من دفتر الوطن

معكم على الهواء!

| عصام داري

نتابع على الفضائيات التلفزيونية مجموعة هائلة من البرامج والأفلام والمسرحيات على مدار الساعة، لكن القليل منها يرضي الذوق العام ويحظى بمشاهدة كثيرة قد تفوق التخيل.
من البرامج الناجحة على المستوى العربي -من وجهة نظري الخاصة على الأقل – يمكن التوقف عند برنامج (معكم منى الشاذلي) الذي تعده وتقدمه هذه الإعلامية المتألقة منذ سنوات على إحدى القنوات المصرية.
هذا البرنامج المنوّع فيه كل شيء تقريباً من الموضوعات الاجتماعية والفكرية والفنية (في الموسيقا والغناء والتمثيل والإخراج وسواه)، وفيه اكتشافات المواهب الفنية، وقد اشتهر العديد من الشخصيات الفنية بعدما ظهرت مع منى الشاذلي، وانضمت إلى عالم النجوم.
الجميل في البرنامج كذلك أنه يسلط الضوء على جوانب أخرى في المجتمع المصري، وهو جانب الإبداع الفكري والعلمي والفني والرياضي إن كان داخل مصر أو خارجها ما يلفت انتباه المسؤولين إلى هذه المواهب ومن ثم الأخذ بيدها لتصل إلى أهدافها للإسهام في صناعة مستقبل مصر.
وفوق كل ذلك ستجدون في هذا البرنامج المميز فسحة للمسابقات الملونة والمفيدة، وبذلك أستطيع القول إن برنامج (معكم منى الشاذلي) وصل إلى سن الرشد، وإن لم أتجرأ وأقول إنه برنامج كامل، فهو برنامج أقرب إلى الكمال.
وهناك برنامج آخر اسمه (صاحبة السعادة) تقدمه الفنانة إسعاد يونس يتضمن الكثير من الفقرات المميزة، وإن كان من وجهة نظري أيضاً أقل من مستوى البرنامج الأول.
لن أذكر العديد من البرامج الأخرى الناجحة المصرية والعربية، لأنني لا أنوي تعداد تلك البرامج لإجراء مسابقة بين الجمهور، لأن قصدي هو الإشارة إلى أن هناك برامج تلفزيونية ناجحة وجماهيرية، ومع ذلك تستهوي الشريحة المثقفة والمتعلمة، بل حتى الأكاديمية في مجالات الفن والعلم والأدب!
كل هذه المقدمة الطويلة هدفها القول إننا في وطننا العربي قادرون على إبداع برامجي مثالي، أو شبه مثالي، يرضي الناس، ولكن ليس باستنساخ البرامج الأميركية والأوروبية التي لاقت نجاحاً كاسحاً في بلدانها، على الرغم أكثر من ذلك، فالمواطن عندنا يرى أن بعض تلك البرامج المستنسخة تلقى نجاحاً في وطننا العربي.
لماذا نستسهل صناعة البرامج فتأتي مملة وفقيرة للمعلومة والفكر والعناصر الرئيسية التي تجعل هذا البرنامج أو ذاك ناجحاً على المستوى الجماهيري؟.
لقد كان الفشل نصيب الكثير من البرامج عندنا بدءاً من الديكور وصولاً إلى ضعف الحوارات وبشكل عام كانت تفتقد المضمون والرسالة المرتجاة، حتى برامج اكتشاف المواهب سقطت في الامتحان سقوطاً ذريعأ ومدوياً.
قد يقول قائل: هل وضعنا المجتمعي الحالي يسمح لنا ببرامج تسلية وغناء ورقص ومسابقات؟
وأردّ بالقول: طبعاً وضعنا يسمح بأكثر من ذلك، فالمواطن عندنا يعود إلى بيته بعد رحلة شاقة بين الطوابير والانتظار يحتاج إلى جرعة فرح، وفسحة من راحة وهدوء ومرح، وأغنية حلوة ومشهد من مسرحية كوميدية، أو إلى متابعة فنان يغني أغنية دارجة، أو فنانة تتذكر مطبّاً محرجاً وقعت فيه ذات يوم، أو نتابع مسابقة بين الفنانين في المعلومات العامة.
فعلاً نحن بحاجة إلى من يرسم ابتسامة على شفاهنا، ولو كانت ابتسامة باهتة نشتريها من سوق البالة، لأن الابتسامات الجديدة صارت مرتفعة التكلفة، فهل نشهد محاولات جادة لصنع برامج أقرب إلى الناس، أم ستظل البرامج جادة تجلب الكآبة والحزن واليأس؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن