اقتصاد

زريقا: نحتاج إلى منتجات تمويل ابتكارية ووضع استراتيجية وطنية للمشاريع متناهية الصغر

| طلال ماضي

بدأ سام محمد مشروعه الصغير بمبلغ مئتي ألف ليرة سورية قبل الحرب على سورية وبعد أقل من عام استطاع سام شراء بعض المستلزمات الخاصة للانطلاق بعمله بنجارة الباطون، وتأمين متطلبات إنشاء غرفة واحدة من الخشب، ومن ثم وسع مشروعه وسدد التزاماته المالية، وهو الآن يشغل ويعيل 5 عائلات، وفي حالة مادية جيدة كونه حسّن مدخراته ووسّع أعماله، ومن نتائج أعماله اليوم العديد من الأبنية البرجية المشهورة بجمالها.
حالة الشاب سام ينظر إليها معظم وأغلبية الشباب السوري اليوم، وخاصة الذين خدموا لسنوات في الخدمة الاحتياطية في عز شبابهم وينتظرون تطبيق القانون 8 لعام 2021 للحصول على التمويل اللازم والانطلاق بمشروعهم الخاص.
في سورية بحسب دراسة بحثية سابقة أجراها مركز «مداد» واطلعت عليها «الوطن» بينت أن المؤسسات العاملة في حقل التمويل الصغير منها الحكومي البحت، والخاص البحت، والأهلي والديني، نتج عنها عدم وجود شكل مؤسسي واحد لإدارة التمويل متناهي الصغر.
ومن خلال البحث عن الجهات التي تقدم خدمات تمويل متناهي الصغر في سورية وجدنا أن هناك المصرف الزراعي التعاوني، ومصرف الإبداع للتمويل الصغير والمتناهي الصغر، والأمانة السورية للتنمية، والمؤسسة الوطنية للتمويل الصغير، ومؤسسة التمويل الصغير الأولى- سورية، ودائرة العلاقات المسكونية والتنمية، ومنظمات دولية مانحة تابعة للأمم المتحدة أو جمعيات خيرية.
أمام هذا الواقع وضرورة معالجة الآثار التي تركتها الحرب على سورية وخاصة على الطبقات الهشة والفقيرة يأتي القانون 8 لعام 2021 لدعم مشاريع محدودي ومعدومي الدخل، وتترقب الفئات المعدومة الدخل السهولة التامة للحصول على قرض مادي للانطلاق بعمل يؤمن لها قوتها اليومي.
الدكتور ولاء زريقا الأستاذ الجامعي واختصاصي تقييم المشاريع قال في تصريح خاص لـ«الوطن»: إن المنتج التمويلي متناهي الصغر ينبغي أن يكون متوافقاً مع متطلبات الشريحة المقترضة، الأمر الذي يتطلب جمع بيانات ومعلومات حول العملاء الأشد فقراً، وتطوير منتج تمويلي متناهي الصغر يلبي حاجاتهم الأساسية ويساعدهم في توليد تدفقات نقدية إيجابية لهم.
واعتبر زريقا أن التمويل المتناهي الصغر وجد من أجل الحاجة لتوفير الدعم لمحدودي الدخل، والتغلب على أحد المعوقات الأساسية التي يواجهها الفقراء وهي قلة فرص الحصول على التمويل عبر القنوات الرسمية التقليدية، وذلك لنقص الضمانات وصغر حجم القرض، وبالتالي يضطر المستثمرون إلى اللجوء إلى القنوات التمويلية غير الرسمية، كالائتمان التجاري وسندات الأمانة وغيرها التي تتصف بارتفاع معدل التكلفة والمخاطرة والصعوبة.
وأشار زريقا إلى وجود العديد من منتجات التمويل لكنها لا ترتقي إلى مستوى منتجات ابتكارية تلبي واقع وظروف وآمال الفئات الفقيرة والهشة ونأمل أن يجد القانون الحل الشافي لها.
ولفت زريقا إلى أن أساليب الضمانات والكفالات التي تطلبها مؤسسات التمويل الصغير كانت تقليدية، وغير ابتكارية على الرغم من إحداث مؤسسة ضمان القروض في سورية ونأمل أن يتم تجاوزها في القانون الجديد.
وحول المقترحات والتوصيات التي يمكن أن تساهم بزيادة نمو وكفاءة هذا القطاع وتفعيله بشكل أكبر دعا الدكتور زريقا إلى ضرورة نشر الوعي بمصادر التمويل أمام الفقراء والطبقات الهشة، حول المشاريع متناهية الصغر من خلال تطبيقات الهاتف الذكي، وتطبيق منتجات تمويل متناهية الصغر ابتكارية من حيث الفئات والقطاعات المستهدفة.
وأشار زريقا إلى ضرورة تحديث أساليب كفالات وضمانات التمويل متناهي الصغر، وهنا يجب التوسع نحو أساليب غير تقليدية ومحاولة إشراك الجمعيات الخيرية ومؤسسات ضمان القروض وتفعيلها، وزيادة مؤسسات التمويل الصغير ومتناهي الصغر المرخصة، والتنوع في الخدمات المقدمة لضمان منافسة عادلة وخدمات مميزة، وإخضاع المؤسسات والجهات التي تقوم بالتمويل متناهي الصغر لجهة تنسيقية وإشرافية واحدة، ووضع إستراتيجية ووطنية للتمويل متناهي الصغر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن