبير» و«صح النوم» و«العندليب»، حتى قدم في عام 1980 «حارة العناتر» و«تفضلوا ممنوع الدخول» و«أمطار صيفية» (1984).
وعاد مجدداً إلى السينما عام 2000 في «حارة الطنابر» ثم «الرجل الضاحك» عام 2002، إلى أن جاء المخرج محمد عبد العزيز وانتشله سينمائياً من إطار «ياسينو» في فيلم «نصف ميليغرام نيكوتين» عام 2009 عندما قدمه بدور عارض سينما، ومرة أخرى جعله مختاراً في فيلم «دمشق مع حبي» عام 2011.

بين سورية وليبيا

في أحد حواراته، يقول بقوش متحدثاً عن اندماجه في المجتمع السوري وحبه له: «لم أشعر يوماً أني من ليبيا، فهذا البلد الأمين لم يعلمني سوى الخير والمحبة، هذا البلد عشت فيه كل حياتي، تربيت وكبرت وعملت وتزوجت وأنجبت في كنفه، ولن أغادره إلا إلى الموت، ولن أغدره ولو مت أنا وأطفالي من الجوع».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن