ثقافة وفن

ثنائيات تمثيليّة جمعها الفن وبقيت محفورة في الوجدان … «باسم وأيمن» كوميدي مبتكرة… ورغم الانفصال هما الأكثر جدلاً

| سوسن صيداوي

في محطتنا هذه نفرد الحديث لثنائيتنا التي ظهر الانسجام بينهما في منتصف التسعينيات، وتشكلت باجتماع الفنانين باسم ياخور وأيمن رضا. فالتأسيس بدأ عند تعارفهما على بعضهما بعد التخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية، فأول عمل اشتركا في بطولته كان مسلسل (عيلة 6 نجوم) وبعدها (عيلة 7 نجوم) وأيضاً في مسلسل (جميل وهناء)، لتكشف هذه التجارب قدراتهما الكوميدية، ليجتمعا كثنائية ويشاركا المخرج الليث حجو بانطلاق ونجاح سلسلة (بقعة ضوء)، من خلال لوحات كوميدية عززت من توافق وترابط هذه الثنائية، التي أثبتت حقاً قوة الكاريزما بين شخصية الفنانين، مع الحرفية العالية في تطويع تجسيد الشخصيات المختلفة بطريقة مبتكرة، جعلت الجماهير المتابعة تتمسك باجتماعهما، وتطالب بالحضور مجدداً في أعمال مشتركة، على أمل تصحيح مسار الكوميديا السورية التي ذهبت بالعموم نحو الاستسخاف والتهريج.

من البداية

بالعودة لتاريخ الثنائي المشترك، فقد بدأ فعلياً سنة 1996، حينما حلّ كل من باسم ياخور وأيمن رضا كبديلين لممثلي مسلسل (عائلة 5 النجوم)، وبدأ التناغم واضحاً بينهما في مسلسل (عيلة 6 نجوم)، كما وتجدر الإشارة هنا إلى أن رضا وياخور تواجدا بالعديد من المسلسلات من دون أن يلتقيا بمشاهد لها دور في تأسيس الثنائية، مثل: (بطل من هذا الزمان) و(أنت عمري)، (جميل وهناء)، (موزاييك) و(صوت الفضاء الرنان).

وبالعودة، في (عيلة 6 نجوم) تمكنت ثنائيتنا من تحقيق التناغم المطلوب أولاً من حيث اختلاف الشكل بين الطول والحجم بين الاثنين، وثانياً من حيث تناقض طباع كل شخصية، فشخصية «جميل» أيمن رضا هو شاب قصير القامة وجبان وضعيف. على حين شخصية «فرج» باسم ياخور، فهو شاب طويل القامة قوي البنية ويتصف بأنه انفعالي جداً. النجاح في هذه الجزئية بالسلسلة دفع المخرج هشام شربتجي إلى استغلاله في الجزء الثالث من (عيلة 7 نجوم)، ولكن بأسماء وشخصيات مختلفة، باسمي «بديع» و«شفيق»، ومن هنا بدأ تكريس الثنائي بشكل أوضح، وخصوصاً بعد أن خرجا من عباءة «عائلة النجوم»، لينتقلا إلى الإعلانات، فتابعهما الجمهور السوري عبر الشاشة الصغيرة بسلسلة من إعلانات البسكويت، التي نجحت وتمكنت من كسب جماهيرية لا يستهان بها، ومن تعزيز حضور هذه الثنائية.

في بقعة ضوء

الثنائية الفنية بين رضا وباسم لم تتبلور إلا من خلال سلسلة (بقعة ضوء)، التي قاما بوضع فكرتها وكتبا معظم لوحاتها، ولتستمر الشراكة الفنية بينهما لمدة سبع سنوات، فلم يكن هدف المسلسل التهريج وإثارة الضحك بالكوميديا، بل هو وسيلة للتعبير عن هموم وأفكار الناس، ناقدا بجرأة عيوب المجتمع وفساده المنتشر. ولكن ما يهمنا تحت هذا العنوان هو تسليط الضوء على ثنائيتنا التي برزت في هذا العمل المتسلسل، كما أثارت بسببه الجدل الواسع.
إذاً ابتكر رضا فكرة «بقعة ضوء» على خطى سلسلة «مرايا» الشهيرة لياسر العظمة، والمسلسل تميّز باختلاف الأسلوب وبتطوره واعتماده على عنصر الشباب في التمثيل والإخراج، فنجح الجزء الأول وحلّق الثاني مستأثراً بالساحة الدرامية السورية طاغياً على كل ما زامنه في أوقات العرض.

ولكن في الجزئية الثالثة تخلخل الأساس، وذلك بتخلي الثنائي باسم وأيمن عن عدد من العناصر الفاعلة، وأبرزها الممثل بسام كوسا المتفرد دائماً بأدائه، والذي كان سبباً أساسياً في نجاح الجزء الثاني.

وقبل ظهور النسخة الرابعة اشتدت الخلافات بين ثنائيتنا، من حيث الطريقة والأسلوب في الاستمرار، وهنا كانت النزاعات على أشدّها، فباسم كان يرفض الرقابة الزائدة على العمل، وأيمن يطالب بأن يكون هو صاحب الفكرة والقرار في اختيار الممثلين، وبالتالي تأجج الخلاف، والمشروع لم يستمر بوجود كليهما معاً، وعلى الخصوص بأن المتزعم في هذا المكان هو ياخور، الذي تسيّد الجزء الرابع تاركاً لرضا مشاركة رمزية في لوحة واحدة، وبإدارته المتزّنة للأمور استحوذ النجاح في هذه الجزئية عندما تشارك مع الليث حجو إخراجاً، وكسب نَفساً جديداً وعربياً بمشاركة الممثل اللبناني عادل كرم.
ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن ياخور خسر الكثير من بريق وجماهيرية «بقعة ضوء»، لتكون التكهنات في هذه المرحلة بأن السلسلة الكوميدية الرمضانية لن يكون لها ظهور جديد.

تأثرت الجزئية الخامسة بفقدان ياخور، وكان الطرح بأن تتوقف السلسلة ولكن شركة الإنتاج «سورية الدولية» ارتأت بأنه ما من داع للتفريط بجماهيرية المسلسل، ولا معنى لإيقافه طالما أن تسويقه شبه مضمون. وبالتالي ظهر بعودة رضا كشريك في البطولة إلى جانب عبد المنعم عمايري وأمل عرفة ووائل رمضان، وتمت الاستعانة بصاحب سلسلة «عيلة النجوم» الشهيرة هشام شربتجي. وكما أشرنا أعلاه هذه الجزئية فقدت الكثير من عناصر النجاح ومقوماته إن تمت مقارنته بما سبقه من أجزاء، وبحسب النقاد الموهبة التمثيلية لأيمن رضا لم توظف بالشكل الملائم.

ونختم هنا بأنه رغم انفصال ياخور ورضا فنياً، فلقد شارك كل منهما نجوماً آخرين بأعمال كوميدية حققت نجاحات كبيرة، ربما تفوق نجاح أعمالهما المشتركة، ولكن نسبة جماهيرية لا يستهان بها تعول على عودة الثنائي لتحقيق ازدهار كوميدي جديد.

في الفوازير

لطالما اجتمع كل من باسم ياخور وأيمن رضا على فكرة نجاح الإعلانات وحتى الفوازير، حتى ولو كانت رجاليّة بحتة، أو بمعنى آخر عندما لا يكون فيها عنصر نسائي، والدليل نجاح سلسلة إعلانات البسكويت التي قدماها، وبعدها انطلاقا مجدداً في مشروعهما عبر فوازير «مين ووين»، التي ساهما معاً في كتابتها، ولكن الجهة المنتجة في وقتها رأت أن العنصر النسائي فيها سيضيف الكثير للعمل بعكس رأي ورغبة كل من رضا وياخور، وبالفعل تم تفصيل خمس عشرة حلقة لتشارك ثنائيتنا في الفوازير الممثلة نورمان أسعد، حتى أنها شاركت بالكتابة وتمسّكت بآرائها، ضاربة مشروع ثنائياتنا بالحائط فنتج عنه فوازير مختلفة تماماً عما تم التحضير لها، بكل الأحوال التجربة لم تلق الترحيب الكبير من الجمهور، ولكن حضور كل من باسم وأيمن لم يعكر صفو المحبة، ولهذا تابعا في تصميمها على إبداعاتهما من خلال الأجزاء الثلاثة الأولى من سلسلة (بقعة ضوء).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن